أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - إلياس شتواني - من التاريخ المخفي للمغرب: كيف قضى الموحدون على المرابطين














المزيد.....

من التاريخ المخفي للمغرب: كيف قضى الموحدون على المرابطين


إلياس شتواني
باحث وشاعر


الحوار المتمدن-العدد: 7920 - 2024 / 3 / 18 - 02:48
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


نقرأ في الكتاب الموسوعي "البداية والنهاية" للحافظ إبن كثير الدمشقي الجزء 16، ص 245-246-247، أهم ما جاء في سنة أربع عشرة وخمسمائة للهجرة، حيث حيثيات وظروف نشأة دولة الموحدين ببلاد المغرب:

"وفي هذه السنة كان ابتداء ملك محمد بن تومرت ببلاد المغرب، كان ابتداء أمر هذا الرجل أنه قدم في حداثة سنه من بلاد المغرب إلى بغداد فسكن النظامية، واشتغل بالعلم فحصل جانبا جيدا من الفروع والأصول على الغزالي وغيره، وكان يظهر التعبد والزهد والورع، وربما أنكر على الغزالي حسن ملابسه، ولا سيما حين لبس خلعة التدريس بالنظامية، ثم حج وعاد إلى بلاده، فكان يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ويقرئ الناس القرآن، ويشغلهم في الفقه، فطار ذكره في الناس، واجتمع به يحيى بن تميم بن المعز بن باديس صاحب بلاد إفريقية فعظمه وأكرمه وسأله الدعاء فاشتهر أيضا بذلك وبعد صيته، وليس معه إلا ركوة وعصا، ولا يسكن إلا المساجد، ثم كان ينتقل من بلد إلى بلد حتى دخل مراكش، ومعه تلميذه عبد المؤمن بن علي، وكان وقد كان توسم فيه النجابة والشهامة، فرأى فيها من المنكرات أضعاف ما رأى في غيرها من ذلك أن الرجال يتلثمون والنساء يمشين حاسرات عن وجوههن، فأخذ في إنكار ذلك، حتى إنه اجتاز به في بعض الأيام أخت أمير المسلمين علي بن يوسف بن تاشفين ملك مراكش وما حولها، ومعها نساء راكبات حاسرات عن وجوههن، فشرع هو وأصحابه ينكرون عليهن ويضربون الدواب، فسقطت أخت الملك عن دابتها، فأحضره الملك وأحضر الفقهاء فظهر عليهم بالحجة، وأخذ يعظ الملك في نفسه، ومع هذا نفاه الملك عن بلده، فشرع يشنع عليه ويدعو الناس إلى قتاله، فاتبعه على ذلك خلق كثير، فجهز إليه ابن تاشفين جيشا كثيفا فهزمهم ابن تومرت، فعظم شأنه وارتفع أمره وقويت شوكته، وتسمى بالمهدي، وسمى جيشه جيش الموحدين، وألف كتابا في التوحيد وعقيدة تسمى المرشدة، ثم كانت له وقعات مع جيوش ابن تاشفين، فقتل في بعض الأيام منهم نحوا من سبعين ألفا، وذلك بإشارة أبي عبد الله الونشريسي، وكان ذكر أنه نزل إليه ملك وعلمه القرآن و " الموطأ " وله بذلك ملائكة يشهدون به في بئر سماه، فلما اجتاز به وكان قد أرصد فيه رجالا، فلما سألهم والناس يسمعون شهدوا له بذلك، فأمر حينئذ بطم البئر عليهم فماتوا عن آخرهم، ولهذا يقال: من أعان ظالما سلط عليه .

ثم جهز ابن تومرت الذي لقب نفسه بالمهدي جيشا عليهم أبو عبد الله الونشريسي وعبد المؤمن لمحاصرة مراكش، فخرج إليهم أهلها فاقتتلوا قتالا عظيما، فكان في جملة من قتل أبو عبد الله الونشريسي هذا الذي زعم أن الملائكة تخاطبه، ثم افتقدوه في القتلى فلم يجدوه، فقالوا: إن الملائكة رفعته، وقد كان عبد المؤمن دفنه والناس في المعركة، وقتل من أصحاب المهدي خلق كثير، وقد كان حين جهز الجيش مريضا مدنفا، فلما جاءه الخبر ازداد مرضا إلى مرضه، وساءه قتل أبي عبد الله الونشريسي، وجعل الأمر من بعده لعبد المؤمن بن علي، ولقبه أمير المؤمنين، وقد كان شابا حسنا حازما عاقلا.

ثم مات ابن تومرت وقد أتت عليه إحدى وخمسون سنة، ومدة ملكه عشر سنين، وحين صار الأمر إلى عبد المؤمن بن علي أحسن إلى الرعايا، وظهرت منه سيرة جيدة فأحبه الناس، واتسعت ممالكه، وكثرت جيوشه ورعيته، ونصب العداوة لابن تاشفين صاحب مراكش، ولم يزل الحرب بينهما إلى سنة خمس وثلاثين، فمات ابن تاشفين، فقام ولده تاشفين من بعده فمات في سنة تسع وثلاثين ليلة سبع وعشرين من رمضان، فولي أخوه إسحاق بن علي بن يوسف بن تاشفين، فسار إليه عبد المؤمن، فملك تلك النواحي وفتح مدينة مراكش وقتل هنالك أمما لا يعلم عددهم إلا الله عز وجل، وقتل ملكها إسحاق، وكان صغير السن في سنة ثنتين وأربعين، وكان إسحاق هذا آخر ملوك المرابطين، وكان مدة ملكهم سبعين سنة."

أقام الموحدون، إذن، دولتهم الناشئة على أنقاض وأشلاء ودماء المرابطين في بلاد المغرب حيث قتلوا عشرات الألاف وأمم أخرى لا يعلم عددهم إلا الله. كان لإبن تومرت الذي لقب نفسه ب"المهدي" الباع الأطول في بدء الصراع السياسي المسلح على السيادة والسلطة في بلاد المغرب الأقصى. مات إبن تومرت ثم صار الأمر بعده إلى خلفه عبد المؤمن بن علي الذي قوى جيشه، ووسع رقعة مملكته، وفتح مدينة مراكش، وقتل ملكها إسحاق بن علي بن يوسف بن تاشفين، آخر ملوك المرابطين، ليسدل الستار بذلك على تراجيديا إسلامية أخرى من سلسلة تراجيديات الإسلام السياسي..



#إلياس_شتواني (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ديانا العذراء (النسخة العربية المشوهة)
- ثورة الحب
- الجدول الزمني للتاريخ (صيغة مختصرة)
- صراطكِ جحيم
- ما ألقى الشيطان في أمنيتي (11)
- الغرامشية
- صابئي أنا
- من أجل خلق الإنسانية
- الملك أخناتون: أول متصوف في التاريخ
- الهلال الخصيب
- ميدوسا الصحراء
- أنا كألسنة النار
- أشتاق إليكِ
- إبن كمونة اليهودي: العبقري الذي إنتقد المسيحية والإسلام
- كفّ الله الكريمة وأنامله الباردة عز وجلّ
- لماذا يفشل الانسان في الحب (متلازمة البدويّة)
- الأرواح الضالة
- نخفي من يشعرنا بالعار
- بردية «آني» والأصل الرّباني
- القانون الدولي الإنساني: أين حرمة الأبرياء؟


المزيد.....




- بتكليف من بوتين.. شويغو في بيونغ يانغ للقاء الزعيم الكوري ال ...
- نتنياهو وإيران: تلويحٌ بالتغيير من الداخل واستدعاء واشنطن إل ...
- -واينت-: مقتل جندي من جولاني في خان يونس وإصابة 4 آخرين بجرو ...
- الشرطة الإسرائيلية تعتقل أشخاصا أحضروا كاميرات لبث مباشر لضر ...
- هل بدء العد النازلي نحو -القنبلة النووية الإيرانية-.. من يص ...
- أشار إلى عملية البيجر.. سفير إسرائيلي: هناك -طرق أخرى- للتعا ...
- ‌‏غروسي: أجهزة الطرد المركزي في نطنز ربما تضررت بشدة إن لم ت ...
- OnePlus تعلن عن حاسب ممتاز وسعره منافس
- جيمس ويب يوثق أغرب كوكب خارج نظامنا الشمسي تم رصده على الإطل ...
- الاستحمام بالماء الساخن.. راحة نفسية أم تهديد صحي خفي؟


المزيد.....

- كتاب تاريخ النوبة الاقتصادي - الاجتماعي / تاج السر عثمان
- كتاب الواجبات عند الرواقي شيشرون / زهير الخويلدي
- كتاب لمحات من تاريخ مملكة الفونج الاجتماعي / تاج السر عثمان
- كتاب تاريخ سلطنة دارفور الاجتماعي / تاج السر عثمان
- برنارد شو بين الدعاية الإسلامية والحقائق التاريخية / رحيم فرحان صدام
- الانسان في فجر الحضارة / مالك ابوعليا
- مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات ... / مالك ابوعليا
- مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا ... / أبو الحسن سلام
- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - إلياس شتواني - من التاريخ المخفي للمغرب: كيف قضى الموحدون على المرابطين