|
الشرق الأوسط لن تكون كما هي عليه الأن
محمود عباس
الحوار المتمدن-العدد: 7763 - 2023 / 10 / 13 - 07:51
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
قالها رئيس وزراء إسرائيل (بنيامين نتنياهو) كرد فعل على: 1- الجرائم البشعة التي أقدمت عليها عناصر الحركتين، حماس والجهاد الإسلامي، منها قطع رؤوس الأطفال وبعض المدنيين في القرى اليهودية المحاطة بقطاع غزة، العملية التي لا تمت إلى منطق المطالبة بالحرية والتحرر، بل نابع من الكراهية الدينية، التي تستند عليها الصراع التاريخي الطويل. 2- الطعنة الرهيبة التي تلقتها استخبارات قوات إسرائيل العسكرية، والتي كانت في حالة الإهمال بسبب الثقة المفرطة بعدم قدرة أو جرأة المنظمات الفلسطينية القيام بأي هجوم عليها أو على المستوطنات المحيطة بقطاع غزه، ولذلك كانت تترك بدون حراسة مناسبة، خاصة في أيام السبت. تصريح عميق سياسيا، ومتشعب الأبعاد، قد يعني بها الواقع الجيوسياسي لكلية جغرافية الشرق الأوسط، وربما الأنظمة ذاتها، والمنظمات الإسلامية التكفيرية المسيطرة على قطاع غزة، وقد تطال الحكومة الفلسطينية. لم يصدر مثله من أية شخصية اعتبارية لدولة كبرى أو إقليمية رغم الحروب التي خلفتها الربيع العربي في الشرق الأوسط، ولا يعني هذا أنهم لا يتباحثون فيه سراً. وعلى الأرجح قالها نتنياهو بعد حوارات مع رؤساء دول كبرى وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، وحصوله على دعم لطرحها كتهديد على أقل تقدير، وبها يكون قد أعاد إلى الحياة ما جرى قبل قرن من الزمن ويوم رسمت بريطانيا وفرنسا خريطة الشرق الأوسط الحالية، وخلقوا الدول اللقيطة والمسماة جدلاً بالأوطان. في الواقع العملي، إسرائيل لا تملك القدرة العسكرية ولا الإمكانيات الاقتصادية، لتحقيق ما ذكره نتنياهو، وفيما إذا كان جديا في القول وليس ردة فعل على الصدمة، لا بد وأنه بنى قوله على مخططات الدول الكبرى المسربة إليه، منها بناء رسم الحدود الجيوسياسية للمنطقة، والتي بها قد تعاد للقوميات التي غبنت حقوقهم في اتفاقية سايكس بيكو، سيادتهم على جغرافياتهم، وفي مقدمتهم حقوق الشعب الكوردي، والأمازيغ، والقبط، والفلسطينيين، وغيرهم. حكومة نتنياهو وحزبه، أو اللوبي اليهودي المؤيد، سيعتمد على الدبلوماسية المتشعبة التي تملكها الحركات الصهيونية العالمية، ولوبيها، والمنظمات اليهودية المسيطرة على الرأسمال العالمي وشبكات الإعلام والسينما بكل مجالاتها، وإلى حد ما الدور اليهودي في إدارة الحكومات. لا يستبعد نجاح المخطط، إذا تلاءمت مصالح الشركات الرأسمالية العالمية مع التغيير الجيوسياسي في الشرق الأوسط، بغض النظر عن معارضة الحركات الدينية اليهودية المتطرفة، والتي لا تقل راديكالية عن الإسلاميين التكفيريين، لتكوين دولة إسرائيل، وهؤلاء لهم ثقل ديني وسياسي، علما أنهم يدركون أن زيارة المقدسات في القدس على سبيل المثال، لا يمكن أن تحدث كما تطلبه شعائرهم الدينية، بدون قوة حماية، وستكون شبه مستحيلة فيما إذا كانت تحت سيطرة حكومة إسلامية، فلسطينية أو غيرها، وبالتالي سيظل اليهود، بدون إسرائيل، وإسرائيل لن تكون لها مستقر إذا ظلت الخريطة الجيوسياسية، العربية وبعض الدول الإسلامية في المنطقة، وخاصة إيران وتركيا، على ما هي عليه الأن، بل وسيظل الشعب اليهودي بعيد عن تاريخ توراتهم، وممالكهم وملوكهم الذين معظمهم أنبياء في الديانات السماوية الثلاث. العملية الإجرامية لحركة حماس، دفعت بظهور مثل هذا التصريح، ولربما دفعت بالدول الكبرى لفتح ملفاتها وإعادة النظر في ما تم تكوينه قبل قرن من الزمن، ومنها إعادة النظر في العلاقات مع المنظمات الفلسطينية، والدول العربية، وفي مواقفها السياسية وعلاقاتها الدبلوماسية، منها على المستوى الإستراتيجي، كانت في السابق ترجح طمسها، كالموقف الأمريكي، ومساندتها المطلقة لإسرائيل، والتي كانت تغطى تحت حجج محاولات تهدئة الشرق الأوسط، بعمليات التطبيع العربي مع إسرائيل، وخاصة ما كانت بصدده السعودية، ومنها على المستوى التكتيكي فتح الأبواب للشركات الرأسمالية العالمية التي حظرت العمل في العالم العربي وبعض الدول الإسلامية، لهويتها اليهودية، ومن ثم التبادل التجاري بين إسرائيل والدول المعنية، ولربما تخفيف أو إزالة الحواجز والجدار بين فلسطين وإسرائيل. ظهرت قبل سنوات، وفي بدايات الربيع العربي، قبل أن يحل خريفه، دراسات ومقالات وخرائط عن الشرق الأوسط الجديد، والذي كان يقال بأنه مشروع دولي يتم العمل عليه، وإعادة التشكيلة الجيوسياسية الحالية لمعظم الدول التي تكونت على أنقاض الإمبراطورية العثمانية، وخريطة دولة كوردستان هي من بين أبرز الجغرافيات المتواجدة فيها ظهورا، والأكثر رعبا للدول المعنية التي ستطالها التغيير، وهو ما أدت إلى احتجاجات متعددة الأوجه، وخاصة من قبل تركيا وإيران، من بينها الاحتجاج والتنديد ضمن الأروقة الدبلوماسية وعلى المستويات العليا، وتكثيف الاعتداءات على الحركة الكوردستانية، في أجزائها الأربعة، وبأساليب متعددة، وتحريض إعلامي مضاد، من نشر المقالات الهجومية ضد الذين يقفون خلفها، إلى تهديد المواقع أو الجرائد العالمية التي نشرتها، ومن بينها نيويورك تايمز، اشتركت فيها الدول الأربعة المحتلة لكوردستان، والتي كانت خريطتهم الجيوسياسية هي الأكثر تعرضا للتغيير. الخريطة والطرح أو الفكرة، ظهرت واختفت مرات عدة، حسب الظروف والحوادث الجارية في المنطقة، واليوم تم إحياؤها، حتى ولو إنها طرحت بلغة مغايرة، وعلى خلفية حدث كبير كارثي، من قبل رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو. ويبقى السؤال: إلى أي مدى الدول الكبرى ضليعة في هذا الطرح؟ وإن كان لهم دور في ظهور الفكرة، فما مدى جديتهم؟ هل التغيير تلائم مصالحهم في المنطقة؟ أي ألا يتعارض والطرح مصالحهم مع الدول المعنية بالأمر؟ وهل لهم القدرة على التغيير، مثلما تمكنت منه بريطانيا وفرنسا بعد انهيار الإمبراطورية العثمانية؟ هل ستقتنع الدول الكبرى عن قريب أن تحرر كوردستان ليس فقط لن تؤثر سلبا على مصالحهم مع الدول المحتلة لها، بل وستوسع من مساحات مصالحهم، وتعمق علاقاتهم مع دول المنطقة، وستخلق نوع من السلام في المنطقة، ليس فقط بين الكورد والشعوب المجاورة، بل بين اليهود والفلسطينيين؟ د. محمود عباس الولايات المتحدة الأمريكية 10/10/2023م
#محمود_عباس (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الإعلام منافق، العربية-الإسلامية والأمريكية مثالاً
-
متى سيتم إسقاط نظام بشار الأسد
-
دور الأجهزة الأمنية في الشتاء السياسي
-
جمهورية كوردستان
-
مسرحية انفجار أنقرة
-
هل فشل الحراك الثقافي الكوردي؟
-
لنقرأ تاريخنا بنزاهة
-
رد على ضحال قراءة التاريخ وسفهاء السياسة د. كمال اللبواني مث
...
-
لا يحق للكوردي استلام منصب رئاسة الائتلاف الوطني السوري
-
الظلام في الصمت الأمريكي
-
من الملام الحزب الكوردي الجديد أم القديم
-
ما هي تبعات عقوبة الولايات المتحدة الأمريكية على منظمتي الحم
...
-
لماذا عارضت أمريكا خطة أردوغان الخامسة
-
الشعب الكوردي أبدي الوجود
-
مستقبل النظام في سوريا
-
هل سينجح أردوغان في الخطة الرابعة؟
-
انقذوا كوردستان
-
كيف يحاربون القضية الكوردستانية بأحزابها
-
الإخوة الأعزاء
-
غاية تركيا من التطبيع مع نظام بشار الأسد
المزيد.....
-
إسرائيل تعلن استعادة جثامين رهينتين وجندي من غزة
-
بعد الهجمات الأميركية على منشآتها النووية.. طهران تهدد بـ-رد
...
-
خبير عسكري: هكذا ألحقت -مطرقة منتصف الليل- ضررا بمنشأة فوردو
...
-
كيف علق مغردون على مشاهد الدمار في إسرائيل؟
-
تقرير أممي يرصد زيادة غير مسبوقة في الانتهاكات ضد الأطفال
-
نيويورك تايمز: 12 قنبلة ضخمة لم تدمر موقع فوردو وإيران نقلت
...
-
خريطة دراما رمضان 2026.. عودة قوية لنجوم الصف الأول
-
كاتب أميركي: إنها حرب ترامب ومقامرته وحده هذه المرة
-
أمير قطر والرئيس الفرنسي يبحثان الهجمات على إيران
-
واشنطن مستعدة للتفاوض وأوروبا تحث طهران على عدم التصعيد
المزيد.....
-
كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف
/ اكرم طربوش
-
كذبة الناسخ والمنسوخ
/ اكرم طربوش
-
الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر
...
/ عبدو اللهبي
-
في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك
/ عبد الرحمان النوضة
-
الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول
/ رسلان جادالله عامر
-
أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب
...
/ بشير الحامدي
-
الحرب الأهليةحرب على الدولة
/ محمد علي مقلد
-
خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية
/ احمد صالح سلوم
-
دونالد ترامب - النص الكامل
/ جيلاني الهمامي
-
حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4
/ عبد الرحمان النوضة
المزيد.....
|