أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حمزة الجواهري - الرقص الهستيري بعد الانتخابات الأمريكية















المزيد.....

الرقص الهستيري بعد الانتخابات الأمريكية


حمزة الجواهري

الحوار المتمدن-العدد: 1734 - 2006 / 11 / 14 - 12:11
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


مع كل حدث يبدو وكأنه انتصار للإرهاب في العراق، تتعالى الأصوات النكرة لحملة المشاريع الشريرة من البعثيين والعروبيين والسلفيين بما يوحي أن الانتصار كان حاسما، ولكنه في الواقع لا يعدو كونه زوبعة، هذه المرة، كما كل مرة، يتزامن الانتصار الوهمي مع هستيريا من نوع جديد، كان الطقس الهيستيري هذه المرة قذف منازل الأبرياء في الأعظمية والكاظمية لتوحي للناظر أن المشهد يعد بالفعل انتصارا حقيقيا وأن الحرب الأهلية قد بدأت وليس الأمر مجرد زوبعة فارغة، ومما زاد من الطين بلة، أن البعض قد صدق تلك الكذبة التي بدأت بفوز الديمقراطيين في المجلسين.
الخلاف في إدارة بوش كان أساسا بين البنتاغون والسي أي أيه، ولفض النزاع جاء رئيس وكالة السي أي أيه ليكون رئيسا للبنتاغون، كونه أيضا أحد أعضاء لجنة بيكر التي شكلها الكونجرس الأمريكي لتقصي الوضع في العراق، وبقراءة سريعة لرويا الرئيس الأمريكي كاستجابة لتوصيات هذه اللجنة، هو أنه فض النزاع بين أطراف الخلاف من خلال هذا التنصيب، لأن رجل البنتاغون الجديد يعتبر حلقة الوصل بين جميع الأطراف، كما ويعتبر واحدا من الرجال الذين اعتمد عليهم بوش الأب في إدارته الواقعية على حد تعبير الواشنطن بوست.
حقيقة أن أجهزة الإعلام العربي الأعور قد صورت أن الخلاف الذي بين الجمهوريين والديمقراطيين يتمحور فقط بمسألة الانسحاب من العراق أو الإسراع به مهما كانت النتائج، لكنه في الواقع كان أوسع وفيه أطراف عديدة، لكل واحدة منها رؤيا خاصة لحل المعضلة العراقية والخروج منها منتصرين، حيث تعد مسألة الانتصار هي القاسم المشترك بين جميع الرؤى لأطراف الخلاف، وهو ما قد تم احتواؤه بلجنة بيكر، إذ ليس بالضرورة أن من يدعوا للانسحاب هو نائب ديمقراطي، فهناك العديد من الديمقراطيين يدعون لمضاعفة الجنود الأمريكيين في العراق للتعجيل بالنصر على الإرهاب وإرساء دعائم نظام ديمقراطي، وهو ما يعني أيضا الحسم السريع.
ربما لا تهتم لجنة بيكر بأن يكون النظام في العراق ديمقراطيا بكل معنى الكلمة، ولكن بالتأكيد ليس حكما استبداديا على غرار الأنظمة في المنطقة، وأن لجنة بيكر التي وصفت بالواقعية، ترى أيضا أن المكونات الأوسع في العراق هي المستهدفة أساسا من قبل دول الجوار التي تغذي الإرهاب في العراق، ولا يمكن خذلانها لأنها وبعد أن تحررت من قيود الدكتاتورية قد تنتهي بها الأمور إلى الدفاع عن نفسها، وهو ما يعني أن الصراع سوف يكون أكثر اتساعا عما هو عليه الآن.
ربما يستدعي الأمر العودة لأصل الخلاف ضمن إدارة الرئيس بوش والمتمثل بالنزاع فيما بين البنتاغون والسي أي أيه، والتي كانت إحدى نتائجه خروج أحمد الجلبي من دائرة الضوء الأمريكية في العراق، وأن استقالة رامسفيللد تعني انتصارا للطرف الثاني، ولو صح هذا التقدير فإنه يعتبر بمثابة كارثة حقيقية للمشروع البعثي والسلفي وكل المليشيات الطائفية في العراق، وهذا ما ذكرت جانبا منه صحيفة الزمان حين أوحت للقارئ من أن هذه التعديلات المقترحة للبنتاغون ربما تتضمن الضغط على الحكومة العراقية لنزع أسلحة المليشيات فقط، وتناست أن أصل الشر وهو العصابات البعثية والسلفيين القاعديين وغيرهم كعادة الصحيفة بالتعامل مع الملف العراقي الشائك حين تقرأ بنصف عين، لذا لم ترى من الحقيقة سوى بعضها.
كما أسلفنا، فإن التعجيل بالحسم لا يعني الهروب من أرض المعركة والقضاء على الهدف الاستراتيجي لأمريكا في المنطقة والعالم كما روجت له أجهزة الإعلام والسياسيين من شتى المذاهب والملل من الكارهين لوجود نظام ديمقراطي في العراق، إنما يعني أن اليد المتراخية للجيش الأمريكي في العراق سوف تتماسك أكثر وربما تكون أثقل بوقعها على جسد الإرهاب، وأن اعتراف رامسفيلد الصريح بقوله ""أنه صار واضحا أن الوسائل (يقصد التراخي والاحتواء) التي اتبعت خلال السنوات الثلاث والنصف الماضية لم تحقق هذا الهدف""، هذا الاعتراف يعني أن التراخي الذي أبداه رامسفيلد في التعامل مع الإرهابيين من جميع الأطراف أملا بدخول المعارضين للعملية السياسية والمشاركة فيها بإيجابية قد فشل، وقد أثبتت الأيام أن هذه الأمنية التي تنم عن عدم فهم لطبيعة هذه العناصر وطبيعة أهدافها الشريرة، حيث إنها تهدف أساسا لعودة النظام القديم أو قيام إمارات إسلامية للطوائف على أرض العراق، وهذه أهداف تتعارض تماما مع المشروع الأمريكي في المنطقة والعالم. هذا هو خطأ رامسفيلد والمحافظون الجدد، أنهم كانوا رومانسيون في تصورهم للوضع في العراق، وما العودة للواقعية بالتعامل مع الملف العراقي إلا التخلي عن نظرية ""خلق الإنسان من روح الشيطان"" المثالية، لأنه المستحيل بعينه.
في مقابلة مع وزير الدفاع الأمريكي الجديد قال نحن بحاجة لدراسة، بكل تجرد، ما يتفق مع الأهداف الاستراتيجية الأمريكية وما لا يتفق، وما يعيق التقدم في العملية السياسية في العراق وما يستوجب تغييره، لكنه لم يفكر أبدا بانسحاب يحقق انتصارا حاسما للإرهاب وهزيمة نكراء للمشروع الأمريكي في العراق والشرق الأوسط والعالم، لأن المشروع الأمريكي لا علاقة له بإدارة بوش، وإنما هو مشروع استراتيجي أمريكي تشترك به جميع الكتل السياسية ومراكز أبحاث استراتيجية متخصصة تخدم في النهاية مصالح أمريكا العليا، وما على الإدارات سوى التنفيذ المبدع، وإن فشلت أو تلكأت فإن الأطراف الأخرى تتدخل بشكل مباشر، وهذا ما حصل مع إدارة بوش حاليا بعد أن فشلت بتحقيق نجاح يذكر في العراق بعد ثلاث سنوات ونصف، فلا المصالحة نجحت ولا الاحتواء نجح ولا الإرهاب توقف، بل ينتقل من وتيرة مرتفعة إلى أخرى أكثر ارتفاعا. ولم يخفي الوزير حقيقة أن قوات الأمن العراقية يجب مراجعتها من حيث العدة والعدد والتأهيل، ولم يخفي حقيقة أنهم ناقشوا تعديل حجم القوات الأمريكية ووضع جدول زمني لها، لأن حجمها الآن لا يسمح بانتصار حاسم، وبالتالي لا يسمح بوضع جدول زمني بأي حال، بمعنى أن زيادة حجم القوات الأمريكية أمر وارد، وهو ما حاول رامسفيلد في حديثة الأخير أن يجعل منه كنوع من المشاركة الدولية في قوات التحالف، لكن الواقعيون الجدد، كما يحلوا للبعض تسميتهم، يجدون أن الزيادة ستكون أمريكية إذا لم يشارك بها العالم، وهذا ما يمكن قراءته فيما بين السطور من تصريحات الوزير الجديد.
تعالت أيضا الأصوات التي تتمنى أن يتوقف تمويل حرب العراق، في حين من الواقعية النظر له بعين أمريكية وليس بعيون العوران، فهي التي أنعشت الاقتصاد الأمريكي بالترافق مع الخفض الضريبي على الطبقات الدنيا من الأمريكان، وكانت السبب الرئيسي في إنجاز المعجزة الاقتصادية الكبرى التي تحققت في زمن الرئيس بوش والتي لم يسجل مثلها الاقتصاد الأمريكي مثيلا خلال ما يزيد على أربعة عقود متتالية، متمثلة بأعلى نسبة نمو وأقل نسبة بطالة والأقل ضرر على دافع الضرائب الأمريكي من الطبقات الدنيا والمتوسطة، لذا لا أجد أن مسألة التمويل سوف تتأثر بهذا التغيير، ربما يستفاد من نتائجها بضخ مزيد من الأموال بهذه الحرب لمزيد من الدعم الاقتصادي للصناعة الأمريكية وتحقيق أرقاما جديدة على مستوى النمو قد تفوق ما تحقق لحد الآن.
كانت الواشنطن بوست (تمويلها من الرجعيات العربية الأكثر تخلفا) قد بشرت بمقالة تمنيات لا تحليل لبيتر بيكر وتوماس ريكس نشرت بتارخ 11 من هذا الشهر، تحدثت عن عودة الرئيس بوش للسياسة الواقعية بدلا من سياسة المحافظون الجدد المثالية، وانتهى المحللين بالسطر الأخير الذي يحمل أماني الأنظمة العربية المتهرئة، وهو أن الواقعية الجديدة لإدارة بوش تعني العودة والاعتماد على الأنظمة الصديقة لأمريكا أيام بوش الأب، وعلى الإدارة الأمريكية الجديدة القبول بالاستبداد في المنطقة العربية على اعتبار أنه يمثل الاستقرار وهو ما يعني الأمن أيضا، أي سياسة استقرار أنظمة الاستبداد في المنطقة مقابل الأمن، وهو ما يشكل اعتراف غير مباشر عبر هذا البوق الإعلامي من أن هذه الأنظمة هي التي ترعى الإرهاب عربيا وعالميا، وكأني بهم أيضا يهددون بوش ""أن أتركنا نستبد كما نشاء، وإذا لم تفعل، فإننا سنغرق العالم إرهابا وفوضى""، وهو بالضبط ما يفعلوه في العراق. من هنا أقول أن الواقعية لا تعني إطلاق يد أنظمة الاستبداد في الشرق الأوسط للإجهاز على مستقبل الديمقراطية في المنطقة والعالم، بل أن الضغط الشديد عليها هو الأمر الواقعي، لأنها أنظمة هشة ولا تستطيع الصمود أمام الضغوط الحقيقية لأولي الأمر منهم أمريكا وبريطانيا، خصوصا وأن الكثير من هذه الأنظمة يقتات على المعونات الأمريكية أما الغنية منها فإنها مجرد إدارات تابعة لوزارة الخارجية الأمريكية.
إن هذه القراءة لحقيقة ما جرى في أمريكا ليست غائبة عن ذهن ممثلي الإرهاب الذين زجت بهم السياسة الرومانسية السابقة في العملية السياسية العراقية وقدمت لهم الوعود التي دفعتهم للاستهتار بكل شيء، لقد أدركوا أن السياسة الواقعية الجديدة ترى أيضا بعين واقعية لما يجري في العراق وليس لما ينقل لها عبر سفيرها زلماي المتواطئ مع أنظمة الاستبداد العربي، لذا أجتمع أقطابها على عجل للتشاور عما يجب فعله في المرحلة القادمة، وكان أول الغيث قطر، حيث هدد أحد قادتهم بانسحاب الجبهة خلال الأسابيع المقبلة من تشكيلة الحكومة ولكنها ستبقى تمارس دورها السياسي في العملية السياسية والبرلمان في حال قررت الجبهة الانسحاب من الحكومة، مدعيا أن هذا الموقف جاء بناء على عدم إيفاء بعض الأطراف بالاتفاقيات التي جرت قبيل تشكيل الحكومة، وأن جبهته كانت قد سلمت الأطراف الأخرى جملة من المطالب وعند الرد عليها ستقول الجبهة كلمتها من الاستمرار أو عدمه في الحكومة! حقيقة كل ما جاء على لسان القيادي يعتبر بلغة السياسة مجرد هراء، ليتهم ينسحبون، فإن ذلك أصلح للعراق، وهذا ما سيكون موضوع مقالتنا القادمة.
إن هذه التهديدات لم تنطلي على لبيب، فهي تمثل حالة الذعر لهذه العصابة التي دخلت للعملية السياسية لتخريبها من الداخل، وإنها بظل الواقعية الجديدة سوف لن تستطيع الاستمرار بهذا الأسلوب، لأنه مكشوف على أنه تخريبي من ناحية، وأنهم يتوقعون أن الضربات سوف تكون موجعة من ناحية أخرى.



#حمزة_الجواهري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أحذروا لعبة الأمن مقابل حياة صدام!؟
- ماذا يحدث لو لم يحكم على صدام بالإعدام؟
- أمريكا لن تنتصر على الإرهاب ما لم....
- أما آن الأوان للتخلي عن الأحلام المريضة؟
- اتفاق مكة كان فرصة لأداء العمرة فقط
- 655000
- نريد نظام فدرالي وليس إمارات إسلاموية شمولية
- الاتفاق الأخير حول الفدرالية ومهلة الحكومة
- مازال الحديث عن الفدرالية مستمرا
- حرب المشاريع السياسية
- ليس علما للعراق
- هل ستوقف مرجعية النجف دعمها لأحزاب الإسلام السياسي؟
- سياسة التفريط بالنفط مقابل الأمان
- النفط مقابل الأمان!؟
- زلماي يجر العراق إلى حرب أهلية، وربما أبعد
- فدرالية الجنوب والأربعين سياسي
- هل عاد قرقوش للحياة؟
- صواريخ حزب الله لها أهدافا أخرى!!
- تصويب لخطأ غير مقصود من حمزة الجواهري
- لك الله يا بغداد من خيانة الأمانة!


المزيد.....




- طيور وأزهار وأغصان.. إليكم أجمل الأزياء في حفل -ميت غالا 202 ...
- حماس تصدر بيانًا بعد عملية الجيش الإسرائيلي في رفح وسيطرته ع ...
- التعليم حق ممنوع.. تحقيق استقصائي لـCNN عن أطفال ضحايا العبو ...
- القاضي شميدت يتحدث عن خطر جر بولندا إلى الصراع في أوكرانيا
- فيتنام تحتفل بمرور 70 عاماً على نهاية الاستعمار الفرنسي
- نشطاء مؤيدون للفلسطينيين يحتلون باحة في جامعة برلين الحرة
- الأردن: إسرائيل احتلت معبر رفح بدلا من إعطاء فرصة للمفاوضات ...
- باتروشيف: ماكرون رئيس فاشل
- روسيا.. الكشف عن موعد بدء الاختبارات على سفينة صاروخية كاسحة ...
- الإعلام العبري يتساءل: لماذا تسلح مصر نفسها عسكريا بهذا الكم ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حمزة الجواهري - الرقص الهستيري بعد الانتخابات الأمريكية