أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - جلبير الأشقر - «طوفان الأقصى» ينذر بأن يجرف غزة














المزيد.....

«طوفان الأقصى» ينذر بأن يجرف غزة


جلبير الأشقر
(Gilbert Achcar)


الحوار المتمدن-العدد: 7761 - 2023 / 10 / 11 - 12:27
المحور: القضية الفلسطينية
    


لا شكّ في أن عملية «طوفان الأقصى» التي شنّها مقاتلو «حماس» صبيحة يوم السبت الماضي عملية مدهشة للغاية، وأنها خضّت الدولة الصهيونية بطريقة تضاهي الصدمة التي لحقت بهذه الدولة من جراء الهجوم الذي شنّته عليها مصر وسوريا قبل نصف قرن تحديداً، بما دشّن «حرب أكتوبر» لعام 1973. ومن الواضح تماماً أن «حماس» اختارت موعد هذه الذكرى كي تشنّ عمليتها العابرة للسياج المحيط بقطاع غزة، على غرار عبور الجيش المصري لقناة السويس الذي صادره أنور السادات لنفسه جاعلاً أجهزة دعايته تسمّيه «بطل العبور». وإن حادت عملية «حماس» عن ذكرى «حرب أكتوبر» بيوم واحد، فللاستفادة من يوم «عيد العرش» عند اليهود الذي صادف يوم السبت، مثلما انتهزت القوات العربية فرصة «عيد الغفران» اليهودي قبل خمسين عاماً.
وبعد، فإن أوجه الشبه تقف عند هذا الحدّ وتبدأ عنده أوجه الخلاف. فحيث كانت قوات مصر وسوريا في عام 1973 مضاهية إلى حد ما للقوات الإسرائيلية وقد خاضت ضدها حرباً نظامية، إن قوات «حماس» أضعف من قوات الدولة الصهيونية بما لا يُقاس. فبينما اصطدمت في عام 1973 الطائرات بالطائرات والمجنزرات بالمجنزرات والقذائف بالقذائف على أنواعها، فإن المعدات التي استخدمها مقاتلو «حماس» لا تُقارن البتة بمعدات الجيش الصهيوني. وربّما شكّلت المثال الأسطع على ذلك الطائرات الشراعية التي استخدمها المقاتلون الفلسطينيون في العبور فوق السياج المحيط بالقطاع مقارنةً بالطائرات النفاثة والمروحيات الثقيلة التي يحوز عليها الإسرائيليون. وحتى الصواريخ التي تطلقها «حماس» بغزارة يبقى مفعولها محدوداً جداً مقارنة بالقصف الجوّي والصاروخي الإسرائيلي الفتّاك.
فإذا أخذنا التفاوت العظيم بين قوى الطرفين بالحسبان كما يجب، بدل أن ننساق وراء العواطف كما يحلو للضعفاء الذين يتوقون إلى أعمال تتوخّى روعة المشهد (روعة هنا بمعنى الفزعة) تعويضاً عن ضعف الإمكانيات وتنفيساً للاحتقان، لا بدّ لنا أن ندرك أن عملية «طوفان الأقصى» سوف يصنّفها التاريخ في خانة اعتداءات «الحادي عشر من سبتمبر» التي خضّت أمريكا والعالم في عام 2001 أكثر مما في خانة «حرب أكتوبر». وبالفعل فقد أخذ عدد من المعلقين في دولة إسرائيل، كما في العالم أجمع، يصفون «السابع من أكتوبر» كرديف لدى إسرائيل لما شكّله «الحادي عشر من سبتمبر» لدى الولايات المتحدة. والحال أن العمليتين تشكلان بامتياز نموذجين من «الاشتباك غير المتكافئ» الذي يلجأ فيه الطرف الضعيف إلى الحيلة والابتكار من أجل الالتفاف على جبروت عدوّه ومفاجأته.

فلننظر إذاً فيما آلت إليه اعتداءات «الحادي عشر من سبتمبر». لقد سدّدت لأمريكا ضربة مذهلة ومؤلمة في آن واحد، بيد أن جورج دبليو بوش استفاد منها كي يشنّ، بدعم شعبي ما كان يستطيع أن يحلم به، حملات عسكرية ما كان قادراً على شنّها لولا الاعتداءات التي نفّذها تنظيم «القاعدة» على نيويورك وواشنطن. وبالطبع فإن أهم هذه الحملات كانت اجتياح العراق واحتلاله قبل عشرين عاماً، وما أحدثه ذلك من كارثة حلّت بالشعب العراقي والمنطقة العربية بأسرها، ولا تزال آثارها ماثلة بقوة حتى يومنا. هذا وقد أتى الاجتياح بعد التدخّل الأمريكي في أفغانستان واجتثاث تنظيم «القاعدة» منها.
ومن هذا المنظور المقارن، فإن عملية «طوفان الأقصى» قد أدّت إلى إعادة توحيد صفوف مجتمع إسرائيلي كان يعاني من انشقاق عميق وأزمة سياسية خطيرة، وخوّلت بنيامين نتانياهو وزملاءه في أقصى اليمين الصهيوني جرّ صهاينة الضفة السياسية الأخرى معهم في الاستعداد لحرب أخذت تبدو عليها بصورة متزايدة ومقلقة للغاية معالم حرب الإبادة، بدءاً من فرضهم حصاراً مطبقاً، يشمل الكهرباء والماء والمواد الغذائية، على قطاع غزّة بمجمله وسكانه الذي يناهز عددهم المليونين ونصف المليون، في انتهاك فادح وخطير للغاية لقانون الحرب يؤكد أن الصهاينة يستعدّون لارتكاب جريمة ضد الإنسانية من العيار الثقيل.
فمنذ أن قامت دولة إسرائيل واليمين الصهيوني يحلم بأن يستكمل نكبة عام 1948 بطرد جماعي جديد للفلسطينيين من أراضي فلسطين بين البحر والنهر، بما فيها قطاع غزّة. ولا شكّ في أنهم يرون الآن فيما جرى يوم السبت الماضي صدمة تتيح لهم جرّ سائر المجتمع الصهيوني وراءهم في تنفيذ حلمهم في القطاع أولاً، في انتظار فرصة تنفيذه في الضفة الغربية. إن خطورة ما فُجعت به إسرائيل يوم السبت الماضي من شأنها أن تخفّف من الدور الرادع لاحتجاز «حماس» للرهائن، خلافاً لما جرى في جولات المواجهة السابقة بين الحركة والدولة الصهيونية. ومن المحتمل جداً ألّا ترضى هذه الأخيرة هذه المرّة بأقل من تدمير القطاع إلى حد يفوق كل ما شاهدناه حتى اليوم، وذلك بغية إعادة احتلاله بأقل كلفة بشرية إسرائيلية ممكنة والتسبب في نزوح معظم سكانه إلى الأراضي المصرية، كل ذلك بحجة استئصال «حماس» منه استئصالاً كاملاً. لذا يُخشى بشدّة أن يجرف «طوفان الأقصى» في نهاية مطافه قطاع غزة بأكمله مثلما جرف الطوفان الطبيعي مدينة درنة الليبية قبل شهر، لكن على نطاق أوسع بكثير.



#جلبير_الأشقر (هاشتاغ)       Gilbert_Achcar#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السيسي يعيد الكرّة
- مأساة السودان العظيمة والمخرج منها
- في الكوارث الطبيعية والكوارث البشرية
- مشروع الممر الدولي الجديد: مصر هي الخاسرة الكبرى
- إشعال حرب… السبيل الأيسر للقضاء على ثورة شعبية
- نجلاء المنقوش كبش فداء
- ما زال الشعب (السوري) يريد إسقاط النظام
- رسالة مفتوحة إلى حمدين صباحي
- حارق المصحف لا يستحق سوى الازدراء
- عن الحرب الأهلية الباردة الدائرة في إسرائيل
- في إخفاق المشروع الفرعوني في مصر
- لماذا تخشى إسرائيل انهيار «السلطة الفلسطينية»؟
- القلق الغربي من انهيار الدولة الروسية
- بطولة جنين والخيانة العربية
- ميلوني وسعيّد بعد برلسكوني والقذّافي
- في الجدل حول مبعوث الأمم المتحدة في السودان
- اردوغان بطل الذين لا بطل لهم
- السوريون في تركيا بين نارين
- فظائع السودان والدرس التاريخي
- ماذا وراء الإغارة الأردنية داخل الأراضي السورية؟


المزيد.....




- فيديو لمطاردة جنونية بين الشرطة الأمريكية وشاحنة مسرعة على ط ...
- دمر المنازل واقتلع ما بطريقه.. فيديو يُظهر إعصارًا هائلًا يض ...
- أول تعليق من حماس على قرار تركيا بوقف التجارة مع إسرائيل.. و ...
- صحيفة أمريكية: خطط الصين لإنشاء محطات كهروذرية عائمة تثير قل ...
- بوتين ورحمون يبحثان تعاون روسيا وطاجيكستان في مكافحة الإرهاب ...
- جونسون يقع في حفرة حفرها بيديه
- نيويورك تايمز: هذه شروط التطبيع السعودي الإسرائيلي والعائق ا ...
- في -سابقة عالمية-.. رصد -إنسان الغاب- وهو يعالج نفسه من إصاب ...
- إسرائيل تترقب بحذر صفقة عسكرية فريدة من نوعها بين تركيا ومصر ...
- سحب دخان سام في سماء برلين والسلطات تصدر تنبيهات تحمل علامة ...


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - جلبير الأشقر - «طوفان الأقصى» ينذر بأن يجرف غزة