أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جلبير الأشقر - نجلاء المنقوش كبش فداء














المزيد.....

نجلاء المنقوش كبش فداء


جلبير الأشقر
(Gilbert Achcar)


الحوار المتمدن-العدد: 7719 - 2023 / 8 / 30 - 01:29
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



إن التضحية بأكباش فداء هي من أقدم عادات وأساليب الحكم. فمن المعهود أن نرى المسؤول الأول عن أي خطأ فادح أو إجراء يثيران السخط الشعبي، يحاول درء الحساب عن نفسه بإلقاء اللوم على مرؤوسه، مهما اختلفت الرتب. فرأس الدولة غالباً ما يضحّي برئيس وزرائه فداءً عن أفعاله، ورئيس الوزراء بأحد وزرائه، والوزير بأحد مسؤولي وزارته، وهكذا دواليك. وإذا أضفنا إلى ما سبق الميلَ المعتاد في المجتمعات الذكورية إلى معاملة النساء بحقد وازدراء أكبر بعد مما يُعامل به رجلٌ في الحالة ذاتها، كدنا نشفق على وزيرة الخارجية الليبية المُقالة نجلاء المنقوش ونشعر بشيء من الحزن على ما أصابها، لاسيما أنها كانت أول امرأة اعتلت المنصب المذكور.
ولا بدّ من قول الحقيقة في هذا الصدد: فإن تعيين النساء في مناصب حكومية في منطقتنا، وقد ازداد قليلاً في السنوات الأخيرة، لا يمتّ بصلة لتقدّم حضاري أو لنقلة في وعي الحكام العرب اعتناقاً لمبدأ المساواة بين الجنسين، كما لم ينجم، يا للأسف، عن تصاعد في قوة الحركة النسائية الإقليمية، بل لا يعدو نطاق الإشارات الرمزية التي يتوخّى منها الحكام الذكور الإيحاء بحداثة أفكارهم وكسب بعض التقدير في نظر الحكومات الغربية، وعلى رأسها الحكومة الأمريكية. ذلك أن الحركة النسائية في الولايات المتحدة، شأنها في هذا الصدد شأن حركة السود وغيرهما من الحركات الاجتماعية، نجحت في فرض معايير المساواة على مجتمعاتها، حتى ولو كان الأمر لا يزال هشاً ومعرضاً للانتكاس كما نرى مع صعود أقصى اليمين الذكوري والعنصري الذي بات دونالد ترامب رأس حربته.
وعلى سبيل المثال، فإن تعيين الرئيس التونسي قيس سعيّد لنجلاء بودن رئيسة للوزراء قبل عامين، بُعيد إجراء انقلابه على الدستور، لم يكن سوى محاولة منه لتلطيف طعنه الرجعي بالمؤسسات الديمقراطية بالإيحاء بأن الأمر فتح الطريق أمام إجراءات مجتمعية تقدمية. وقد رمى سعيّد بنجلاء بودن في سلة المهملات في بداية الشهر الجاري، محملاً إياها ضمنياً مسؤولية أفشاله على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي. وكذلك فإن تعيين رئيس الحكومة الليبية عبد الحميد الدبيبة لنجلاء المنقوش وزيرة لخارجيته لم يكن سوى ضرب من التملّق للحكومات الغربية، وعلى رأسها الحكومة الأمريكية.

إن تعيين رئيس الحكومة الليبية عبد الحميد الدبيبة لنجلاء المنقوش وزيرة لخارجيته لم يكن سوى ضرب من التملّق للحكومات الغربية، وعلى رأسها الحكومة الأمريكية

ولا نشك لحظة واحدة في أن منطق التملّق ذاته هو الذي دفع الدبيبة إلى جعل وزيرته تلتقي بنظيرها الإسرائيلي في روما، وهو لقاء تبيّن أنه كان من المقصود إبقاؤه سرياً على الجميع، عدا الحكومة الأمريكية التي ضلعت مع الطرفين في العملية.
وقد أدانت الخارجية الأمريكية بشدة إفشاء حكومة أقصى اليمين الصهيوني بالسرّ في سعي رخيص منها وراء صرف الأنظار عن حالة العصيان التي تواجهها من جراء الحرب الأهلية الباردة التي تدور رحاها في المجتمع الإسرائيلي.
كما لا نشك لحظة واحدة في أن الدبيبة كان على علم تام مسبق باللقاء الذي كان مزمعاً إجراؤه، بل أن هذا اللقاء ما كان ليتم لولا قراره هو بعقده. أما الادعاء بأن ما قامت به المنقوش كان «تصرّفاً فردياً» إنما هو استخفاف بالشعب الليبي واستجهال. وقد زاد في الطين بلة قيام الدبيبة بزيارة مقر سفارة «السلطة الفلسطينية» في طرابلس وإعلانه من هناك إقالته لنجلاء المنقوش، وهو يعتقد أن زيارة ممثلي سلطة متعاونة مع الحكم الصهيوني كفيل بمنحه شهادة إخلاص في دعم قضية الشعب الفلسطيني.
يبقى أن الوزيرة المُقالة محظوظة في أن الدبيبة أضعف من أن يتصرّف كبعض رجال الاستبداد العربي، فيبدو أنه تأكد من خروجها من البلاد بأمان (في طائرة حكومية حسب تقارير الإعلام، وربّما ضمن لها أيضاً إقامة مريحة في المنفى لقاء سكوتها) عوضاً عن الزجّ بها في السجن، إن لم يكن إلحاق بها ما هو أقسى بعد من ذلك كما يفعل عادة الحكام العرب الذين يبغون إبقاء ذنوبهم تحت طيّ الكتمان.



#جلبير_الأشقر (هاشتاغ)       Gilbert_Achcar#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ما زال الشعب (السوري) يريد إسقاط النظام
- رسالة مفتوحة إلى حمدين صباحي
- حارق المصحف لا يستحق سوى الازدراء
- عن الحرب الأهلية الباردة الدائرة في إسرائيل
- في إخفاق المشروع الفرعوني في مصر
- لماذا تخشى إسرائيل انهيار «السلطة الفلسطينية»؟
- القلق الغربي من انهيار الدولة الروسية
- بطولة جنين والخيانة العربية
- ميلوني وسعيّد بعد برلسكوني والقذّافي
- في الجدل حول مبعوث الأمم المتحدة في السودان
- اردوغان بطل الذين لا بطل لهم
- السوريون في تركيا بين نارين
- فظائع السودان والدرس التاريخي
- ماذا وراء الإغارة الأردنية داخل الأراضي السورية؟
- هنيئاً لهم بتصالحهم مع بشّار الأسد!
- حلمٌ سوداني
- المغزى من اقتتال العسكر في السودان
- تخبّط قيس سعيّد الاقتصادي وتبعاته
- الثورة السودانية أمام منعطف جديد
- قوة ديمقراطيتهم وضعف ديمقراطيتنا


المزيد.....




- -طبيب العطور- بدبي.. رجل يُعيد رائحة الأحبة الغائبين في قارو ...
- -أمر أخلاقي وعادل-.. ترينيداد وتوباغو تقرر الاعتراف رسميا بـ ...
- السيدة الأولى للعراق شاناز إبراهيم أحمد تكتب لـCNN: فرسان ال ...
- السعودية.. تداول فيديو لمواطن يطلق النار من سلاحه بمكان عام. ...
- شاهد: -السحابة الخارقة- تضرب شمال فرنسا وهطول برَد بحجم حبة ...
- رصد طائرة غريبة وغير مألوفة في الولايات المتحدة
- مصر.. من هو إبراهيم العرجاني رئيس اتحاد القبائل العربية في س ...
- مشروبات كحولية لا ينصح بتناولها مع اللحوم المشوية
- أردى أحدها قتيلا.. شرطي أمريكي يخلص رجلا من أنياب كلاب شارد ...
- رئيس الوزراء الهنغاري: أوروبا تلعب بالنار


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جلبير الأشقر - نجلاء المنقوش كبش فداء