أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد حسين يونس - عبد الناصر بعد الهزيمة















المزيد.....


عبد الناصر بعد الهزيمة


محمد حسين يونس

الحوار المتمدن-العدد: 7817 - 2023 / 12 / 6 - 07:41
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


عدنا من الأسر الإسرائيلي في أواخر يناير 1968... إلي الكلية الحربية بالقاهرة .. لنحضر معسكر توجيه معنوى لإعادة الروح للقادة و الضباط المهزومين الذين خضعوا لحوارات طويلة مع العدو إستغرقت سبعة أشهر.. قام خلالها بتشتيتهم و إفقادهم الأمل في تحرير الأرض المحبوسة قبل عشر سنوات ( تستغرق في تدريب الضباط و الجنود و تعويض السلاح المفقود )... و نشر بينهم الإحساس بالدونية.. و أفقدهم الثقة في نظام الحكم و قيادته.. و في جدوى إشتراكية عبد الناصر أو ديموقراطيته
عندما كنت أراقب .. وجوه زملائي من العائدين ..وهم يجلسون بإسترخاء بالبيجامات في حوش الكلية يستمتعون بأشعة شمس يناير .. بعد أن نجوا من ويلات حرب غير متكافئة .. بسبب سوء تقدير و عدم فهم وإنخفاض تدريب قيادتهم .. مع قدرة العدو علي إرباكهم .. و إسقاطهم من الداخل .. و إستخدام نقاط ضعفهم (إى) الجهل بقوانين الحرب و القتال (من حشد قوات و مناورة و تقدير القوى المتصارعة و إخفاء و تموية النوايا ..و التلاعب بالروح المعنوية .)
كنت أتساءل كيف كنا سذجا بحيث إستغل العدو يأس القادة عندما رأوا الرأس الكبيرة تنهار بعد نصف ساعة من بداية القتال .. فضرب القوات ضربات موجعة ..
و لماذا لم نصمد و لم نقاتل
حتي بعد تدميرالطيران علي الأرض.كان بمقدورنا الصمود و التمسك بمواقعنا ..لقد وجدوا عدد من كتائب المدرعات متخندقة و مموهه في سيناء لم تطلق طلقة واحدة أثناء الحرب .. في فيتنام دوخوا فرنسا ثم أمريكا بدون إمتلاك طائرات لانهم كان لديهم قيادة دربتهم و أطلقت مبادراتهم .. وخلقت بينهم حمية لتحرير الوطن .
في الحقيقة .. لم نكن جيشا .. كنا شوية رجالة مذعورة متجمعين في الصحراء بدون ماء أو طعام أو قيادة نتحرك من مكان لأخر بحيرة دون هدف
.. لقد اتلف عبد الحكيم عامر كبيرنا و صغيرنا لمدة خمس سنوات في حرب اليمن برشوتهم بما منحه لهم من مميزات غيرت وضعهم الطبقي و فصلتهم عن أهلهم و جعلت من السلامة إختيارا وحيدا للتمتع بما حازوا .
في الاسر رأيت الناس علي حقيقتهم بدون عنجهية و صلف أو أوامر وغرور .. رجال بسطاء (منا ) .. حزاني لسقوطهم و في نفس الوقت فرحين بنجاتهم .. مستسلمين لقدر غير مفهوم لهم عاقبهم علي ذنوب لم يرتكبوها ..و علي تخلف مجتمعي لم يتسببوا فيه .
لقد تعلموا أن عليهم الطاعة .. فأطاعوا قادتهم المتسلطين و عاشوا في خوف علاقات طبقية لم تشهد مثيل لها إلا جيوش العبودية والإقطاع .
في ذلك الوقت .. كتبت ورقة من ثلاث .. صفحات .. اقص فيها ما حدث لنا ..فأرجعت أسباب الهزيمة ((إلي فشل القيادة في إدارة المعركة لعجزها فنيا .. و لسيادة روح عدم الإنتماء للوطن بين الجنود و صغار الضباط الذين يعيشون أتعس حياة في جيش بلدهم الطبقي الأرستقراطي .. يتهربون من الخدمة فيه و القتال .. بحيث تحول الضيق .. و عدم الثقة في القيادة .. و غياب هدف قومي للحرب .. إلي ضلالات جعلت العديد منهم يتركون سلاحهم و يهربون)) .
هذة الورقة - التي فقدت بعد ذلك - لعدم توفر أساليب النسخ أو الحفظ الحديثة .. كتبت علي الألة الكاتبة من أصل و ثلاث صور ( بالكربون ) ..كان الأصدقاء و المعارف يقرأونها سرا .. ثم يعيدونها لكاتبها خوفا .. من تلصص الأجهزة الامنية العديدة الطاغية المتشعبة في المجتمع .
أحد الذين قرأوا هذه الورقة كان الصديق محمد حجي .. رسام في مجلة أو دار رزو اليوسف .. فلم يعيدها بل طوى النسخة .. و وضعها في جيبة .. و إختفي بها .
حجي كان من أعضاء التنظيم الطليعي ( عرفنا بعد ذلك ) و كان المسئول عنه محمود السعدني .. الكاتب خفيف الظل .. الذى أخذ الورقات .. و أوصلها .. للرئيس .. عبد الناصر .. شخصيا .
كنت لا أدرى .. أن الأمور تجرى علي هذا المنوال .. حتي عاد حجي و معه صديق عرفني علية .. و قال أنه مهتم جدا بالورقة التي كتبتها .
خلال رحلة طويلة من الحوارات مع هذا الصديق الذى ( نسيت إسمة الكودى طبعا ) .. تأكد من أرسله أن هذا التصرف ( كتابة المنشور ) جاء عفويا من ضابط عاني جسديا و فكريا و يريد التنبية لاسباب السقوط .. و لم يكن خلفة .. تنظيم داخل القوات المسلحة بحيث خفتت علاقتي برجلهم .
عندما إنقلب عليهم أنور السادات في 15 مايو .. جاء ليختبيء عندى لفترة .. قبل أن يهرب .. و قص ما خفي عني .. بأن الرئيس ((كان مهتما بهذه الورقات .. و أنه قال بأنه إستفاد منها أكثر من تقارير هيئة الأركان )) .
إختفي بعد ذلك حجي .. سافر إلي تونس أو ليبيا لا أذكر و عاش هناك يرسم .. و كتبت أنا مذكرات بما حدث لي في الحرب ذهبت بنسخ منها إلي المخابرات الحربية للموافقة علي نشرها
و لكنها لم تجز هناك .. فركنتها ( 15 سنة ) حتي ثمانينيات القرن الماضي عندما أعدت كتابتها علي هيئة رواية عرضتها .. علي ( دار المستقبل العربي ) .. لتنشرها بعنوان (( خطوات علي الأرض المحبوسة )) .
و لكن هذا ليس موضوعنا ..
فأنا بعد أكثر من نصف قرن.. من هذه الأحداث عندما أنظر خلفي بحياد و دون عواطف و أحزان و اسي ارى أن عبد الناصر القائد المهزوم كان أكثرنا ثباتا و فهما و وضوح رؤية ..و ثقة في شعبة و قدراته .
وأنه لولا تماسكة من 67 حتي 70 يوم وفاته .. لما كنا قادرين أن نخوض حرب تالية في 73 ..
لقد خرج علينا بعد شهور من الهزيمة ..ببيان 30 مارس 1968... لم نهتم به كثيرا و لم نناقشه أو نأخذه في الإعتبار بينما هو يحمل رؤيته للمستقبل .بعد أن تعرف علي أسباب الهزيمة الحقيقية .. وأنها تميع الحقوق و الواجبات بين قادة الجيش و فقدهم للخبرة و التدريب و الضبط و الربط ..فلم يسر خلف مارشات من سموها نكسة رغم إستخدامه لهذا المصطلح . ..
عبد الناصر كان علي يقين أن نظام حكمة قد فشل في تحقيق التنمية و الرفاهية للشعب .. بل أفقد الناس ( بالخوف ) القدرة علي الصمود و خوض معارك الحياة بشجاعة و رجولة.. لذلك قرر الإصلاح .
و عرف أن القيادة غير المثقفة بعلوم العصر الحربية .. و المشغولة بالقضايا المدنية .. و المتنافسة علي كراسي السلطة و الحكم و جمع الأموال .. قيادة فاشلة في الحرب و السلم ..لذلك تخلص منها.. ليضع من هو أكثر علما و حكمة منهم ( الشهيدان عبد المنعم رياض و أحمد حمدى ) ..ومن كان اقل طمعا في المناصب و الأوبهه .. و جعل الجيش لا هم له إلا التدريب علي المعركة المستقبلية ... و إبتكار الطرق المختلفة لتحقيق النجاح
بعد الهزيمة مسح الناس كل فضائل القائد المهزوم ..لم نعد ندرس اقواله أو خططه أو إسلوبه في إدارة الأزمة .. بل لم نعد نأخذ تصريحاته بجدية .. بقدر ما تحدثنا عن ما أل إلية الوطن من ضعف و سقوط في عهده .. و ما تسبب فيه الندماء عبد الحكيم عامر و صلاح نصر و رجالهما من الم للناس .
بهذا التجاهل و الحزن و الكراهيه ..تكونت غمامات .. كثيفة منعتنا من التعرف علي حقيقة ما دعي إليه عبد الناصر بعد الهزيمة ..و لم ندرك حجم الأمانة و تحمل المسئولية ..و الذكاء التي ضمنها في بيانه إلا بعد نصف قرن عندما إنحدرنا إلي الدرك الاسفل بفعل عشوائية سياسات من تلاه في إدارة الأزمة
وهكذا .
عبد الناصر رغم كل ما حدث في زمن حكمة من أخطاء وهزائم و أحزان وقسوة و إرهاب و تحكم قوى الأمن و سيطرة العسكر الخانقة .. إلا أنه كان الوحيد بين من حكموا هذا المكان بعد 1952 الذى كان يعرف معني التخطيط و يتكلم عن برامج عمل و اوليات المرحلة ..و يرسم الطريق واضحا كما يراه أمام الناس ليكونوا شركاء له في تنفيذ الحلم .
((والآن ونحن نتطلع إلى المستقبل، فإن اعتقادى الأكيد أن خير ما نستطيع أن نتسلح به لمواجهة مسئولياتنا المقبلة هو أن يكون فى يدنا برنامج عمل محدد، ندرسه معاً، ونقره معاً، وتتفق عليه إرادتنا جميعاً؛ برنامج عمل يكفل وصولنا إلى الأهداف القريبة لنضالنا، ويقرب منا يوم الوصول إلى الأهداف البعيدة لهذا النضال، برنامج عمل لا تختلف فيه الاجتهادات، ولا تتصارع الآراء ولا تتصادم القوى، برنامج عمل نمسك به فى أيدينا، وبعد أن يتحقق لقاء فكرنا عليه)).
هذه أقوال رئيس غير عادى في بلدنا يرى أن سنده هو دعم الناس..و يؤمن بالدراسة ..و التعلم من الأخطاء ..و التخطيط للمستقبل ..
فهولم يعاد التخطيط فيذهب إلي المفاوضات دون رؤية مسبقة أوسياسة متفق عليها .يرتجل علي حسب الريح م يودى الريح .. فيستقيل مرافقوه إحتجاجا علي عشوائيته ..
و هو لم يوافق علي إنفاق المليارات المقترضة لتنفيذ مشاريع دون دراسة لأولويات المرحلة و جدوى.هذه المشاريع .. ثم يتبين فشلها عندما تعمل ..فتهدر أموال الناس بدون مردود و تصبح ديون علي الأبناء و الأحفاد تسديدها .
لم يرهب العدو بعد الهزيمة عبد الناصر بغاراته علي المنشئات الهامة في البلد .. و لم يجبن عن خوض معارك سميت بطريق الخطأ ( حرب إستنزاف ) في حين أنها كانت في حقيقتها حرب إعادة الثقة للرجال .. و إخراجهم من دوامة الشعور بالدونية .. و إعطاؤهم الفرص لمواجهة العدو .. في معارك محدودة الخسائر . قبل الصراع معه في معركة تحرير الأرض المحبوسة ,
عبد الناصر بعد الهزيمة لم يجلس يلطم و يجرى علي عاصمة العدو حاملا كفنه من أحل الصلح رغم أنهم كانوا ينتظرونه هناك ... و كان سيصل إلي شروط أفضل مما حصلنا عليها بعد ذلك .. بل وضع خطة عمل ذكرها في بيان 30 مارس ..لتحولات جذرية في سياستة تصحح و تضع المجتمع علي درب الرشاد .
((أولاً: إننا استطعنا إعادة بناء القوات المسلحة، وكانت تلك بداية ضرورية وبغير بديل، إذ كنا نريد جداً وحقاً أن نصحح آثار النكسة، وأن نزيل العدوان، وأن نسترد ما ضاع منا فيه.
بغير إعادة بناء القوات المسلحة لم يكن أمامنا غير تقبل الهزيمة مهما كانت آمالنا، ومهما كان إيماننا؛ ذلك أن منطق هذا العصر - ولعله منطق كل العصور- أن الحق بغير القوة ضائع، وأن أمل السلام بغير إمكانية الدفاع عنه استسلام، وأن المبادئ بغير مقدرة على حمايتها أحلام مثالية مكانها السماء، وليس لها على الأرض مكان)).
كأنه ينظر في بلورة المستقبل ..و يحذر (أن أمل السلام بغير إمكانية الدفاع عنه استسلام).وهكذا رغم ما عرضة وسطاء العدو من ميزات الجلوس علي مائدة واحدة و التفاوض .. إلا أنه فضل المواجهه و إعادة بناء المجتمع و الحكومة و القوات المسلحة متجنبا تهاويم تزايدت بين القيادات مع تزايد النجوم علي الكتفين.
لقد كانت نصف القوات في اليمن .. فعادت للوطن .. و كان الحليف السوفيتي أمينا علي العلاقة بيننا فأرسل السلاح و الخبراء لتصويب ما فعلة الفشل وعدم التدريب وضحالة الفهم الإستراتيجي . و الجبن عن إتخاذ القرار أثناء المعركة .
((ثانياً: إننا استطعنا تحقيق مطلب الصمود الاقتصادى، فى وقت كانت الأشياء كلها تسير فى اتجاه معاكس لفرصة تحقيقه، ولقد ساعد على ذلك رضا الشعب بالمزيد من التضحيات، وساعد عليه موقف عربى أصيل فى مؤتمر الخرطوم، وساعد عليه أصدقاء لنا على اتساع العالم كله، وقفنا معهم فوقفوا معنا.
ولقد كان محتماً أن يسير مطلب الصمود الاقتصادى جنباً لجنب مع عملية إعادة بناء القوات المسلحة؛ فلم يكن فى استطاعتنا بغير اقتصاد سليم أن نوفر لاحتمال الحرب، ولا كان مجدياً أن نقف رابضين على خطوط النار بينما مقدرتنا على الإنتاج معطلة وراء الخطوط، وشبح الجوع يهددنا بأسرع من تهديد العدو لنا))
و هذا هو الدرس الثاني .. إقتصاد سليم قادر علي تزويد جيش بإحتياجاته ضمن إستراتيجية واسعة لإدارة الأمة والإنتاج و مراعاة الأولويات طبقا لخطط السياسين..
لا جيش وصي علي وطن أناني لا يتوقف عن إستنزاف ثرواته .. و تلبية رغبات أفرادة و تدليلهم .. حتي لو كان هذا بالقوة .. حتي لو جرى إفساد ما عداه من أنشطة .
(( ثالثاً: إننا استطعنا تصفية مراكز القوى التى ظهرت، وكان من طبيعة الأمور وطبيعة النفوس أن تظهر فى مراحل مختلفة من نضالنا.
إن العمل السياسى لا يقوم به الملائكة وإنما يقوم به البشر، والقيادة السياسية ليست سيفاً بتاراً قاطعاً، وإنما هى عملية موازنة وعملية اختيار بعد الموازنة، والموازنة دائماً بين احتمالات مختلفة، والاختيار فى كثير من الظروف بين مخاطر محسوبة.
ولقد تجاوزت الأمور حد ما يمكن قبوله بعد النكسة؛ لأن مراكز القوى وقفت فى طريق عملية التصحيح خوفاً من ضياع نفوذها، ومن انكشاف ما كان خافياً من تصرفاتها. ..... ))
درس ثالث.. لم نتعلم منه .. عبد الناصر أسقط القداسة عن السياسين .. و لم يعتبرهم ملائكة .. بل بشر يخطئون و يصوبون ..ويجب محاسبتهم و تقييم أداؤهم ....و السياسة (عملية موازنة واختيار بين احتمالات مختلفة). و ليست وجهة نظر وحيدة للقائد
فمراكز القوى التي ثار المصريون ضدها بعد عام 2011 (وقفت فى طريق عملية التصحيح خوفاً من ضياع نفوذها)و ظلت متمسكة بمواقعها .. تحميها بكل الوسائل و الطرق حتي أعادت الأمور لما كانت عليه ثم إنطلقت تمحو كل القوى التي أدت في يوم ما للثورة مستخدمة الأمن و الجيش و السجن و المعتقل و التلاعب بلقمة العيش التي أصبحت عزيزة علي الشرفاء .. باذلة كل الجهد ألابتكرر أعلان الناس عن ضيقهم و عدم رضاهم .
((رابعاً: إننا استطعنا - وهذه مسألة أخلاقية ومعنوية أعلق عليها قيمة كبيرة - أن نضع أمام الجماهير- بواسطة المحاكمات العلنية - صورة كاملة لانحرافات وأخطاء مرحلة سابقة. وكان رأيى أن هذه مسئولية يجب أن يتحملها نظامنا الثورى بأمانة وشجاعة، ....))
محاكمات علنية شعبية تشبه النقد الذاتي دون إخفاء للعيوب و الأخطاء ..تنظيف الجرح قبل إلتئامه و ليست مسرحيات تنتهي ببراءة الفاسدين والمخربين التي شاهدنا فصولها الهزلية بعد تمكن الثورة المضادة
((خامساً: إننا استطعنا أن نقوم بجهد سياسى واسع على جبهات عريضة؛ جبهات عربية وجبهات دولية، وتنوعت جهودنا وتعددت على هذه الجبهات بالاتصال المباشر مع الأصدقاء فى الدول الاشتراكية، وفى مقدمتها الاتحاد السوفيتى الذى أكدت لنا ظروف النكسة صداقته المخلصة وتعاونه الصادق ووقوفه الصلب فى جبهة الثورة العالمية المعادية للاستعمار،.... ))
و لا تعليق أو إضافة لقد كنا مهزوميين لكن أقوياء فلنعيد قراءة قائمة الأصدقاء الذين أحاطوا بنا في زمن السقوط .. و تقارنها .. بمن نعتبرهم أصدقاء و إنضموا للطرف المقابل و نحن نطلب دعمهم لعدالة قضية حجز مياة النيل بواسطة الأحباش ..لنعرف في أى قاع سقطنا
عبد الناصر بعد 67 قاد تغييرات سياسة .. تعيد للشعب سلطاته و تضع الشخص المناسب في المكان الصحيح .. و تقصر دور الجيش علي التدريب لإتقان فنون القتال و أسقط وصاية أصحاب الكابات المزينة بالشرائط الحمراء علي الناس
كنت أود أن أنقل كل كلمة كتبها عبد الناصر في بيان 30 مارس1968 ..( بل أنصح بقراءته كما تلاه صاحبه ) ففي تصورى أنه.. وسط هذا القحط السياسي و المعرفي الذى نعيشه يصلح (اى البيان) كبرنامج عمل ناجح لأى جماعة ترغب في حل تعقيدات هذه الديلاما التي تحيط بنا .
لقد كان البيان كلمة السر لصمود القائد .. و من يقودهم .. لبث الأمل من جديد بين عقلاء القوم.. وما جاء به (عن إصلاح الإتحاد الإشتراكي بالإرادة الشعبية والإنتخاب من القاعده للقمة ..بالإضافة إلي إختيار الأشخاص المناسبين للمناصب السياسية و الإقتصادية و التنفيذية ) لازال ( نظريا ) المخرج من الأزمة التي نعيشها أى تطوير الشارع السياسي و إرتباطه بإرادة الناس و أمالهم..و خلق إسلوب إنتقاء يسمح بأن يشغل الوظائف العامة .. من هم أهل لها .
أنا لا أنكر تأثير الهزائم التيحدثت في عهده .. و لم أنكر الإرهاب و الخوف و البؤس الذى عشنا فيه كأبناء يوليو..( بما في ذلك ما حدث لمحمد نجيب و يوسف صديق و غيرهما ) .. لقد ذكرت هذا بوضوح في مدخل مقالي ..و لكن هذا لا يمنع ..أننا أمام وثيقة هامة أصدرها الرئيس و عمل علي تنفيذ ما بها ..
لهذا كنت أرجو لمن يهتم بفهم الحقائق دون جمود عقائدى أن يراجع معنا ما جاء بالبيان عن الدولة الحديثة و التنمية الشاملة .. و نقارنها بما جرى بعد ذلك من تهاويم تصور ان التنمية هي شق طرق و إقامة كبارى .. و إستيراد المونوريل ومعه من سيديره لنا ..وإنشاء مدن جديدة متكروته ينقصها لمسات الجمال و الأصالة و السببية ..تعبرعن مدى الإحساس بالدونية الذى تولد لدى بعض المصريين بعد أن إعتبروا دول الخليج و ناطحات سحابها نموذجا يهتدى به. وبعد أن سيطرت شركات ( المتحدة ) علي كل الأنشطة الفنية و الإعلامية و الرياضية في بلدنا و فرضت ذوقها البدائي و رؤيتها غير المثقفة .
و في الحقيقة
نحن منذ إنقلاب العسكر في 1952 نعيش مراحل متتالية من الإحباطات و عدم التحقق .. تغيرت فيها نظم حكمنا خمس أو ست مرات خلال نصف قرن ولم تحتفظ كلها إلا بدوام القبضة الأمنية و إرهاب الناس و نشر الخوف بينهم ..حتي إنتهينا لان نصبح جمهورية من جمهوريات الموز التابعة لنفوذ الأمريكان ..
و مع ذلك ..من الناحية البراجماتية (ما لا يدرك كله لا يترك جله.) .. لم تكن فترة حكم العسكر جفاف دائم أو قحط مستمر بل تخللتها أفكار و أعمال علينا الا نتجاهلها و منها .. هذا البيان .
((لكى يكون هناك ضوء كاف على طريقنا فإننى أريد من الآن أن أضع أمامكم تصورى لبعض المهام الرئيسية فى المرحلة القادمة من نضالنا:
- تأكيد وتثبيت دور قوى الشعب العاملة وتحالفها وقياداتها فى تحقيق سيطرتها بالديمقراطية على العمل الوطنى فى كافة مجالاته.
- تدعيم عملية بناء الدولة الحديثة فى مصر، والدولة الحديثة لا تقوم - بعد الديمقراطية - إلا استناداً على العلم والتكنولوجيا؛ ولذلك فإنه من المحتم إنشاء المجالس المتخصصة على المستوى القومى سياسياً وفنياً ....
- إعطاء التنمية الشاملة دفعة أكبر فى الصناعة والزراعة لتحقيق رفع مستوى الإنتاج والعمالة الكاملة، مع الضغط على أهمية إدارة المشروعات العامة إدارة اقتصادية وعلمية.
- العمل على تدعيم القيم الروحية والخلقية، والاهتمام بالشباب وإتاحة الفرصة أمامه للتجربة.
- إطلاق القوى الخلاقة للحركة النقابية سواء فى نقابات العمال أو نقابات المهنيين.
- تعميق التلاحم بين جماهير الشعب وبين القوات المسلحة.
- توجيه جهد مركز نحو عمليات البحث عن البترول؛ لما أكدته الشواهد العملية من احتمالات بترولية واسعة فى مصر.
- توفير الحافز الفردى؛ تكريماً لقيمة العمل من ناحية، واحتفاظاً للوطن بطاقاته البشرية القادرة، وإفساح فرصة الأمل أمامها...و تحقيق وضع الرجل المناسب فى المكان المناسب)).
و علي القاريء أن يتدبر .. هذه الرؤية لو أتيح للرجل العمر الكافي لتحقيقها .. لكانت قد غيرت الكثير من المشاكل التي واجهناها بعد ذلك ..
لقد قدم لنا برنامجا و اضحا يحتوى علي نقد ذاتي و علي إسلوب العلاج ..و للاسف تجاهله من خلفه علي كرسي العرش .. و عمل العكس .. بل لقد كان أخر البرنامج التي قدمها رئيس جمهورية مصرى للناس .
((ولقد بدأت التغيير - كما تعرفون - بإعادة تشكيل الوزارة، والذى يعنينى فى تشكيل الوزارة الجديدة أنه جاء إلى مواقع الحكم بصفوة من شباب هذا الوطن، لا يدين أحد منهم بمنصبه لأى اعتبار سوى اعتبار علمه وتجربته فى العمل السياسى، وهم على أى حال يمثلون جيلاً جديداً يتقدم نحو قمة المسئولية. وإلى جانب ذلك فهناك تغييرات أخرى قادمة فى قيادات الإنتاج، وفى السلك الدبلوماسى، وفى المحافظين، وفى رؤساء المدن..... ...... إن الكثيرين ممن يشغلون هذه المناصب أدوا مسئولياتهم بجدارة واستحقاق، ولكن بعضهم لم يكن على مستوى المسئولية سياسياً وتنفيذياً، ومن الضرورى عليهم وعلينا إفساح المجال للأقدر والأجدر....... )).
عبد الناصر تكلم في بيانه عن دستور جديد إهتم أن يتضمن العديد من القضايا إخترت منها
((أن ينص الدستور على الصلة الوثيقة بين الحرية الاجتماعية والحرية السياسية، وأن تتوفر كل الضمانات للحرية الشخصية والأمن بالنسبة لجميع المواطنين فى كل الظروف، وأن تتوفر أيضاً كل الضمانات لحرية التفكير والتعبير والنشر والرأى والبحث العلمى والصحافة))
((أن ينص الدستور على قيام الدولة العصرية وإدارتها؛ لأن الدولة العصرية لم تعد مسألة فرد ولم تعد بالتنظيم السياسى وحده، وإنما أصبح للعلوم والتكنولوجيا دورها الحيوى، ولهذا فإنه يجب أن يكون واضحاً أن رئيس الجمهورية يباشر مسئولية الحكم بواسطة الوزراء، وبواسطة المجالس المتخصصة التى تضم خلاصة الكفاءة والتجربة الوطنية، بما تحققه إدارة الحكومة عن طريق التخصص واللامركزية)),
((أن ينص الدستور على تحديد واضح لمؤسسات الدولة واختصاصاتها؛ بما فى ذلك رئيس الدولة والهيئة التشريعية والهيئة التنفيذية. ومن المرغوب فيه أن تتأكد سلطة مجلس الأمة باعتباره الهيئة التى تتولى الوظيفة التشريعية، والرقابة على أعمال الحكومة، والمشاركة فى وضع ومتابعة الخطة العامة للبناء السياسى، وللتنمية الاقتصادية والاجتماعية))
من منا يستطيع ألا يعجب بمثل هذه التوجهات التصحيحية لمسار الأمة .
ينهي الرئيس بيانه بشرح برنامجه للمرحلة التالية
((إن المسئولية التاريخية للأيام العصيبة والمجيدة التى نعيش فيها، ونعيش لها، تطرح بنفسها علينا برنامج عمل له جانبان:
الجانب الأول: حشد كل قوانا العسكرية والاقتصادية والفكرية على خطوطنا مع العدو؛ لتحرير الأرض وتحقيق النصر.
الجانب الثانى: تعبئة كل جماهيرنا بما لها من إمكانيات وطاقات كامنة؛ من أجل واجبات التحرير والنصر، ومن أجل آمال ما بعد التحرير والنصر)).
ولقد فعل هذا عبد الناصر .. و حشد كل إمكانياتنا لتحرير الأرض ..و لولا الموت لإتخذت المعركة شكلا أخر لا يصل بجنود العدو علي بعد مائة كيلو من القاهرة . و لأصبح هو بطل حرب التحرير



#محمد_حسين_يونس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صعود و سقوط الطبقة الوسطي
- حروب مصر بدأت في فلسطين 1948
- عندما تحيا مصر لثلاث مرات
- عاد مجتمع ال2%
- الدكتور المهندس مصطفي مدبولي
- الإنقلابات العسكرية سبب بلوانا
- نتعاطف .. لكن لن نحارب
- حولوها لحرب ضد المسلمين
- نعوش أطفال غزة.. جرس إنذار
- عصر جليدى مصغر
- لمحات من تاريخ الصراع في فلسطين
- كلام في الحرب بمناسبة 6 أكتوبر
- (جولدا )..و حرب أكتوبر
- لم يشرق بعد فجر الرجاء
- بعد خمسين سنة .. من المنتصر
- فلنعود لزمن الهواية .. افضل
- اللامنتمي في الكلية الحربية
- مصير قصور الخديوى سيتكرر
- عندما يعرضون الأبناء في أسواق النخاسة
- فن ليس للتسلية


المزيد.....




- أمريكا تزود أوكرانيا بسلاح قوي سرًا لمواجهة روسيا.. هل يغير ...
- مقتل أربعة عمال يمنيين في هجوم بطائرة مسيرة على حقل غاز في ك ...
- ما الأسلحة التي تُقدّم لأوكرانيا ولماذا هناك نقص بها؟
- شاهد: لحظة وقوع هجوم بطائرة مسيرة استهدف حقل خور مور للغاز ف ...
- ترامب يصف كينيدي جونيور بأنه -فخ- ديمقراطي
- عباس يصل الرياض.. الرئيس الفلسطيني وزعماء دوليون يعقدون محاد ...
- -حزب الله- يستهدف مقر قيادة تابعا للواء غولاني وموقعا عسكريا ...
- كييف والمساعدات.. آخر الحزم الأمريكية
- القاهرة.. تكثيف الجهود لوقف النار بغزة
- احتجاجات الطلاب ضد حرب غزة تتمدد لأوروبا


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد حسين يونس - عبد الناصر بعد الهزيمة