أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد شيخو - التعايش الحر.. إرادة المرأة والمجتمعات















المزيد.....

التعايش الحر.. إرادة المرأة والمجتمعات


أحمد شيخو
كاتب وباحث سياسي

(Ahmed Shekho)


الحوار المتمدن-العدد: 7900 - 2024 / 2 / 27 - 15:37
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يمثل التعايش الحر فلسفة وحداثة للحياة الحرة، وتقويماً لجدلية العلاقة بين الرجل والمرأة وبين المجتمع والسلطة، لتكون الإرادة الحرة صاحبة النقاش والقرار والفعل في الحياة، لتحقق الحرية غاية الوجود والكون.

من المهم تعريف الحياة بشكلها الصحيح، ومعه الوجود والعيش، لأن الحياة يتم قتلها والوجود يتم إلغاؤه والعيش يتم تشويه من قبل الهرمية الذكورية والسلطوية الدولتية والنهبية الرأسمالية المتراكمة في سياقات الحضارة المركزية والمتكاثفة في خلاصتها الدولة القومية المتحكمة في القرنين الأخيرين.
إن التجاوز والاغتصاب والعنف ونهب كدح الإنسان وجهده باسم الأسرة والدولة اللتين تكملان بعضهما أدواراً وتخريباً وتسلطاً للحياة، أو الأصح القول إن الأسرة الذكورية تعد من أهم الأدوات التي تعتمد عليها الدولة لترويض الإنسان وتربيته لأجلها، ولا تعتبر الأسرة الحالية الأبوية سوى عن تجسيد الدولة لنفسها على هيئة سلطوية مصغرة ومكثفة كما هي مؤسساتها وأجهزتها المكلفة بحماية السلطة والبعيدة عن مصالح وأولويات المجتمع واحتياجاته. ولكن الحياة بجوهرها ومعناها واستقرارها لا تختصر هكذا، بل هي المتمثلة بالجمالية والأخلاقية والمجتمعية والغاية الإنسانية النبيلة، ومن واجبنا جميعاً أن نعمل على إحياء وبناء الأسرة الديمقراطية والحياة السليمة والجميلة المتضمن للمعنى والروح المتدفقة لتنشد الحرية غاية الوجود والحياة.
هناك حاجة ماسة لفهم متعدد ولوعي ناقد ومزدهر، وإدراك وضع الأسرة وعلاقة المرأة والرجل وكذلك العلاقة بين المجتمع والسلطة بشكل جيد، ويمكننا حينها طرح الأسئلة التالية: كيف نعيش؟ ولماذا نعيش؟ وكيف يجب أن نعيش؟ ومن أين يجب أن نبدأ؟
وغالبا الذي نجده في مجتمعاتنا هو عدم الرضى والقبول بين المتعايشين قسراً في الاسرة أو الدولة، والكثير يرضون بالذل والهوان وقلة الكرامة، تحت اسم بعض من الأطر والعادات والظواهر والمحددات التي تم تثبيتها ورسمها وتقديسها من قبل الرجل المتحكم على المرأة والسلطات المتحكمة على المجتمع عبر الإيجادات أو القوانين التي أوجدها الرجال أو سنتها السلطات لحماية نفسها ووجودها في سدة الحكم، وهنا لا بد من أن نتساءل ونقول عن جوهر التعايش المراد، فلا يكفي التعايش المشترك إلا إذا كان حراً وديمقراطياً. أما الفرض والإجبار والمنع والدمج القسري تحت اسم الأخوة المزيفة أو قدسية الدولة أو مركزية الرجل فليس إلا تكريس لحالة الأحادية والاستبداد ورفض التعددية والتنوع التي تمتاز بها الحياة في الشرق الأوسط.
ولكن لماذا نقول التعايش الحر بدل من أي مصطلح أخر، لأن توازن الحياة الطبيعي تم التجاوز عليه وحصل بذلك خلل كبير وفجوات عميقة بين تكوينات الحياة الاجتماعية والطبيعية، منذ هيمنة الرجل على المرأة ومنذ تحويل العلاقة بين المجتمعات والسلطات إلى تسلط ونهب، ولعل ما نشاهده من سلوكيات الإبادة الجماعية من قبل الدول القومية والدينية في الشرق الأوسط لتحقيق التجانس القسري والنمطية، وكذلك انتشار الأمراض وزيادة الأوبئة وحالات ارتفاع الحرارة أو الانخفاض، مضافة لها عدم الاستقرار والتوازن في كميات الأمطار والفيضانات والسيول، كلها مؤشرات على الخلل والانحراف في النظام الطبيعي للإنسان والطبيعية نتيجة التجاوزات والتدخلات التي تهدف للربح فقط.
إن الشدة المفرطة والعنف الممارس على المرأة والمجتمعات، وبضعنة جسد المرأة وبيعها قطعة قطعة لأجل المال والربح يعبر عن انحطاط وقذارة كبيرة في عصرنا، باسم الفردانية والحرية الليبرالية التي تريد أخذ الإنسان والمرأة من أدوارهم الطبيعية وثقافاتهم وتكاملهم مع مجتمعاتهم، ليكون أدوات وأشياء للبيع وللتربح.
وبالطبع، هذا الوضع المزري يتطلب رفضاً ومقاومة وكفاحاً طويلاً وشاقاً وذهنية تشاركية حرة وحرباً كبيرة، وكما أن التغيير والتجديد أمر ضروري لا بد منه في الحياة لكي تستمر بتدفقها الحر وإلا ستجمد وستسلط، وينبغي على كل من المرأة والرجل على حد سواء الانفصال والانقطاع عن هذا النظم الموجودة والتي تمتاز بالذكورية والأحادية والسلطوية روحياً وذهنياً وممارساتياً.
على المرأة والرجل فهم وضعهما جيداً في هذه الحياة وفي هذه الظروف والأزمنة، كأول خطوة في الاتجاه الصحيح، لتجاوز التمييز الجنسي الذي يملأ ذهن الرجل والمرأة وتصرفاتهم التي تعبر عن وحشية بشرية تنهش في روج وجسد وكيان الرجل والمرأة والمجتمع دون أن يترك أي فرصة للحياة باسم الحب المزيف والتملك المقيت والأسرة الأبوية الذكورية.
إن قبول كل شيء من الطرف الآخر يؤدي للاستعباد دون شك مهما قيل غير ذلك، بل نستطيع القول إن الموت يكمن في قبول كل شيء من الطرف الآخر سواء رجلاً كان أو دولة، أما الحياة فتعني التعددية والتنوع في الآراء والمقاربات من الصح والخطأ، من الجمال والقبيح، من المجتمعي والفرداني.
من المؤكد أن العيش دون ترتيب وتنظيم ودون حماية ذاتية ووعي تنويري، يؤدي بشكل محتم إلى العبودية والضياع سواء للمرأة أو لأي مجتمع وشعب، وكذلك من يسلم مهمة ترتيب حياته أو حمايته أو تشكيل وعيه ووعي أبنائه للآخر لن يكون ذاته ونفسه في المستقبل، ولن يكون صاحب الرأي في حياته وحول مصيره، بل سيحدد مصيره ومستقبله من قبل الآخرين.
إن الجهد الأكبر في الحياة تبذله المرأة وليس الرجل وتبذله المجتمعات والشعوب وليس الدول والسلطات، ولذلك لا بد من حصول تغيير في رؤيتنا للجهد والكدح المبذول، ولا بد من أن يحصل صاحب الجهد والتعب على مكانته وحقه وكرامته وتقديره. وهنا في مفهوم التعايش الحر لا بد من رؤية ذلك وبناء المرأة والرجل والمجتمع مجدداً، لنصل للتعايش الحر ولتجاوز السمات الرجولية والدولتية السلطويتان إلى الإنسانية والحياة التشاركية الحرة أي التعايش الحر.
إن أحد النماذج الفريدة لتحقيق العدالة الاجتماعية والحرية والديمقراطية هي الرئاسة المشتركة في كل شؤون الحياة بين الرجل والمرأة، وفي هذا النموذج فإن كل طرف يضطر راغباً ومن تلقاء نفسه لتطوير نفسه وقدراته وتنظيم إمكانياته وتفعيلها، لأن التشارك والتعاون والتكامل يعطي قوة للإنسان لبناء الحياة ويجعله أكثر حرصاً على الاختيار وتحقيق وإنجاز أفضل الأعمال وأحسنها، وخاصة في الحقول والمجالات السياسية والاقتصادية والدفاعية الذاتية والثقافية، مما يكون للحياة معنىً وأهميةً وتعريفاً قلناه في المقدمة، أما ما هو موجود في نظم الدولة القومية والتمثيل الشكلي الوهمي للمرأة والمجتمعات والشعوب، فلا يمت للحياة الحرة والديمقراطية بشيء وإنما لخدمة السلطات والنظام الرأسمالي العالمي وتضليل المجتمعات والمرأة.
وعليه، فالحياة الحرة والتعايش الحر يتطلب بناء ذهنية تشاركية ديمقراطية وحرة، وكذلك إعادة ترتيب الحياة وتنظيم المجتمع وبناء حمايته وقدراته عبر إحياء الحياة التشاركية الحرة بين المرأة والرجل ورئاستهما المشتركة لكل الشؤون، ليكون المجتمع ديمقراطياً ذات نسج أخلاق وسياسة نشطة وفعالة قادرة على استشعار الخطأ والقبيح ومواجهته وكذلك مواجهة كافة الصعوبات والتحديات مهما كانت من الداخل أو الخارج ليتحقق الأمن والاستقرار عبر التعايش الحر.



#أحمد_شيخو (هاشتاغ)       Ahmed_Shekho#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ربع قرن من المؤامرة الدولية والعزلة المطلقة بحق القائد أوجلا ...
- تركيا وإسرائيل.. دولتان تمارسان الإبادة الجماعية
- شعوب ودول الشرق الأوسط بين صراعات مراكز الهيمنة والتحول الدي ...
- الاستقلال والسيادة بين الوهم السلطوي القومي والحقيقة المجتمع ...
- حروب الهيمنة على توسطيّة الشرق الأوسط
- غياب الديمقراطية والتدخلات الخارجية في الشرق الأوسط
- التعددية الثقافية والتشارك أيدولوجية القرن الحادي والعشرين
- حزب العمال الكردستاني.. ملحمة المقاومة لأجل الوجود والحرية و ...
- المجتمعية الذاتية بدل الارتهان والتبعية الدولتية لحل القضايا ...
- من الأحرار والشرفاء.. الحملة الدولية لحرية القائد أوجلان وال ...
- أوجلان.. فلسفة ونظام للحياة الحرة وتشاركية الشعوب والمرأة ال ...
- الأمم المشرقية والتكوينات المجتمعية بين التناحر والتبعية وال ...
- الاحتلال التركي وعملاؤها الخونة البارزانيين يستهدفون الشعب ا ...
- سوريا.. بين الإرادات الإقليمية والفتن بين تكويناتها الاجتماع ...
- قوات سوريا الديمقراطية والإدارة الذاتية.. الأخوة والوحدة الد ...
- بريكس والاستقطاب العالمي في ظل النظام العالمي الواحد
- مسار الكرد التاريخي بين الإسلام السلطوي الدولتي والإسلام الم ...
- سوريا والعراق بين التدخلات الإقليمية والدولية والتحالفات الك ...
- قفزة 15 آب/أغسطس.. لا يزال الاحتلال إلا بالحرب الشعبية الثور ...
- طبول الحرب العالمية الثالثة تُدق من كردستان إلى أوكرانيا وال ...


المزيد.....




- مسؤول: أوكرانيا تشن هجمات ليلية بطائرات دون طيار على مصفاة ن ...
- -منزل المجيء الثاني للمسيح- ألوانه زاهية ومشرقة بحسب -النبي ...
- عارضة الأزياء جيزيل بوندشين تنهار بالبكاء أثناء توقيف ضابط ش ...
- بلدة يابانية تضع حاجزا أمام السياح الراغبين بالتقاط السيلفي ...
- ما هو صوت -الزنّانة- الذي لا يُفارق سماء غزة، وما علاقته بال ...
- شاهد: فيديو يُظهر توجيه طائرات هجومية روسية بمساعدة مراقبين ...
- بلومبرغ: المملكة العربية السعودية تستعد لعقد اجتماع لمناقشة ...
- اللجنة الأولمبية تؤكد مشاركة رياضيين فلسطينيين في الأولمبياد ...
- إيران تنوي الإفراج عن طاقم سفينة تحتجزها مرتبطة بإسرائيل
- فك لغز -لعنة- الفرعون توت عنخ آمون


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد شيخو - التعايش الحر.. إرادة المرأة والمجتمعات