أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - طارق حربي - نشيد كراج النهضة















المزيد.....

نشيد كراج النهضة


طارق حربي

الحوار المتمدن-العدد: 472 - 2003 / 4 / 29 - 02:57
المحور: الادب والفن
    


  
  
    
                                          
انا
آلاف من الجنود الحيارى
في كراج النهضة ببغداد!
***
منهم
من لم يكن معهم
ثمن التذكرة
فباعوا بنادقهم
وكانوا جائعين
فاشتروا بثمنها (سندويشات)
***
من الجنود
منذ فترة طويلة
لم يروا وجه أنثى
فمنّوا النفس بعشر جامعيات!

هكذا دفعة واحدة!!

مع أهلهنَّ في الجنوب
عطلة نهاية الإسبوع يقضينها
مع أهلهنَّ في الجنوب

عشرة حسب
أكان ذلك كثير على الوطن!؟

متغنجات
مهفهفات يأتين
إلى المقاعد المجاورة
تسبقهن عطورهنَّ المستوردة
يالها أنوثة
طمرتْ روائحها الكتب!؟

لكنْ
هل يسلّين أولئك الجنود
عما حاق بالوطن!؟

ياعذاب الحريق!
كم طويل هو الطريق؟
ياللملل
من وراء زجاج النوافذ!
يالإنخفاض السماء على الأثر!

العيون!
ربما تتصافح العيون
تمتد الأيدي
إلى الطيور الهاجعة في أعشاشها

لعل الفواخت
تفزُّ قبل نضوج التمر
تصطفق الأجنحة
فيطير بين النخيل رفّ
يروز السواقي
بعينه يروز السواقي اللامعة
السائق الذي اغتصبت ذكورته الحروب
يروز المشهد بمرآته
مافات مات ، يقول متحسرا

عشرة حسب
أليس ذلك أرحم من العرفاء وشخيرهم
كان الجنود يردِّدون في سرّهم
على استحياء متضاحكين!

لكن الفتيات
في ذلك اليوم
مُنعنَ من السفر
يوما واحدا بدلا من اليومين
مَنَحَهُنَّ مكتب المخابرات
في الجامعة
يتزيَّنَّ فيه
يتبرَّجنَ
ويخرجنَ للحتفال
في يوم بيعة (الرئيس)!


من الجنود
من لم يتبينوا بعد
أين يلتقي الرافدان
إلى أين تمتد أجزاء الوطن الغالي؟

مترامي الأطراف
 يًصر معلم الجغرافيا على القول دائما
لاتلمُّه سماء
لكن الجنود
إما من أحضان أمهاتهم
إلى الحروب
أو من الحروب مباشرة
إلى الحروب

ليس في العراق راحة
لبني آدم
ليس ثمة استرخاء إلا في القبور

بمقدار بوصة واحدة
كان الجنود إذا رفعوا رؤوسهم
بمقدار بوصة واحدة لاأكثر
فوق مرتفعات الحزن العراقي
لعلع الرصاص
أفرغتْ حمولتها الطائرات
سالمين
 إذا عادوا من الحروب سالمين
 ذهبوا إليها ثانية بملابس النوم!
الهواء نفسه يرجف فوق اعناقهم
رشقات الرصاص تخطف
وهم منبطحون
صور الأهل السريعة
شفاه العشيقات المنتظرات
الطفولة السعيدة على الدراجات الهوائية
 ..........
...........
في المرة الثالثة
هذا إذا حالفهم الحظ
وبقوا سالمين إلى المرة الثالثة
عادوا محملين بالشظايا!

ستشتري
لشظايا رجلها
إطارا خشبيا
كل واحدة من نساء الجنود
ستذهب إلى السوق
وتشتري لشظايا رجلها
إطارا خشبيا
تعلقها
على صدر البيت تعلقها
لأن رأسه بقي سالما!

في الرابعة
لابد أن يتذكر أولئك الجنود عزرائيل
وهو مايحدث غالبا

حينذاك
بالعلم العراقي يعودون
هم ليسوا عدائين
ليسوا جغرافيين أو فلكيين
لكن الحروب
ألهتهم عن دروس الجغرافيا
سؤال: أين يقع مصيف شقلاوة مثلا!؟
صحيح صحيح..
لكن أين هو هذا الشمال!؟
بين العربي وشقيقه الجبل
!؟ CIAام بين شروال الكردي ومكاتب أل
***
من الجنود
بعدما فطمتهم أمهاتهم
لم يذوقوا تمور البصرة:
تِبَرْزَل         والشَّيراني
لِيلْوه          وأُم البُخُور
عْوَيْدي       ودَعْبِلي
بتِّ الصَبَّه    وأُم الدِهِن
جِبْجابْ      ونكَش المُبْرَد
لم يذوقوها في شهر تموز خاصة
هم لايحبون طبّاخات الرطب
أي عندما تذوب الشمس على القحوف
ليس لأن شهر تموز
لايشبه الراعي تموز
فذاك طويل
وهذا عريض المنكبين
كنسوا من ورائه
أينما خطا في المنافي
كنسوا من ورائه
سعفا محروقا!

كما أنه
ليس لأن عثوق النخيل
تتوحم في هذا الشهر
ثم بعد ذلك
بنظرة الفلاح وابنه الجندي
تضع حملها
بنظرة الفلاح وابنه الجندي
حتى لوكانت إجازته (جمعة وخميس)
ويده المبتورة
في الهجوم الأخير
تعزف لحن من مرّوا
من الأرض الحلال
الى الأرض الحرام

ثم أن النهار
في شهر تموز طويل
وأكبر من العاصمة!!
والكهرباء تقطعها الحكومة
عندما تكون الشمس عمودية
وحسرات العراقيين أفقية
إلى آخره...
لكن لاهذا ولاذاك

فلأن شهر تموز
ارتبط اسمه بذكرى مشؤومة:
مجئ طاغية

***
محمولين
على آلام من سبقهم
محمولين
على نقالات الخوص
والجرّيد
وكذلك آلام من سبقهم
وصل إلى الكراج جنود جرحى!

كما لو نفخ في الصور
هُرع المسافرون
هُرع الجنود
هرع الباعة المتجولون
تركوا عرباتهم في الزحام
هرعت الأميرات المسافرات لوحدهنَّ
هرعت القطط
هرعت كل لطيفة مخضتها الحروب

اشرأبّتِ الأعناق
من عيون الخلائق
انبعث دخان

لكثرة ماأزهقت الأرواح
وعرجتْ إلى السماء
انصبغت بالأحمر
طيور بلادي

طيور قادمة من جهة الجحيم

في فصولها
تبدل الطبيعة ثيابها
تضع الأشجار أحمر الشفاه
وتمشط أغصانها
ثم بعد فترة
يغطيها الصقيع والنسيان

بلادي بلافصول
بلادي الفصول جميعها

هرعت جموع كثيرة
إلى الأعالي
صعد خيط من الشكوى
ثم نودي على سلم إطفاء

بلاقدمين
لحقت به العيون
 تسلق جندي بلاقدمين
لحقت به العيون
 
خوذ تكتب
بساطيل تمحو
خوذ وبساطيل تكتب وتمحو
ياللأرواح
كم كنتِ غائرة!؟
حقا عيونا مارأيت
أم أفواه مفغورة!!؟

لبرهة
اجتازت جنازة
بمزاج غير طيب بالمرة

شقَّت جيبها
أتّو إلهة النسيج السومرية
شقَّتْ جيبها
حتى قبل أن ينطق أحد
من مثل: أتّو أصلحي ثيابنا

وخطف نهد
أكله الدود
ياعيني عليه!

بباب بيتها
غصبا عن إرادتها الوطنية
خرجت امراة
في إحدى ليالي الشتاء
غصبا عن إرادتها الوطنية
وعلقت صورة الطاغية
كان الطقس باردا
فمرضت المرأة
أُصيبت بالنزلة الشعبية!!

كم شتاء بعدها
طوى الخريطة
كم زمهرير؟

كم ربيع تعثرتْ قدماه
فانكسرتْ أغصانه
وتبعثرتْ سلال ثمارنا!؟

وتلكم الأصياف
أقليلا ماذرفتْ من الدموع
على الجنود العائدين من الغزو!؟
حفاة عراة جائعين
نصف بنادقهم غائص في الرمال
ونصفه الآخرتلاشى وراء غبار الشاحنات

خريف خريفان ثلاثة
كم خريف
امتقعتْ له الوجوه
قبل هبوبه
حتى أننا ياماسألنا
صفراء هذه الأرض
 أم جرداء!؟

وزاهية الألوان بقيتْ صورته!!
(مطبوعة في أرقى دور النشر الإيطالية)

على نياشينه تلمع
حرائق النفط
على نياشينه تلمع
وأبواب السجون
مزينة للزائرين الاجانب
أما غربتنا الطويلة
فهي بين حاجبيه أبدا

مبتسما كالعادة
إنني أراه وهو يراني
كم وددتُ لو أعرف
لماذا هو مبتسم كالعادة!؟

على أية حال
فتح الذئب شدقيه
الواسعين كالمحنة
أرغى وأزبد
أزبد وأرغى
ثم دخل المتظاهرون:
دخل أولا خلق كثير
في ركضة (طويريج)
ولم يخرج أحد من الباب الثاني
لم يكن هناك باب ثاني!!
***
ساهمين
مطرقين
 كثير من الجنودكانوا
ساهمين
مطرقين
أولئك كانوا يفكرون
بما يحدث وراء الغيب!

لو كانت ثمة أرض غير هذه
لوضعوا عليها تواقيعهم
وتركوها تتدحرج
أينما تصل تصل
لو كانت هناك سماء ثانية
آه لو كانت هناك....

في إطراقهم
كان الجنود يهرولون إلى الحدود
في إطراقهم
فتصدهم بالبنادق الإنجليزية
دوريات البدو
ليعودوا
ساهمين
مطرقين
حتى أن نداءات الباعة المتجولين
لم تقطع سلاسل أفكارهم
ولاصياح السواقين
من ذوي الأصوات الجهيرة:
ناصرية       ناصرية     ناصرية
عمارة        عمارة      عمارة
بصرة        بصرة        بصرة
دوامات     دوامات      دوامات
على جنوبهم وشمالهم
من ثبج إلى ثبج يطوفون
من على ظهر موجة
تطيح بآمالهم
نحو أخرى يترجلون
من أعطافها
إلى اليابسة

لكن أين الفنارات؟
أين الملاحون؟
أين مصابيح الصيادين؟

مياه زرقاء اللون
مياه الموت زرقاء اللون
كأن الجنود
غرقى بحار بعيدة
الغرقى من العراقيين
قبالة السواحل الاسترالية!
بعدما غرقتْ بهم القوارب الإندونوسية!
مابال العراقيين والقوارب الإندونوسية!؟

ساهمين
مطرقين كان الجنود
سفينة ورقية هذا الوطن
جنحتْ
على سواحل دموعهم الطويلة
لم تُنقذ الأحلام منها
فصعدتْ إليها الكوابيس!

في تلك النهارات النائية
كما لو أن نصف الجنود الأعلى
توقف عن المخاطبات والإشارات
وراح يصغي
فجرجره الطين
الذي سار أمام شعب عنيد
ليفخر وصاياه وأبهته
كأنهم
في إصغائهم
آلهة الإيجيجي
عراقيون
طويلا
طويلا
تأملوا في قوالب الصلصال
شموسهم على ركبهم
لئلا تنكسف
شموسهم على ركبهم
وترشقهم
سهام من العربات البابلية
في انطلاقتها
من باب عشتار إلى الأكوان

خذونا من الأعالي
كانوا يقولون
من رقبة إله مفخور على عَجَلٍ
من أنفاس الثور المجنح
قبل تهريب طابوقه
إلى الدول القريبة والبعيدة
خذونا إلى المطهر
انعشونا قليلا من النار                                  


                                                 
                                           مقاطع من نص
                                                    Oslo 2002                                                    

 


 



#طارق_حربي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كلمات -17-
- حِصَّتي من النفط
- موت حارس الفنار - في الذكرى السنوية الأولى لمقتل محمود البري ...
- كلمات - 15
- كلمات-14-
- كلمات -13 -
- سقط الطاغية
- كلمات-10
- كلمات - 12


المزيد.....




- مصر.. وفاة المخرج والسيناريست القدير عصام الشماع
- الإِلهُ الأخلاقيّ وقداسة الحياة.. دراسة مقارنة بين القرآن ال ...
- بنظامي 3- 5 سنوات .. جدول امتحانات الدبلومات الفنية 2024 الد ...
- مبعوث روسي: مجلس السيادة هو الممثل الشرعي للشعب السوداني
- إيران تحظر بث أشهر مسلسل رمضاني مصري
- -قناع بلون السماء-.. سؤال الهويّات والوجود في رواية الأسير ا ...
- وفاة الفنانة السورية القديرة خديجة العبد ونجلها الفنان قيس ا ...
- مطالبات متزايدة بانقاذ مغني الراب الإيراني توماج صالحي من ال ...
- -قناع بلون السماء- للأسير الفلسطيني باسم خندقجي تفوز بالجائز ...
- اشتُهر بدوره في -أبو الطيب المتنبي-.. رحيل الفنان العراقي عا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - طارق حربي - نشيد كراج النهضة