أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - قاسم المحبشي - حينما تجتمع الفلسفة والهندسة















المزيد.....

حينما تجتمع الفلسفة والهندسة


قاسم المحبشي
كاتب

(Qasem Abed)


الحوار المتمدن-العدد: 7872 - 2024 / 1 / 30 - 16:03
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


أمس تشرفت بزيارة الصديق العزيز الدكتور حسين جعفر السقاف الوهطي الأصل والهولندي الجنسية. عرفته عبر الفضاء الافتراضي منذ خمسة سنوات. تبادلنا متابعة المنشورات وتواصلنا عبر وسائط التواصل الاجتماعي بالحرف والصوت والصورة ولكننا لم نلتقي على أرض الواقع إلا يوم أمس الموافقة 29 يناير 2024. سعدت كثير بزيارته لاسيما وأنه بالنسبة لي أكثر من صديق حقيقي والأصدقاء الحقيقون مثل الأحجار الكريمة نادرون في هذا الزمان الافتراضي، وتزداد قيمتهم وأهميتهم في بلاد الغربة والاغتراب. ولطالما وقد بحثت عن أي أحد يقرب لأستاذي الفيلسوف أبو بكر عبدالرحمن السقاف منذ زمن طويل ولم أجده فيما مضى للأسف الشديد رغم كثرة من اعرفهم من الذين يحملون لقب العائلة السقافية الكريمة ولكنهم لا يعرفون من الاستاذ إلا اسمه! وحده الدكتور حسين بن جعفر السقاف الذي وجدت لديه من القرب الروحي والفكري للدكتور أبو بكر السقاف ما يشبع ويروي! كان الوحيد من السقافيين في الفضاء الافتراضي الذي يبدي اهتمام فعلي فيما كل ما اكتبه وأنشره عن الراحل العظيم أبو بكر السقاف. رجل ستيني يتقد حيوية ونشاطا وعلى درجة عالية من الثقافة الرفيعة؛ جمع بين الهندسة والأدب والفلسفة. على مدى 24 ساعة تقريبا قضيناها مع بعض في مدينة بحرية تشبه الإسكندرية. كانت روح الفيلسوف المعلم تباركنا. حدثني عن تجربته في الحياة والدراسة والنضال المدني. وعرفت أنه اكمل دراسته العليا الدكتوراه في كلية هندسة الصناعات النفطية في جامعة موسكو وتزوج من زميلته الرائعة الكازاخستانية آلاء. أنجب منها مريم ونعومة الأولى شاهدتها قبل سنوات في البرلمان الهولندي وها هي اليوم عضوة في المجلس المحلي في رابع أكبر مدينة هولندية والثانية نعومة تحضر الدكتورة في النقد الثقافة والدراسات الثقافية وكاتبة قصة قصية باللغة الهولندية. أكمل دراسته للدكتوراه في موسكو فنشبت حرب 1994م فقرر الذهاب إلى هولندا مع عائلته عام 1995. وفي هولندا التحق في الجامعة ماجستير هندسة مدنية وصار بفضل ذلك من كبار المهندسين المدنيين في هولندا. لديه مكتب تصاميم هندسية مع زوجته ويمارس نشاطه الهندسي في عموم الدول الأوروبية إذ له في كل مدينة أوروبية بصمة هندسية فضلا عن تمكنه من اللغة الهولندية واللغة الروسية واللغة الإنجليزية كتابة وقراءة . حديثني إنه قرأ اجود روايات الأدب الروسي باللغة الروسية . أمس في المدينة البحرية الواقعة على بحر المانش أراني احد الأبراج العالية التي صممها بنفسه . رغم تخصصه في الهندسة إلا إنه خير من حدثني عن الأدب والفلسفي. استمعت اليه وهو يروي تجربة حياته في أوروبا . ربما كان افضل من لخص الفرق بين الانشغالات الفلسفية بين الشرق والغرب. قال لي : هنا لا يتفلسفون بل يعيشون الفلسفة ذاتها. تلك الفكرة لفتت انتباهي وجعلتني اطلب منه حسين توضيحا لها. كان مثقف يعرف عن ماذا يتحدث! إذ أضاف: هنا في الدول الأوربية المتقدمة لن تجد من يتحدث عن الحرية والقيم الأخلاقية كلاما نظريا مثل الصدق، والكذب والنفاق، والحسد، والغش، بر. الوالدين وحقوق المرأة والأطفال .الخ هم أصلا يعيشونها بوصفها مسلمات بديهية ومن طبائع الأمور فاذا تكلمت عن الفرق بين الصدق والكذب لن يفهم أحد لأنهم لا يعرف الكذب أصلا. وقس على ذلك بينما لازال المفكرون العرب منشغلون بقضايا ومفاهيم تجاوزتها الحياة والحضارة منذ زمن طويل. تبادلنا اطراف الحديث في كثير من الأموار والهموم الخاصة والعامة وسالته في الأثناء عن سر تميز مدينة الوهط الحانية بهذا النبوغ المبكر إذ هي واحة صغيرة تقع في منتصف الطريق بين عدن الساحلية وحوطة لحج العبدلية على ضفاف وادي تبن، في تلك الواحة الزاخرة بالعلم والتعليم والفن والثقافة التقليدية والد وترعرع فيها الفيلسوف أبوبكر السقاف مع اقرانه من الذين لمعت أسماءهم أمثال الروائية والمفكرة أبكار السقاف في مصر وأحمد محمد زين علوي السقاف.وزير المعارف والنشر في دولة الكويت ومؤسس مجلة العربي الثقافية، ومن الوهط نبغ الأديب الراحل عمر الجاوي رئيس اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين والدكتور محمد جعفر زين السقاف، أول رئيس لجامعة عدن. والدكتور احمد السقاف أول وزير دولة في المملكة الاردنية الهاشمية. ومن الوهط افضل الاطباء اليمن واشهرهم في الباطني الدكتور عبدالعزيز علي حسين السقاف وفي الجهاز الهضمي والكبد الدكتور عمر محمد علوي السقاف وأشهر دكتور في أمراض الصدر، الدكتور عبدالله بن عبدالله السقاف وأشهر دكاترة العيون في صنعاء سمير حسن جعفر السقاف الشيبه والدكتور حميد سالم بكير السقاف في عدن والدكتور فيصل محسن على زين بكير السقاف دكتور عيون مشهور في مستشفى عدن والقائمة طويلة وقد حدثني الباش مهندس حسين السقاف بان والده كان من مؤسسي جهاز الرقابة والمحاسبة في دولة جمهورية اليمن الديموقراطية الشعبية التي كانت زمان قبل الوحدة الاندماجية. حينما سألته عن سر تفوق الوهط التي تعني الأرض المنخفضة. كشف لي عن واقعة مهمة جدا تتصل بعلاقة الوهط بالاستعمار البريطاني في عدن لأول مرة اسمعها. إذ قال لي: إن مدينة الوهط برجالها الاشاوس قدفعت ثمن موقفها المعارض للوجود البريطاني في عدن إذ كانت المدينة الوحيدة التي قاتلت الإنجليز ببسالة من ثلاثينيات القرن الماضي حتى عام 1948 حيث قررت الادارة البريطانية نفي كل ابناء الوهط الذكور الذين بلغوا سن القتال؛ عشرات العائلات الوهطية تم تهجيرها إلى عدد من البلدان التابعة ومنها: مصر والكويت والأردن وأثيوبيا والسودان والهند وغيرها. طبعا هناك تفاصيل حساسة في هذه الواقعة التي يتم تجاهلها عمدا في تاريخ الجنوب اليمني؛ تفاصيل حساسة فضلنا عدم نشرها. لأغراض هذا المقال ربما كان هذا التهجير لأبناء الوهط الكرام قد منحهم فرصة الاحتكاك بحضارات وثقافات مختلفة وجعلهم أكثر نضجا وسعة أفق من غيرهم إذ نعلم إن مشكلة وعي الذات وفهم الآخرين ليست من البساطة بحيث تنكشف للناس بذاتها ولذاتها دون عنأ أو جهد يذكر، بل هي عملية شديدة التعقيد وعسيرة الفهم، إذ قد يعيش الناس عشرات أو مئات السنين في بعض الحالات دون أن يتمكنوا من إختراق الحجب والأقنعة التي تحول دون وعيهم لذاتهم وللآخرين، فالذات إذا ما تركت لذاتها دون خبرة التفاعل والإحتكاك المباشر بالآخرين تظل عمياء ساذجة وفطرية غير واعية لذاتها وغير مدركة لهويتها التي تميزها عن هوياتهم المختلفة إذ بأضدادها تتمايز الأشياء! والطريق الوحيد لتحقيق كشف المحجوب عن الذات والآخر لا يتم إلا بالإحتكاك والتفاعل المتبادل بين الفاعلين الاجتماعيين في أثناء الممارسة الحياتية وتغذيتها الراجعة في سياق تفاعلي مقارن، فرصد الآخرين وتأويلهم هو الوسيلة الممكنة في فهم الذات؛ فالآخر هو دائماً مرآة الذات ومبعث هويتها.
وهذا ما يفسر قدرة أبو بكر السقاف على تجاوز مرجعيته التقليدية الدينية الهاشمية لصالح الهوية الإنسانية العمومية التي لا ترى أي فروق بيولوجية أثينية بين الناس وكل الصفات والتسميات والهويات هي مصطنعة لأغراض تنافسية سياسية وأيديولوجية ضيقة.
كان يوماً حافلا فلسفيا وهندسيا حافلا بالثقافة المتنوعة يصعب عرضها في هذه العجالة واذا كان لا بد من خاتمة لهذا الإطلالة فيمكنني إن اختتمها بتلك الوصية الحاذقة التي أوصاني ايها صديقي العزيز دكتور حسين جعفر السقاف بشأن أهمية تعلم اللغة الاجنبية إذ قال: عليك أن تفهم هذه القاعدة المنهجية في التفريق بين اللغة العربية واللغة الهولندية إلا وهئ إن الجملة العربية أسمية بينما الجملة الهولندية فعلية تبدأ بالفاعل ويكون الفعل دائما هو الثاني إذ يستحيل قول جملة بالهولندية بدون فعل وفاعل بينما في اللغة العربية يمكنك قول أو كتابة جملة طويلة جدا من الأسماء والصفات وبدون فاعلين وأفعال وضرب لي مجموعة من الأمثلة لم اعد أتذكرها الآن.
امس ونحن نتكلم عن الدكتور أبوبكر السقاف على شاطئ بحر الشمال تأكدت من حقيقة العبارة التي كتبتها حينما رثيته وموداها: لا يموت المرء إلا حينما يكف الناس الاحياء عن تذكره وتأمل سيرته أما وثمة قلوب وأفئدة ما برحت تتذكره بمحبة واعتزاز فهذا لعمري هو المواساة عن الموت والغياب.



#قاسم_المحبشي (هاشتاغ)       Qasem_Abed#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فلسطين اغنية الأرض المنتزعة من أرضها
- جدلية التحديث والحداثة والاعتراف
- صورة الإنسان في العصر الرقمي
- الشباب هم الدفقة الحيوية للحياة المدنية
- في معنى عجز الحاضر وديمومة الماضي
- في المنظور التكاملي للمعرفة الإنسانية
- المفكرون لا يموتون وللأفكار أجنحة وحياة
- في أنثروبولوجيا اللهجات المحلية التي تحجب المعنى
- فيما يشبه مسح الصفحة وعام جديد أفضل
- فيلسوف اليمن الذي مات وهو يبحث عن وطن
- بمناسبة يوم التضامن الإنساني
- الدين والتدين والإنسان والبيئة
- على طريق مؤتمر الاستشارة الفلسفية والعلاج بالفلسفة
- بروميثيوس اليمن الذي لم يفقد الأمل
- نزع السحر عن العالم والمس الأخير
- في المجتمع والنظريات الاجتماعية
- في تحولات النقد والعقل وميلاد الحداثة
- الإعلام الرقمي، الخصائص ، التحديات ، الفرص
- المؤسسات العامة بوصفها شبكات حماية للمجتمع
- تأملات في نهاية عالم كنا نعرفه


المزيد.....




- 3 بيانات توضح ما بحثه بايدن مع السيسي وأمير قطر بشأن غزة
- عالم أزهري: حديث زاهي حواس بشأن عدم تواجد الأنبياء موسى وإبر ...
- مفاجآت في اعترافات مضيفة ارتكبت جريمة مروعة في مصر
- الجيش الإسرائيلي: إما قرار حول صفقة مع حماس أو عملية عسكرية ...
- زاهي حواس ردا على تصريحات عالم أزهري: لا دليل على تواجد الأن ...
- بايدن يتصل بالشيخ تميم ويؤكد: واشنطن والدوحة والقاهرة تضمن ا ...
- تقارير إعلامية: بايدن يخاطر بخسارة دعم كبير بين الناخبين الش ...
- جامعة كولومبيا الأمريكية تشرع في فصل الطلاب المشاركين في الا ...
- القيادة المركزية الأمريكية تنشر الصور الأولى للرصيف البحري ق ...
- قوات كييف تقصف جمهورية دونيتسك بـ 64 مقذوفا خلال 24 ساعة


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - قاسم المحبشي - حينما تجتمع الفلسفة والهندسة