أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - منى نوال حلمى - بائعة الفجل وبائعة الشِعر















المزيد.....

بائعة الفجل وبائعة الشِعر


منى نوال حلمى

الحوار المتمدن-العدد: 7871 - 2024 / 1 / 29 - 22:17
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


بائعة الفِجل وبائعة الشِعر
---------------------------


لا أريد أن أكتب هذا المقال ، ولا غيره من المقالات . فى الحقيقة ، أنا لا أريد أن أفعل
أى شئ . لماذا أستمر فى هذا العبث .. لماذا أمد خيوط اللاجدوى ، لكى تلتف حول عنقى ، وتخنقنى ؟.
منذ سقطت فى مأزق الوجود ، أو حُفرة الحياة ، وأنا لا أتذكر أننى فعلت شيئا ، الا الكتابة .
حقيبتى ليست مثل حقائب النساء ، تحوى مرآة ، وقلم الروج . بل أوراقى وقلم الأبجدية .
أن تُنشر لى قصة أو مقال أو قصيدة ، وبجانبها اسمى وصورتى ، كان حدثا مفرحا ،
فى زمن لا أفراح له ، مدهشا كبدايات العشق ، وهطول المطر فى الصيف .
ولادة قصيدة ، ولادة جديدة للكون ، أو ميلاد ثورة جامحة ضد الثبات والجمود . لا أرى الحياة ، الا حروفا وكلمات ، تتجمع لترسم وردة ، أو صرخة ، أو ملامح وطن . يمكن أن تمر ساعات وأنا حائرة بين كلمتين ، أيهما أختار لأبدأ . يمكن أن أموت آلاف المرات ، ولم أستقر كيف ابدأ الكتابة . يوم لا أكتب ، هو يوم لا أحسبه من عمرى ، ينتمى لامرأة أخرى ، ليست أنا .
ألقى بنفسى فى خطر المغامرات ، أسافر عبر الطرق الوعرة ، لأفوز بالهام قصة ، أو وحى قصيدة . لا يهمنى أن أخسر علاقة حب ، المهم أننى ربحت الشِعر . لا أبالى أن أنوثتى قد هُزمت ، أفكر فقط فى انتصار القصيدة .
أن أكتب ، معناه أننى أستسلم لجنون العقل ، ونزف القلب . لا أفكر منْ سيقرأنى ، أو هل ستنال كتاباتى الاعجاب ، والاطراء . الكتابة تقبلنى كما أنا .. تحبنى حبا غير مشروط . لا تقيدنى بقواعد الشِعر ، ونظريات النقد ، وأصول فن الكتابة ، وضعها كهنة الكلمات .
يعتل جسدى ، أكتب . وهذا يعنى أن الكتابة هى جسدى الحقيقى . أشعر أننى منبوذة ، مطرودة ، تفتح لى الكتابة أحضانها ، فكيف لا تكون وطنى ، وبيتى ؟؟. ولأن الكتابة ، جسدى ووطنى وبيتى ، فأنا لا ألوثها ، ولا أخونها ، ولا أثير فيها الفوضى .
وكما تذهب المرأة لتلتقى بالحبيب ، أذهب الى ورقة الكتابة ، فى كامل أناقتى ، مرتدية أجمل أثوابى .. يخفق قلبى وتتسارع دقاته ، يروق بالى ، يصفو مزاجى ، أرتشف القهوة والكلمات .
أعجبنى رجال كثيرون . لكننى لم أحب ، ولم أعانق عناقا حميميا ، الا رجلا واحدا ، هو
" القلم ".
كل كتاب نسجته أناملى ، وتركنى ليُباع فى الأسواق ، أشعر أننى أبيع جزءا حميما من وجودى ، وأننى أعرض أهم وأجمل ما أكونه على الأرصفة .
تمر السنوات .
وبعد عدة مؤلفات متنوعة ، أحس كم كنت ساذجة . صدقت تلك الأكذوبة التى تمجد فعل الكتابة ، وصدقت أن الشِعر نوع من السحر ، وأن تعرية القبح وعدم العدالة بالقلم ، واجب وطنى ، وأن الكاتبة والشاعرة التى لا تصدم شيئا ، لا تساوى شيئا . كم كنت ساذجة ، لأصدق أن مكانتى ترتفع كلما بقيت ضد التيار سابحة . ورغم أننى أكره تعبير " قطة مغمضة " ،
الا أننى كنت كذلك ، لأصدق أن " الموهبة " وحدها تكفى ، وأنها حتما ستؤتى ثمارها فى أحد أيام العمر .
أعطيت سنوات العُمر للكتابة ، دون قيد أو شرط ، ومن أجلها تركت الشهادات الجامعية ، لتبقى حبرا على ورق ، محبوسة فى الأدراج ، أو مشنوقة على الحائط .
أتأمل مؤلفاتى المرصوصة على الأرفف . وتبدو لى مثل جناة يصطفون فى طابور ، ينتظرون دورهم فى الاعدام . لا أريد التحديق فيها ، فهى دليل دامغ على جريمة
" العبط " ، ضد نفسى ، مع سبق الاصرار والترصد .
ما أقسى أن أشعر ، أننى كنت أحرث فى البحر ، وأننى نثرت بذورى الطازجة ، فى تربة جافة ، طاردة ، مشققة ، لا تصلح الا للحشائش والحشرات .
أعطيت الكتابة ، وجحدتنى . اشتهيتها وزهدتنى .
لو كنت " بائعة فجل " ، أو " بائعة خردة " ، لجاءت الرياح بما تشتهى سفينتى ، ولأصبحت من الأثرياء ، ونساء الأعمال المرموقات .
بين الحين والآخر ، تنتابنى هذه الأفكار .... تتملكنى ، تطاردنى . تعاقبنى بقلة النوم ، وزيادة مضادات الاكتئاب .
لا أدرى كم من الوقت يمضى ، لأجدنى مرة أخرى أشد الرحال الى ورقة الكتابة ، فى كامل أناقتى ، مرتدية أجمل أثوابى ، يخفق قلبى ، تتسارع دقاته ، يروق بالى ، يصفو مزاجى ، أرتشف القهوة والكلمات .
لا أدرى كم من الوقت مضى ، ليتجدد يقينى أن الكتابة ، نعمتى ولعنتى . جحيمى وجنتى . كما تحبنى حبا غير مشروط ، لابد أن أحبها بالمثل ، ولا أنتظر منها شيئا .
أكتب الكتابة ، وأرميها فى البحر .. هذه هى حكمة " القلم " ، وهذا هو الأمر .
الكتابة ، - شئت أو أبيت - قدرى .. ومنْ أنا لأقاوم القدر ؟. منْ أنا ، لأغير مجرى الأنهار ، أصمد كالجبال ، أعدل سنة الحياة ، وتعاقب الليل والنهار ؟.
**********
بالأمس شاهدت فيلما وثائقيا ، عن مقتل المخرج الايرانى " بابيك خمردين " ،
23 سبتمبر 1974 - 15 مايو 2021 ، فى بيت العائلة بحى " اكباتان"،
على يد أبيه " أكبر خرمدين " ، وأمه " ايران خمردين ". صباح يوم 16 مايو 2021 ، اكتشفت أشلاء جثته المشوهة فى احدى حاويات النفايات . ومن خلال بصمات الأصابع ، تعرفت الشرطة على هوية الضحية . وقد اتهم الوالدان بقتل ابنهما ، والتمثيل بجثته ، وتم القبض عليهما ، بعد التقاطهما بكاميرات المراقبة . اعترف الأب أكبر خرمدين ، أن زوجته وضعت المخدر فى طعام الابن ، ثم قام الأب بطعنه بالسكين ، والتمثيل بجثته والقائها فى النفايات .
قال الأب مفتخرا : " لا أشعر بتأنيب الضمير ... ولا تأتينى الكوابيس فى الليل .. ابنى غير متزوج ويعيش حياة فاسدة أخلاقيا ، لا تتوافق مع الشريعة الاسلامية ".
تأملت الأب . ملامحه مزيج من القسوة والصرامة واللامبالاة . والأم كذلك . ومن خلال التحقيقات تبين أن الأب ، - عقيد متقاعد فى الجيش الايلاانى - قاتل متسلسل ، حيث قام بالجريمة نفسها وقتل ابنته " أرزو" 2018 ، وقبلها قتل زوجها ابن أخته " فرامرز " 2010 ، وكان يخطط لقتل شباب آخرين من العائلة وخارجها ، لنشرهم نمط حياة ، مخالف للشريعة الاسلامية ، ولما تربى عليه من عادات وتقاليد .
أهكذا بكل بساطة ، يقتل الأهل فلذات أكبادهم ؟؟. ماذا نسمى هذه الجرائم ؟. وكيف وصل
البعض الى هذا التفكير المعوج ؟.
الى متى يبقى سفك الدماء ، باسم الأديان والشرائع ؟؟. الى متى ستظل الحياة
مهددة بالقتل والذبح ، من قبل المختلين عقليا ، ونفسيا ؟. هل ستنتظر البشرية طويلا ،
حتى يأتى يوم تنتصر فيه ثقافة الحياة ، على ثقافة الموت ؟؟.



#منى_نوال_حلمى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نعش اللعنات .. استعباد قصيدتان
- الشيطان .. حبيبتك السابقة قصيدتان
- هيئة الكتاب أماتت ديوانى الشِعرى قبل ولادته
- أحبها .. الفرح قصيدتان
- الطبيب الرومانسى .. قُبلة الحياة قصيدتان
- أحبنى قليلا .. قصيدتان
- اضطراب خماسى القطب ... قصيدتان
- ألا أشتهيك لحظة .. قصيدتان
- رأس المرأة ,, رأس المال .. رأس السنة
- لست غاضبة منك .. أربع قصائد
- كان عنده غسيل .. ثلاث قصائد
- ماذا أعطيك ؟ .. لم يبق لى شئ .. قصيدتان
- حضارة - الثقب -
- تمجيد وتخليد رابطة الدم
- العواصف تسقط الأوراق الميتة عن الشجر
- - حماس - الجهاد المقدس لاتأسيس خلافة اسلامية عالمية
- لنتجنب الخطر الأكبر
- - مايسترو - جسدى .. قصيدتان
- ماذا بعد ؟؟ .. قصيدة
- القلب الخرب ... قصيدة


المزيد.....




- استمعوا الى تسجيل سري بين ترامب ومايكل كوهين عرض في المحكمة ...
- ضجة تصريح اتحاد القبائل -فصيل بالقوات المسلحة-.. مصطفى بكري ...
- من اليوم.. دخول المقيمين في السعودية إلى -العاصمة المقدسة- ب ...
- مصر.. مصير هاتك عرض الرضيعة السودانية قبل أن يقتلها وما عقوب ...
- قصف إسرائيلي على دير البلح يودي بحياة 5 أشخاص
- مقتل 48 شخصاً على الأقل في انهيار أرضي بطريق سريع في الصين
- ذكرى التوسع شرقا ـ وزن الاتحاد الأوروبي في جيوسياسية العالم ...
- كييف تكشف تعداد القوات الأوكرانية المتبقية على الجبهة
- تقرير إسرائيلي: قطر تتوقع طلبا أمريكيا بطرد قادة -حماس- وهي ...
- مصدر عسكري: القوات الروسية قصفت مستودعا للطائرات الأوكرانية ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - منى نوال حلمى - بائعة الفجل وبائعة الشِعر