أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - عبد الحسين شعبان - كذبة القرن الثانية














المزيد.....

كذبة القرن الثانية


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 7804 - 2023 / 11 / 23 - 16:20
المحور: دراسات وابحاث قانونية
    


على وقع "أنغام" الإبادة الجماعية والتطهير العرقي والتدمير الشامل، الذي تعرّض له سكّان غزّة، إثر عملية 7 تشرين الأول / أكتوبر 2023، التي نفّذتها المقاومة في اقتحام جدار غزّة، روّجت وسائل الإعلام الأمريكية، استنادًا إلى الرواية "الإسرائيلية"، كذبة القرن الثانية، التي ذكّرت بكذبة القرن الأولى عن امتلاك العراق أسلحة دمار شامل.
كذبة القرن "الإسرائيلية" تزعم: أن المقاومة قامت بقطع رؤوس أطفال "إسرائيليين"، وهذه الكذبة السمجة سرعان ما تبنّاها، دون تدقيق، الرئيس الأمريكي جو بايدن وكررها وزير الخارجية أنتوني بلينكن، الذي خاطب رئيس الوزراء "الإسرائيلي" بنيامين نتنياهو متضامنًا معه بصفته يهوديًا أيضًا وليس كمسؤول أمريكي فحسب، وعلى نهجهما سار مدير وكالة المخابرات المركزية وليام بيرنز ووزير الدفاع لويد أوستن وغيرهم.
واستكمالًا لهذه الكذبة ادعت "إسرائيل" بعد قصفها مستشفى المعمداني، أن صاروخًا أطلقته "حركة الجهاد الإسلامي"، سقط على المستشفى عن طريق الخطأ، وأحدث فيها هذا الدمار الهائل. وبرّر الإعلام الغربي عمومًا، أن "إسرائيل" تدافع عن نفسها، وحق الدفاع عن النفس مشروع ضدّ "الإرهابيين"، وكأن قوات الاحتلال هي من يحق لها الدفاع عن النفس ضدّ من تحتلّ أراضيهم وتحاصرهم وتجوّعهم، وتعمل على تدمير مستلزمات حياتهم اليومية بطرق أقل ما يُقال عنها أنها لا إنسانية، وتذكّر، هذه الأعمال الوحشية، بعمليات الإبادة النازية التي تعرّض لها اليهود وشعوب وأمم أخرى، علمًا بأن قواعد القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة وقراراتها، تُعطي الحق للشعوب المحتلة أراضيها، باستخدام جميع الوسائل المشروعة، بما فيها المسلّحة لتحريرها.
ومثلما عاد الرئيس الأمريكي وتراجع عن مزاعم قطع رؤوس الأطفال، قامت وسائل الإعلام الأمريكية بتبهيت الرواية "الإسرائيلية" بشأن مستشفى المعمداني، بعد التأكد من نوع القنبلة التي ألقيت عليها وحجمها ووزنها، تلك التي لا يمتلكها غير "إسرائيل" في المنطقة.
كذبة القرن الثانية تُذكّر بخاطب كولن باول، وزير الخارجية الأمريكي في مجلس الأمن الدولي يوم 5 شباط / فبراير 2003 (عشيّة الحرب على العراق) الذي قال فيه: "ما نقدّمه لكم هي حقائق واستنتاجات مبنيّة على استخبارات قويّة تؤكّد امتلاك العراق أسلحة دمار شامل".
لم يكتفِ باول بذلك، بل رفع أنبوبة تحتوي على مسحوق أبيض، إشارة إلى الجمرة الخبيثة، وصورًا لأقمار صناعية، باعتبارها أدلّة لا يمكن دحضها، مطالبًا المجلس منح واشنطن الضوء الأخضر لتنفيذ عمليتها العسكرية ضدّ العراق، بعد أن أرجأ المجلس الترخيص بذلك طبقًا للقرار 1441، الصادر في 8 تشرين الثاني / نوفمبر 2002، مستعيضًا عن التخويل بإعطاء العراق فرصة أخيرة للوفاء بالتزاماته في مجال نزع السلاح المنصوص عليها بعدد من القرارات الدولية، أهمّها القرار 687 الصادر في العام 1991، إثر هزيمة القوات العراقية في الكويت، واضطرارها الانسحاب ووقف إطلاق النار، وقد استُخدم هذا القرار لاحقًا مبرّرًا للغزو الأمريكي في العام 2003.
وفي العام 2005، قال كولن باول نفسه "أن خطابه الشهير في مجلس الأمن سيظل وصمة عار في مسيرته السياسية". ولعلّ الإعلام الأمريكي، الذي سبق له أن روّج لتلك الكذبة الكبرى، ومارس دورًا لا يقلّ عن الدور الحربي الذي قامت به القوات الأمريكية في العراق، هو نفسه الذي يمارس ذات الدور إزاء غزّة في محاولته لشيطنة المقاومة.
إذا كنا نقول عن واشنطن أنها تتعامل بمعايير مزدوجة وبطريقة انتقائية ممالئةً ﻟ"إسرائيل"، فإنها اليوم تتعامل بمعيار واحد، وهو معاداة شعوب المنطقة، وتأييد "إسرائيل" بالمطلق، بل أنها كانت شريكة لها في الحرب على غزّة، ودفعت الغرب بثقله للالتحاق بها في هذه المعركة غير المشرّفة، حيث حجّ إلى "إسرائيل" كلّ من ريشي سوناك، رئيس وزراء بريطانيا وإيمانويل ماكرون، رئيس فرنسا والمستشار الألماني أولاف شولتس ورئيسة إيطاليا جورجيا ميلوني، إضافة إلى الرئيس الأمريكي جو بايدن وآخرين.
وإذا كنا نتفهّم مواقف البعض من المشروع الأيديولوجي القومي الإيراني، ذو الصبغة الدينية - المذهبية، وندرك الحساسية من التمدّد الإيراني، ومحاولات طهران بسط السيطرة والنفوذ على دول الجوار، إلّا أننا لا نستطيع قبول المزاعم بشأن قصفها مستشفى المعمداني، وهي الكذبة ذاتها التي ردّدها البعض بخصوص "الجمرة الخبيثة"، مروّجًا للأكذوبة الأمريكية، وهؤلاء أنفسهم الذين اعتبروا برنارد ليفي، "جيفارا القرن الحادي والعشرين"، محرّرًا للشعوب، وهو المؤيد للصهيونية وممارساتها العنصرية ضدّ شعب فلسطين.
واستنادًا إلى ذلك، لا نستطيع أن نفهم اندفاع هذا البعض لتبرير "حق إسرائيل" في الدفاع عن نفسها، وعن دمغ حركات المقاومة بالإرهاب، وعن إلصاق تهمة قصف مستشفى المعمداني بزعم قطع الطريق على مبادرة أنتوني بلنكن، في إطار مشروع غربي – عربي لإنقاذ الوضع، وأن تدمير غزّة هو "لملاحقة حماس"، التي لها مقرّات عسكرية في المناطق المدنية، وأن ما حصل في غزّة من تدمير شامل هو من عواقب هجوم السابع من أكتوبر. كلّ تلك الحجج التي يسوقها هذا البعض تضع علامات استفهام كبيرة، ربما أكبر من الخطأ في الاجتهاد أو التقدير.

نشرت في جريدة القدس العربي (لندن) في 21 تشرين الثاني / نوفمبر 2023.



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عن آداب الحوار وثقافة الكراهية
- -واقعية- اليسار أم تيهه؟
- مستقبل التربية 2050
- غزّة: حين تتواطأ الثقافة والسياسة
- التنمية وحقوق الإنسان
- عن مفهوم الآخر
- ترانسفير غزّة
- هل من أمن قومي عربي؟
- بعيدًا عن السياسة الجواهري والطالباني الشيخ والمريد
- القطبية واللّاقطبية و-مفارقات القوّة-
- حديث الألفيتين و -فردوس الفقراء-
- الحاكم والمحكوم وما بينهما
- مقاربة استهلالية مظفر النواب - صورة عن قرب
- شجرة الأرز 8141
- أسلحة الحرب الناعمة
- سيرورة التاريخ
- الخوارزميات -الثورة المنسية-
- طلال سلمان: رؤيوي حالم بالحريّة والعروبة والجمال
- أوكرانيا وحروب الجيل الخامس
- سيناريو الحرب الالكترونية


المزيد.....




- ماسك: انتخابات 2024 قد تكون الأخيرة بالنسبة للأمريكيين بسبب ...
- نادي الأسير: اعتقال 25 فلسطينيا في الضفة بينهم أسرى سابقون
- السعودية تدين اعتداء مستوطنين إسرائيليين على مقر الأونروا في ...
- التصويت على عضوية كاملة لفلسطين بالأمم المتحدة غدا
- كنعاني: من المعيب ممارسة التهديد والضغط ضد المحكمة الجنائية ...
- هيومن رايتس تتهم الدعم السريع بارتكاب -تطهير عرقي- في غرب دا ...
- 80 منظمة حقوقية تدعو للإفراج عن الناشط المصري محمد عادل
- السودان: هيومن رايتس تتهم قوات الدعم السريع بارتكاب -إبادة- ...
- الأمم المتحدة: 360 ألف مبنى في غزة تعرض لأضرار
- منظمة الصحة العالمية تدعو أطراف الصراع في السودان إلى ضمان ت ...


المزيد.....

- التنمر: من المهم التوقف عن التنمر مبكرًا حتى لا يعاني كل من ... / هيثم الفقى
- محاضرات في الترجمة القانونية / محمد عبد الكريم يوسف
- قراءة في آليات إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين وفق الأنظمة ... / سعيد زيوش
- قراءة في كتاب -الروبوتات: نظرة صارمة في ضوء العلوم القانونية ... / محمد أوبالاك
- الغول الاقتصادي المسمى -GAFA- أو الشركات العاملة على دعامات ... / محمد أوبالاك
- أثر الإتجاهات الفكرية في الحقوق السياسية و أصول نظام الحكم ف ... / نجم الدين فارس
- قرار محكمة الانفال - وثيقة قانونيه و تاريخيه و سياسيه / القاضي محمد عريبي والمحامي بهزاد علي ادم
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / اكرم زاده الكوردي
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / أكرم زاده الكوردي
- حكام الكفالة الجزائية دراسة مقارنة بين قانون الأصول المحاكما ... / اكرم زاده الكوردي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - عبد الحسين شعبان - كذبة القرن الثانية