أصبحت الحياة صعبة في بلدى .

محمد حسين يونس

الحوار المتمدن-العدد: 7879 - 2024 / 2 / 6 - 10:32
المحور: المجتمع المدني
    

1 - الساعة العاشرة صباحا .. اشعة شمس (طوبة ) تغطي المنطقة..و أنا أسير مستمتعا بدفئها رغم برودة الهواء .. الاحظ حركة الكائنات حولي .. نباتات المشاتل المرصوصة بحيث تزحم الرصيف الذى يلمع بالماء المرشوش حديثا.. .. الطيور و الكلاب و القطط كثيرة العدد.. ملابس الناس المتنافرة التي تتحرك ساهمة .. السيارات التي تجرى بسرعة كما لو كانت في سباق ..
عندما إقتربت من شخص لونه مثل الطين بسبب عدم الإستحمام لفترة طويلة .. يجمع من الشارع ..في مخلة كبيرة.. زجاجات بلاستيك فارغة و علب كارتون ..
حياني بخبث منتظرا أن أرق لحاله .. فرددت التحية و أنا أدير راسي كي لا أسمح بنقاش .
من الجهه المقابلة علي الرصيف كانت قادمة سيدة .. في الخمسينيات .. ملابسها .. تدل علي أنها من سكان الحي ..تحمل أكياسا بها خضروات و عيش
الرجل يسألها بإلحاح .. عن حسنة لله .. ناظرا لما بيدها من خير ..
كان من الممكن أن تتجاهله كما فعلت أنا..و تسير في طريقها ..و لكنها زعقت فيه بأعلي صوتها .. ((حسنة .. حسنة .. قعدتوا تقروا ..لغاية م خربوها و شحتنا زيكم )) .
الرجل يصمت مندهشا من الهجوم غير المتوقع .. و أنا إبتسم ..و يستكمل كل منا السير في طريقه .

2 - لن أتكلم عن إرتفاع ثمن اللحم و السمك والجبنة و الزيت و البيض و البسطرمة و الفاصوليا البيضاء ..فهذه لا تعني إلا شريحة قادرة من الطبقة الوسطي..كانت تشتريها .. ثم أصبحت لضيق ذات اليد غير قادرة علي إستهلاكها بنفس المعدلات و الكميات .
و لكن ..ما رأيكم في إرتفاع أسعار الفول المدمس والفول النابت ..والطعمية و العدس ..و الخضروات الطازجة مثل الجرجير و الفجل و الخيار و الطماطم .. التي تبيعها الست أم عماد اللي قاعدة علي الناصية في مدخل الشارع .

ظللنا لمدة طويلة نشترى علبة فول من السوق كل يوم جمعة .. كانت تكفي فردين ( الباشمهندسة و أنا ) بمعني أصغر عبوة .. بثلاثة جنيهات .. ثم مع الزمن .. و موجة القرارات التي صاحبت سياسة الصب في مصلحة الناس تزايد الثمن .. لخمسة ..لسبعة .. حتي الإسبوع قبل الماضي زادت لعشرة جنيهات .
هذا الإسبوع .. أعلن.. بتاع الفول بإختصار غير قابل للمناقشة بأن نفس العلبة أم تلاتة جنية .. والتي وصلت لعشرة جنيهات مع الزمن السعيد .. أصبحت بخمسة عشر.. يعني زادت في إسبوع واحد بنسبة 50%..
و الفول كما تعرفون .. عبر السنين .. مع الطعمية و العيش و المخلل ..كانت الطعام الحامي للغلابة من الجوع.. الله يجازيكوا يا بعدا يا للي كنتم السبب .. الناس حتجوع .

3 - يقولون في جوجول أنه ((مع تقدم السن يعاني الإنسان بالإضافة إلي ضعف الحواس ( السمع و الرؤية ) من .. فقدان الذاكرة.. صعوبة في التواصل أو التعبير بكلمات مناسبة.. صعوبة في القدرات البصرية والمكانية مثل إضاعة الطريق أثناء القيادة... صعوبة في التفكير أو حل المشكلات... صعوبة في التعامُل مع المهام المعقَّدة.. صعوبة في التخطيط والتنظيم... صعوبة في التنسيق والوظائف الحركية..)).
و يبدو أن المجتمعات و الأنظمة أيضا .. عندما تشيخ تعاني من نفس الأعراض .. خصوصا صعوبة التخطيط و التنظيم .
هذه الأعراض بدأت أعاني منها و تسبب لي الاضطراب وعدم التوازن .. و هو أمر لسوء الحظ يحدث في الوقت الذى يعاني فيه النظام الحاكم لبلدى أيضا منها مع تفسخ ما قبل الإندثار..لنبرك كلانا دون أمل في قيام .

4 – النظرة المتشائمة (الواضحة في أحاديثي علي الحزار المتمدن ).. والتي أعاني منها بعد تنصيب المرحوم مرسي علي العرش و سقوط أحلام الثورة ..
قد يكون سببها أنني لم أتفق منذ البداية مع السياسات التي تجرى حولي و تفقر المجتمع والناس .مع إنتقال الوصاية ((علي الشعب القاصر)) للجيش بعد إزاحة مبارك و ولده جمال .
خصوصا زيادة الضرائب المباشرة و غير المباشرة و قطع الدعم.. و الإستدانة إلي درجة العجز عن السداد .. و الإنفاق الزائد علي مشاريع غير إقتصادية أو مجدية مثل شق الطرق و إقامة الكبارى و إستيراد المونوريل و القطار السريع ..و تهميش الشعب و إحتقار رأيه و مبادراته .

لقد أصبحت العيشة هباب .

و لا أدرى تماما ما السبب .. هل هي نظرتي غير الراضية التي لا يعجبها العجب و لا الأبراج و القصور و الإنجازات ..
أم من الناس المستسلمة للضياع حتي لو هدموا منازلهم ..و مقابر أهلهم و شردوا ألأحياء و شتتوا الجثث .. فهم أمام صناديق الإقتراع يجددون العهد و يرقصون و يغنون .
أم لأن النظام سار علي مسار.. إنتهي به و بنا إلي معاناة المجتمع و الناس .. و جعل هذه الحياة لا تطاق .. في كل الأحوال (.....) علي دى ..عيشة

#محمد_حسين_يونس (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل