أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - لبيب سلطان - في نقد الماركسية العربية















المزيد.....



في نقد الماركسية العربية


لبيب سلطان
أستاذ جامعي متقاعد ، باحث ليبرالي مستقل

(Labib Sultan)


الحوار المتمدن-العدد: 7723 - 2023 / 9 / 3 - 16:47
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


1. لماذا نقد ألماركسية العربية
ان نقد اي تيار فكري سياسي ،مهما كانت عقائده، يشكل مهمة عسيرة في مجتمعات مثل مجتمعاتنا ، حيث يسود التعصب بكل انواعه، ودعك من النقد، فحتى طرح مسألة فكرية لفتح باب لحوار فكري في قضية ‏فكرية أو اجتماعية يمكنها ان تتحول بسهولة الى معركة ايديولوجية تعصبية. تبدأ من ماركسيينا كعادتهم ارجاع كل الامور حتى الداخلية الى الرأسمالية العالمية ،ويبدأون بسب وشتم من يقول بغيرها ان قضاينا داخلية وليست الرأسمالية، تليها اتهامات بالولاء للامبريالية وتبدأ نخوات عشائرية واخرى تخوينية شبيهة بممارسات النظم القمعية، مثل الستالينية والصدامية ، جميعها متعصبة ومتجذرة في ثقافتنا العربية.
هناك ثلاثة اسباب دفعتني لكتابة هذا النقد، واعتبره اكثر من نقد ، بل ادانة فكرية لممارسات قامت ولازالت تقوم بها الماركسية العربية. وهذه الاسباب هي:
أولها: لاعتقادي بالاهمية الفكرية والتنويرية لها ولأهمية النقد الفكري للتعرف الى العالم وطرق ادارة خلافاته الفكرية
وثانيها : وبما اننا نخوض معركة قاصمة صعبة مع السلفية الدينية فاجد الموقف الذي اسميه المخزي والمعيب ذلك الذي يقفه ماركسيونا العرب تجاه قيم ومفاهيم الحضارة الاوربية الغربية، فهم يشاركون السلفية الدينية بسبها وشتمها ويلصقون بها تهم الابادة والتوحش وهي ليست بحضارة بل اوباش وقتلة ومستعمرين وامبرياليين. اعتبر ذلك مخزيا ومشينا لسببين الاول انه ينتمي لصنف بث ثقافة الكره ضد الحضارات والمجتمعات، ويبدو ان الرفاق الامميون اميون والا كيف التقوا بنفس خطاب والسلفيون، بل وزادوا عليهم مرتبة. وهذا دعاني حتى للاعتقاد ان ماركسيينا العرب هم حقا فئة عجيبة غريبة، تدعي الوقوف ضد السلفية وبنفس الوقت تسب حضارة اوربا وقيمها ، يسمييها السلفيوون الحضارة المسيحية الصليبية ، والامميون الرأسمالية الامبريالية والمسبوب في كلاهما واحدا هو الحضارة الاوربية. اني اعيش في الغرب منذ قرابة خمسين عاما ، وحضرت عشرات وربما مئات الندوات واللقاءات (ضمن اهتمامي الشخصي بموضوع حوار ومستقبل الحضارات) والتقيت الكثير من المثقفين والاساتذة والباحثين والاعلاميين وانصار التيارات الفكرية والسياسية من ليبرالية معتدلية الى اقصى يسار الليبرالية ومحافظين ويمينيين قوميين وحتى فوضويين وماركسيين ، ووجدت في الفئة الاخيرة ، صنفين اكثرهم يأخذ بماركس فقط دون من ادعاه ، بمعنى يفهم دعوة ماركس ضمن دراسة مستقبل الرأسمالية، ووجدت الصنف الاخر،وهو الاقل تواجدا، ولكنه موجودا، انه ماركسي مؤدلج ستالينيا ، فهو يطرح تقريبا نفس طروحات مؤدلجينا الماركشيين العرب، ولكنها ليست ترديدا مثل جماعتنا، بل طروحاتا يجتهدون في صياغتها وفي اعدادها وحتى قسما منها ينتقد الستالينية بموضوعية دون تخليه عنها ويرجعون اخطائها لظروفها كما هم يدعون وعنها لايدافعون، ولكن المهم انهم كحال غيرهم يناقشون بمنطق ويأتون بحجج وطروحات ومايدعمها من اسنادات ، وهذا هو حال الجميع. وفي كل المحاضرات والنقاشات حتى الحارة منها ، التي تجمع من اقصى اليسار الى اقصى اليمين ، لم اسمع يوما ان احدا منهم اتهم الستاليني مثلا انه عميل للسوفيت اوخائنا، أو هو قال لغريمه اليميني القومي او الليبرالي اليساري انه بوقا للامبريالية والرأسمالية وعبيدا للدولار، ولا اليميني القومي قالها لليبرالي اليساري ، ولاكلاهما للماركسي النظري، ولا الجميع قالها للستاليني . لكل منهم قوته بحجته المنطقية ووزنه المعرفي. احدهم يأتي بحججه والاخرون بما ينقضها، او يطرح نواقصها وعيوبها ، ويجري نقاشا حارا ويتعمق ليترك الامر اخيرا للمستمع لاستخلاص الدروس. وغالبا ما رأيت في نهاية الحوار الساخن يجتمع الجميع لتناول الاكل والمشروبات وحتى تبادل الضحك والنكات وكأن امرا لم يكن ، وعلى مائدة واحدة الغريم مع الغريم . انه توحش الرأسمالية كما يكتبه ماركسيونا، وليس تحضرها والتعلم منها.
انظر كيف يتصرف سلفيونا الماركسيون العرب تجاه فئة واسعة من مثقفينا الوطنيين واللببراليين عند افتراق معهم في مسألة فكرية او نقدية حتى بسيطة، تراهم يتحولون الى دواعش فكرية، تتهم كل من يخالفهم الرأي عملاء للغرب ،عبيدا للدولار، ابواقا للاستعمار، ويتصاعد السب والشتم للمستوى الشخصي. وطالما هالني تساؤلا هل هؤلاء ماركسيون حقا ام أوباش، او مرضى نفسيا وعقليا، وكيف يختلفون عن طالبان وهم يدعون الماركسية، واقل مافيها انها علمانية وتقول بالجدل التطوري وفي جدل المتناقضات يكمن التطور، فلماذا هؤلاء متعصبون ومنغلقون وسبابون وشتامون كالدواعش الفكرية ؟ وفعلا بدأت اعتبر انها فئة غريبة عجيبة ، وحتى اني كتبت تعليقا لاحد الزملاء، اني حقا بدأت اعتقد ان الله خلق محمدا وماركس وستالين خصيصا لامة العرب وله حكمة فيها : من الاول قام بخلق الدواعش الاسلامية ومن الثاني خلق الدواعش الماركسية.
وارجو ان اوضح للقارئ اني لا اتهم كل ماركسي عربي انه بالضرورة متعصبا مثل دواعش الماركسية الذين ذكرتهم اعلاه، فأنا اعرف الكثيرين ، وشخصيا ،ولحسن حظي ، كان لي منهم اقرب الاصدقاء ، وكتب لي بمعايشة وزمالة عدد كبير من الشيوعيين منهم مثقفين واخرين وطنيين ولكلهم محبتي ، وانا اعرف انهم يفهمون ، من بقي منهم حيا، عما اكتب ،وخصوصا ان منهم من وقع ضحية لهؤلاء الدواعش الماركسية ، وعموما فنقدي هو ضمن نقد لظواهر اراها ترافق التيارات الماركسية العربية ،فهي تفرخ متعصبين ومتكلسين فكريا ضد الحضارة الاوربية، كما فرخت تنظيمات الاخوان دواعش الاسلام ، واصبحت ظاهرة اجتماعية ملازمة للاحزاب والكتل الماركسية العربية كونها ، على ما اعتقد ، نشأت وتبنت طروحات الماركسية من المدرسة السوفياتية ستالينية، واعتبرتها انها هي الماركسة ، وهي ليست طبعا كذلك ، وليس في فهمها كما في العالم المتحضر، كما سأتي اليه ادناه.

2. بعض المداخل الفكرية لنقد الماركسية العربية
اجد من الضروري توضيح بعض المفاهيم التي سيتم استخدامها في محاور النقد، وخاصة قضيتان تشكلان مدخلا له.
المدخل الاول: كيف يختلف فهم العالم للماركسية عن منطقتنا العربية
أود مشاركة القارئ الفرق في فهم الماركسية في الغرب، في اميركا اواوربا ، وأجده مناسبا ليكون مدخلا لبناء النقد للماركسيين العرب. ويمكن كتابة فهم الماركسية ربما في خمسة مجلدات ، ويمكن ايضا ايجازه بخمسة كلمات كالاختصار التالي " فلسفة نقدية للتحول الى مجتمعات ما بعد الرأسمالية "، أو ربما أطول قليلا الى سبعة " فلسفة نقدية للرأسمالية طرحت رؤيا مستقبلية لتطور المجتمعات لما بعد الرأسمالية"، أو تسعة كلمات اكثر تفصيلا" فلسفة نقدية للرأسمالية تأخذ بصراع الطبقات كمدخل لرؤيا مستقبلية للمجتمعات ما بعد الرأسمالية"، والمشترك العام فيها جميعها انها فلسفة لمجتمعات ما بعد الرأسمالية. هذه هي الصورة ونظرة العالم لها اليوم، ومن اراد التفصيل اكثر عليه السعي وسيصل ربما لنفس هذا الايجاز.
ان الاجابة على اسئلة مثل كيف ومتى وما الطرق للوصول لمرحلة مابعد الرأسمالية، والتي اطلق ماركس عليها "مجتمع الشيوعية " اي مجتمع الغاء الطبقات والغاء الملكية الخاصة لوسائل الانتاج ،هي اسئلة بقيت دون اجابات من ماركس نفسه، فهو طرح نقدا للرأسمالية وطرح معه حتمية تغييرها لمرحلة الشيوعية ،ولكنه ترك الباب مفتوحا للادوات والطرق وظروف وسبل تطور المجتمعات الرأسمالية الى المستقبل. وهناك مدارس كثيرة تطرح كيف ستكون حركة هذا المستقبل، بعضها مثلا يربطها بتطور العلم والتكنولوجيا ( مثل تطور وسائل الانتاج " اي التطور التكنولوجي الحاصل اليوم " التي اعتبرها ماركس احدى اهم وسائل الوصول لمرحلة مابعد الرأسمالية ) ، وبعضها يشير لخطر هذا المنهج التكنولوجي ويجب تطويره موازيا لتطوير القيم الاخلاقية والعلاقات الاجتماعية لتوزاي هذا التطور، ومدارس كثيرة اخرى تنتقد الرأسمالية المعاصرة ، غير ماطرحه ماركس ان الصراع الطبقي هو المحرك للتاريخ وهو الذي سيدفع بالمجتمعات للتحول نحو الدرجة الاعلى من التطور ،فهي اصبحت ترى تطور العلم هو الذي يقود هذا التكول ومنه برزت مدرسة ضرورة التجانس الروحي التكنولوجي للتطور المستقبلي، وحتى مؤخرا برزت مدارس في البيولوجيا الاجتماعية التطورية ، وعشرات من المدارس تنشر الاف الابحاث،خصوصا في اميركا. ولكن بما يخص الماركسية ففهمها هو كما اعلاه ، ويعتبروو نقده هو للرأسمالية الكلاسيكية للقرن 19 واليوم نحن نواجه رأسمالية اخرى متطورة وتحتاج لطروحات اكثر تطورا، فهي اذ لاتعطي اهمية كبيرة اليوم لاطروحة الصراع الطبقي انه هو الذي يقود التحول والتطور المستقبلي، ولكنها تحترم ماركس ، ليس لقوة اطروحته واهميتها اليوم ، فهو نقد الرأسمالية الكلاسيكية للقرن 19 التي بقيت منها انقاضا ولم تصبح ملكية وسائل الانتاج ولا الصراع الطبقي حاسمة ولها اهمية كالتي تصورها ماركس، بل لانه يعتبر من اوائل نقادها منذ بدء نشوئها في القرن 19 أي انه من اوائل نقادها . ان الجميع يعرف ان نظرته مستقبلية فلسفية ، وبالتأكيد هي ليست تشريعات وطروحات ستالينية مثلما مصاغة في قوالب تقديسية ،وانتقلت منه الى ماركسيينا العرب لتصبح قرآنا وايات مقدسات واحكام مطلقة، وبالغوا حتى على السلفية في حتميتها واطلاقيتها لكل مكان وزمان .
والسؤال من اين اتى هذا الفهم عند جماعتنا المخالف لبقية العالم المتحضر ،أي الرأسمالي، ، الذي نَظَّرَ له ماركس ؟ فهو لم ينظر لنا ولا لأحوال مجتمعاتنا ، فنحن مازلنا ربما مائة او حتى ثلاثمائة عام قبل الرأسمالية.
هذا السؤال يجرنا الى البحث في تنوع المدارس الماركسية في العالم . وهي كثيرة كل منها يطرح طرقا مختلفة لمستقبل المجتمعات الرأسمالية ومن علاج تناقضاتها يطرح طرقا لاقامة اشكال للعدالة الاجتماعية، منها ماطبق في بريطانيا ، واخر في المانيا، في كندا ( افضل البرامج في العالم الاجتماعية) ، او في اسكندانافيا ، والكثير من المدارس النظرية، وجميع المدارس الماركسية تؤمن بالديمقراطية وحقوق المواطنة والحريات الفردية ، والعامة ، وتطرح فهمها للماركسية لتقيم فوقها برامج للعدالة الاجتماعية . لماذا تبنى ماركسيونا مدرسة واحدة منها وهي الستالينة؟ ربما لانها الاكثر تطرفا واشدها قمعا وبعدا عن التحضر والديمقراطية ، ولها سننا مشابهة في المجتمعات المتخلفة لمرحلة ماقبل التحضروالرأسمالية. ان المدرسة الماركسية الروسية صبغت الماركسية بلون واحد هو لونها وظروفها ومهامها بعد ثورة اكتوبر الاشتراكية عام 2017 ومن نجاحها اعادت صياغة الماركسية بقوالب ( أي ادلجتها ) وحددت طروحاتها وطرق تطبيقها وادواتها وجعلتها قوالب جامدة، والويل لمن يختلف مع قوالبها، فهذه سيبريا امامه والبوليس وراءه ، وخوَّنَتْ من يقول بغيرها ، وتم اصدارها بالطبعة الروسية وفق رؤية ومقولات لينينية و بطبعة نهائية للتوزيع خارجيا سوفياتية ستالينية. ان اغلب ما يقع بين ايدينا اليوم من طروحات وسلوكيات وكتب ومقالات عن الماركسية في العالم العربي، وما نراه من طروحات في الشيوعية ، وكل ما يتم طرحه باسم الماركسية عندنا هو في الحقيقة من انتاج الادلجة الستالينية التي ادعت ان هذه هي الماركسية ولاغيرها ، وجعلتها قرآنا مليئا بالايات و بالشرائع اهمها سب وشتم الجاهلية ( الرأسمالية ) واعتبار كل سننها وقوانينها وممارساتها الديمقراطية انما هي زائفة ومزيفة ، ومنها نسمع كل ما يردده سلفيتنا الماركسية الستالينية العربية.
ارجو من اعلاه ان يكون واضحا الفرق الاساس بين فهم الماركسية في العالم ، وفهمها لدى الماركسية العربية والتي ارى تسميتها الحقيقة يجب ان تكون " الماركسية الستالينية العربية" ، والسبب يعود ان لا ماركس نفسه ، ولا الماركسين في المدارس الاخرى ، لم يسب ولم يشتم الرأسمالية ،بل اعتبرها اعلى مراحل التحضر المعاصر ، ولا هو دعا لاقامة دولة دينية ايديولوجية بافكاره ، ولا قوالب فكرية تصنف من يخالفها بالخيانة والعمالة للرأسمالية. هذه كلها نتاج النموذج المؤدلج الروسي (اللينيني الستاليني الصياغة) ، السوفياتي الصنع والعربي الفرع.
المدخل الثاني : حول علاقة طروحات الماركسية بالواقع العربي
ان اهم القضايا التي تواجه مجتمعاتنا العربية اليوم هي معركة العلمانية والديمقراطية والحريات مع السلفية الدينية، والثانية هي خوض معركة اقتصادية للخروج من الفقر والتخلل تتلخص في بناء اقتصاد حديث للرأسمالية والتحول للانتاجية (وهو نفس المحتوى والترجمة لمعركة التنمية الاقتصادية الاستثمارية ) وادخال التصنيع والانتاج وعلوم الادارة المالية والاقتصادية الحديثة لبلداننا.
ان واقع الحال اليوم يقول نحن على بعد معركتين طويلتين، وجيلين متكاملين، للوصول لمرحلة نحتاج فيها الى فلسفة الانتقال الى مجتمع ما بعد الرأسمالية ، أي للماركسية ( ربما بعد مئة عام وربما اكثر). ومنه يطرح السؤال نفسه : هل نحتاج اليوم للماركسية ؟ بلاشك تحتاجها اميركا و المانيا أواوربا الغربية ، كونها بلدانا رأسمالية لتنتفع منها للاعداد للانتقال لما بعد الرأسمالية، ولكن تأكيدا ليست مجتمعاتنا، فنحن مازلنا نحاول الدخول للرأسمالية ونظمها وقوانينها ، ولو ننجح بعد. والحال عندنا ان لدينا احزابا وطنية ماركسية عريقة ، ولدينا مثقفين ماركسيين كثيرين، وبما ان الماركسية منهج علماني وتطوري ، فلم لم يكن واضحا ان عليها ات تخوض معركة الرأسمالية اولا كي تتكون لنا قاعدة صناعية ، وطبقة عاملة ، وطبقة رأسمالية وطنية تساهم في النهوض الاقتصادي، ونظما علمانية وديمقراطية، هذا اذا اردنا تطبيق المقولات التطورية بين المراحل ، وفق ظروفنا الواقعية ، كما قالت به ‏الماركسية النظرية ( مثل التحول من الاقطاع الى الرأسمالية ). ان هذه المعركة الحقيقية ستقودنا دون شك للاخذ بمقومات الفكر الاوربي كالمعارك التي خاضتها منذ مئتي عام او أكثر وشكلت اسسها العلمانية والديمقراطية والرأسمالية الاستثمارية اسسها ودروسها وتجاربها الثمينة ،وهو مايسبه ماركسيونا اليوم ويعتبرونه "جاهلية" وكفرا وفق قرآنهم الستاليتي السوفياتي الذي يقول ان الرأسمالية كفرا والحادا ، وهنا التناقض الذي وقعت فيه الماركسية العربية، فهي ان اجتهدت لحالها ،وفق طروحات الماركسية النظرية، لتبنت اقامة الرأسمالية كمعركة هي الاهم للخروج من التخلف، ولكنها اذ تبنت الستالينية ، فما عليها سوى دورها السوفياتي الستاليني سب وشتم الرأسمالية ، مثل سب المؤمنين "للجاهلية".ومنه ولليوم لم نر حلا واقعيا للخروج من التخلف الاقتصادي طرحته الاحزاب الماركسية العربية.

3. محاور نقد الماركسية العربية
ساتناول بعض المحاور التي هي ظواهر منظورة معروفة واخضعها للتحليل للوقوف على جذورها وطرح تناقضاتها، وساتناول اربعة من هذه الظواهر وهي ما يتطلب مراجعة وتوضيحا للمواقف منها امام الرأي العام ، اذا اعتبرته الاحزاب والحركات واتباع الماركسية العربية هاما لها.

1. تناقض الخطاب (يد تنادي واخرى تشتم بالحضارة الاوربية )
تضع الاحزاب الماركسية العربية، كما والحركات الليبرالية والمدنية والوطنية والثقافية العربية، معارك العلمانية والحقوق والحريات الفكرية والحريات الخاصة والعامة واقامة نظم الديمقراطية والتنمية الاقتصادية خطابا ومنهجا مشتركا للخروج من التخلف العربي، وهي اليوم تخوض هذه المعركة الوطنية مشتركا وجميعها تقف ضد صعود وسطوة السلفية الدينية والميليشيات ومافيات الفساد الحكومية واجهزة القمع للنظم العسكرية الديكتاتورية . هذا ما نراه في اليد اليمنى للاحزاب الماركسية العربية، وتشترك به فعلا مع كافة القوى المدنية والليبرالية لخوض هذه المعركة الصعبة اجتماعيا . ولو قمنا بترجمة شعارات هذه المعركة وارجاعها الى جذورها الفكرية سنجد ان كل اسسها وادواتها واصولها ترجع الى المدرسة الفكرية العلمانية الليبرالية ( أي الحقوقية ) الاوربية بشقها السياسي (مثل علمانية الدولة وحقوق المواطنة واقامة ركائز الديمقراطية والحريات الفكرية وهي ركائز دولة المواطنة والحريات الاوربية).
اما شقها الاقتصادي الذي يقول بالتنمية فيترجم الى تشجيع ودعم الاستثمار الوطني والاجنبي في التنمية الوطنية، وتعني تنمية الاقتصاد الرأسمالي الاستثماري في القطاعات الانتاجية والخدمية كأنجح نماذج التنمية تجربة ، ومع اي نماذج اخرى ، فجميعها تستند الى قوانين الاقتصاد الرأسمالي الاستثماري، أي قوانين علم الاقتصاد المعاصر بفروعه المالية والادارية.

والتناقض مع الشعارات يأتينا من اليد اليسرى ، ففي نفس الخطاب الماركسي العربي الذي يقول بالعلمانية والديمقراطية والحريات والتنمية يأتيك هجوما واتهامات تشنيعية لنفس اسس ومفاهيم الحضارة الاوربية ، يأتيك تحت تسميات تتراوح بين الرأسمالية اللاانسانية والنيوليبرالية والعولمة المتوحشة اضافة طبعا للاستعمار والامبريالية ، ويأتيك معها ان ديمقراطيتها كاذبة وحرياتها زائفة وانها حضارة استغلالية وان الغرب ضدنا وهو من يقف وراء تخلفنا وتراجعنا ، اي مبدئيا ، يناقض الخطاب على اليد اليسرى ما دعا اليه في اليد اليمنى. انه تناقضا واضحا حتى امام المواطن البسيط فكيف بالرأي العام المثقف ، انه موقفا هيبوكراتيا Hypocritical” " ، أي منافقا ونفاقيا.
لو امعنا في البحث عن اسباب هذا الانفصام وهذا الموقف المعيب، لوجدنا ان التناقض ناتجا عن سطوة المقولة الستالينية ( اليد اليسرى) على القراءة للواقع المادي ( اليد اليمنى ، وهو ما يمثل ايضا المنهج المادي الماركسي النظري) . انه الخضوع المطلق للمقولة الستالينية الايديولوجية في سب الرأسمالية ( وهو موقف مثالي يضع المقولة " الوعي" قبل الواقع ، وهو عكس المنهج المادي الماركسي) ، وهكذا نرى الاثنان يرفعان رغم تناقضهما. ان هذا التناقض هو نفاقا، المواطن يرى فيه نفاقا ، والمثقف يراه معه ، ان تدعو في اليمنى الى الديمقراطية ( والمواطن يعرف معناها من ممارسة اوربا والغرب لها ) ، والاخرى تقول له ان الديمقراطية الغربية مزيفة وكاذبة، انه نفاق وخطاب متناقض. ونتيجته الشلل الذي نراه، حيث تبقى الشعارات دون اليات وحلول وبرامج لترجمتها للواقع ، كون اليمنى تقول شيئ واليسرى تقول انه زائف وكاذب، ومنه لا فعلا ولا حلا للشعارات. ومثل تناقض الديمقراطية ، تجد شعار ودعوة التنمية الاقتصادية. اليد اليمنى تقول بالاستثمار لخلق فرص العمل في الانتاج والقضاء على البطالة ( وهو يترجم بوجوب التوجه لدعم الاستثمار الرأسمالي واقامة ظروف نجاحه) وفي اليسرى تجد المقولة الستالينية في ادانة الرأسمالية ووصمها بشتى الالقاب الادانية والدونية ، كما وتترجمه الماركسية العربية انه ضد المصالح الوطنية. انها حيرة ولخبطة حقا لابد للماركسية العربية من حل تناقضها، واراه وبكل اختصار ، اما الاخذ بالمنهج المادي الماركسي النظري والتخلص من المقولات والقوالب الستالينية المؤدلجة المبرمجة فقط لسب اوربا والرأسمالية ،وماركس لم يقم يوما بسبها مثلا، وأعتبر الرأسمالية تقدمية وأعلى مرحلة وصلتها البشرية . والاحزاب الماركسية الديمقراطية الاوربية مثله ، ولم تسب حضارتها وانجازاتها ، ومنه نجحت في مجتمعاتها، فهي لا تعتبر قوالب الستالينية ماركسية، بل تخلفا ديكتاتوريا، وتطرح برامج عملية كونها تتعامل مع واقع مجتمعاتها وليس بشعارات على اليمنى وسبها على اليسرى. انه امرا متروكا للاحزاب الماركسية العربية ان تختار بين فكر واسس الحضارة الغربية التي من ضمنها الماركسية، حالها حال نظيرتها الاحزاب الاوربية وبين الستالينية. ولا اعتقد انه لو تبنت كالاحزاب الاوربية هذا الموقف سيبعدها عن الماركسية، بل تمارسها وفق منهجها المادي وليس بتعاويذ قرآنية ستالينية، فهما مختلفان، ومنها يتم التخلي عن هذا التناقض الفاضح.

2. نقد بث فكر وثقافة الكراهية والتناغم مع خطاب السلفية
توصِفُ السلفيات الدينية حضارة الغرب باللاأخلاقية تارة، والاستعمارية، و بالصليبية، وهي واضحا تبث ثقافة الكره للشعوب والامم والمجتمعات الاوربية ، وخلق حواجز نفسية واجتماعية لدى شعوبنا ضد هذه الحضارات وتجاربها الانسانية. والغريب في الامر ان يصاهرها الطرح العربي الستاليني متباريا بتوحش الغرب وممارساته للهيمنة على بلداننا وصولا ان الليبرالية هي غطاء للابادة الانسانية .كلاهما يتبارى في بث ثقافة الكراهية هذا ،وكلاهما يورد ماقام به الاستعمار الغربي من ابادة للهنود الحمر مثلا في اميركا( بعضهم اوصل الرقم الى 650 مليونا اي مايقارب سكان الارض ذلك العهد) ، و الى ابادات ملك البلحيك في الكونغو ( وطبعا كانت فتوحات المسلمين للامصار ليس للمال والسبايا بل لتوزيع الهدايا) . ان الغزو والاستعمار مدانا اليوم في الغرب واوربا ،ولن تجد اية مقالة او اطروحة كيف تدين اوربا الليبرالية ممارسات الاستعمار الغربي وتدين سلوكياته ( واغلب هذه الامثلة تم حتى قبل الرأسمالية او خلال انظمة حكم الامبراطوريات الرجعية اللاديمقراطية في القرون 16-19، اي قبل تطور الحضارة الاوربية الحاي الى نظم الديمقراطية الليبرالية الذي تم خلال النصف الثاني للقرن العشرين. ان الطرفان يتباريان بوصم حضارة الغرب اليوم ،كما الامس ، انها متوحشة متعطشة للدماء ولا تمتلك غير الحروب والنهب كانها قبائل جنكيزخان والحروب الصليبية تأتي للشرق لنهبه. وهنا ومن جديد تراهم فاقدي بصر وبصيرة. ولايرون ان الحضارة الاوربية اليوم تعلم اولادها ،وهم في سن السادسة، ادانة هذا التاريخ وتعلمهم الانفتاح واحترام الثقافات كسبل لاغناء معارفهم، ومنه يستمر على كل سنوات التعليم الجامعي الاعلى ، واينما تتوجه تجد ممارسات الانفتاح والتعايش والقيم الليبرالية واقعا معاشا في مجتمعاتها وبودقة تتفاعل فيها مختلف الحضارات والانفتاح على العالم. هذا تجده في كل مدرسة وكل جامعة وكل مؤسسة وكل ركن في الحياة سواء في الشارع اوفي اعلى المؤسسات في الدول والمجتمعات الاوربية والاميركية .
انها فضيحة مدوية تلك الصورة التي يطرحها اتباع الماركسية العربية الستاليتية عن ثقافة وتطور الحضارة الاوربية الغربية . انها وقعت داست بجزمة ستالين على واحدة من اهم شعارات الماركسية بدعوتها للاخوة الانسانية . انه لامر مخز حقا لمن يدعيها ويدعي قيم العلمانية والتحرر ان يتصاهر مع الرجعية السلفية. ويطرح نفس مقولاتها وبث روح الكراهية. ان سيطرة المقولة الستالينية هنا هي السبب في هذا الطرح الشائن المعادي للانسانية وما فيه من سفالة السلفية الدينية. ياسادتي ان كنتم تخوضون معركة العلمانية والديمقراطية والحريات وكنتم تؤمنون بالدعوة الاممية فكيف نجد خطابكم متصاهرا مع التكلس السلفي ويبث مثلهم ثقافة الكراهية . حللوا الموضوع جيدا لتتوصلوا انه حان الوقت للتخلص من قوالب الكره الستالينة ، فهي جعلتكم سلفية.

3. نقد تحويل معارك التخلف من داخلية الى خارجية
ان معارك احتماعية مثل العلمانية والديمقراطية والتنمية هي معارك داخلية بعناوينها ومحتوياتها واهدافها. ويشكل طرح مناهج وبرامج و طرق خوضها داخليا اهم المهام للخروج من نفق التخلف. وبدلا من جمع الجمهورحول هذا الحلول لخوض معارك الاصلاح الداخلي، يأتي التيار الماركسي العربي باطروحات تضع التخلف على الغرب والامبريالية مناضرا في هذه القضية خطاب السلفيات الدينية ، انه الغرب والصهيونية هي من يقف حائلا امام تقدمنا وضعفنا. وترى خطاب الاحزاب وبحوث ومقالات ماركسيينا العرب تتناول اتهام الراسمالية وتبيان مطامع الامبريالية وتفتقد لابسط الحلول العملية العلمية الداخلية لخوض هذه المعارك المفصلية مع السلفيات والديكتاتورية .ان جل بحوثهم تراها تتناول العولمة ، والنيوليبرالية ، وازمة الرأسمالية العالمية ، وحروب الابادة الليبرالية، وتؤكد للناس عندنا ان تخلفنا وفساد انظمتنا ونظمنا لاتقف وراءه غير الامبريالية ، ولولاها لما رأيت ربما العمائم تسرق المال العام في العراق، ولما رأيت العدوانية في الميليشيات الايرانية ، ولما سطت السلفيات على الوعي الاجتماعي. حقيقة الامر خزعبلات وطروحات وهروب من الواقع لبائسين عاجزين ،ماهرين في اخفاء فشلهم وجعل التخلف والفساد تآمرا امبرياليا . انها في حييقة ألأمر تعمية للناس وهي فعلا بدأت تعتقد ان من يهندس مصيرها هي اميركا وليست هي بنفسها بخوض معاركها الوطنية ( حدث مؤخرا ان اميركا قامت بتغيير 1500 من جنودها في العراق ، وقرر الجميع من بائع البطيخ الى المحلل السياسي ان اميركا اتت بهم لتغيير النظام ). ان اثر هذه الطروحات واضحا ، انه التيئيس وجعل شعوبنا لاتثق بحل داخلي طالما الامور محسومة لارادة دولية ، لاميركا والامبريالية . هذا له علاقة بترديد الطروحات الستالينية حول الطبيعة العدوانية للغرب ، وجعل معاركنا الأهم هي خارجية ،مع الامبريالية العالمية . اما معاركنا الداخلية كالعلمانية والديمقراطية والتنمية فهذه شعارات ولايمكن اقامتها بتواجد الامبريالية. ان المؤدلجين عميانا بالرؤيا والبصيرة كونهم لايرون ولايسألون انفسهم كيف اذن استطاعت كوريا والهند وتركيا وغيرها عشرات البلدان شق طريقها واقامة العلمانية والديمقراطية والتنمية الاقتصادية ، هل سامحتهم الامبريالية، واعطتهم استثناء خاصا وحرمتنا منه ، او انهم خاضوا معارك وطنية داخلية ومناهج للتنمية استخموا في اسسها قوانين وحضارة البلدان التي يسميها جماعتنا امبريالية، وبينما هم تقدموا نحن بقينا على سبها وشتمها وجعلنا من معاركنا خارجية.
نشهد هنا مرة اخرى الوقوع في فخ المقولة الستالينية ، والمصاهرة مع طروحات السلفية الدينية والقومجية. امر مخز اخر لمن يرفع شعاراتا لمعارك داخلية ويذهب لخوض معارك وهمية خارجية، وفقا لمقولات ستالينية ، وتكرس كل طاقاتها وخطابها لها، انها ماركسيتنا العربية الستالينية .
4. نقد ممارسة الستالينية الثقافية التخوينية
ان واحدة من معالم الستالينية ( حالها حال المدارس السلفية القمعية) هو تكفير وتخوين كل من تعتبره يخالف مقدساتها ومقولاتها النصية وممارساتها القمعية ، ولا مكان فيها لا للعلم التحليلي ولا للمناهج النقدية. مثلا دوما ما يطرح الماركسيون العرب ان سبب تخلفنا هو الامبريالية ، وعندما تطرح ان اسبابه وحلوله داخلية ( كالفساد الحكومي مثلما سرق معمموا العراق المال العام واشاعوا فساد المؤسسات، وبدل فضحهم لاقامة دولة ومؤسسات وطنية ، علينا ان نقول للناس انها اميركا الامبريالية مسؤولة عنه، وهو امرا يريح العمائم وتراهم يرددونه على المنابر ، انها من يمنع التنمية وهي من يسند الفساد والافساد، انها الامبريالية) . ويالها من مهزلة حقا ان تجتمع العمائم والماركسية . واذ يأتي من يقول انها قضايا داخلية وليست امبريالية ، ترى ماركسيونا متأهبين ، بأساليب التخوين الستالينية مسلحين ،بدء بالسب والشتم وتهم الدفاع عنها وعميل لها واقلام مأجورة لهذه الامبريالية . انها قضية مضحكة فعلا ان تفرخ الماركسية سلفية بهذا الشكل وهذا الحجم ، ولكنها ليست الماركسية حقا بل انها الستالينية ، فالماركسية نظريا قالت بصراع التناقضات يحصل التطور ، ومنها فهي ظاهرة صحية ، ولكن الستالينية لها رأيا اخر انها العمالة وتنوين كل من يقول بغيرمقولاتها الكسيحات .
واذ نحن في القرن الواحد والعشرين ، وتراجعت حتى الكنسية عن تخوين من قال بنقض مقولات كتبها المقدسة ، ولم تعد تكفر كهنتها او نقادها، وحتى ترى رجال دين معممين متنورين ينقدون نصوصا قرآنية انها ناقصة منطق وناقصة بلاغة ، وذلك على الملأ والعامة ( كالسيد احمد القبانجي في قناته على يوتوب ) ولم تكفره المراجع ، فما بال ماركسيينا العرب لا يتعلمون منهم . بمجرد اختلاف مع طرح ستاليني ، حقا او باطلا، تراهم يقفزون ويقذفون ويسبون ويشتمون ويتهمون بالعمالة للامبريالية ، ياريتهم حال معتدلي السلفية ، بل حالهم حال دواعش السلفية. انها حالة مرضية موروثة من الثقافة الستالينية ، واذا تراجعت الكنائس والعمائم عن اتهام منتقديها بالكفر ، فكيف بمن يدعي العلمانية والتطور والتقدمية، في عصر سواد الديمقراطية وحرية الرأي وقوة الحجة والمنطق والاخذ بمعطيات الواقع الموضوعية وتقوم بتثقيف الناس وتكوين رأي ذو منطق وواقعية. لقد اختفت اليوم في العالم المتحضر الممارسات الكنسية السلفية والستالينية الا جماعتنا الماركسية العربية فهم رواد جهاد وليسوا خرقا كالكنسية، فالويل لمن ينتقد مقولاتهم وطروحاتهم الستالينية فهم ليسوا اقل بذاءة من السلفية القروأوسطية.

5. خلاصة ونتائج

1. ان أهم المحاور النقدية للماركسية العربية هو ضرورة ازالة اللبس والتناقض في مواقفها تجاه الحضارة الاوربية ، فهي لايمكنها طرح شعاراتها بيد وسبها بالاخرى الستالينية . فعدا انه يجعلها واضحا امام مجتمعاتنا ومثقفينا في موقف المنافق المتناقض، فهو يحرمها من التقدم وطرح برامج عملية لتحقيق شعاراتها، وعليها الخيار بين الحضارة الاوربية بقيمها ومفاهيمها وممارساتها و بين الستالينية بقيمها وممارساتها واطروحاتها. ان ذلك لايعني التخلي عن الماركسية بل عن الستالينية ،فالماركسية النظرية ان تم الاخذ بها تقف مع الاولى وضد الطروحات والثقافة الستالينية كونها مناهضة للمفاهين وللقيم الاوربية ،ومنها الماركسية، فهي نموذج سلفي متخلف ومتطرف للماركسية . ان عليها انهاء هذا التناقض واتخاذ موقفا واضحا امام مجتمعنا : هل هي مع هذه او تلك، وان يكون موقفها صريحا وواضحا هل هي مع الحضارة الاوربية او مع الستالينية.
2. ان مطالب مثل دمقرطة المجتمع واطلاق الحريات الفكرية واحترام الرأي المخالف يجب ان تبدأ من داخل المؤسسات كي تصح دعوتها للمجتمع . كما وان الانفتاح على العالم وعلى حضارته بعيدا عن بث فكر وثقافة الكراهية للمجتمعات والشعوب والحضارة الاوربية ،تحت يافطة سب الرأسمالية والامبريالية، هو ايضا من اهم مهام من يدعي ويتبنى شعارات العلمانية والديمقراطية والاخاء الانساني ، وهذه قضية اخرى تدعم النتيجة الاولى بالتخلي عن خطاب الكره الستاليني والنظر لانجازات العالم الغربي الغربي اليوم ، المتشبع بثقافة الليبرالية والانفتاح الانساني في كل مجالات الحياة ، وهاهو امامكم رئيس وزراء بريطانيا هندي الاصل، ورئيس واسكتلندا باكستاني، وقبلهما في اميركا الرئيس اوباما افريقي الاصل ،وانتم لليوم تسبون الغرب وتصفونه عنصري وتمييزي وغيرها من وسائل الجعاية الديماغوجية الستالينية البوتينية . ان العالم تغير وعليكم التغير لتأتي مقولاتكم وطروحاتكم متناسبة مع الواقع ومتغيراته، وليست من افواه السلفية.

أود ان تعلموا ان كاتب هذا النقد ليس ضد الماركسية، كما هو ليس من انصارها، بل يحترمها كفكر انساني لقيمها الانسانية.، كما واني لا أؤمن بالادلجة كونها ضد العلم ومنهجه ، واكتب هذا النقد بروح ومنهج العلم كوني مارسته باحثا واستاذا جامعيا متقاعدا، ولست سياسيا بل مثقفا وطنيا يؤمن بالوطنية العراقية والمفاهيم التي تؤدي لاقامتها وتقويتها وهو واجب يقع على مثقفينا اولا وقبل غيرهم ، ومنه يأتي هذا النقد الذي اعتبره بناء ومهما لجمع صفوفنا الوطنية ومواجهة موجة التخلف السلفي وانحلال دولتنا الوطنية بشكل لم يسبق له مثيل. والاهم في واجباتنا كمثقفين وقوى علمانية وطنية ايجاد طرق ووسائل للخروج من نفق التخلف مرة وللابد، بمنهج وادوات علمية وعملية واضحة للناس بكل فئاتهم وطبقاتهم، والخروج من شرنقة التؤدلج والتعصب والتكلس وغيرها من امراض وممارسات تعيق الاجماع الوطني حول معارك شعوبنا التي اضحت معارك مصيرية.

د. لبيب سلطان
استاذ متقاعد، جامعة ولاية كاليفورنيا سان دياكو



#لبيب_سلطان (هاشتاغ)       Labib_Sultan#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حلول العلم والايديولوجيا للتخلف العربي 2
- المنهج العلمي والايديولوجي لحلول التخلف العربي
- فهم نظرية تعدد الاقطاب وانعكاسها على العالم العربي
- معركة اليمين واليسار في الهجرة الى الشمال
- فهم اليمين واليسار في عالمنا المعاصر
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي
- فهم تجربة الصين وأهميتها للعالم العربي (فهم العالم المعاصر ـ ...
- فهم الرأسمالية وعلاقتها بالليبرالية ( فهم العالم المعاصر 2)
- في فهم العالم المعاصر1 علاقة الايديولوجات بالاقتصاد ونظم الح ...
- لائحة اتهام 3
- لائحة اتهام لثلاثة ايديولوجيات دمرت اربعة دول عربية ـ2
- لائحة اتهام لثلاثة ايديولوجيات دمرت اربعة دول عربية ـ1
- القوانين الثلاثة لبناء الدول المعاصرة والامم الناجحة
- جذورتحول الجمهوريات الثورية الى ميليشياوية
- في علاقة النظم السياسية بنظم الذكاء الاصطناعي
- الغزو الاميركي للعراق ـ3
- الغزو الاميركي للعراق 2
- الغزو الاميركي للعراق ـ1
- في رحيل الاخ الصديق ابراهيم الحريري
- نحو خلق ثقافةعربية علمانية جديدة متحررة -2


المزيد.....




- اجتماع بين إيران وتركيا وروسيا في الدوحة لبحث الوضع في سوريا ...
- علي معتوق.. تعرف إلى رجل تحدى القصف الإسرائيلي لإنقاذ الحيوا ...
- الجولاني: سقوط النظام السوري -بات وشيكًا-.. والمعارضة تعد ال ...
- مسؤولون إيرانيون ينفون فرار الأسد من سوريا
- ناسا تؤجل إطلاق مهمات برنامج -أرتميس- القمري
- دراسة: القلب يملك -دماغا صغيرا- خاصا به
- احتمال سقوط الأسد والشكوك حول استراتيجية إيران؛ -تم المتاجرة ...
- من طب العيون في لندن إلى الحرب في سوريا.. سيرة بشار الأسد
- سكان دمشق يعيشون حياة طبيعية وسط مخاوف من تقدم الفصائل المعا ...
- إيران تزيد تخصيب اليورانيوم وسط توتر دبلوماسي متصاعد


المزيد.....

- المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية / ياسين الحاج صالح
- قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي / رائد قاسم
- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - لبيب سلطان - في نقد الماركسية العربية