أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ألفى كامل شند - مصر أم الحضارات و ألاديان والخلود















المزيد.....

مصر أم الحضارات و ألاديان والخلود


ألفى كامل شند

الحوار المتمدن-العدد: 7913 - 2024 / 3 / 11 - 10:30
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


من التصورات الخاطئة إعتبار الاديان القديمة ، ومنها الديانة المصرية القديمة أديان وثنية . حيث عبد الناس الله الخالق في صفاته وقواه في اشكال متعددة تجسد تلك الصفات ، كالنار ، القمر ، الشمس أو إنسان أوحيوان معطاء قوي وخلافه ، لآنهم كانوا يجهلون كينونه الله وأسمه أو رويته.
وكانت مصادر الوحي الالهي لديهم ثلاثة : الموت، الطبيعة، الاحلام. ومع ظهور المجتمعات البشرية، انتقلت العبادة الي أديان منظمة جماعية . وسار الدين وسيلة لتثبيت دعائم سلطة الحكم ، وتبرير أعمالها، وأحد عوامل نشر السلام في القبيلة والدولة، يقوم على مجموعة من العقائد ألأبوية والقيم والاخلاق.. ومن ثم يمكن القول ان الدين أرتبط منذ البداية بالسلطة المركزية .
ويفسّر اللاهوتي الألماني رودولف أوتو سبب شيوع نزعة التديّن عند الانسان على مدار التاريخ والجماعات الإنسانية بأسرها، فيقول إن الإنسان دائمًا ما ينتابه شعور بالنقص وعدم الكمال مما يجعله يشعر بالدونية أو حاجته الدائمة إلى الكمال، وهو ما أسمّاه أوتو الشعور بالمخلوقية .
ويقول الفيلسوف الألماني فريديرك شلنغ في كتابه "فلسفة الميتولوجيا" إن فكرة التوحيد هي التي كانت تسود الإنسانية الأولى، ثم انتقلت الإنسانية إلى التعددية (الشرك).
وعبر تلك التجربة البشرية الدينية الطويلة تطورت الأديان إلى ما وصلت أليه الأديان الابراهيمة .

مصر و ألاديان الابراهيمية:
على أرض مصر ، ظهرت أول خضارة في التاريخ. وكان الدين من ركائز تلك الحضارة، ومن دعائم الدولة المصرية.حيث عرف المصريون عقيدة ،التوحيد ، منذ عصر الأسرة الأولى، ومن أبرز الدعاة للتوحيد في التاريخ الملك المصري إخناتون (1336 ق. م.). إيمان المصريون بعقيدة التوحيد يتضح من تصفح كتاب "الخروج إلى النهار" المعروف بكتاب الموتى و.يطلق عليه البعض "إنجيل المصريين"، وهو يحتوي على دعوات للآلهة وأناشيد وصلوات، ثم وصف لما تلاقيه أرواح الموتى في العالم الآخر من الحساب وما يلحقها من عقاب وثواب. ويرجع تدوين الكتاب إلى عهد الأسرة الثالثة لمصر ( تقريبا 2670 - 2613 قبل الميلاد). وتوجد نسخة منه في المتحف البريطاني . حيث ورد فيه لفظ الإله الواحد فى أكثر من موضع ، والصلاة إلى "الإله الواحد الذى وُلد فى بدء الزمان،خالق الأرض". وأيضا ما دوّن عن التوحيد على جدران الاهرامات: "واحد أحد ليس له ثانى مُوجد نفسى بنفسى ليس مثلى أحد".. وذلك رغم ما يذكره الباحثون في علم المصريات عن كثرة الآلهة في بلاد وادي النيل وتعدد أشكالها ومسمياتها، حيث يعترفون في الوقت ذاته وجود صورة إله أعظم وأكبر من هذه الآلهة (إله عام) . وهذه الالهة ، إذا جاز التعبير كانت آلهة فرعية ، يمائل الامر مانراه اليوم الله محاط بعدد لا يحصى من القديسين (شبهة آلهة) ، يسرعون لتلبية أحتياجات الناس ، يقدم لهم الاكرام والتمجيد.
والمصريون هم أول أمة آمنوا بعقيدة البعث والحساب ووجود حياة أخرى بعد الموت ، بينما كانت شعوبُ وادي الرافدَين عامة ، يتصوَّرون أن الموتى يَعيشون في مكان مقبض تحت الأرض، مليءٍ بالظلام والتراب، يَذهب إليه الناسُ جميعًا لا فرق بين صالح وشرير . ويرجع "ول ديورانت" في كتابه "قصة الحضارة، نشأةَ عقيدة البعث والحياة الاخرى في مصر إلى أسباب؛ أهمها طبيعة الأرض المصرية ذاتها، فيقول: إن الفلاح المصري كثيرًا ما كان يرى «الحبَّة التي بذَرها قد نبتَت واخضرَّت وآتَت ثمارها، ثم زرع مِن تلك الثمار حبة أخرى، فتكررَت معجزةُ الحياة.
وقامت في مصر أول ثورة شيوعية ضد الاقطاع ورجال الدين في العام 2280 قبل الميلاد ، ترفع شعار " الارض لمن زرعها ، والسماء لمن سكنها" طاردت رجال الدين في منف ، فهربوا الى الجزيرة العربية وبابل وفلسطين.
ومن مصر أنتقل التوحيد والقيامة بعد الموت إلى العبرانيين بواسطة النبي موسى الذي تربى على حكمة المصريين وتهذب باخلاقهم ككاهن قي طائفة اخناتون، قبل خروج اليهود من مصر.
ويذهب كثير من الباحثين في علم الأديان إلى وجود تشابه كبير بين النصوص الدينية والتوراة . والمثال على ذلك نشيد أخناتون أحد ملوك الأسرة الثامنة عشرة، وسفر نشيد الأنشاد في العهد القديم. وأيضاً حِكَم آمنموبي، أحد حكماء مصر القديمة و سفر الأمثال في التوراة .
وأشار القرآن إلى إيمان المصريين القدماء بالاله الواحد ، يتبين ذلك في سورة يوسف من خلال توسل أبناء يعقوب للعزيز بالله ملك مصر طلبا للطعام {يا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنَا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُزْجَاةٍ فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا إِنَّ اللّهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِين} [يوسف: 88].
ولايقتصر التشابة بين الديانة المصرية القديمة والاسلام على عقيدة التوحيد، بل يمتد إلى عدد من الشعائرالدينية :التوحيد والصيام ثلاثين يومًا من الفجر حتى الغروب، والحج وهي نفسها كلمة مصرية تعنى الاتجاه إلى الحجاز، وبنى أن المصرى القديم بنى هرم ميدوم على شكل مكعبات ليماثل الكعبة، وكانوا يطوفون حوله ، ويعطون الزكاة .
لم تكن نظرة الاسلام إلى فرعون نظرة المستيد على العموم ، كما يبدو في قصة موسى ، ففرعون في قصة يوسف ينعت بالعزيز والمتصّدق . وأشار القرآن إلى وجود قيم أخلاقية راقية عند المصريين القدماء، تتمثل في إكرام العبيد (يوسف: 21)، والحث على إيفاء الكيل (يوسف: 88)، والدفاع عن حرية المعتقد {أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَن يَقُولَ رَبِّيَ اللَّه} [: 28]، وتقدير أصحاب الكفاءة وجعلهم في أعلى المناصب دون النظر إلى أصولهم العرقية أو العقدية {وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي فَلَمَّا كَلَّمَهُ قَالَ إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا مَكِينٌ أَمِينٌ} [يوسف: 54]، والسعي إلى العدل وتبرئة المظلومين {قَالَ مَا خَطْبُكُنَّ إِذْ رَاوَدتّنَّ يُوسُفَ عَن نَّفسِه} [يوسف: 51].( المصدر :عامر الحافي ، " القرآنن والوجه الآخر للديانة المصرية القديمة" ).

ونجد في الديانة المسيحية التشابة الكبير بين ديانة قدماء المصريين والمسيحية في العقائد الأساسية، منها التشابه بين شكل مفتاح الحياة (علامة عنخ) رمزاً للحياة وبين شكل الصليب في المسيحية. ليس في الشكل فحسب ، بل أيضاً في الرمزية، فهو مفتاح الحياة الأبدية والخلاص عند المصري القديم والمسيحية. وثمة تشابة بين مايطلق عليه في مصر القديمة الثالوث المقدس الإله أوزيريس اولإلهة إيزيس وإبنهما الطفل الالهي المتجسد الإله حورس مع عقيدة الثالوث في المسيخية . ويذكر سينوت شنودة الباحث في التاريخ القبطي " أن الكنيسة كانت تستخدم قصة الثالوث المقدس اوزوريس وايزيس والطفل حورس لتبسيط مفهوم التجسد للعامة، لأن استخدام القصة أقرب الطرق لإيصال الفكرة..
وتذكر الروايات التاريخية ، أنه لمّا أتى مرقس - أحد السبعين رسول الذين أختارهم الرسل لحمل لواء الكرازة بالديانة المسيحية- إلى مدينة الاسكندرية في سنة 62 م ، شرع في تبشير أسكافي لجاء اليه لأصلاح حذاءه. . قال للاسكافي : أبشرك بالاله الواحد المولود من الروح القدس . قال الاسكافي لمرقس: أتقصد أيزيس والطفل الالهي حورس. وهو الامر الذي سهّل قبول المصريين الدانة المسيحية ، فقد أعتبروها كما يقول المؤرخ "ماسبير" بضاعتهم ردت أليهم.
وأيضا ثمة تشابة فى المفاهيم والطقوس العادات ، منها على سبيل المثال شريعة الطلاق، ففي مصر القديمة ، لم يكن الطلاق مباح إلا لعلة الزنا، والعنّة، ويصعب توقيع الطلاق إلا في حضور أربعة شهود، مع إجراءات قد تُعَدّ معقدة، وهو ما تتبعة المسيحية . كما أن الوصية التي كانت تتلى في حفل الزواج للعريس مشابهة، إلى حد كبير، لوصية صلاة الإكليل في الزواج لدى المسيحيين.
هذه الصلة بين الاديان القديمة والحديثة ، لا تبخس مما هو حق ومقدس في الاديان الابراهمية ، فالله الحي ّ الازلي لم يظهر فجأة في التاريخ . يقول عالم الحفريات واللاهوتيّ الكاثوليكي "تيلار دي شاردان"، إنّ التجسّد الإلهي (حضور الله على الأرض لخلاص البشرية) بدأ مع الخلق. وفي بداية ظهور المسيحية ، حسب ما جاء في كتاب "تاريخ للمسيحية الاولى "كان العلماء المسيحيون يصفون الذين عاشوا في العقود التي سبقت مجيء المسيح بأنهم كانوا يجاهدون بعزم لكن على غير هدى لمعرفة الله .
واخيرا صرحت الكنيسة الكاثوليكية في المجمعَ الفاتيكانى الثاني (1962- 1965) أنه يوجد في الاديان الاخرى ، ماهو حقّ ومقدّس، حيث تقول : "أنَّ العقلَ البشريَّ يستطيع بنورِهِ الطبيعيّ أن يعرف الله، مَبدأ كلِّ شيءٍ وغايته، معرفة أكيدة ، وذلك عن طريقِ المخلوقات (...) فالكنيسة الكاثوليكية لا ترذل شيئًا مما هو حقّ ومقدّس في الديانات القديمة. بل تنظر بعين الاحترام والصراحة الى تلك الطرق المتواضعة عن الالوهية، والى تلك القواعد والتعاليم التي تحتويها ، وغالبًا ما تحمل شعاعًا من تلك الحقيقة التي تنير كل الناس، بالرغم من أنها تختلف في كثير من النقاط عن تلك التي تتمسك بها هي نفسها وتبشر بها.وأنها كانت بمثابة تمهيد لظهور كلمة الله "المسيح".(المجمع الفاتيكاني الثاني – علاقة الكنيسة بالاديان غير المسيحية).



#ألفى_كامل_شند (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اللاهوت المسيحي والفلسفة
- الإرساليات الكاثوليكية ونهضة التعليم في مصر
- العثمانيون أيقظوا أوروبا وأصابوا الدول الإسلامية بالتخلف
- المعمودية بالماء من منظور تاريخي وديني
- رأى العلماء ورجال الدين عن فرضية وجود كائنات عاقلة في الفضاء
- قرأءة علمية للتطور من منظور مسيحي
- حقيقة الاساطير في الكتاب المقدس
- توماس مور القديس الكاثوليكي الشيوعي
- الاتحاد الأوربي والهوية المسيحية فى قكر المؤسس روبرت شومان
- اشكالية المرأة في الأديان الإبراهيمية
- لميلاد المسيح تاريخ عند الله
- العقائد الإيمانية في الأديان القديمة والكتابية ( القريان الم ...
- تجربة المسيح على الجبل وحياة الكنيسة
- الاصلاحى مارتن لوثر وبوادر نازية مبكرة
- وجود الشيطان حقيقي أم خرافة
- الاعتراف فضيلة الحياة المسيحية
- رمزية تحويل الماء إلى الخمر في عرس قانا الجليل
- التقليد الرسولي في الكنيسة الكاثوليكية
- حرمان المرأة من الكهنوت.. لاهوت كنسي أم تقليد اجتماعي؟
- أسبقية بطرس عامل فرقة لا وحدة


المزيد.....




- لوموند تتابع رحلة متطرفين يهود يحلمون بإعادة استيطان غزة
- إبادة جماعية على الطريقة اليهودية
- المبادرة المصرية تحمِّل الجهات الأمنية مسؤولية الاعتداءات ال ...
- الجزائر.. اليوم المريمي الإسلامي المسيحي
- يهود متشددون يفحصون حطام صاروخ أرض-أرض إيراني
- “متع أطفالك ونمي أفكارهم” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 ب ...
- لولو يا لولو ” اظبطي تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- شاهد: عائلات يهودية تتفقد حطام صاروخ إيراني تم اعتراضه في مد ...
- أمين عام -الجماعة الإسلامية- في لبنان: غزة لن تبقى وحدها توا ...
- وزيرة الداخلية الألمانية: الخطوط الحمراء واضحة.. لا دعاية لد ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ألفى كامل شند - مصر أم الحضارات و ألاديان والخلود