أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جلبير الأشقر - ما زال الشعب (السوري) يريد إسقاط النظام














المزيد.....

ما زال الشعب (السوري) يريد إسقاط النظام


جلبير الأشقر
(Gilbert Achcar)


الحوار المتمدن-العدد: 7712 - 2023 / 8 / 23 - 11:27
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



استقرّت الأمور في الداخل السوري منذ بضع سنوات على قاعدة هيمنة نظام آل الأسد، مدعوماً من القوات الإيرانية وتوابعها ومن القوات الروسية، على نحو سبعين في المئة من أراضي البلاد، وذلك بشبه تعايش سلمي مع سائر مناطقها: الجولان الواقع تحت الاحتلال الإسرائيلي منذ عام 1967؛ ومناطق الشمال الشرقي التي تسيّرها القوى الكُردية منذ أن بدأت الحرب الأهلية، وقد باتت مدعومة من قوات أمريكية منذ عام 2014؛ والمناطق الشمالية التي احتلها الجيش التركي بدءًا من عام 2016؛ ومنطقة إدلب الواقعة تحت سيطرة «هيئة تحرير الشام» حصراً منذ عام 2017.
ولا شك في أن استقرار الأمور هذا، وإن كان دوامه مستحيلاً، إنما كان ويبقى أفضل بكثير من إعادة اشتعال الحرب الفتّاكة والمدمّرة التي تسبّب فيها أولئك الذين فضّلوا «حرق البلد» على رحيل الأسد، وسعّرها أولئك الذين بأموالهم تعمّدوا حرف الثورة السورية عن مسارها الديمقراطي الأصلي وتحويلها إلى حرب طائفية تحت رايات دينية، بحيث انتقلت من صراع ضد همجية السلطة إلى صدام بين الهمجيات في حالة قصوى من «حرب الجميع على الجميع» التي وصفها فيلسوف القرن السابع عشر الإنكليزي توماس هوبس، في كتابه الشهير «اللفياثان». وقد جاءت عودة نظام بشار الأسد إلى حظيرة الأنظمة الاستبدادية العربية تكريساً لقبول سائر تلك الأنظمة بما آلت إليه الأمور وتوقفها عن تمويل شتى الجماعات التي تعيّشت، بل واغتنت، من حالة الحرب.
إن هذه التطورات، وقد أعادت النظام السوري إلى شيء من الحالة الطبيعية ولو بحدود جليّة، والمقصود هنا حالة تطغى فيها احتياجات الحياة الاقتصادية على مقتضيات تفادي الموت قتلاً، إنما أعادت البلاد في الوقت نفسه إلى دينامية الثورة الاجتماعية والديمقراطية التي قطعها انحطاط الثورة التدريجي منذ ما يناهز عشر سنوات. هذا وما كللنا نؤكد منذ بداية ما عُرف باسم «الربيع العربي» أن الانتفاضة الكبرى التي عمّت أرجاء المنطقة الناطقة بالعربية منذ عام 2011، إنما لم تكن سوى بداية سيرورة ثورية طويلة الأمد، لا بدّ من أن تتواصل عبر الزمن مهما عرفت من انتكاسات وانتصارات مضادة للثورة، ما دامت قائمةً الأسباب البنيوية العميقة التي تسببت في انفجار البركان العربي بتفاعلها مع السياسات النيوليبرالية التي فاقمت نتائجها.


فها أن سوريا تقدّم لنا خير إثبات لديمومة السيرورة، وهو إثبات ينضاف إلى الموجة الثورية الثانية التي شهدتها المنطقة في عام 2019، بل يزيد عنها قوة من حيث إن سوريا هي البلد الذي بلغت فيه هزيمة الثورة حدّها الأقصى والأكثر مأسوية. فنرى سوريا اليوم بالرغم من كل مآسيها تعود إلى سلوك الدرب الكلاسيكي للانفجار الثوري كما شهدته معظم ساحات الانتفاضات بدءًا من «الربيع العربي». ويقوم السيناريو الثوري الذي بات معهوداً لدينا على مبادرة النظام القائم بإشعال نار الغضب الشعبي متجاوزاً قدرة الشعب على التحمّل، من خلال تطبيق إجراءات تقشفية تهدف إلى تقليص دور الدولة الاجتماعي طبقاً للوصفات التي يرشد إليها صندوق النقد الدولي منذ عقود عدة.
ففي منتصف الشهر الجاري، أزال النظام السوري الدعم الحكومي عن أسعار الوقود بما أدّى إلى ارتفاعها إلى ما يقارب ثلاثة أضعاف ما كانت عليه، وقد ترافق الأمر بمزيد من انهيار العملة السورية وبالتالي مزيد من التهاب أسعار شتى المواد الغذائية، فضلاً عن الأدوية وغيرها من مستلزمات الحياة. ولم يلطّف الأمر بتاتاً القرار الرئاسي برفع الحد الأدنى للأجور (الذي يبلغ أقل من 15 دولاراً بالشهر بسعر صرف السوق) ومضاعفة أجور موظفي الدولة (لاحظوا كيف أن القرارات البغيضة تصدر عن مجلس الوزراء والقرارات التي يعتقدون أنها ستملئ الناس غبطة وفرحاً تصدر عن الرئاسة). فقد فاق اشتعال الأسعار، وبكثير، الصدقة الرئاسية، التي جاء مفعولها عكسياً بالتالي إذ رأى فيها الرأي العام شتيمة واستجهالاً له.
فجاءت النتيجة على النحو المعهود: هبّة جماهيرية عمّت منطقة حوران، أي الجنوب السوري من تخوم الأردن إلى مشارف دمشق. فلم تنحصر الهبّة في محافظة السويداء ذات الغالبية الدرزية، كما حصل في مناسبات سابقة خلال الأعوام القليلة الماضية بما فسّره بعض الناس تفسيراً طائفياً بغية التقليل من شأنه، بل انتشرت إلى محافظة درعا بما فيها مدينة نوى التي وقفت إلى جانب مدينة درعا في طليعة الثورة في عام 2011، وقد دفعت المدينتان ثمناً باهظاً لتمرّدهما. لا بل امتد الحراك الجديد إلى جوار العاصمة وحتى إلى المنطقة الساحلية، بما فيها مدينتا اللاذقية وجربة.
وإذا لم تشهد سوريا حتى الآن تظاهرات عملاقة كالتي عمت معظم المدن السورية في عام 2011 (بالمناسبة، قال بشار الأسد لمحطة «سكاي نيوز عربية» أن عدد المتظاهرين في عام 2011 «لم يتجاوز مئة ألف ونيف في أحسن الأحوال وفي كل المحافظات»!) فإن الحراك الجديد يتضمن عصياناً مدنياً وإضراباً عاماً، في حوران على الأقل. وقد عادت شعارات عام 2011 إلى الصدارة، لاسيما هتاف «الشعب يريد إسقاط النظام» والمطالبة برحيل رأس الدولة.
أما العبرة مما يجري في سوريا اليوم فهي أنه مهما عرفت البلدان من انحطاط لأوضاعها ومهما أصابها من أنماط الردّة، سواء أكانت على نحو استبدادي أم حربي، فإن الشعوب، عند أول فرصة سانحة، تعاود الانتفاض لا محال إزاء أوضاع اقتصادية ومعيشية لا تني تتدهور بينما تتوسع باستمرار الفجوة الهائلة القائمة بين الحكام العرب ومحاسيبهم من جهة، وسواد الشعب العامل في الجهة المقابلة.



#جلبير_الأشقر (هاشتاغ)       Gilbert_Achcar#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رسالة مفتوحة إلى حمدين صباحي
- حارق المصحف لا يستحق سوى الازدراء
- عن الحرب الأهلية الباردة الدائرة في إسرائيل
- في إخفاق المشروع الفرعوني في مصر
- لماذا تخشى إسرائيل انهيار «السلطة الفلسطينية»؟
- القلق الغربي من انهيار الدولة الروسية
- بطولة جنين والخيانة العربية
- ميلوني وسعيّد بعد برلسكوني والقذّافي
- في الجدل حول مبعوث الأمم المتحدة في السودان
- اردوغان بطل الذين لا بطل لهم
- السوريون في تركيا بين نارين
- فظائع السودان والدرس التاريخي
- ماذا وراء الإغارة الأردنية داخل الأراضي السورية؟
- هنيئاً لهم بتصالحهم مع بشّار الأسد!
- حلمٌ سوداني
- المغزى من اقتتال العسكر في السودان
- تخبّط قيس سعيّد الاقتصادي وتبعاته
- الثورة السودانية أمام منعطف جديد
- قوة ديمقراطيتهم وضعف ديمقراطيتنا
- أمريكا والصين: «فرِّق تَسُد» أم «وفِّق تَسُد»؟


المزيد.....




- الحوثيون يعلنون بدء المرحلة الرابعة من التصعيد: استهداف جميع ...
- روسيا: فتح قضية جنائية بعد حرق كتاب -العهد الجديد-
- كلوب يقول إن مشكلته مع محمد صلاح قد -تم حلها بشكل كامل-
- تركيا تعلن -الوقف التام- للتبادل التجاري مع إسرائيل.. من الف ...
- -ما الأسوأ: أكاذيب إسرائيل بشأن غزة أم تكرار هذه الأكاذيب من ...
- شاهد: يلتهم كل ما يعترض طريقه.. كاميرا ترصد تشكّل إعصار هائل ...
- شاهد: الاحتجاج الطلابي يمتدّ إلى المكسيك والجامعات تنتفض لوق ...
- ألمانيا تستدعي القائم بأعمال سفير روسيا بسبب هجوم إلكتروني
- بعد التهديدات الإسرائيلية بالانتقام.. الجنائية الدولية تصدر ...
- زاخاروفا ردا على كاميرون: أول اعتراف رسمي بالحرب ضد روسيا


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جلبير الأشقر - ما زال الشعب (السوري) يريد إسقاط النظام