أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - همام طه - الحكومة الاتحادية ومجالس المحافظات .. فكّر وطنياً ونفّذ محلياً















المزيد.....

الحكومة الاتحادية ومجالس المحافظات .. فكّر وطنياً ونفّذ محلياً


همام طه

الحوار المتمدن-العدد: 7851 - 2024 / 1 / 9 - 13:50
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يمكن توصيف مسؤوليات مجالس المحافظات بأنها تركّز على التنمية المحلية في الوقت الذي يركّز فيه مجلس الوزراء على التنمية الوطنية. والواقع أن التنمية المحلية هي جوهر التنمية الوطنية فلا تكون التنمية تنمية أصلاً إلا إذا كانت محلية حقاً ومدركة ومستوعبة للحاجات والأهداف والفرص والتحديات التي تواجه المجتمعات المحلية والوحدات الإدارية على مستوى المحافظة والقضاء والناحية والقرية، فعناصر الشمول والعمومية والمساواة والعدالة لا يمكن أن تتحقق في العملية التنموية إلا باشتباكها مع القضايا المحلية التي تمسّ أفراد المجتمع في حياتهم اليومية وحاجاتهم الحيوية وهي حاجات جوهرية عندما يتعلق الأمر بتحقيق العدالة والاندماج الاجتماعي.
وعليه، فهناك ضرورة حتمية اليوم لتوزيع السلطات والمهام بين الحكومة المركزية والسلطات المحلية، وبما يضمن قيام هذه السلطات المحلية بدور أكثر فعالية في التنمية الوطنية نتيجة لقربها من المواطنين وبالتالي فهي أكثر قدرة على تحديد المشاكل والتحديات والطموحات، وكذلك الإمكانات التنموية المحلية وبما يؤهلها لرسم الحلول الناجعة لتلك المشاكل (1)؛ ولكن من دون تغييب دور الحكومة المركزية التي يفترض أنها الجهة التي تنسّق جهود التنمية الوطنية وترسم وتدير "رؤية التنمية" باعتبارها المظلة التي يتحرك تحتها الجميع. بمعنى أننا بحاجة إلى الوصول إلى حالة مُثلى من التناغم والتنسيق والشراكة بين الحكومة الاتحادية ومجالس المحافظات.
إن العمل على خلق التكامل بين الرؤية التنموية الوطنية والسياسات التنموية المحلية وفق قاعدة "التفكير وطنياً والتنفيذ محلياً" هو الأساس الذي ينبغي أن يحكم العلاقة المستقبلية بين الحكومة الاتحادية والحكومات المحلية. والسؤال اليوم هو حول كيفية تعزيز الحقوق المدنية وإشباع الحاجات الأساسية وتكريس العدالة الاجتماعية على المستوى الوطني من خلال تلك المؤسسات التي تعمل على المستوى المحلي (2). وكيف يمكن التفكير باستراتيجيات وطنية تأخذ بعين الاعتبار والاهتمام الحاجات والفرص التي تتحلى بها المجتمعات المحلية. فالمرحلة المقبلة تحتاج جهوداً مكثفة لتنسيق وتشبيك العمل بين الوزارات الاتحادية ومجالس المحافظات باتجاه نمط من اللامركزية المرنة والرشيدة والمتوازنة التي تجمع بين رؤيتين وطنية ومحلية في عملية التنمية وتراعي ظروف الحالة العراقية ومدى التعقيد البيروقراطي والاقتصادي والسياسي والاجتماعي الذي يواجه التحوّل المباشر والشامل إلى اللامركزية، وبما يتيح توظيف الموارد والإمكانات لتحقيق مصالح المجتمع. فالمحافظات ليست جزراً معزولة عن بعضها بل هي جزء من منظومة إدارية تسمى "جمهورية العراق"، وسكان المحافظات ليسوا شعوباً متفرقة ولكنهم سكان مجتمع واحد ومواطنون ومواطنات في دولة واحدة وهم قبل كل شيء بشر يتشاركون في الحاجات والحقوق والآمال والطموحات. وفي الوقت نفسه، فإن خطة التنمية الوطنية لن تؤتي ثمارها من دون الأخذ بنظر الاعتبار الحاجات والأهداف والفرص والتحديات المحلية للمحافظات والأقضية والنواحي والقرى.
إن كلمة السر في المرحلة المقبلة هي "التنمية المحلية" التي من خصائصها أنها عملية شاملة؛ إذ إنها تشمل كافة قطاعات وفئات المجتمع، ولا تلغي وجود أي عنصر من عناصره. وتسعى إلى تحسين الأوضاع المعيشية والتعليمية والخدمية والاجتماعية في المجتمع. كما تهدف التنمية المحلية إلى الاستفادة من الموارد كافة واستثمارها على الوجه الأمثل (3). وتضمن التنمية المحلية الوصول إلى فئات المجتمع وشرائحه كافة لاسيما في القرى النائية والمناطق الهشّة والمهمشة وبؤر الفقر والحرمان. فالتنمية المحلية هي أداة التنمية الوطنية في تحقيق أهدافها الاستراتيجية الكبرى على المستوى الوطني.
إن التنمية المحلية هي مجموعة العمليات والإجراءات التي يتم من خلالها إحداث تغيرات ضمن جميع المجالات المتاحة في المحليات (محافظة أو إقليم أو منطقة) من أجل خلق التوازن والتوزيع العادل للعوائد، وذلك من خلال الاعتماد على الأساليب العلمية والمناهج المدروسة بهدف تحقيق الوعي المحلي والاستغلال الأمثل للموارد المتاحة. ولا يتحقق ذلك إلا بخلق وتعزيز روح التعاون والمشاركة الفعلية بين الحكومات المحلية والمجتمع بشرائحه المختلفة (4).
ومهما تعددت التعاريف والمفاهيم التي تعالج وتناقش مفهوم التنمية المحلية، فإننا نجد أن التنمية المحلية، بصفة عامة، هي عبارة عن عملية وأسلوب واستراتيجية تهدف إلى دمج الجهود الشعبية والحكومية ضمن محافظة أو إقليم أو منطقة معينة عن طريق استغلال الموارد المحلية المتاحة في البيئة الداخلية، وأيضاً الفرص الموجودة ضمن البيئة الخارجية بهدف الارتقاء بالوحدات الداخلية حضرية كانت أو ريفية في جميع المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتنظيمية وهي عبارة عن حجر الزاوية الذي تُحقق وتُحسّن من خلاله التنمية الشاملة والمتوازنة (5).
أما التنمية المحلية المستدامة فهي العملية التي يتمكن بها المجتمع المحلي من تحديد حاجاته وأهدافه، وترتيب هذه الحاجات والأهداف وفقاً لأولوياتها، مع إذكاء الثقة والرغبة في العمل لمقابلة تلك الحاجات والأهداف بما يستجيب لحاجات الأجيال الراهنة دون تعريض قدرة الأجيال القادمة للخطر (6).
وعليه فإن المطلوب من الحكومة الاتحادية هو توسيع وتعميق دائرة التنسيق مع الحكومات المحلية بهدف تعزيز دور المجتمعات المحلية في الأخذ بزمام المبادرة والمشاركة الاقتصادية والاجتماعية والمدنية. وفي المقابل، لن يكون بإمكان مجالس المحافظات أن تعمل بكفاءة من دون تنسيق مع الوزارات الاتحادية لضمان تقديم أفضل الخدمات للمجتمعات المحلية التي تُشكّل بمجموعها وبمصالحها المشتركة وفرصها الواعدة المجتمع العراقي الكبير.
المصادر:
1- السلطات المحلية والتنمية: تحليل في اللامركزية الإدارية والتنمية المحلية مع إشارة إلى التجربة العراقية/ صبيح لفتة فرحان الزبيدي
2- Think Nationally, Act Locally: Cities and the Struggle for Social Justice/ Harold A. McDougall
3- موقع موضوع: مفهوم التنمية المحلية/ مجد خضر
4- المعهد العربي للتخطيط/ التنمية المحلية المستدامة والمشروعات الصغيرة والمتوسطة/ محمد باطويح
5- المصدر رقم (4) نفسه
6- المصدر رقم (4) نفسه



#همام_طه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مشاريع الإسكان والانتقال من الدولة الريعية إلى الدولة التنمو ...
- معالجة التسرّب المدرسي في العراق .. مدخل للتنمية والإصلاح ال ...
- تطوير الفلسفة العقابية في العراق .. من سلب الحرية إلى العقوب ...
- مواجهة أكتوبر وإعادة هيكلة الوعي والمواقف .. القضية الفلسطين ...
- الثورة المعرفية ركيزة النهضة الشاملة .. نحو استراتيجية وطنية ...
- الاستثمار في رأس المال البشري .. تطوير موظفي القطاع العام ال ...
- هل يمكن أن يتحوّل العراق إلى دولة لاعنفية؟
- المشروع الوطني لتعليم اللغة الإنجليزية في العراق .. رافعة اس ...
- التكامل المؤسسي .. مفتاح نجاح الحكومة
- أزمة التنوّع الثقافي في المجتمعات العربية: حروب الهويات تطيح ...
- محو الأمية في العراق .. الخطوة الأولى على طريق التنمية
- هوية السينما العربية في عصر العولمة الثقافية .. وقائع ندوة ح ...
- الدراسات الكردية .. قراءة الذات في عيون الآخر
- توطين الإسلام في الغرب .. من التقابل إلى التداخل
- رئيسة وزراء نيوزيلندا .. قيادة تغييرية تدافع عن التنوع الثقا ...
- كيف نواجه الكراهية .. سؤال جوابه في المواطنة الكونية وعولمة ...
- الدراسات الدينية وسؤال التجديد .. هل من سبيل إلى فقه جديد يو ...
- ما الذي يحتاجه العراق من رئيس مجلس النواب المنتخب؟ العمل الد ...


المزيد.....




- هدده بأنه سيفعل بأخته ما فعل به لإسكاته.. رجل يتهم قسيسًا با ...
- مصر تفتتح أكبر مراكز بيانات -مؤمنة- في تاريخها تحتوي على كل ...
- يوتيوبر أمريكي ينجو من الموت بأعجوبة (فيديو)
- السعودية.. جدار غباري يجتاح وادي الدواسر وزوبعة ضخمة تظهر ش ...
- بوريل: لسنا مستعدين للموت من أجل دونباس
- السيسي للمصريين: علموا أولادكم البرمجة بدلا من كليات الآداب ...
- محمد صلاح.. يلمح إلى -خطورة- الأسباب وراء المشاجرة الحادة بي ...
- الزي الوطني السعودي.. الحكومة توجه موظفي الحكومة بارتدائه اع ...
- الشرطة الليبية.. ردود فعل واسعة بعد تدافع رجال أمن خلف شاحنة ...
- حمزة يوسف أول رئيس وزراء مسلم لاسكتلندا يستقيل قبل تصويت مقر ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - همام طه - الحكومة الاتحادية ومجالس المحافظات .. فكّر وطنياً ونفّذ محلياً