أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - طارق حربي - قبر مالك















المزيد.....

قبر مالك


طارق حربي

الحوار المتمدن-العدد: 524 - 2003 / 6 / 25 - 18:23
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


 

 

لَقد لامَني عِندَ القبورِ على البُكا                                             صَديقي لِتَذرافِ الدموعِ السَّوافِكِ
فقالَ أَتَبكي كُلَّ قبرٍ رأيتَهُ                                                      لقبرٍ ثَوى بيَنَ اللَّوى فالدَّكادِكِ
فقلتُ لَهُ إنَّ الشَّجى يَبعثُ الشَّجى                                            فَدَعني فَهذا كُلُّهُ قَبرُ مالِكِ
                                                                                      متمم بن نويرة اليربوعي
* * *
  احدى المقابر الجماعية انفتحت مؤخرا للزوار المفجوعين ألقتني في الحيرة، أنا أصلا كنت في منزلة الحيرة، ولم أحد عنها منذ صار البعثيون ملوكا علينا!
     أما لماذا استمر البعثيون في بلادنا عقودا، أذلوا الشعب والوطن ودمروا حياتنا بكل هذه الفظاعات، فتلك أسئلة تطال بنية الفكر العراقي نفسه!؟
 لاشك أن النظر في هوة عميقة يسبب الغثيان ويولد الدوخة، المقبرة الجماعية لاتختلف كثيرا، الأولى تشارك الطبيعة في صناعتها، بينما في الثانية يتولاها بنو الإنسان أنفسهم، منطلقين من الجزء السافل من قلب البشر، إذا استعرنا مقولة بودلير الشهيرة.
   حسبناها المقبرة الجماعية الأخيرة، وقلنا هي الخاتمة!
  كم كنا ساذجين!؟
  فالنظام المجرم الذي حكمنا بالحديد والنار عشرات السنين، لاتشبع روحه الحيوانية النهمة مقبرة جماعية واحدة، وهكذا انفتحتْ هذه السلسلة المروعة من المقابر، أمام كاميرات فضائيات طائفية ملعونة، ومتشفية ألعن!
 في الحقيقة يحتاج الإنسان إلى أكثر من مهجة، لكي يتحمل رؤية آلآلاف من الهياكل العظمية.
   الجزء السافل من قلب البشر، عند مرتكبي المجازر من الفاشيين البعثيين، هو القاع الذي أنتج وباء البعث الفاشي، وغذاه وطوره وسلطه على رقابنا، هو المسؤول لاغيره عن حدوث المجازر والمقابر.
  في سماحة الدين الإسلامي واحترامه لأكرم خلق الله سبحانه وتعالى، نفهم معنى تجهيز الميت ومبناه الأخلاقي، الإسلام ببساطة يعطي المتوفي قسطا وافرا من الإحترام، البعثيون خرقوا العادة وأوصلوا الإستهتار بحياة العراقيين، أفرادا ومجموعات، إلى أقصى مايمكن توصيفه لدى الإنحطاطيين.
  بالنسبة للمسلم المتوفى في العراق، في مناطقنا الجنوبية كما نعرف، فإن توديعه الحياة ليس أمرا هينا على عائلته ومحبيه، وقبل رحلته إلى العالم الآخر، يتم تغسيله والصلاة عليه، ثم يوجه رأسه بكل احترام، تجاه القبلة، قبل تشييعه إلى مقبرة وادي السلام في النجف الأشرف.
  تودعه الحياة بمهابة شمسها وأسرارها، رموزها وإشراقات روحها الفياضة، بشرها وأشجارها، نسماتها وكل شيء على ظهر الأرض.
   لقد أضافتْ نائحات سومر عبر الزمان مسحة من الحزن، لعل المراقب لايخطئها في سحنة العراقي نفسه، وجلل التأريخ نغماتنا الحزينات بإنكسارات الشيعة عبر تأريخهم الدامى، ثم رافَقَنا الإحباط السياسي فاكتمل تمثل مشهد الحزن في النفس العراقية.
  يشعر العراقي بألم ممض، إذا لم يُقمْ مراسم الدفن لأحد أفراد عائلته، بطريقة يرضي بها الله سبحانه وروح الميت، لاخوفا من العار الذي سيلاحقه فيما بعد، لكن لشعوره بأنه لم يوفِ الميت حقه.
 إيفاء المتوفى حقه يضرب في صميم الوجدان العراقي!
  المقتول في العراء، لاسيما على أيدي البعثيين الفاشيين، تحرر من كل ألم الإنسان فوصل إلى حالة المأساة، فقد تساوى أمام ناظريه كل شيء: الحياة والموت والخط الفاصل بين الماضي والحاضر، يتوقف الزمن فجأة، بحيث أن وداع الحياة الأخير يمسي أكثر إيلاما، دون أن تضع الحياة نفسها، قبلتها الأمومية الأخيرة، بين عيني المحتضر وهو ينازع الموت.
  للموت في العراء وقع على النفس البشرية يمكن تسميته موت الوحشة، للموت وحشتان برأيي: وحشة أن تموت وحيدا بعيدا عمن يحبونك وتحبهم، ثم وحشة القبر، البعثيون الفاشيون أضافوا وحشة جديدة، وحشة القتل في العراء والموت الجماعي!
 امام الشاهد الوحيد في العراء وهو وجه الجلاد، تمسي إرادة العراقي ضحية البعثيين الفاشيين في المقابر الجماعية، إرادة واهنة تماما في اندفاعها الأخير أمام تحقق الموت النهائي، ضعيفة إلى الحد الذي سيكون بمقدور أي إنسان مشلول، أو حتى أي طفل، أن يمارس أضعافها بيسر، الحرية في العراء تتركز لدى طرف واحد لاغير، طرف الجلاد العبد المأمور المتشفي بالقتل، الذي سيهرع إلى سيده سعيدا فرحا مختالا.
   لايكفي أن نصف الجلاد بأنه مخلوق عديم الضمير، كما هو مؤسطر في الآداب العالمية والشفاهيات، لكنه  جبان وبإستمرار تلتف حول عنقه حبال جدلتها أرواح الضحايا، ثم راحت تلاحق الجلاد وتلتف حول عنقه أينما ولى وجهه، وكلما كثر عدد ضحاياه التفتتِّ الحبال وشدتْ وشدتْ إلى أن يتم فعل الخنق، أحلام الجلاد لاتشبه أحلام الناس العاديين، إنها كوابيس صنعتها الأرواح المزهوقة.
 الجلاد الثاني الذي يأتي من بعده بلاروح على الأرجح، لأنه لم يتعض من كومة الحبال على رقبة الأول، ولادوامة الكراهية.
  الضحية في المقابر الجماعية، إمرأة كان أم رجلا أم طفلا، فاتتها كل الإمكانيات: حدوث معجزة سماوية، الرجاء في أن يغير الجلاد أمر الإعدام بالعفو، ولو في اللحظات الأخيرة، وحدث ذلك في العراق: في واحدة من القصص التي سمعتها عن مديرية أمن الناصرية: أستبدل الجلادون (مقابل المال) أحد الميسورين، وكان محكوما بالإعدام، بأحد مجانين المدينة!!
 هل هناك بشاعة تفوق ذلك في سجل الفاشست!؟
  في عملية تأهيل الرفاق الجدد، ضرب البعثيون على وتر ضعاف النفوس، فنجحوا في استقطابها، واستمالوا نفوس المرضى المنبوذين في قاع المجتمع، إنتشلوهم من المستنقع، لكن جللوهم بعار أكبر، بإختصار: غالبا مايكون الجلاد البعثي ناتجا عن قوة الطرد المركزية في المجتمع العراقي.
  لاشيء في بلادنا حذق فيه البعثيون الفاشيون، أكثر من القتل والتخريب!
 حاولوا في برنامج ملعون منظم تدمير النفوس، ومااستطاعوا إلا قليلا
قال رأسهم: سأسلم العراق ترابا!!
وكان له ماأراد: سلمه ترابا وعظاما!
  من طفولتي الغارقة في الفقر والجوع والظلم، أستل إليكم حكاية : ففي العام  1963كان عمري لايتجاوز السادسة، وكان خالي من بين الشيوعيين الذين عذبهم البعثيون، في سجن (الخيالة) بالناصرية، حتى كسروا إصبعين من يده اليسرى، وفي يوم معتدل الطقس ذهبتُ مع عائلتي لزيارته فزجرنا شرطي بقوة، وحاولت عائلتي من جديد: ففيما بقي الجميع مع مئات من الإمهات والآباء عند باب السجن، تقدمت أنا (بسرفطاس) مملوء بالطعام ورسالة من جدتي إلى خالي.
اكتشف الشرطي الرسالة بين طبقات (السفرطاس)!
 لم يصفعني أبي يوما ولاالمعلمون، صفعني شرطي!
(طارن شرارات عيوني)!!
هذا أول دروس البعثيين الذي تعلمته وأنا مازلت ابن السادسة
لم يصل الطعام إلى خالي ولم تصل الرسالة طبعا
  بعد أيام أعدم البعثيون مئة من الشيوعيين تقريبا، فيما سجن المئات منهم، وكان نصيب خالي خمسة عشر عاما!!
  في وعيي الطفولي تشكلت أولى المقابر الجماعية، كان قبر واحد ذبح فيه أبناء الناصرية كلهم، عندما دفن البعثيون الفاشيون مئة شيوعي بينهم صديق خالي ورفيقه، السيد وليد!
 عذبوه وشقيقته ورفاقهم المئة عذابا شديدا، وفي النهاية، أبعدوا شقيقته، واقتيد الجميع إلى ظاهر مدينتنا قرب ضريح السيد خضير، ودفنوا الرجال هناك أحياء، وداسوا على رؤوسهم بالسيارات!
ليس هذا المشهد من الحرب الأهلية الأسبانية ولامن إيطاليا موسوليني
ليس من النازية وفظائعها
لقد حدث في مدينتنا الوادعة أم الشعراء والفنانين والفقراء والأحزاب!
 اهتزت المدينة كما لم تهتز من قبل، إهتزت من شدة الألم كل خوصة وسعفة من بستان زامل إلى بستان الحاج عبود، من كراج الشطرة إلى ذاك الصوب، صار الناس إذا مشوا في الأسواق مشوا مذعورين خائفين، كثيري الإلتفات يتفقدون بعضهم البعض، الحيوانات لم تعد تثق بنا، قططنا وبلابل طفولتنا التي يأتي بها الفلاحون من بساتينهم في ضواحي المدينة، لم تعد تثق بأحد إذا باضت، كانت تخاف على فراخها من الإغتصاب والسحل والتشويه والمقابر الجماعية.
 الحيطان كبرت آذانها بقدر ماأغلقت الأفواه، العاشقات في النوافذ مللن فأغلقن الأمل، الفرات حامينا وسيدنا، بدا حزينا في اليوم التالي وحتما تقيأ دما، (عكد الهوا) قبل تسميته بشارع الحبوبي، لم يكن بحاجة، في تلك الأيام السود، إلى رايات سود، ليتثبت أي منا من أن الجريمة الفاشية وقعتْ،  ظلت المدينة ترتجف كلها أياما بلياليها من شعر رأسها إلى أخمص قدميها، لخبر إعدام السيد وليد ورفاقه بالطريقة البشعة (رفضت خطيبة السيد وليد حتى اليوم الزواج من رجل آخر!)!
 وتداول جيل خالي الحادثة كعلامة فارقة غارقة في الدماء، وأورثتها ذاكرة المدينة الجمعية لأجيالنا على شكل حكايات عن الفظاعات البعثية.
   قصة دفن السيد وليد ورفاق دربه أحياء في الستينات من القرن الماضي، كبرت مع الحكم البعثي الإجرامي، وصارت على نطاق أوسع، كل قصة في المقبرة الجماعية المكتشفة اليوم، أيا كان حجمها، تشبه قصة هؤلاء!
 في تلك الأيام، أيام الحرس القومي اللعينة، أذكر أن معلم الرسم علق هيكلا عظميا في مرسم المدرسة، وسيلة إيضاح، الهيكل العظمي كان مصنوعا من البلاستيك الأبيض المائل للصفرة، كان صدمة لنا جميعا نحن الصغار، وكما يتحسس البالغون رقابهم هذه الأيام، عند السماع بالمقابر الجماعية، تحسسنا يومذاك عظامنا، عرفنا أن في أجسادنا هياكل عظمية!
 الهيكل العظمي في مرسم مدرسة قرطبة الإبتدائية للبنين، ليس نسخة من هياكل المقابر الجماعية، كما أنه لايحيل إليها، وسيلة الإيضاح في المرسم كاملة العظام، وأي هيكل في مقابر البعثيين الجماعية، لابد أن يكون منقوصا، ببساطة لأن (شفلات) البعثيين التي هي بلاقلب وعديمة الضمير مثلهم، لاتميز الآدميين تحت جنح الظلام!
لايوجد في حزب البعث الفاشي بشر أسوياء على الإطلاق!
 أعضاؤه من العراقيين وصلت بهم المنبوذية والأمراض النفسية والإجتماعية، إلى درجة واطئة منحطة، بحيث أنهم لم يتبنوا أفكار البعث الفاشية الشوفينية حسب، بل تمثلوها في حياتهم اليومية كذلك: اقسم براس ابو عدي..وداعت الرئيس القائد.. أقسم بعيون الأستاذ عدي.. وصل الرفيق أبو عروبة..راح الرفيق أبونيسان.. اجتمعت بالرفاق أبو تموز وأبو المعارك وجاء الرفيق وطبان بصحبة بناته الثلاث: وحدة وحرية وإشتراكية!
 أما أنصار البعث في الخارج، من العرب تحديدا وكلهم كلهم لااستثني أحدا، مشغولون بالفراغ الذي تركه عبد الناصر وشغله الطاغية في نظرهم، النكسات العربية والذل العربي أمام إسرائيل، جعلهم يدوسون على شعبنا ويتنكرون حتى لمقابرنا الجماعية! 
 يسحق العراقيون (بالشفل) البعثي البغيض، خلال عقود من المهرجانات ومؤتمرات المساندة العربية والأغاني والردح، وبيع الذمم وشراء صحف ومواقع انتيرنيت وفضائيات وغيرها، ليتعبد الطريق بإسم العروبة والأمة العربية الواحدة والوحدة والحرية والإشتراكية، والخطاب المعتل المشلول.
 كذب في كذب في كذب.
  لاتوجد بقعة أرض أكثر سلاما على وجه البسيطة، في رأيي، من المقبرة، ان المشهد الجليل لمقبرة السلام في النجف الأشرف، مشهد يبعث على الراحة، ويسري عن النفس، ويبعدها عن هموم الدنيا ولو مؤقتا، بشر يرقدون بسلام وطمأنينة، قضوا وطرهم من الحياة الفانية وانتهى الأمر، مشهد يحتوي في تضاعيفه نقيضين: نهاية الحياة وبدايتها أيضا، سمعت عن الكثيرين ممن يقضون أوقاتا طيبة في وادي السلام.
الموت جزء من الحياة في الفلسفات الشرقية
في الأديان
في الأفكار الوضعية
في الحب كذلك موجود الموت:.. حب الحياة بحب الموت يغريني.. الجواهري
نحيا الحياة ونشبع منها ثم نغادرها
البعثيون الفاشيون كسروا القاعدة، وهل عمروا شيئا!!؟
 في المقابر الجماعية، بين أكياس العظام، من يستطيع اليوم أن يكتب قصيدة، أو يرسم لوحة، من يستطيع أن يعلق بشيء ذي قيمة عدا نكران كل شيء، واستنكار أن الحياة الحلوة نفسها، تتحول إلى حطام ليس هو حطام الدنيا، ماذا يمكن للخيال أن يدون من شريعة، أمام أكياس للعظام لايستدل عليها أهلها، جريمة في الهواء الطلق واضحة: جماجم معصوبة العيون، أرجل وأيدي موثوقة، ملابس مهترئة، هويات الأحوال الشخصية، أنا أعجب كيف استدل الكثير من العراقيين على عظام أبنائهم أعزائهم!!؟
  وسط أكوام العظام، النسوة النائحات بصبر التراتيل السومرية وشموعها في المعابد، وتهدجات روح الأمة العراقية، صور تكسر ماتيبس من الوجدان الإنساني!
 على مستوى الرحمة، لاشيء يعدل الألم الكربلائي سوى ألم كربلاء نفسه، والمقابر الجماعية كربلاء العراق الجديد الخارج من وحول الطغيان، كأن كل أم وأخت وأخ وإبنة وزوجة، لم يحصلوا من الوطن إلا على كيس عظام، ياللهول!!هذا هو بلد العجائب تحت حكم الطاغية، لقد عاد الجميع إلى بيوتهم بأكياس عظام بدلا من الفاكهة واللحوم والشيكولاته!
 العراقي ضحية والمقابر الجماعية دليل
لكن من علم البعثيين الفاشيين إسلوب المقابر الجماعية
 إنه الإستهتار بمصير الفرد، تطور إلى الإستهتار بمصير الجماعة، ثم قاد إلى الإستهتار بمصير الأمة العراقية كلها.
هذه التدرجات هي نفسها التي اعتمدتها السياسة العراقية الدكتاتورية، ونظامها الشمولي الذي صنعته على جماجم الضحايا! 
 منذ اكتشاف أول مقبرة جماعية، توقعت أن يخرج العالم عن بكرة أمه وأبيه وبقية العائلة، في مظاهرات مستنكرة وغاضبة، تشبه المظاهرات السنوية ضد مؤتمرات العولمة والهيمنة الأمريكية، هذه مجازر وتلك مجازر أيضا، ماالفرق!؟؟
  اليس الإنسان هو المتضرر الوحيد من مخاض السياسات!؟
   لكن ماذا عن الأعراب وهم الأقرب إلى الأمة العراقية!؟
  قبل بضعة أسابيع، عرضت شاشة إحدى الفضائيات، عملية تفجير بشعة لأجساد ثلاثة شبان عراقيين، أعدم الجميع على الطريقة الفاشية، اكتشفنا فيما بعد أن أحد الشبان الثلاثة، كان من نشطاء انتفاضة آذار الباسلة، كيف!؟
هكذا ببساطة اكتشف الأمر، تزوج أحد أصدقائنا هنا في أوسلو من شابة عراقية ماتزال في شهر العسل، وبينما هي في الصالة جالسة أمام التلفزيون، إذ رأت بالصدفة، أن أحد الذين تم تفجيرهم بوضع الديناميت في جيبه، كان شقيقها!!
هرعت أمي إلى العروسة!
التأم العزاء واللطم وشق الجيوب!
بعد قليل اتصلت شقيقة المغدور الثانية المتزوجة في الكويت، وسألت شقيقتها في أوسلو:
-هل هو!؟
-هو مئة بالمئة شقيقنا!!
على نفس الشاشة بعد أيام، قال أحد أرامل النظام من العرب، بصلافة العابثين بدمائنا الوالغين فيها، أن
ضحايا المقابر الجماعية في العراق، هم من أهل السنة الذين غدر بهم الشيعة!!
وبالأمس رفض البرلمانيون العرب، المجتمعون في بيروت، إدانة النظام الساقط على المقابر الجماعية!
  شخصيا صرت أرى إلى كل إنسان، بعد اكتشاف المقابر الجماعية، فإذا هو هيكل عظمي، هذه الحقيقة علمنا إياها حزب شمولي فاشي، حمل كل أوضار العالم السفلي، الهياكل العظمية التي رأيناها في حياتنا، كانت وسائل إيضاح، هياكل العراقيين في المقابر الجماعية مفعول حزب فاشي، ضد طبيعة البشر السوية، كان علي بعد تلك الصدمات، أن أعيد إلى أنماط تفكيري، أن الإنسان لايتكون من لحم ودم وعظام إلا إذا كان يعيش تحت نظام فاشي، فتحت هكذا نظام تفصل مكونات البشر بالكيمياوي والبيلوجي وبالقتل الجماعي.

هل يكفي دفن (كوتشينة) البنتاغون في مقبرة جماعية، وإدانة سياسات الأنظمة العربية والولايات المتحدة وبريطانيا، لوقوفهم ضد إرادة الشعب العراقي ومستقبله!؟
من يشفي صدور ذوي ضحايا المقابر الجماعية!؟

Oslo 25.6.2003

[email protected]   

 




#طارق_حربي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصيدة حب إلى الأرض
- حول تظاهرات الضباط الأخيرة في بغداد!
- رسالة إلى أهلنا في الناصرية
- ساعات
- أين الرقم واحد ياجماعه!!
- أسلحة
- عبد حمود وفيصل القاسم
- نشيد كراج النهضة
- كلمات -17-
- حِصَّتي من النفط
- موت حارس الفنار - في الذكرى السنوية الأولى لمقتل محمود البري ...
- كلمات - 15
- كلمات-14-
- كلمات -13 -
- سقط الطاغية
- كلمات-10
- كلمات - 12


المزيد.....




- -لم أستطع حمايتها-: أب يبكي طفلته التي ماتت خلال المحاولة ال ...
- على وقع قمع الاحتجاجات المؤيدة لفلسطين بالجامعات.. النواب ال ...
- الصين تتيح للمستخدمين إمكانية للوصول السحابي إلى كمبيوتر كمي ...
- -الخامس من نوعه-.. التلسكوب الفضائي الروسي يكمل مسحا آخر للس ...
- الجيش الروسي يستخدم منظومات جديدة تحسّن عمل الدرونات
- Honor تعلن عن هاتف مميز لهواة التصوير
- الأمن الروسي يعتقل أحد سكان بريموريه بعد الاشتباه بضلوعه بال ...
- ??مباشر: الولايات المتحدة تكمل 50 في المائة من بناء الرصيف ا ...
- عشرات النواب الديمقراطيين يضغطون على بايدن لمنع إسرائيل من ا ...
- أوامر بفض اعتصام جامعة كاليفورنيا المؤيد لفلسطين ورقعة الحرا ...


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - طارق حربي - قبر مالك