أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - محمد ساجت قاطع - لكي لا يبصق عليك التاريخ!!














المزيد.....

لكي لا يبصق عليك التاريخ!!


محمد ساجت قاطع

الحوار المتمدن-العدد: 7778 - 2023 / 10 / 28 - 12:11
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    


الكثير من الناس يُقيّم الأفراد والشخصيات - الشخصيات المعاصرة سواء كانت أو التاريخية - ويبني نظرتهُ عنها، من خلال النظر إلى الجوانب الشخصية الذاتية والعاطفية الضيقة ، ضارباً عرض الحائط الجوانب الموضوعية والمبادئ والقيم لذلك الفرد أو تلك الشخصية.

وهذه الطريقة في التقييم وتكوين النظرة عن الأشخاص تكمن وراءها سذاجة ثقافية ومعرفية ، لم يُقتَصر التعامل بها في الوقت الحاضر فقط، إنما تم التعامل بها مع كثير من الشخصيات التاريخية والرموز الدينية، كثير منهم يُتعامل معهم – من بعض الناس - بهذه الطريقة مع الأسف الشديد ، خذ الإمام الحسين مثلاً فالكثير ممّن يحبونه ويدعوّن اتباعه لا يعرفون سوى البكاء واللطم عليه، متغافلين عن الثورة الاجتماعية والدينية التي قام بها. أو تمَ أو يتمُ اغفالهم عنها بصورةٍ مستمرة!!

إن الجوانب الشخصية والعاطفية تمثلُ من يقومُ بها سواء إذا ما كان فيها شيئاً صالحاً أو طالحاً، فالبشر جميعاً لم يخلقهم الله (ملائكة) لا يقاربهم الخطأ ولا يقاربونه، فجميعهم – البشر – معرضون للخطأ. ومن النفاق والازدواجية أن أنتقد شخصاً ما على فعلٍ شخصي وأنا أقوم بمثل ما فعل، أو بالذي اتعس منه!!

كذلك فإن الرجال لا تُعرف بالجوانب الشخصية التافهة ، إنما تُعرف بالمواقف والمبادئ والقيم النبيلة، وكم من الأشخاص خلدهم التاريخ بسبب مبادئهم وقيمهم العالية، ومواقفهم العظيمة، أما أفعالهم الشخصية فطوى عليها الزمان ، فالأمم الحية تدرس من التاريخ وسير الرجال المواقف والمبادئ ولا تهتم للجوانب الشخصية سوى القليل!!

إن فولتير على سبيل المثال كانت لديه الكثير من الأخطاء الشخصية، وربما أعظمها انهُ كان (ملحداً)، ولكن اليوم ماذا نعرف ويعرف العالم عن فولتير؟؟ أو بالأحرى ماذا نريد أن نعرف أو يُريد العالم أن يعرِف عن فولتير؟؟ من المؤكد جميع الأمم الحية اليوم وما وصلت اليه من حقوق إنسان وأنظمة ديمقراطية متقدمة كان بذرتها فولتير ومن لف لفه من عظماء التنوير.

إن الامور التي تهم العالم والأمم الحية ، والتي تريد معرفتها والاستفادة منها اليوم من فولتير وحياته، هي مبادئه وقيمه وأفكاره التي دعى لها، وذاب فيها، وتعرض للنفي والاعتقال والسجن والتعذيب في سبيلها. أما الأمور والأخطاء الشخصية لفولتير فلا يهتم لها أحد، ولا تؤثر أو تقلل من عظمة وألق شخصية فولتير في شيء.

ولو خرج اليوم شخصٌ ما للعالم أجمع ، وقال إن فولتير كان شخصاً (ملحداً) ولذلك فإنه لا يستحق هذه المساحة التي نالها من الاهتمام التقدير والتعظيم والتركيز على حياته وأعماله، أو يقول إنه إنسان (تافه) ، وقام يعد مثالبه وأخطاءه الشخصية، فهل يؤثر هذا على عظمة فولتير؟؟ كلا، ومن المؤكد أن هذا الشخص سيصبح محطاً لسخرية البشرية جمعاء!!

يقال أن مجموعة من المتشددين كانوا يعبرون بالقرب من قبر (سبينوزا) الفيلسوف المعروف، ويبصقون على قبره، وبعد مرور أكثر من مئة عام، وبعد أن أنهمك الفلاسفة في تحليل ودراسة آراء سبينوزا الفلسفية، فكتب أحد الذين اهتموا بكتابة السيرة الذاتية (لسبينوزا) جملة اكتسبت شهره كبيرة بعد ذلك مخاطباً (سبينوزا) بها قائلًا :((أين الذين بصقوا على قبرك ؟؟ فلقد خلدك التاريخ وبصق عليهم))

على أية حال وختاماً للحديث، لكَ مني هذه النصيحة أيها الصديق العزيز : إذا أردت الاستفادة والمنفعة الثقافية والمعرفية سواء أكانت شخصية أو مجتمعية، فليكن تعاملك مع الشخصيات سواء في حاضرنا هذا، أو مع الشخصيات التاريخية ، بحسب المبادئ والقيم والأفكار وبصورةٍ موضوعية ، ولا تتعامل معها بحسب الأمور الذاتية والشخصية والعاطفية.

أقلها لكي لا يبصق التاريخ عليك.!!
__________________________________________________________________
*كُتبَ هذا المقال بعد أن راودتني الخواطر والمشاعر الجياشة وأنا أرى بعض الأشخاص يُسيئون إلى شخصية قُدرَ لها أن تكتسب هالة كبيرة من العظمة والاحترام، وأصبحت لها رمزية عالية في حب الوطن والفناء فيه إلى حد فقدان الحياة، شخصية قدر لها أن تكون رمزا لكل الأحرار الذين يرفضون الظلم ويأبون الهوان وينشدون العزة والكرامة، شخصية أصبحت أيقونة لثورة قام بها شعبٌ كامل، بكل فئاته وطبقاته، ضد طغمة من الفاسدين والسراق والقتلة والعملاء، والمعروف إن الإساءة والتجريح لا تنفعُ من يقوم بها ولا تضرُ من رقدوا تحت التراب.. واقصدُ بهذه الشخصية (الشهيد الخالد صفاء السراي – إبن ثنوة -) أيقونة ثورة تشرين العظيمة..
واليوم هو الذكرى السنوية الرابعة لاستشهادة، دمت خالداً أيها الملهم الكبير..

✍ محمد ساجت السليطي.



#محمد_ساجت_قاطع (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- (( قراءة في كتاب فضل الكلاب على كثير ممن لبس الثياب.. لأبن ا ...
- من هم الهمج الرعاع؟
- الشاعر الذي قتلتْه وردة
- مَنّ يَزِيذُ على إسرائيل.. في الخسة والنذالة؟
- (( حقوق الشيعة.. وجيوب الفاسدين ))
- (( سبب مثالية أفلاطون ))
- (( قراءة في كتاب مسارات الحداثة في الفكر الوطني والقومي.. لر ...
- (( فرح أنطون.. بين الدولة المدنية والدولة الدينية ))
- (( قراءة في رواية المزدوج.. لفيودور دستويفسكي ))
- (( قراءة في كتاب طوبوغرافيا المكان.. لنعيم عبد مهلهل ))
- (( مجالس السُرّاق والفاسدين 2 ))
- (( حوار مع صديقي علي.. بعد خمس سنوات قضاها في روسيا ))
- (( وقفة عند فكرة المخلص ))
- (( حبياً نحو العبودية ))
- (( مجالس السُرّاق والفاسدين ))
- ((وظيفة الأسطورة في المعرفة الإنسانية))
- ((وقود التنافس السياسي))
- ((شريعتي.. بين حجري رحى))
- ((حسن العلوي.. عمر والتشيع))


المزيد.....




- بعد تداول فيديو -صراخه على متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين-.. رو ...
- لا لاتفاق العار، لا للمس بمكاسبنا في حرية الإضراب والتقاعد و ...
- مئات المتظاهرين في تل أبيب يطالبون بصفقة لتبادل الأسرى
- ‏ -الفوضويون- ينفذون أعمال شغب في مونتريال والشرطة تتصدى بال ...
- مدججين بمعدات مكافحة الشغب.. الشرطة الأمريكية تواجه وتعتقل م ...
- ما حقيقة الفيديو المتداول لـ-صريخ- روبرت دي نيرو في متظاهرين ...
- مواجهات بين الشرطة ومتظاهرين في باريس خلال عيد العمال.. وفلس ...
- مباشر: التعريف بأهم قضايا الطبقة العاملة وقرائة أولية لفعالي ...
- مواجهات بين الشرطة ومتظاهرين في باريس
- الغد الاشتراكي العدد 38


المزيد.....

- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى
- عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة / حزب الكادحين
- الأنماط الخمسة من الثوريين - دراسة سيكولوجية ا. شتينبرج / سعيد العليمى
- جريدة طريق الثورة، العدد 46، أفريل-ماي 2018 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - محمد ساجت قاطع - لكي لا يبصق عليك التاريخ!!