أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ابرام لويس حنا - رؤية العالم اليوناني للمسيحية (سيلسوس) نَموذجًا (الجزء الأول) –- العقيدة الحق والحق الأزلي–















المزيد.....

رؤية العالم اليوناني للمسيحية (سيلسوس) نَموذجًا (الجزء الأول) –- العقيدة الحق والحق الأزلي–


ابرام لويس حنا

الحوار المتمدن-العدد: 7909 - 2024 / 3 / 7 - 07:02
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


يُعرف سيلسوس Celsus (حوالي 170 م.) بانه من اتباع الأفلاطونية الوسطي و بمعــادته الصارمة للمسيحية الرافضة والرفض التام لكل مِن الأسفار اليهودية والمسيحية مصنفاً الكتاب المقدس على انه "نــفايات مُطلقة"، وصفه العديد من العلماء بكونه "مثقف محافظ" و انه "محتفظ دينياً" و "مجادل/مناظر مطّلع" وإنه لا يوجد أي سبب لاعتباره من ذوي العقول المتوسطة أو المتواضعة أو انه ادني فكرياً من المسيحية فكما صرح جدليا سترومسا Guy Gedalyah Stroumsa ‪ بأن سيلسوس يقدم نظام فلسفي متكامل، هذا النظام الذي دمج فيه كل العبادات "الوثنية" في الإمبراطورية ومن بينها المسيحية، مقارناً بعضهم ببعض، بالطبع بالنسبة له فإن الثقافة اليونانية الرومانية تتفوق على ما تنادي به الأسفار المسيحية‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬.

وبصفته فيلسوف أفلاطوني فقد فرق بين العالم الذي يدرك عالم الكينونة world of being و بين العالم الحسي الذي يدرك بالحواس عالم الصيرورة world of becoming، و طبقاً له (فإن الحقيقة التي هي مُرتبطة بالعالم الذي لا يُدرك إن حُصرت بالعالم الذي يدرك بالحواس تكون حقيقة خاطئة)، فالحقيقة المطلقة تكمن في الأفكار الغير ملموسة التي يحاول العالم الملموس تفسيرها، و (أن الحَق وُجد منذ البدء وحُفظ دائماً من قبل أكثر الأمم حكمة و من احكم البشر)، وبما أن الحقيقة وجدت منذ البداية فمعني هذا بأن العقيدة الحقة يجب أن تكون ذات أصول بدائية التي تسبق تسجيل التاريخ متمثلة في عقائدهم، لهذا اصر سيلسوس بأن أفلاطون لم يجد أي شيء جديد فهو كان في موضع الدفاع عن العقيدة القديمة (الحكمة القديمة)، الحكمة التي هي في الأصل أفكار إلهية أوحى بها للتعبير عن الغير مدرك، فالعقيدة الحقة لسيلسوس قائمة على الحكمة القديمة (الحق الأزلي) و ليس على (الفلسفة) فالفلسفة تقوم على ذاك الحق الأزلي الأبدي، ولهذا فهناك ديانات يمكن اعتبارها تمثل ظلال مثال الكهف المعروف والمشهور في جمهورية أفلاطون، أي تمثل مجرد ظلال للعقيدة الحقة، تلك الأديان تعكس العالم الغير مُدرك /الغير حسي بطريقتهم الخاصة، إلا أن تلك الأديان لم تنادي بمفاهيم عالمية و أو تحصر الحق مثلما فعلت اليهودية و المسيحية مِن بعدها.

وعلى هذا بالنسبة لسيلسوس فإن العقيدة لكي تكون شرعية لا يمكن أن تكون جديدة، لهذا قال بانه (ليس عنده أي شيء جديد ليقوله ما عدا العقائد القديمة) (Contra Celsum IV 14) و بالمثل أفلاطون (لم يجد أي شيء جديد) (Contra Celsum VI 10) ، بل اليهود بالنسبة له (كانوا في الأصل مصريين ثم تركوا مصر حين ثاروا ضد المجتمع المصري، و هكذا المسيحيين كانوا يهوداً حتى ثاروا على اليهودية) ( Contra Celsum III 5, V 33 )، فكما اليهود ابتــعدوا عن العقيدة الصحيحة التي كانت تمارس بينهم وثاروا عليها هكذا المسيحيين الذين خرجوا عن اليهود، ولذا فإن الأثنين اليهود و المسيحيين بأسفارهم فاسدة لانهم ابتعدوا ابتعــدت عن العقيدة الحقة، والثاني أشد مِن الأول .فحتى ولو عاد المسيحيين لليهودية فهم ما يزالون يتشاركون معهم كتابهم المقدس أي سيكونوا ضالين كذلك، بالإضافة له فإن موسي" قاد" و "خدع" الشعب ، لهذا فإن ما جمعه موسي و الأنبياء من بعده هو "قمامة تماماً" (Contra Celsum VI 50) و التصور المسيحي عن الله لا يتوافق مع العقيدة الحقة، فحتى لو كان هناك إله واحد مطلق يُعبد بأسماء مُختلفة من بين الشعوب مثل زيوس الأعلى أو أدوناي أو الصباؤوت Σαβαώθ أو أمون أو بابيوس Papaeus أو غيرها من الآلهة العليا ،فالله واحد لكنه يظهر بأشكال مختلفة في مختلف الثقافات ، لهذا يجب احترام و الإيمان بباقي الثقافات والعقائد الأخرى، إلا إن المسيحية و اليهودية على خطأ لانهما حصرا الإله على إلهم و يريدون تعــميمه على البقية وعلى كل العالم، فكيف يُمكن أن يُحصر الحق في ديانة أو إثنتين أو ثلاثة ؟! فالعقيدة الحقة (اللوغوس الصحيح Αληθής Λόγος) من المفترض أن يمثل الحق الشامل للحقيقة التي لا يُمكن حصرها أو حصر التعبير المادي للغير مادي وجعل هذا الوصف هو الحق الوحيد، فهناك فرق بين عالم الكينونة world of being و عالم الصيرورة world of becoming، وعلى هذا فإن (الحقيقة مرتبطة بالعالم الذي لا يُدرك اذا حُصرت بالعالم الذي يدرك بالحواس تكون خاطئة)، فالحقيقة المطلقة تكمن في الأفكار الغير ملموسة التي يحاول العالم الملموس تفسيرها، ولا يُمكن حَصرها في ديانة أو أخري.

ويعيب سيلسوس على المسيحيين اعتبار معجزات يسوع كدليل على ألوهيته، حيث يجب أن يأخذ المسيحيين بعين الاعتبار المعجزات و الآلهة الأخرى الموجودة في باقي الثقافات، فيسوع لم يكن سوى ساحراً مثل أريستيس الذي من بروكونيسوس Aristeas the Proconnesian، بالرغم أنه لم يَعتبر أحدا أريستيس إلهاً، على الرغم أن أبولو أمر بأن يُعتبر أريستيس إلهاً (Contra Celsum III 26) فلماذا المسيحيين اذا يؤمنون بألوهية يسوع و ينكرون ألوهية أريستيس ؟!

يرجع عمل سيلسوس (العقــيدة /الكلمة الحقة) إلى فترة حكم ماركوس أوريليوس Marcus Aurelius، بينما يرجع كتاب أوريجانوس في الرد عليه لعام 246 لعام 248 م، على الرغم من اتهام أوريجانوس لسيلسوس بانه أبيقوري المذهب، إلا أن إعجاب سيلسوس الصريح بأفلاطون إلى جانب العديد من الأدلة الأخرى تدل على أن أوريجانوس كان بكل تأكيد مُخطئاً، فبعدما شعر سيلسوس بأهمية قراءة كتاب اليهود و المسيحيين بسبب إستمرار انتشار المسيحية، وفزعه من تحول الحكام للمسيحية كما تشير كلماته التي ينقلها أوريجانوس في ( الكتاب الثامن ، الفصل 71) بأن (إعتناق الحكام لآراء المسيحين فهذا سيؤدي لهلاك الإمبراطورية) فإله المسيحيين حسب سيلوس لم يكن سيأتي ليدافع عن الإمبراطورية.

بالطبع هناك سؤال شائك وهو هل اعتمد سيلسوس على نص السبعينية فهو أقتبس من السـبـعينية مرة واحدة فقط بصورة حرفية حيث أورد (ليكن نور γενηθήτω φῶς) (التكوين 1 :3)، هذا النص قصير جدا ليُمكنا مِن تحديد إن كان فعلياً اقتبس من السبعينية أم كانت لديه مصادر يهودية مكتوبة أخرى؟ فمثلاً يذكر سيلسوس (أن هناك سبعون أو ستون ملاكاً من دموعهم نبعت الينابيع الدافئة) كالتالي (دعونا نتخطى تفنيد ادعاءات معلـمهم -أي المسيح- و لنعتبره ملاكاً حقاً، لكن هل كان الملاك الوحيد الذي جاء إلى البشرية ؟ أم كان هناك ملائكة آخرون ؟ إن قالوا هو الوحيد اذا هم يكذبون على أنفسهم، لانهم بأنفسهم يؤكدون على أن هناك ملائكة آخرون قد أتت حوالي ستين أو سبعون منهم قد أتوا معاً بصورة جماعية إلا انهم اصبحوا أشرارا و عـوقبوا بالطرح تحت الأرض مقيدين بالسلاسل، ومن دموعهم انفجرت اليـنابيع الدافئة) (أوريجانوس، ضد سيلسوس، الكتاب الخامس، الفصل 52)، )، والتي لا توجد على الإطلاق في السبعينية، وسيأتي مناقشتها لاحقًا في المُدونات القادمة ومَعرفة مصادرها.


المراجع والحاشيات
--------------------

(1) MARKUS VINZENT (2013), Studia Patristica. Vol. LXV - Papers presented at the Sixteenth International Conference on Patristic Studies held in Oxford 2011 , Volume 13: The First Two Centuries Apocrypha Tertullian and Rhetoric From Tertullian to Tyconius, PEETERS LEUVEN – PARIS – WALPOLE, MA , ISBN: 9789042929982 , p.175-84.



#ابرام_لويس_حنا (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- علاقة الترجمة اليونانية (السبعينيَّة) بالملك بطليموس الثاني ...
- تفسير مقطع (الفاصلة اليوحناوية) بدون إضافة الفاصلة (رسالة يو ...
- إثبات أصالة الفاصلة اليوحناوية من خلال (الدليل الداخلي)
- معضلة إقامة بني إسرائيل في مصر (400 أم 430) والرد على التَبر ...
- علاقة الترجمة اليونانية (السبعينيَّة) بالملك بطليموس الثاني ...
- تحليل رواية سوتونيوس و ديو كاسيوس عن الحركة المسيحية
- فحص شهادة تاسيتوس عن حركة المسيحيين والمسيح، والتحول مِن الم ...
- تحليل شهادة بلينوس الصغير (عام 111 م) عن المسيحيين
- إنجيل بَطرس بين (المسيحية الظَهْوِرِية والجسدية) مع وصف الكن ...
- تطورالسامية العربية والعبرية من المصرية القديمة، (آمين، أمن) ...
- تطور اللغة العربية؛ تصحيح قراءة الإله المصري (الوطيد) بدلاً ...
- الأصل الأسطوري لقصة قايين وهابيل
- التصور الأصلي لخلق الإنسان (آدم وحواء) وقصة سقوطهما
- من هُو المسِيح ؟! (خُلَاصَة رِحْلَة بَحْث)
- كيف وُجد الكون مِن لا شيء
- استخدام أسطورة الغدر اليونانية على الأنجيل - يهوذا و تاربيا ...
- إلوهيم، يَهْوَه، شجرة معرفة الخير والشر، شجرة الحياة (إعادة ...
- دائرية الأرض في الفكر اليهودي (الأرض المسطحة)
- الإنتقال مِن اليهودية الطقسية (يهودية الذبائح والطقوس) إلى ا ...
- - ثَقَبُوا يَدَيَّ وَرِجْلَيَّ- (مز 22: 16) رؤية جديدة


المزيد.....




- فوق السلطة – حاخام أميركي: لا يحتاج اليهود إلى وطن يهودي
- المسيح -يسوع- يسهر مع نجوى كرم وفرقة صوفية تستنجد بعلي جمعة ...
- عدنان البرش.. وفاة الطبيب الفلسطيني الأشهر في سجن إسرائيلي
- عصام العطار.. أحد أبرز قادة الحركة الإسلامية في سوريا
- “يابابا سناني واوا” استقبل حالا تردد قناة طيور الجنة بيبي ال ...
- قائد الثورة الاسلامية: العمل القرآني من أكثر الأعمال الإسلام ...
- “ماما جابت بيبي” التردد الجديد لقناة طيور الجنة 2024 على الن ...
- شاهد.. يهود الحريديم يحرقون علم -إسرائيل- أمام مقر التجنيد ف ...
- لماذا يعارض -الإخوان- جهود وقف الحرب السودانية؟
- وفاة طبيب بارز من غزة في سجن إسرائيلي


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ابرام لويس حنا - رؤية العالم اليوناني للمسيحية (سيلسوس) نَموذجًا (الجزء الأول) –- العقيدة الحق والحق الأزلي–