-الجسد السارد -

حسام الدين مسعد
كاتب وقاص ومخرج وممثل مسرحي ويري نفسه أحد صوفية المسرح
(Hossam Mossaad)

الحوار المتمدن-العدد: 7870 - 2024 / 1 / 28 - 16:12
المحور: الادب والفن
    

"الجسد السارد "، هو العنوان الرئيس للكتاب الذي أصدره المفكر المسرحي العربي أ.د "مدحت الكاشف" ضمن اصدارات الهيئة العربية للمسرح عام ٢٠٢٢،والعنوان الفرعي للكتاب هو،(فن التمثيل الصامت )
-جاء الكتاب الذي يعد دراسة بحثية تنطلق من إشكالية تحليل إداء الجسد للممثل الصامت، في ٢٤٨ صفحة ،استهلها "الكاشف" بمقدمة تاريخية تؤصل لنشأة فن التمثيل الصامت في القرن السادس عشر،بإرهاصات ظهوره مع سطوع شمس الفرق التي عرفت بالكوميديا ديللارتي،ومهرجي البلاط،
مستشهداً بوصف الكاتب الفرنسي الساخر" موليير"لأحدي النبيلات (...إنهم اولئك اللذين يعبرون عن طريق خطواتهم،وايمائتهم،وحركاتهم،وعن كل شئ أمام الأعين،وهم يسمون ذلك عروض بانتوميم… )،الي أن يأتي القرن التاسع عشر،وينبغ رائد فن البانتومايم الحديث وواضع أسس وقواعد هذا الفن، الفرنسي "جان كاسبارد ديبرو"،والذي طوره بعده عدد من الفنانين امثال "شارلي شابلن"،وغيره .
-لكن السؤال الرئيس الذي يطرحه "الكاشف " وهو يغوص في فصول الكتاب الستة هو،كيف نحلل أداء الجسد للممثل الصامت؟ لذا سنجد أن عناوين فصول الكتاب اتسقت والإشكالية التي ينطلق منها،فيعمد في الفصل الأول الموسوم ب(الممثل،وجسده)بتبيان الأسس التي تسمح لجسد الممثل أن يكون هو المعبر عن المعاني،والدلالات في العمل الفني،إذ أن الأساس المعرفي،والفيزيقي،والعاطفي،والحضور الجسدي للممثل الممتلك للوعي بطاقة هذا الجسد،وبتباين الإستخدامات المختلفة له علي خشبة المسرح،هي المؤشرات التي ينبغي أن يبني عليها الممثل الصامت تدريبه،وبالتالي توظيف ادائه المعبر عن المعاني والدلالات في العمل الفني.
ويأتي الفصل الثاني الموسوم (الإتجاهات التقنية المعاصرة لفن التمثيل الصامت )،والذي أري أن "الكاشف" أراد أن يلفت نظر النقاد والباحثين الي تفكيك الحركة في أداء الممثل الصامت،او بالأحري دراسة الأفعال الجسدية النابعة من التفكير التأملي للفنان،بغية معرفة ادوات تحليل إداء "الجسد السارد"،والذي أري أنه إصطلاح جديد،نحته "الكاشف "ليعبر عن وصف مجموعة الرموز والمعاني التي تعيد إنتاج ذاتها عبر تدفق سرد جسد الممثل للموضوع مستخدماً مفردات لغته الجسدية في الحكي والسرد،لذا جاء الفصل الثالث والذي تم وسمه (التدريبات الأساسية لإعداد الممثل الصامت) ليكشف للقارئ أن أعداد ممثل المايم يتطلب جهداً شاقاً،في تهيئة جهازه الجسدي،وإنماء خياله،وقوة ملاحظته،وسرعة بديهته،وتحكمه في تنظيم مشاعره،وتعبيراته بمنتهي الدقة،وذلك من خلال تدريبات أعدها "الكاشف" وصاغها مرفقة بالصور والأشكال الموضحة ضمن محتويات هذا الفصل .
-لكن الفصل الرابع الذي حمل عنوان(تدريبات القناع )،والذي يهدف من خلاله التأكيد علي خلع تعبيرية الوجه الفردي عن الممثل لإنتاج نسق علاقات شديدة الإختلاف من خلال الشفرة الإيمائية للجسد،فالقناع يرسل بمفرده دلالات ما،تتبعها دلالات الجسد بأجزائه المختلفة،في إشارة إلي علاقة الشخصية المؤداة بالعالم،وفي استخدام انثروبولوجي القناع .
-ثم يأتي الفصل الخامس الموسوم (ادوات تحليل،واداء الجسد السارد ) والذي أري أنه حل محل الفصل السادس الذي وسم (تدريبات،وتطبيقات،ونماذج لعروض قدمها المؤلف ) لاسيما أن الفصل الخامس هو النتائج التي توصل لها مؤلف الكتاب في الكشف عن حل المعضلة العلمية بإستخراج ادوات تعين النقاد،والباحثين في تحليل،وتفكيك أداء الممثل الصامت مستندين الي الإصطلاح الجديد الذي نحته "الكاشف" بالجسد السارد،ولذا اعتقد أن العينات البحثية أو النماذج التطبيقية التي ساقها المؤلف الباحث تدخل ضمن الإطار النظري التطبيقي،وتأتي النتائج بعدها كتدليل واستخلاص لحل الإشكالية .
-اخيراً استطاع الباحث والمفكر المسرحي الكبير الأستاذ الدكتور "مدحت الكاشف" أن يرفد للمكتبة المسرحية العربية كتاب هام،ودراسة بحثية اتسقت فيها المقدمات مع النتائج وكشفت للنقاد،والباحثين عن ادوات تحليل الجسد السارد للممثل الصامت،ومن خلال اسلوبية مزجت بين المقال الموضوعي،والوصف التحليلي،مستعيناً بمصادر بحثية متنوعة مصحوبة برأي مستنير للمؤلف يرسي مفهوم جديد للجسد هو مفهوم الجسد السارد .

#حسام_الدين_مسعد (هاشتاغ)       Hossam_Mossaad#          

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل