أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - طلال حسن عبد الرحمن - قصة للأطفال ماما قصة : طلال حسن














المزيد.....

قصة للأطفال ماما قصة : طلال حسن


طلال حسن عبد الرحمن

الحوار المتمدن-العدد: 7917 - 2024 / 3 / 15 - 09:53
المحور: الادب والفن
    


قصة للأطفال


ماما

قصة : طلال حسن

أفقتُ على أنينه ، عند منتصف الليل ، فنهضتُ من فراشي ، وأسرعتُ إليه . وعلى ضوء المصباح الخافت ، رأيته في فراشه ، كعهدي به دائماً ، جسداً مسجى ، ليس فيه من مظاهر الحياة سوى أنفاس ذابلة ، تكاد تنطفىء .
انحنيتُ عليه ، وأنصتّ ملياً، وقد كتمتُ أنفاسي ، لكني لم أسمعه يئن ، واعتدلتُ ، لعلي واهمة ، بل أنا واهمة بالتأكيد ، فهو لا يصدر عنه أي صوت ، مهما كان نوعه .
إنه الآن في حوالي الخامسة من عمره ، لكن حجمه لا يزيد عن حجم طفل في الثالثة ، وطوال هذه المدة ، عشتُ على أمل أن يتغير ، ولو قليلاً ، لكن دون جدوى .
قال لي أكثر من طبيب ، إنه طفل غير طبيعي ، طفل متوحد ، يعاني من ضعف في التواصل والتفاعل الاجتماعي ، وربما سيبقى هكذا مدى الحياة .
لم أشأ أن أصدق هذا ، فهو طفلي ، وأريده أن ينمو ويكبر ، وربما يكون يوماً ما أنساناً طبيعياً ، أو قريباً من الإنسان الطبيعي . رحل أبوه ، كان سنداً لي ، في هذه المحنة ، لقد عانى كثيراً ، فقد كان معظم اهتمامي منصباً على الصغير .
والآن ، وربما مدى الحياة ، سأبقى مع طفلي هذا ، الأطباء يقولون ، لا أمل ، وأنا أقول ، ربما ، والأيام يجرّ أحدها الآخر ، وأنا أبحث عن خيط أمل أبيض ، في هذا الليل الأسود الحالك .
وأخيراً لاح لي الخيط ، فتمسكتُ به ، رغم أن الكثيرين ، قالوا إنه وهم ، وحتى الطبيب ، الذي طالما عرضته عليه ، لم يعطني أملاً حقيقياً .
ذهبتُ إلى الطبيب ، وقلت له : علمتُ بوجود علاج في الخارج عن طريق الدلافين .
ردّ قائلاً : سمعتُ به أنا أيضاً .
سألته : ما رأيك ؟
فردّ بنبرة تعاطف : لا أعرف بالضبط ، لكني أخشى أن تهدري ما تملكينه بدون نتيجة .
عدتُ إلى البيت ، إن حياتي هي أثمن ما أملك ، وأنا قدمتها وأقدمها له ، فهل أبخل عليه بما أملك ، ثم ماذا أملك ؟ ولو جمعته كله أيفي بالغرض ؟ من يدري .
وفي البيت ، جمعتُ ما عندي من نقود ، إنها لا تصل إلى نصف ما يمكن أن أحتاجه لأسافر بصغيري إلى ذلك البلد البعيد ، الذي جرب العلاج بالدلافين ، وحقق النجاح ، أو بعض النجاح ، وأنا لا أريد إلا بعض هذا النجاح . فلأبدأ بأهمّ ما عندي ، الساعة الذهبية ، ما حاجتي إليها الآن؟ لقد أهداني إياها زوجي ، لقد رحل زوجي ، فما حاجتي إلى ساعته ؟ ثم هذا الخاتم ، خاتم زواجي الذهبي ، الذي يحمل اسمه ، لن أستبقيه في إصبعي ، فذكراه لا أريدها مرسومة على معدن بارد ، بل في قلبي ، الذي مازال ينبض بذكراه .
وجمعتُ فعلاً ما أحتاجه ، ورحلتُ حيث الدلافين ، والأمل ، وبدأ العلاج ، ورأيت صغيري يضرب الماء فرحاً ، والدلافين تعوم حوله ، في اليوم الثالث ، أخرجت صغيري من الماء ، بعد أن قضى أكثر من ساعة مع الدلافين ، ورفعته بيديّ عالياً ، ولأول مرة في حياته ، نظر إلىّ بعينيه الطفلتين ، ورأيت شفتيه تتمتمان بصوت لا يكاد يُسمع : ماما .



#طلال_حسن_عبد_الرحمن (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الدبة الصغيرة
- الاوركا الحوت القاتل ...
- حوارات مع أديب الأطفال ... طلال حسن
- رواية للفتيان مرجانه ...
- قصص للأطفال عصر الديناصورات ...
- قصة للفتيان اب ...
- قصة للأطفال الغرير الصغير ...
- قصص قصيرة جداً عبارة الموت ...
- ثلاث روايات قصيرة للأطفال طلال حسن
- محطاتي على طريق أدب الأطفال ...
- أسد من السيرك
- قصة للأطفال الترمجان قصة ...
- رواية للفتيان اورانج اوتان ...
- قصة للأطفال آدزانومي قصة طلال حسن
- رواية للفتيان تار والسندباد ...
- نصان للفتيان الفقمة ...
- مسرحية للأطفال الفقمة الصغيرة طلال حسن
- رواية للفتيان دلمون الأعماق ...
- مسرحية ريم للاطفال
- رواية للفتيان الغابة طلال حسن


المزيد.....




- تحية لروح الكاتب فؤاد حميرة.. إضاءات عبثية على مفردات الحياة ...
- الكاتب المسرحي الإسرائيلي يهوشع سوبول: التعصب ورم خبيث يهدد ...
- من قال إن الفكر لا يقتل؟ قصة عبد الرحمن الكواكبي صاحب -طبائع ...
- أروى صالح.. صوت انتحر حين صمت الجميع
- السعودية تخطط لشراء 48 فدانا في مصر لإقامة مدينة ترفيهية
- هل يشهد العالم -انحسار القوة الأميركية-؟ تحليل فالرشتاين يكش ...
- التمثيل النقابي والبحث عن دور مفقود
- الفنان التونسي محمد علي بالحارث.. صوت درامي امتد نصف قرن
- تسمية مصارعة جديدة باسم نجمة أفلام إباحية عن طريق الخطأ يثير ...
- سفارة روسيا في باكو تؤكد إجلاء المخرج بوندارتشوك وطاقمه السي ...


المزيد.....

- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - طلال حسن عبد الرحمن - قصة للأطفال ماما قصة : طلال حسن