أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - لمى محمد - مبررات الإيمان - أنت كما تحلم أن تكون 12-














المزيد.....

مبررات الإيمان - أنت كما تحلم أن تكون 12-


لمى محمد
كاتبة، طبيبة نفسية أخصائية طب نفسي جسدي-طب نفسي تجميلي، ناشطة حقوق إنسان

(Lama Muhammad)


الحوار المتمدن-العدد: 7848 - 2024 / 1 / 6 - 00:57
المحور: الادب والفن
    


كانت الحياة أسهل قبل أن أختص بالطب النفسي، رأيت الكراهية جهنم والشر شيطان.. الخطأ دمار و الفراق نهاية.. الحب كأس يفيض و (يدلق) حباً…
بعد تخصصي بالطب النفسي.. عرفت درجات اللون الرمادي بكلها فأصبح الأبيض و الأسود مجرد ألوان لا تدمغ المشاعر، لا الأشخاص ولا الأفعال…

أن تصبح طبيباً نفسياً يعني أن تتقن فن إعطاء المبررات للآخرين، أن ترى الكراهية شعور ساذج تحكمه الغيرة غالباً ويسيطر عليه الحسد.. أن ترى الشر يُخلَقُ من قلب الرض النفسي، وترى الأشرار أطفالاً اُستبيحتْ طفولتهم، فاستحقوا العقاب، لكن استحق المجتمع معهم التوعية.

أن تكون طبيباً نفسياً يعني أن تقرأ تسلط النرجسيين، فتسامح.. وتلمس خوف القلقين، فتنسحب…
أن تعرف أن المرضى النفسيين لا يتحسنون إلا إن أرادوا فتح صناديق العقل الباطن.. وأن الطبيب النفسي الذي لم يقرأ الفلسفة والتاريخ لن يغير في حيوات البشر…
أن تعتنق إيمانك بالطب النفسي، يعني أن تجيد فن الاتصالات غير اللفظية، وفن التغابي.. و أن تعتنق الحب ديناً والأمل إيماناً…
********

إيمان أول:

في العام قبل الماضي، زارتنا عائلة صديقة، أتوا من بريطانيا، أصولهم عربية، المرأة طبيبة عيون، الرجل طبيب جراح و معهم أربعة أطفال…
سكنوا في ملحق البيت خاصتنا، كانوا يستيقظون بهدوء، يتصرفون بحب، ينتظرون استيقاظنا، ليقولوا:
-إلى أين اليوم؟
-أينما تريدون…
-أي مكان مع صحبة أمثالكم جنة..
عشنا معهم أياماً جميلة جداً، وتعرفنا معهم على كاليفورنيا كما لم نرها من قبل.. كان في أطفالهم خير مثال لابنتي في الحب وحسن التربية.
قال لي زوجي:
-احتجت هذه الإجازة منذ زمن.. مع أننا هنا، لكن عملنا المضني، كتابتك ومسؤولياتنا الكثيرة تأخذنا من جمال الأمكنة…

عندما أعيد رحلتهم هنا أرى أن سبب سعادتنا وسعادتهم كان أولاً خيارهم بأن يكونوا سعداء و الثاني الامتنان.. الامتنان أصل الحب وأهم تفصيل في العلاقات…
تأكل الغيرة و الغيبة الامتنان كما يأكل طفل جائع قطعة شوكولا كبيرة… تتذكر كلامهم عن جمال الأمكنة وطيب الطعام كما لو أنهم أتوا من الفضاء لا من بريطانيا، وأعلم أنهم يعلمون عما سألونا عنه أضعافاً، لكنهم تواضعوا في حضرة تواضعنا…

دقني الفضول في حائط الأسئلة، وسألتهما عن طفولتهما.. وكانت كما توقعت.. طفولة ممتلئة بالأمان.. شعور الأمان في الطفولة يخلق شخصيات سوية بعيدة عن النرجسية وعن الشك بالآخرين، ومحاولات إثبات النفس أمامهم.

علمني الطب النفسي أن الطفل الذي خاف في ظل أمه وأبيه سيفقد الثقة فيمن حوله، وسيكون من الصعب عليه جداً تكوين علاقات اجتماعية سويّة، ندرس هذا تحت بند اضطرابات التعلق، وهي أهم أسباب اضطرابات الشخصية، كالشخصية النرجسية و الحدية، المشكلة في اضطرابات الشخصية ليس كونها تؤثر على حياتك فقط، بل تدمغ حياة أولادك.. فإن أردت أولاداً سعداء، كالاطفال الأربعة، ابدأ بنفسك.

إيماني بقدرة الطب النفسي على حل معضلات العقل الباطن كبيرة، عندها سنضمن سلاماً لأطفالنا ولمستقبلنا.
********


إيمان ثانٍ:

سافرنا العام الماضي إلى كندا، لزيارة عائلة صديقة نعرفهم منذ سنوات، عشنا معهم مشكلاتهم اليومية أمام أطفالهم.
رأينا الأطفال مدمرون تماماً على الرغم من الوضع المالي الجيد، البيت الفخم، الخدم وكل ما يخطر في بالكم من تسهيلات الحياة.. الأم طبيبة جلد، الأب طبيب جراح أيضاً والأطفال الثلاثة بحكايات حزينة لا تنتهي…
كطبيبة نفسية وضعت لهم المبررات و حاولت قدر الإمكان تنبيه الزوجة -صديقتي- إلى أسلوب زوجها في قسم الناس والمواقف إلى ألوان الأبيض والأسود، لكنني لم أحصل سوى خيبة الأمل وفهمي الخاطئ أيضاً.
لم يتقبل زوجي ما رأى، وبعكس الإجازة السابقة قال لي:
-أحسست أنني أعمل بجد وكدح في عمل لا أحبه، لم أرتح أبداً، نحتاج إجازة أخرى…

علمني الطب النفسي أن سلوك الطفل يدلك على جو منزله، وأننا جميعاً معرضون لأن نخطئ في التربية و في علاقاتنا مع بعضنا، هذا يحله اللجوء للطب النفسي.

في مستشفيات الطب النفسي المخصص للطفل هنا، الجلسة الأولى تكون للأب والأم، لأنهما السبب الرئيس إن لم يكن الأوحد لمرض الطفل النفسي…
إن الإنذار الأول التي تشعله العلاقة الخاطئة هو عندما تخسر صديقك أو تخسرين صديقتك بسبب شريك حياتك.. المشكلة هنا حتماً ليست في الشخص الذي أمضيت معه عقوداً، بل في قدرة الشخص الجديد على غسل دماغك ومحو ذكرياتك.. ما نفع الإنسان بلا ذكرى؟ كيف ينبت الامتنان بلا ذاكرة؟

الانفعالية: عرض في الطب النفسي، ويعني أن تتصرف بناء على امتلاء كأس الغضب عندك، كأس الحب لا ينسكب ولا (يندلق)…

إيماني بقدرة الطب النفسي على حل معضلات العقل الباطن كبيرة، عندها سنضمن سلاماً لأطفالنا ولمستقبلنا.
********

إيمان ثالث:

في بداية شرحي لمحاضرة اضطرابات الأكل النفسية لطلاب الطب، أضع غالباً صورة لتمثال مارلين مونرو الجميلة بشكل طبيعي، بقياسات تسمى في عصرنا "التيكتوكي" بدانة!
مارلين للأبد -Forever Marilyn - .. يقف بطول يقارب الثمانية أمتار و وزن 15 ألف كيلوغرام..
بدأ رحلته في شيكاغو، ومر بأستراليا قبل أن ينتهي في مدينة بالم سبرينغس الأمريكية الفاتنة.

تغيرت مقاييس الجمال في هذا العصر، كما تغيرت القيم العليا والأهداف، يطمح شبابنا اليوم للغنى، الشهرة والهجرة..
وتغير نوع العمل المحترم ليصبح (التيكتوكر و اليوتيوبر) أهم من الطبيب، المعلم، أو الكاتب…

نحن في زمن النحول الفكري، وقليل جداً من شبابنا يعرف أن حياة الجميلة مارلين -مثلاً- كانت بائسة.. و أن مرضها النفسي انتهى بالانتحار.
والندرة تعرف أن الطمأنينة شعور لا يقدر بثمن، و أن من يحصلون عليه في هذه الحياة "النحيلة" ندرة أيضاً.. وهم الأغنياء بحق، المحظوظون فعلاً…

شكراً يا الله على الطمأنينة، يارب ارزقنا بقدر نوايانا.


يتبع…



#لمى_محمد (هاشتاغ)       Lama_Muhammad#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شواهد الحبلاس - علي السوري الجزء الخامس 1-
- فن الرد - فضائح صغيرة 6-
- عدوّنا واحد - فضائح صغيرة 5-
- كلنا آلهة - أنت كما تحلم أن تكون 12-
- الفن مات -فضائح صغيرة 4-
- حتى صار الملك آخر قطعة -فضائح صغيرة 3-
- دوبامين -فضائح صغيرة 2-
- فضائح طب نفسي صغيرة - دليل تشخيصي بروكرستي 1-
- بين الشوكولا مو والأمراض النفسيّة غير القابلة للعلاج - في ال ...
- دعني أحلل شخصيتك مجاناً -في المسكوت عنه 9-
- تعلّم عن رغباتك الجنسيّة - في المسكوت عنه 8-
- هل الخيانة مرض نفسي؟ -في المسكوت عنه 7-
- أكيتوبريخو 6773 -في المسكوت عنه 6-
- قمْ للمعلم واحكِ التفاصيل - في المسكوت عنه 5-
- زلزال: لا للسيف، لا للضيف ولا لغدرات الزمن - في المسكوت عنه ...
- زلازل صغيرة - في المسكوت عنه 3-
- أن تكون ناجٍ يعني..
- زلزال سوريا المستمر -في المسكوت عنه 1-
- سهرة رأس سنة في أمريكا - أنت كما تحلم أن تكون 11-
- ذاكرة القمع والمعايدة الأصلح لعام جديد -أنت كما تحلم أن تكون ...


المزيد.....




- رحيل -الترجمان الثقافي-.. أبرز إصدارات الناشر السعودي يوسف ا ...
- “فرح عيالك ونزلها خليهم يزقططوا” .. تردد قناة طيور الجنة بيب ...
- إنتفاضة طلاب جامعات-أمريكا والعالم-تهدم الرواية الإسرائيلية ...
- في مهرجان بردية السينمائي.. تقدير من الفنانين للدعم الروسي ل ...
- أوبرا زرقاء اليمامة.. -الأولى- سعوديا و-الأكبر- باللغة العرب ...
- ابنة رئيس جمهورية الشيشان توجه رسالة -بالليزر- إلى المجتمع ا ...
- موسيقى الراب في إيران: -قد تتحول إلى هدف في اللحظة التي تتجا ...
- فتاة بيلاروسية تتعرض للضرب في وارسو لتحدثها باللغة الروسية ( ...
- الموسم الخامس من المؤسس عثمان الحلقة 158 قصة عشق  وقناة الفج ...
- يونيفرسال ميوزيك تعيد محتواها الموسيقي إلى منصة تيك توك


المزيد.....

- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - لمى محمد - مبررات الإيمان - أنت كما تحلم أن تكون 12-