أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - همام طه - نحو استراتيجية وطنية للتدريب المهني في العراق .. لا تُعطني سمكة ولكن علّمني كيف أصطاد















المزيد.....

نحو استراتيجية وطنية للتدريب المهني في العراق .. لا تُعطني سمكة ولكن علّمني كيف أصطاد


همام طه

الحوار المتمدن-العدد: 7852 - 2024 / 1 / 10 - 15:33
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يشكو العراق من مشكلة تعاني منها دول عربية عديدة وهي ضعف حوافز الانضمام إلى التعليم المهني والذي يشمل في العراق الإعداديات الصناعية والزراعية والتجارية، فمن الناحية الاجتماعية لا تزال هناك نظرة دونية من قبل المجتمع إلى تلك التخصصات وشهاداتها على رغم العائد المادي المرتفع الذي يمكن أن يرافق العمل المهني. وفي كثير من تلك التخصصات لا تزال ظروف العمل السائدة في كثير من القطاعات المهنية تفتقر إلى شروط العمل اللائق، ويعتبَر كثير من تلك القطاعات غير منظم ولا يوجد أي شكل من أشكال الحماية الاجتماعية للعاملين (1).
ونتيجة لضعف المكانة الاجتماعية لخريجي الإعداديات الصناعية في العراق أو ما يسمى في مصر "دبلوم الصنايع" يلجأ الشباب إلى الالتحاق بالجامعات للحصول على شهادة البكالويوس في ما يعرف بتخصصات العلوم الاجتماعية (تاريخ، علوم سياسية، لغات، أديان، وغيرها) ونظراً إلى الطبيعة «الراعية» للدول العربية، لم ينل خريجو التخصصات الاجتماعية فرص عمل في القطاع الخاص، أو فرص عمل مقبولة يولدها الاقتصاد، فانضموا إلى القطاع العام بمزاياه ورواتبه المرتفعة (نسبياً في بعض الدول)، ما أمّن في حد ذاته حوافز إضافية للطلاب كي يواصلوا التوجه إلى التخصصات التي لا تحتاج إليها السوق ولا يستطيع الاقتصاد استيعابها، فزاد الإقبال على تلك التخصصات غير المطلوبة. وهكذا دخلت الدول العربية في فخ سيكون من الصعب الفكاك منه: طلاب يختارون تخصصات غير مطلوبة، وقطاع عام يجب عليه استيعاب العدد الأكبر منهم (2).
وتقول الحكمة الشهيرة المنسوبة للتراث الصيني: "لا تُعطني سمكة ولكن علّمني كيف أصطاد" بمعنى أن المساعدة الخيرية قد تسدّ الجوع لفترة قصيرة لكن تعليم إنسان لمهارة أو مهنة ما مُدرّة للدخل سيساعده على أن يعيش حياةً كريمة باستقلالية هو وأسرته دون الحاجة لمساعدة أحد.
وفي سياق المشهد العربي، فإن ما تقوم به الدولة العراقية حالياً هو توزيع السمك على فئات من الناس من خلال الرواتب لموظفي الدولة من حملة البكالوريوس والدبلوم وتوزيع الإعانات الاجتماعية للأفراد غير الحاصلين على شهادات أو غير الماهرين في عمل معين؛ ولكن إلى متى ستتمكن الدولة من توزيع السمك وهل لديها ما يكفي من السمك لتوزيعه بعدالة على الأجيال الحالية واللاحقة؟! ألم يحن الوقت للدولة لتنتقل إلى تعليم أفراد المجتمع كيفية الصيد والاعتماد على الذات عبر ممارسة العمل الحقيقي الذي يوفر الإنسان من خلاله معيشة كريمة دون الاعتماد على الدولة؟! ولا يتم ذلك إلا من خلال الاهتمام بالتعليم المهني لتزويد الشباب بالمهارات والقدرات العملية اللازمة لولوج سوق العمل في التخصصات الصناعية والتقنية والزراعية والتجارية والخدمية والحصول على فرصة عمل حقيقية بدل البحث عن فرصة توظيف في القطاع العام؟!
وعليه يتحتم على الحكومة العراقية أن تنهج سياسة وطنية من شأنها النهوض بواقع التعليم المهني وإطلاق "الاستراتيجية الوطنية للتدريب المهني"، ونستخدم هنا مفردة "تدريب" بدل "تعليم" لأن التدريب يشمل الجوانب النظرية والعملية معاً فيما قد يذهب الذهن مع كلمة "تعليم" إلى الجوانب النظرية فقط أو تقديم المعلومات من دون ممارسة عملية حقيقية. ويمكن أن تتضمن هذه الاستراتيجية (3):
1- تشجيع الطلبة ذوي التحصيل المرتفع في الدراسة المتوسطة على الالتحاق بالتعليم المهني. وهذا يتم بتطوير الإعداديات المهنية من جهة، وتحويل عدد من المدارس ذات المستوى الدراسي المرتفع إلى مدارس مهنية من خلال توسيع الجانب المهني والتدريبي في التعليم عموماً من جهة ثانية. وأيضاً يمكن إنشاء ثانويات مهنية من خلال التركيز على الجانب المهني والعملي والتدريبي بدءاً من الدراسة المتوسطة وليس الإعدادية فقط.
2- تغيير النظرة الدونية لدى المجتمع إلى التعليم المهني من خلال الاهتمام بهذا القطاع التعليمي وفتح مسارات تدريب مهني في الفرعين العلمي والأدبي للدراسة الإعدادية فتكون كلمة "مهني" مرتبطة بكل ما عملي وتدريبي وعصري وحديث وليس بانخفاض التحصيل العلمي كما هو حاصل حالياً.
3- تطوير التعليم الزراعي والتعاون مع كليات الزراعة ووزارة الزراعة في هذا المجال وإقامة مزارع تدريبية تدار من كليات الزراعة وتستوعب تدريب طلبة كليات الزراعة وطلبة المدارس المهنية الزراعية.
4- المواءمة بين التخصصات الصناعية المهنية وسوق العمل من خلال إعادة النظر في المناهج وأساليب التعليم المهني والتدريب العملي. والاستعانة بوزارة التخطيط والجهاز المركزي للإحصاء في تحديد اتجاهات سوق العمل.
5- توقيع اتفاقية تعاون استراتيجي وتكامل مؤسسي بين وزارة التربية من جهة ووزارات الصناعة والنفط والاتصالات من جهة ثانية توفر بموجبها هذه الوزارات فرصاً تدريبية لطلبة التعليم المهني ليتم تدريبهم عملياً على أرض الواقع في المؤسسات الإنتاجية والخدمية.
6- دخول وزارتي الدفاع والشباب والرياضة كشريك ساند في عمل الاستراتيجية الوطنية للتدريب المهني. وتفعيل الدور التنموي والتعبوي للقوات المسلحة في هذا المجال عبر تقديم الجيش للتدريب المهني للشباب.
7- تشجيع المؤسسات الإنتاجية في القطاعين العام والخاص على توفير فرص تدريبية لطلبة التعليم المهني. وتحفيز المجتمع الأهلي على تأسيس معاهد تدريب مهني.
8- توفير الأبنية المدرسية التي يمكن استخدامها للتدريب المهني والعمل الإنتاجي في الوقت نفسه. وفتح أقسام تدريب مهني في المدارس وإدراج حصص التدريب المهني ضمن المنهاج الدراسي.
9- التعاون مع وزارة التعليم العالي لربط التدريب المهني بالتطورات التكنولوجية الحاصلة في العالم. ومنح الجامعة التكنولوجية مثلاً بأقسامها الهندسية الصناعية دوراً أساسياً في هذا المجال.
10- إعطاء الأولوية والأهمية القصوى للتطبيق العملي في كل التخصصات الإنسانية والعلمية في المدارس والجامعات بمعنى أن يكون التدريب المهني ركيزة أساسية من ركائز التنمية الوطنية. وتكريس ثقافة مهنية تعلي من شأن الممارسة التطبيقية والخبرة العملية والمهارات التقنية كروافد للتعليم الحديث.
11- أن تضطلع مجالس المحافظات بدور محوري في تنظيم ورعاية أنشطة الاستراتيجية الوطنية للتدريب المهني في المحافظات واعتبار التدريب المهني من محاور التنمية المحلية المستدامة.
12- توفير الإمكانات لقياس الجانب المهاري لخريجي التخصصات كافة لا سيما تخصصات التعليم المهني وخريجي الكليات الهندسية والمعاهد التقنية.
13- زيادة فرص القبول في الكليات والمعاهد لخريجي التعليم المهني الثانوي.
14- اعتماد نموذج التعليم المهني المزدوج الذي يجمعي بين الجانبين النظري والعملي من خلال تقسيم الدوام إلى يومين نظري في الإعدادية وثلاثة أيام عملي في المؤسسات الإنتاجية والصناعية تحت إشراف الكوادر التدريسية.
15- تشكيل لجنة تطوير التعليم المهني والتي تضم ممثلين عن وزارات التربية والصناعة والتعليم العالي والنفط والدفاع والشباب والرياضة. ومنحها صلاحيات حشد طاقات الدولة ومواردها وإمكاناتها لدعم حملة وطنية واسعة النطاق للتدريب المهني للشباب في المجتمع العراقي.
16- تغيير اسم التعليم المهني إلى "التعليم المهني المزدوج" ويعرّف بأنه جميع مستويات العملية التعليمية والتدريبية للطلبة بعد الدراسة المتوسطة ويتضمن الدراسة والتأهيل العملي أي اكتساب المعرفة النظرية والقدرات والمهارات والخبرة العملية والتدريب في اختصاصات ومهن حديثة في سوق العمل بالشراكة مع الوحدات الاقتصادية والخدمية وفق خطط التنمية المستدامة.
17- توفير شروط العمل اللائق في القطاعات المهنية لتشجيع الشباب على الانضمام للتخصصات المهنية.
18- اعتبار التدريب المهني للشباب من أهم الفقرات ضمن قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص.
19- توفير الحماية الاجتماعية للعاملين في القطاع الصناعي والورش الخاصة.
20- دخول الدولة إلى الأحياء الصناعية التقليدية في بغداد والمحافظات وتنظيمها وتطبيق قانون العمل والشروط البيئية والصحية فيها.

المصادر:
1- راجع: لماذا لا يُقبِل الطلاب العرب على التعليم المهني؟ إبراهيم سيف/ مركز كارنيغي
2- راجع: المصدر رقم (1) نفسه
3- راجع: آلية مقترحة لتطوير واقع التعليم المهني واثر ذلك في تخفيض مستوى البطالة وتطوير الاقتصاد العراقي بالاستفادة من تجارب بعض الدول الاقتصادية الكبرى/ جعفر جواد جاسم



#همام_طه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحكومة الاتحادية ومجالس المحافظات .. فكّر وطنياً ونفّذ محلي ...
- مشاريع الإسكان والانتقال من الدولة الريعية إلى الدولة التنمو ...
- معالجة التسرّب المدرسي في العراق .. مدخل للتنمية والإصلاح ال ...
- تطوير الفلسفة العقابية في العراق .. من سلب الحرية إلى العقوب ...
- مواجهة أكتوبر وإعادة هيكلة الوعي والمواقف .. القضية الفلسطين ...
- الثورة المعرفية ركيزة النهضة الشاملة .. نحو استراتيجية وطنية ...
- الاستثمار في رأس المال البشري .. تطوير موظفي القطاع العام ال ...
- هل يمكن أن يتحوّل العراق إلى دولة لاعنفية؟
- المشروع الوطني لتعليم اللغة الإنجليزية في العراق .. رافعة اس ...
- التكامل المؤسسي .. مفتاح نجاح الحكومة
- أزمة التنوّع الثقافي في المجتمعات العربية: حروب الهويات تطيح ...
- محو الأمية في العراق .. الخطوة الأولى على طريق التنمية
- هوية السينما العربية في عصر العولمة الثقافية .. وقائع ندوة ح ...
- الدراسات الكردية .. قراءة الذات في عيون الآخر
- توطين الإسلام في الغرب .. من التقابل إلى التداخل
- رئيسة وزراء نيوزيلندا .. قيادة تغييرية تدافع عن التنوع الثقا ...
- كيف نواجه الكراهية .. سؤال جوابه في المواطنة الكونية وعولمة ...
- الدراسات الدينية وسؤال التجديد .. هل من سبيل إلى فقه جديد يو ...
- ما الذي يحتاجه العراق من رئيس مجلس النواب المنتخب؟ العمل الد ...


المزيد.....




- هدده بأنه سيفعل بأخته ما فعل به لإسكاته.. رجل يتهم قسيسًا با ...
- مصر تفتتح أكبر مراكز بيانات -مؤمنة- في تاريخها تحتوي على كل ...
- يوتيوبر أمريكي ينجو من الموت بأعجوبة (فيديو)
- السعودية.. جدار غباري يجتاح وادي الدواسر وزوبعة ضخمة تظهر ش ...
- بوريل: لسنا مستعدين للموت من أجل دونباس
- السيسي للمصريين: علموا أولادكم البرمجة بدلا من كليات الآداب ...
- محمد صلاح.. يلمح إلى -خطورة- الأسباب وراء المشاجرة الحادة بي ...
- الزي الوطني السعودي.. الحكومة توجه موظفي الحكومة بارتدائه اع ...
- الشرطة الليبية.. ردود فعل واسعة بعد تدافع رجال أمن خلف شاحنة ...
- حمزة يوسف أول رئيس وزراء مسلم لاسكتلندا يستقيل قبل تصويت مقر ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - همام طه - نحو استراتيجية وطنية للتدريب المهني في العراق .. لا تُعطني سمكة ولكن علّمني كيف أصطاد