أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - لبيب سلطان - حماس وحزب الله لايمثلون قضية الشعب الفلسطيني بل قضية اية الله وامبراطوريته















المزيد.....


حماس وحزب الله لايمثلون قضية الشعب الفلسطيني بل قضية اية الله وامبراطوريته


لبيب سلطان
أستاذ جامعي متقاعد ، باحث ليبرالي مستقل

(Labib Sultan)


الحوار المتمدن-العدد: 7765 - 2023 / 10 / 15 - 12:19
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


منذ هجوم السابع من اكتوبر وقف العالم من جديد مساندا اسرائيل وشهدت قضية الشعب الفلسطيني انتكاسة جديدة على المستوى الشعبي والرسمي والدولي في كل العالم، ومن جديد استطاع الصهاينة اليمينيين المتطرفين تحويل الانظار عنها وطرحها بصيغة انهم يقاتلون السلفية الاسلاموية التي تريد تدمير وابادة الشعب اليهودي . وهل يمكن ان تكون هناك انتكاسة اكبرمن طمس قضية شعب تعرض على مدى 75 عاما لكافة اشكال الانكار والتغييب لقضيته وابادة هويته وثقافته وكيانه..واليوم تم تحويلها الى صراع سلفي يهدف ابادة دولة لاقلية يهودية في الشرق الاوسط من محيط يضم مئات الملايين . انه وكما جرى على مدى 75 عاما تغييب قضية الشعب الفلسطيني بانها قضية صراع عربي اسرائيلي وليست قضية شعب اسمه شعب فلسطين.
لقد تم صياغة استراتيجية تغيب القضية الفلسطينية بنظرية اسمها "الصراع العربي اليهودي او فيما بعد الصراع العربي الاسرائيلي"على يد فطاحل الصهاينة القوميين اليهود الاوربيين الذين صاغوها حتى قبل تأسيس اسرائيل، وطبقوها والى اليوم، ونجحوا دوما في تغيب قضية الشعب الفلسطيني عن المشهد وطمس هوية هذا الشعب وكيانه وثقافته ، وتحويلها الى قضية عرب بمئة مليون يريدون ابادة اقلية يهودية في اسرائيل ضمن حق الشعب اليهودي في تقرير مصيره وحكمه بنفسه باقامة دولته ، وكل الذي يريده هو بضعة الاف كيلومترات ( 8 الاف كلم مربع عند اعلان تأسيس اسرائيل)..اما حق الشعب الفلسطيني في اقامة دولته فهو امرا جرت تغطيته تحت يافطة هذه النظرية انه الصراع العربي الاسرائيلي ، فلاتوجد قضية لشعب فلسطيني، بل هي قضية عربية ( بمعنى انه يمكنه العيش في بقية ارجاء محيطه العربي) . لم تتغير هذه النظرية الصهيونية الاوربية بتحويل الصراع الفلسطيني الاسرائيلي الى صراع عربي اسرائيلي على مدى 75 عاما . انهم نجحوا في تمريرها مع كل شعوب العالم، خصوصا الغربية وجذب حكوماتها لجانبهم على اساس انهم يناصرون حقوق اقلية يهودية معرضة للابادة في الشرق الاوسط.
ان القوميين اليهود الاوربين المؤسسين لدولة اسرائيل هي طبقة واسعة متعلمة ومحترفة ومثقفة وعارفة جيدا بادارة المصالح ، واستغلت ابادة اليهود على يد النازية لتكسب بلدان اوربا الغربية والشرقية اليها، خاطبت كل كتلة منها بمصالحها (لم ينسى العالم خطابات غروميكو النارية ضد العرب في الامم المتحدة عام 1947 عند اقرار التقسيم، وحماسه بحق هذه الاقلية اليهودية التي تتعرض لاعتداءات العرب الهمجية بتقرير المصير باقامة دولتها وعلينا مجابهة المعتدين الارهابيين العرب والنظم العربية الرجعية ( يبدو ان الرفيق ستالين كان متأكدا من خلال مكتبه السياسي بثلثيه اليهودي عام 1947 ان الصهيونية هي حركة اشتراكية ستطرد البريطانيين من فلسطين وتقيم نظاما اشتراكيا مواليا للسوفيات ، ومنه سلح عام 1948 الهاجانا وشتيرن ، وبه وداس بحذائه على حقوق الشعب الفلسطيني ومبدأ حق تقرير المصيرالذي طبقه على الجانب اليهودي فقط كونه هو الذي سيعطيه نفوذا في المنطقة ، ثم انقلب عليه فقط بعدما اعلن بن غوريون ان اسرائيل ستسير مع نموذج الغرب وتكون قاعدة له وواحة للديمقراطية ، وحالا وبعد مجيئ ناصر غير السوفيت تسمية المعتدين العرب وياسبحان الله الى حركة التحرر الوطني العربية ضد الاستعمار والصهيونية ) . ان الصهاينة الاوربيين متمرسين ومتعلمين ومتنفذين في كل مجتمعات الشرق والغرب ويعرفون كيف يصيغون الاهداف والشعارات وكيف يخططون لتحقيقها ومنه كانت استراتيجيتهم بقلب واخفاء القضية ، انها " قضية صراع عربي اسرائيلي " ، فهي نظرية صهيونية التنظير والاعداد والاخراج والتنفيذ ، كونها تبيح لهم طمس القضية الفلسطينية ، واظهار الامر انهم اقلية مهددة بالابادة من مليونيات ( مئة وقتها ) عربية. ومنه نال دعم الشرق والغرب ، ونجح بتضيع وتغليف قضية شعب باكمله هو الشعب الفلسطيني باعتبارهم عربا في محيط عربي معاد يريد ابادة الاقلية اليهودية الصغيرة في فلسطين.
تبنت الشعوب العربية تحت العاطفة القومية هذه النظرية الصهيونية الاصل والاعداد والاخراج ، وهو ماتريده الصهيونية كي تقول للعالم "انقذونا من الابادة " ودوما نجحت به، ودوما تجاهل العالم قضية الشعب المعتدى عليه ، الشعب الفلسطيني " على اعتبار انهم عربا يمكنهم العيش في مناطقهم الواسعة المحيطة بالدولة العبرية ( ماذا لو اعطانا العرب 8 الاف كلم مربعا ..ونكون اصدقاء كما كنا عبر التاريخ..هل هذا كثيرا عليهم ..لماذا يريدون رمينا في البحر ..هكذا خاطب بن غوريون العالم من الامم المتحدة في العام الذي تلى التأسيس) .
ان السؤال الذي شغل استراتيجيي وقادة اسرائيل دوما بعد تأسيسها هو كيفية اضعاف العرب وتقوية اسرائيل . اختار الصهاينة عن وعي نظام العلمانية والديمقراطية والاقتصاد الحر للتنمية والتقرب من الغرب، لمعرفتهم، وكما كتب بن غوريون نفسه في مذكراته، انها من اهم اسس وعوامل اقامة دول قوية قادرة على النمو والتطور. وعن وعي ايضا كانوا يعرفون ويريدون للعرب ان تحكمهم نظما ديكتاتورية من خلال اثارة العواطف القومية ورفع شعارات تحرير فلسطين ، والتقرب من المعسكر الشرقي ليفوزوا هم بالغرب الغني ويطرحون انفسهم واحة للديمقراطية الغربية وسط بحر معاد للغرب وموال للسوفيت . ونجحت استاراتيجيتهم هذه المرة ايضا. وخلال سنوات قليلة تلت تم تدمير ثلاثة انظمة عربية ديمقراطية موالية للغرب ( سوريا ومصر والعراق ) تمت جميعها بانقلابات عسكرية واقامة نظم ديكتاتورية مشحونة بشعارات تحرير فلسطين والتحرر من الاستعمار ، تماما كما اراد الصهاينة المتمرسين ( يكفي ان 100 الف يهودي الماني محترف غادر لاسرائيل منذ مجيئ هتلر وفق صفقة معه عام 1935 بمغادرة المانيا مقابل التخلي عن املاكهم وهؤلاء في الواقع هم من اسس تل ابيب واسس اسرائيل الحديثة ). لقد طربت الصهيونية فرحا بخطابات عبد الناصر منذ الخمسينات وفي حرب 67 ( ابشر ياسمك البحر الاحمر ستشبع من لحم اليهود)، فهو تماما ماتريده النظرية والاستراتيجية الصهيونية ، انه صراع عربي اسرائيلي يهدف لابادة دولة اسرائيل والاقلية اليهودية ورميهم في البحر. تلا عبد الناصر في السبغينات وبنفس الخطاب البعث وصدام الذي رأى غياب ناصر فرصة لترؤس الامة العربية، وصرف ميزانيات هائلة في تطوير صواريخ وأوعد بقنبلة ذرية ، ومثله الأسد والقذافي ، لا تنمية ولا ديمقراطية وتقاربا مع السوفيت وشعارات ثورية بتحرير فلسطين ، وبينما اسرائيل تتقدم ، تتراجع شعوبنا العربية تحت حكم انظمة ديكتاتورية قمعية واقتصاد مهلهل ريعي يذهب للحزب والتسليح السوفياتي ( والصهاينة يعرفون جيدا ان كنت تريد تخريب بلدا فضعه بيد العسكر والشعارات الثورية والقومية التقدمية والاشتراكية). كان ربع ميزانيات العرب تذهب للسوفيت للتسلح، ووقوف السوفيت مع هذه النظم التقدمية لمحابهة الامبريالية التي تقف مع الصهاينة في الصراع العربي الاسرائيلي. امر مناسب تماما لاسرائيل وتخطيطها واستراتيحيتها بجعل العرب متخلفين وضعفاء تحت حكام ديكتاتوريين سرعان مايفرغون مستودعات اسلحتهم ليطلبوا جديدة من السوفيت (تم افراغ ماصرفته سوريا ومصر من سلاح اقتنته وصرفت عليه ثلث ميزانياتها خلال ستة ايام في حرب 67 وخلال اسبوعين عام 73 ، وفي سوريا ومصر لم يتم بناء مدرسة واحدة بين عامي 67 و 73). تماما كما خطط له الصهاينة الاوربيون .
اما المقاومة الفلسطينية فوقعت بنفس الشرك ، رغم انها مقاومة وطنية وتحررية قامت لنيل حقوق الشعب الفلسطيني، ولكن خطأ عرفات ورفاقه انهم ايضا اعتبروا ان القضية عربية ، وليست فلسطينية كي تبرز قضية الشعب الفلسطيني ، وبدلا من تطوير وسائل النضال الشعبي من الضفة والقطاع ، انطلقوا بعمليات مسلحة من الاردن . انها عمليات فدائية بطولية ولكنها افتقدت النضال الداخلي للشعب الفلسطيني في الاراضي المحتلة والتعبير عن قضيته . وسرعان ما فوجئوا ان الاردن لايريد ان تكون عملياتهم من ارضه ، ويريد منهم الرحيل ، ووقعت ايلول الاسود عام 1970. غيروا الموقع الى سوريا، أُم ساحات النضال العربي، ولكن الاسد كان لهم بالمرصاد ، فاجبرهم بالذهاب الى لبنان،ومن جديد اعتبروا، كما اراد الصهاينة ان قضية فلسطين هي صراع عربي صهيوني وعلى لبنان الضعيف ان يسمح لهم وتكون ارضه مسرحا، رفض المسيحيون ذلك ، فوقعت الحرب الاهلية ،وفقط بعدها ، وبعد تدمير لبنان ، صحا قادة المقاومة في تونس ، ان الشعب الفلسطيني فقط هو من يقاتل اسرائيل حقيقة وهو صاحب القضية وليس العرب وانظمتهم حتى المدعية بالثورية وتحرير فلسطين فهذه شعارات للسيطرة وادامة الديكتاتوريات الناصرية وبعدها البعثية .
واقع الحال وعمليا يمكن القول ان الولادة الحقيقية لقضية الشعب الفلسطيني بدأت بطرح اقامة دولة فلسطينية مجاورة للاسرائيلية تقام على الاراضي المحتلة في الضفة والقطاع ، وتحويل النضال داخليا ، وتحديدا مع بدء ثورة الحجارة عام 1987 وفقط منذ ذلك التاريخ ، أي بعد اربعين عاما من تأسيس اسرائيل، بدأ العالم يتعرف على قضية شعب اسمه الشعب الفلسطيني ، وبدأت قضيته من وقتها تتخذ مسارا واضحا وتتلقى فهما وتفهما لدى العالم ، ولم يكن سهلا تغيير المشهد وقلب القضية، حيث وجد العالم انها ليست فقط قضية اقلية يهودية مهددة من العرب ( وهي فعلا كذلك شئنا ام أبينا ) ، بل هناك قضية كانت مختفية ومخفاة من العرب ومن اسرائيل، انها قضية شعب اسمه الشعب الفلسطيني ابيد كيانه وهجر من مدنه وقراه وتعرض لتغييب وابادة ثقافته وحضارته ، وهم في الواقع الاقلية المعرضة للابادة على يد اليمين الصهيوني الديني والقومي المتطرف. وفقط بعد الثورة السلمية لاطفال الحجارة بدأت الانتصارات تتوالى وتم الاعتراف الدولي بمنظمة التحرير الفلسطينية ، وتم تبني شعار المكالبة باقامة كيان الدولة الفلسطينية ، وفي عام 1993 تم توقيع اتفاق اوسلو الذي اقر اقامة ، ولأول مرة ، سلطة فلسطينية تكون طرفا يعمل معه المجتمع الدولي واسرائيل للتوصل الى صلح دائم واقامة دولة فلسطينية. حدث ذلك بعد تجذر وعي المقاومة الفلسطينية انها قضية الشعب الفلسطيني مع اسرائيل وليس كما روج لها مؤسسوا الدولة العبرية وفق نظرية الصراع العربي الاسرائيلي . خسر الشعب الفلسطيني خمسة واربعين عاما من التضليل العربي والانكار الدولي، وخسرت الشعوب العربية تنميتها الاقتصادية واقامة حياتها الديمقراطية وقبعت تحت حكم الديكتاتوريات العربية القمعية وتجارتها بالقضية الفلسطينية.
انها لم تكن غير ثورة الحجارة هي من جلبت الانتصار والوعي في العالم بالقضية الفلسطينية ، وفهما لحقوق شعب تم اغتيال هويته واخفاء قضيته وتشريده . لم ينل هذه الانتصارات هذا الشعب لو بقي يعتمد على تكرار حروب ناصر الفاشلة وصواريخ صدام ولا قسام وايات الله ، كما ثبت فيما بعد. انها حق القضية ، قضية شعب في صراعه مع دولة اصبحت قوية ومتمكنة عسكريا واقتصاديا وتمارس سياسة الاضعاف والتهميش واخفاء قضية شعب باكمله بغطاء " ألصراع العربي الاسرائيلي " والشعار المماثل للديكتاتوريات العربية " انها القضية المركزية وألأولى للامة العربية " وكلاهما شعارا واحدا في الواقع ، حيث تردد الديكتاتوريات ماتريده الصهيونية لاخفاء قضية شعب اسمه الشعب الفلسطيني بغطاء صراع عربي.
وجدت القضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني انصارا بالملايين حتى من داخل اسرائيل ، ولم تعد سرد القضية الفلسكينية تمشي بالسرد الصهيوني، وخرج اكثر من مليون متظاهر تحت شعار " السلام الآن " في تل ابيب وحيفا مطالبة بحل الدولتين ليعيش الشعبان بسلام.
اضافة لانتفاضة الحجارة ووعي الفصائل العلمانية في حركة المقاومة الفلسينية بنقل قضيتهم من الانظمة العربية الى الارض الفلسطينية ، اتت تطورات مؤاتية لهم تباعا اولها بداية تفهم ووعي الشعوب الحرة لقضيتهم ووقوفهم لجانبها ( في الجامعات الاميركية مثلا تقوم ولاول مرة تجمعات وجمعيات كبيرة مؤازرة للقضية الفلسطينية منذ التسعينات) ، جاءت كل هذه التطورات والانتصارات لقضية الشعب الفلسطيني بعد نشوء المقاومة السلمية بثورة الحجارة، ثم الاعتراف المتبادل بين منظمة التحرير واسرائيل في اوسلو عام 1993، حيث تم توقيع نقل السلطات الى منظمة التخرير في الضفة واتفاق انشاء دولة فلسطينية قابلة للحياة ،ومهدت لها هزيمة التيار القومي البعثي بعد غزو الكويت ، ومعها انحلال الاتحاد السوفياتي وانهاء تلاعبه بقضية الصراع العربي الاسرائيلي وفق مصالحه في الحرب الباردة وامتصاص الميزانيات العربية في التسليح ( اثبت الواقع ان القضية ليست امتلاك دبابات وصواريخ بل مايدعمها من امتلاك اقتصاد وتعليم وتحضر ونظم ديمبراطية واجهزة دولة متطورة تعرف كيف تخطط وكيف تكسب العالم لجانبها، وهو امرا اجادته اسرائيل ووقعت عكسها شعوبنا العربية وحان الوقة لوعيه وحان لها لفظ تجار الايديولوجيات من كافة الاصناف والتوجه لبناء نظم حكمها ديمقراطيا وتطوير اقتصادها واجهزة دولة كفوءة تحترم مواطنيها بدلا من التثوير الدعائي الايديولوجي الفارغ ونظرياته القمعية المتخلفة بكل مدارسه الثلاثة) ، وهو نفس الدرس للشعب الفلسطيني المناضل.
هيأت التسعينات هذه الظروف المؤاتية ، كما وتم صعود التيار اليساري الاسرائيلي، بعد المتعجرف اليميني بيغن ، ومجيئ اسحاق رابين ، وصعود كلينتون ومعه التيار الليبرالي الديمقراطي الاميركي الذي بدأ يعي واسعا بالقضية الفلسطينية ، وبادر كلينتون ( المعروف بحل قضية ايرلندا الشمالية وقضية مسلمي سيرايفو ) بجلب عرفات ورابين الى كمب ديفيد وابقاهم رهينة له للتوصل الى اتفاق يؤدي لاعلان ولادة دولة فلسطين الديمقراطية ، ومعها سيقدم حزمة بمئات المليارات من الدولارات من اميركا واوربا لتمكين الدولة الجديدة من النهوض والشروع بالتنمية والاعمار في الدولة التي ستقام على ارض فلسطينية وتعمل على اقامة علاقات حسن جوار وثيقة بين الدولتين والشعبين. لليوم لا احد يعلم مالذي جرى لعرفات قبل اخر يوم من التوقيع على الاتفاق النهائي ، ولماذا تراجع عنه . الوثائق كما في مذكرات كلينتون تقول انه تم الاتفاق على كل شيئ عدا بند ارجاع لاجئي عام 48 التي اصر عرفات على ارجاعهم الى اراضيهم الاصلية ، ورفض رابين ذلك بحجة التغيير الديمغرافي ، وتدخل كلينتون مقترحا بتأجيل هذه الفقرة لمفاوضات الى مرحلة اخرى مستقبلية واقرار ماتم الاتفاق عليه، ولكن عرفات اصر على مطلبه وهدد بالانسحاب وفعلا انسحب في اليوم التالي . ومنه مات مشروع الدولة، وماتت القضية لتنبع من جديد ، ولكن هذه المرة تحت امرة السلفية ، واعاد استراتيجيوا اليمين الصهيوني تسميتت " بالصراع السلفي الاسرائيلي" . لعل انسحاب عرفات هو اكبر جرم بحق الشعب الفلسطيني ، ومعه الشعوب العربية ، كونه فرط بتضحيات جسام فرط دون ان يعرف احد كيف ولماذا ، ويرجعه الكثيرون خوفه من تشهير السلفية به والدعاية التي اثيرت ضده بالخيانة التي كانت تقوى وتصعد في المنطقة بدعم من ايران والاخوان ، والسؤال المحير الاخر هو انه لم يطرح مالبديل ولحد يوم اغتياله ، فالذي لايقبل بجزء من البيت سينام في الشارع ، وهذا هو ما حدث فعلا ، وعادت القضية للمربع الاول ، واعاد اليمين الصهيوني النظر في استراتيجيته ووجد لابد من تغييرها : دع الصراع هذه المرة يكون صراعا سلفيا اسرائيليا ، ونجح هذه المرة فيه ، ومن يومها ومنةالتهديد بخطر ايران والسلفية سيطر اليمين على السلطة في اسرائيل تحت تهديد ان ايران وحزب الله وحماس والجهاد والفصائل الجهادية تريد افناء الدولة اليهودية (اية الله هذه المرة حل محل صدام ليطور صواريخ وقنبلة ذرية وامتاز عليه بانشاء ميليشيات تحكم السيطرة على العراق وسوريا ولبنان وغزة جميعها ترفع الجهاد فريضة امر به تعالى وعليهم اعداد العدة لازالة وافناء دولة اليهود ..يسمعها العالم في كل خطاب وكل استعراض وكل صلاة جمعة ..وبعدها يتسائل الشارع العربي اليوم : لماذا يقف العالم مع اسرائيل ؟ وهل تتوقعون ان يقف مع اية الله في اقامة امبراطوريته من خلال سيطرة حماس على غزة ، وحزب الله على لبنان ، وميليشياته على العراق والحوثي على اليمن ، هل هؤلاء الا ادوات سلفية تعمل لمشروع اية الله، ام انهم يهدفون لاقامة دولة متحضرة حضارية تعيش وتتجاور مع اسرائيل وتتخذ من العلمانية والديمقراطية والتنمية والتعايش بسلام معها ومع شعبنا الفلسطيني وشعوبنا العربية في المنطقة. طبعا سيصطف العالم مع اسرائيل ولا يقف الى جانب هؤلاء السلفية المهوسين .. وللاسف لايعلم لا اميين ولا متعلمينا (هم واقعا كثرة من المؤدلجين المتعلمين الجهلة وقلة قليلة جدا من المثقفين في مجتمعاتنا وللاسف والحسف على ما حل بنا من حال مؤسية كحالنا اليوم بفضل الديكتاتوريات والسلفيات الثلاث) ..الواقع ان تحويل قضية الشعب الفلسطيني الى قضية "صراع اسرائيلي مع السلفية الاسلاموية " هو اغلاق جديد ونكسة للقضية الفلسطينية ، ونجاح في تحقيق وتكريس لاهداف الاستراتيجية الصهيونية اليمينية المتطرفة بالتغطية على القضية الفلسطينية وتحويل الصراع امام العالم انه صراع مع السلفية التي تهدد بازالة وابادة دولة اسرائيل وشعبها اليهودي ، ولا توجد بينهما قضية شعب اسمه الشعب الفلسطيني . هذا هو واقع الحال اليوم ، واذا اردت تسميته بشكل ادق لدعوته صراع اسرائيل مع ايران لاقامة امبراطوريتها الاسلاموية والتوسع باسم القضية الفلسطينية.
ان هذا التيار الذي تقوده ايران مع السلفية العربية والاقليمية بدأ بالصعود منذ انتهاء غزو الكويت (حرب الخليج الاولى عام 1991 ) بهزيمة نظام صدام، مع ضعف الاسد وانهزام تجار الحركات القومية العربية ليبرز بديلا التيار الاسلاموي السلفي محله قويا ورفع مثل الاول شعارات ويافطة التجارة بالقضية الفلسطينية للسيطرة على دول وشعوب المنطقة . هكذا تحول مركز الثقل الى ايران والى الاخوان ويالها من مصيبة كبيرة لشعوبنا وللقضية الفلسطينية هذه المرة، وياله من نجاح كبير لمخططي الاستراتيجي الصهيونية اليمينية باعادة تغليف قضية الشعب الفلسطيني بغلاف التهديد الوجودي " انظروا لايران ولحماس وحزب الله ، يبنون صواريخ لابادتنا وقنبلة ذرية " .العالم ينظر ويسمع ..وبالطبع يضع جانبا القضية الفلسطينية ليتعامل معها لا قضية شعب ، بل مع سلفية يهددون العالم والدولة العبرية التي يجب على العالم حمايتها. ولا وجود لقضية فلسطينية بل هي قضية صراع مع سلفية داعشية اسلامية.
استغرق الامر اربعين عاما لتنهض ثورة الحجارة لتعلن قضية فلسطين هي قضية شعب وليست ملايين عربية ضد اقلية يهودية لترميهم في البحر ، وعشرة سنوات اخرى للتفاوض والتفاؤل باعادة الهوية والحقوق لهذا الشعب والاعتراف بقضيته، واقامة كيان دولته، هذا الشعب الذي تعرض لابشع انواع الاجرام لاخفاء قضيته ، وانتهى اليوم بنجاح مؤامرة شامير بخلق حماس في غزة للقضاء على منظمة التحرير ، وتمكين السلفية وتجهيزها من خلال اسرائيل بالمال من قطر ، والصواريخ من ايران ، وسيطرة حزب الله على لبنان ، وميليشيات سليماني على العراق ، وجعل اية الله بطل التحرير لفلسطين وابادة اسرائيل.
هل الهجوم على مدنيين وقتل مئة منهم هي من اعمال المقاومة ؟ انه سؤال ذو دلالة للرأي العام في العالم. انه يقول لهم انهم عصابات داعشية هي حماس تلك ، لماذا لم تهاجم العسكر الاسرائيلي وتترك المدنية. الا يدل ذلك انهم سلفية مليئة بالحقد على الناس المخالفين لعقائدها . انه في الواقع اغتيال لجوهر القضية الفلسطينية ، قضية الشعب الفلسطيني ، القضية ذات الحقوق الانسانية واولها حق تقرير المصير ، وحق الهوية ، وحق العيش بهوية بسلام وامان ، وحق اقامة دولته الديمقراطية ..وهذه جميعها لاتعترف بها لا حماس ولا الاخونجية، ولا اية الله، كما قبلهم لم يعترف بها ناصر ولا اسد ولا صدام ، جميعهم ادعى تحرير شعب فلسطين، ولو كان كذلك لِمَ قمعوا شعوبهم ، مليونا قتل على يد صدام، ومليون على يد الاسد، ومليون على يد داعش ، وميليشيات دمرت لبنان والعراق ، وقتل الف متظاهر عراقي طالبوا بانها الفساد في تشرين 2019، والفا من متظاهري حقوق المرأة في ايران، هل هؤلاء من يقتل شعبه هو من يحرر فلسطي..مالذي سيراه الفلسطينيون من حماس غير مايشاهدوه اليوم في ايران والعراق ولبنان وسوريا واليمن من تدمير ودمار.
الم يحن الوقت لشعوبنا ان تعي ان تجار القضية الفلسطينية هم ليسوا الا منفذين للاستراتيجية الاسرائيلية الصهيونية التي قالت بالامس ان القضية هي قضية صراع عربي اسرائيلي، واليوم انها قضية صراع اسرائيلي مع السلفية ، الم يحن وقت انهاء تجارة الايديولوجيات الثلاث والرابعة البوتينية اليوم بالقضية الفلسطينية ، وانهاء ألشماعة للسيطرة على شعوبنا ومنعها من التطور الحضري والتنمية والتخلص من الايديولوجيات التي تعلموها من عفلق وستالين واية الله ومن لف لفهم. .
لابد للشعب الفلسطيني ان يعلم ان غاندي نال استقلال الهند دون اطلاق طلقة واحدة ، ومانديلا انهى نظام العنصرية بطلب من شعبه ان يغني ويرقص امام العنصريين بينما هو في السجن ، انتصروا ، لانهم وشعوبهم اصحاب قضية وعرفوا كيفية ادارة نضالهم بطرق حضارية يفهمها ويساندها شعبهم ومعهم شعوب العالم ، والقضية الفلسطينية مثل قضاياهم ، عليهم ادارتها بتحضر ونفس طويل ، كونها قضية حق وحقوق ، وعندها لا تقف امامهم لا الصهيونية ، ولا نتن ياهو ولا شامير ولايحتاجوا لا لعسكر مشعوذ مثل ناصر ولا قاتل مجرم مثل صدام ولا حجة زمانه اية الله ابو المليشيات الحرامية ..ولا هنية ولا نصر الله ( وضع حزب الله على لسان جماعته امس خمسة شروط لفتح جبهة جنوب لبنان لنصرة غزة اولها مطالبا الضفة بالتحرك ، ثم فتح جبهة الجولان ، وبعدها على والاسد وايران اعطاء الامر ولن يتحرك ربما الا بعد الحوثي وقال الاخر الا اذا ضربت حاملات اميركا غزة ..وهنا يتضح الدجل السلفي ..يليتنا كنا معكم لفزنا فوزا عظيما يرددونها لليوم كذبا ونفاقا).
ان قضية الشعب الفلسطيني ليست قضية هؤلاء ولا قضية بوتين ولا تسينغ ولا اية الله ولا اردوغان ولا هنية ولا حسن نصر الله ..هؤلاء تجار لاثارة الشعوب للسيطرة على المنطقة ، ولكل منهم قضيته فيها، اما الصهيونية فهي من تريد السلفية للتغطية على القضية ليقولوا للعالم " انظروا نحن نصارع بدلا عنكم السلفية ، يريدون ابادتنا باسم دعاوى الجهاد ..انهم في غزة .. وهكذا يتم وكالعادة اغتيال واخفاء القضية الفلسطينية.
ان الشعب الفلسطيني سينتصر فقط عند طرد هؤلاء من قضيته وتولي امره في ادارة صراعه مع اليمين الصهيوني المتطرف ، وسينتصر لو قام بذلك ، حيث سيجد انصارا كثرا ومن داخل المجتمع الاسرائيلي نفسه الذي يريد لفظ السلفية الصهيونية اليمينية كما التخلص من الخوف من السلفية الاسلاموية ، كما وسينال الدعم من كافة شعوب وحكومات العالم المتحضر.
ليعلم الفلسطينيون انها قضيتهم وحقوقهم وكفى للمؤدلجين والسلفيين التلاعب والاتجار بها وتحت غطائها، فلن يسمح العالم بابادة اسرائيل اوشعبها من قبلهم او غيرهم (لنتصور لو انتصر ناصر او صدام او القرضاوي او المرضاوي او اية الله ووصل تل ابيب مالذي سيفعلونه باليهود ؟ ومنه يجب فهم موقف العالم انه لن يسمح بذلك ابدا ، ونفس هذا العالم سيقف مع الفلسطينين ضد اسرئيل والصهاينة لو تخلص الفلسطينيون من هؤلاء السلفية المتاجرين بالقضية لاقامة امبراطورية ناصر وصدام بالامس ، وامبراطورية اية الله اليوم . مالذي سيكسبه الشعب الفلسطيني وسكان غزة غير التدمير اليوم على يد الفاشية اليمينية في اسرائيل ، والقمع منةحماس . لابد من اخذ زمام قضيتهم بيدهم واثبات للعالم انهم شعبا مسالما لايطالب الا بحقوقه ..عندها سيلف كل الكرة الارضية موله ويدحر الصهيونية في عقر دارها ..هذا هو الحل للقضية الفلسطينية ..انه حل التعايش والحضارة ونيل الحقوق بالطرق الحضارية ..وليس حل صواريخ وجهاديين سرعان ما يختفون تاركين المدن تحت رحمة الطيران الاسرائيلي ليصفي منظمة سلفية ذات توجهات داعشية كما يراها العالم معه ووفق استراتيجية مرسومة لاخفاء وتصفية القضية الفلسطينية بحجة مكافحة السلفية والميلشيات الايرانية ).
النصر للشعب الفلسطيني في اقامة حقوقه الانسانية واقامة دولته الديمقراطية

د. لبيب سلطان ، كاليفورنيا
15/09/2023



#لبيب_سلطان (هاشتاغ)       Labib_Sultan#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العولمة السياسية وتحديات القرن 21
- قراءة (1) في تحديات القرن الحادي والعشرين
- في نقد الماركسية العربية
- حلول العلم والايديولوجيا للتخلف العربي 2
- المنهج العلمي والايديولوجي لحلول التخلف العربي
- فهم نظرية تعدد الاقطاب وانعكاسها على العالم العربي
- معركة اليمين واليسار في الهجرة الى الشمال
- فهم اليمين واليسار في عالمنا المعاصر
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي
- فهم تجربة الصين وأهميتها للعالم العربي (فهم العالم المعاصر ـ ...
- فهم الرأسمالية وعلاقتها بالليبرالية ( فهم العالم المعاصر 2)
- في فهم العالم المعاصر1 علاقة الايديولوجات بالاقتصاد ونظم الح ...
- لائحة اتهام 3
- لائحة اتهام لثلاثة ايديولوجيات دمرت اربعة دول عربية ـ2
- لائحة اتهام لثلاثة ايديولوجيات دمرت اربعة دول عربية ـ1
- القوانين الثلاثة لبناء الدول المعاصرة والامم الناجحة
- جذورتحول الجمهوريات الثورية الى ميليشياوية
- في علاقة النظم السياسية بنظم الذكاء الاصطناعي
- الغزو الاميركي للعراق ـ3
- الغزو الاميركي للعراق 2


المزيد.....




- حفل -ميت غالا- 2024.. إليكم أغرب الإطلالات على السجادة الحمر ...
- خارجية الصين تدعو إسرائيل إلى وقف الهجوم على رفح: نشعر بقلق ...
- أول تعليق من خارجية مصر بعد سيطرة إسرائيل على الجانب الفلسطي ...
- -سأعمل كل ما بوسعي للدفاع عن الوطن بكل إخلاص-.. مراسم تنصيب ...
- ذروة النشاط الشمسي تنتج شفقا غير مسبوق على الكوكب الأحمر
- مينسك تعرب عن قلقها إزاء خطاب الغرب العدائي
- وسائل إعلام: زوارق مسيرة أوكرانية تسلّح بصواريخ -جو – جو- (ف ...
- الأمن الروسي: إسقاط ما يقرب من 500 طائرة مسيرة أوكرانية في د ...
- أنطونوف: روسيا تضطر للرد على سياسات الغرب الوقحة بإجراء مناو ...
- قتلى وجرحى خلال هجوم طعن جنوب غرب الصين


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - لبيب سلطان - حماس وحزب الله لايمثلون قضية الشعب الفلسطيني بل قضية اية الله وامبراطوريته