أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد إنفي - قراءة سريعة ومختصرة في مقال رأي للدكتور طارق ليساوي















المزيد.....

قراءة سريعة ومختصرة في مقال رأي للدكتور طارق ليساوي


محمد إنفي

الحوار المتمدن-العدد: 7756 - 2023 / 10 / 6 - 13:52
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ق
المقال المقصود يحمل عنوان " لماذا أرى أن زلزال 8 سبتمبر 2023 يحمل للمغرب رسائل مشفرة ينبغي تحليلها وقراءتها بتمعن وتمحيص؟" (نشر في ٍموقع “رأي اليوم”، صحيفة عربة مستقلة، بتاريخ 20 شتنبر 2023 ).
بكل صدق، لو لم يذيل الدكتور ليساوي مقاله بعبارة "كاتب وأكاديمي مغربي"، لما كان ليستوقفني ولمر في زحمة الكتابات الكثيرة عن الفاجعة دون أن يثير انتباهي ويستوجب مني هذا التوقف عنده لتقديم هذه القراءة المتواضعة.
وقبل الشروع في هذه القراءة، أشير إلى أن المقال المذكور، رغم أنه يدخل في صنف مقالات الرأي وليس مقالا أكاديميا، فإن صاحبه الذي يحمل صفة أكاديمي يتحتم عليه أن يحترم بعض خصائص الكتابة الأكاديمية، ولو في حدها الأدنى؛ خصوصا وأنه من المفروض أن يكون قد تشبع وتمرس بها خلال تحضيره للدكتوراه وممارسته للبحث والتدريس (أستاذ للعلوم السياسية والسياسات العامة)؛ وإلا فما الفائدة من الإشارة إلى هذه الصفة في آخر المقال، إذا لم يكن قادرا على الاستفادة من خصائصها في كتاباته الصحفية؟
أليس من المفيد للكاتب والقارئ أن تكون الكتابة الصحفية تحتوي على حد أدنى من الموضوعية؟ أليست الدقة مطلوبة في كل الكتابات؟ ألا تشكل سلامة اللغة شرطا أساسيا لوضوح الرسالة لدى المتلقي؟ أليست الرصانة مطلوبة في الشكل (أي الأسلوب) والمضمون (أي المحتوى)؟ أليس الإقناع بالحجة والمنطق مطلوبا في كل الأحوال؟ وهذه الخصائص لا تقتصر على الكتابة فقط؛ بل هي مطلوبة أيضا في النقاشات والحوارات سواء كانت أكاديمية أو سياسية أو إعلامية.
فما مدى احترام الدكتور طارق ليساوي لهذه الخصائص في مقاله المذكور؟ لنبدأ بالعنوان. إنه بعيد كل البعد عن الدقة الأكاديمية في صياغته. فبداية السؤال "لماذا أرى أن..." تفيد أن المعني بالأمر يبحث لنفسه عن تبرير لما هو مُقدم عليه. فالمهم، حسب الصياغة، ليس الرسائل المشفرة التي يحملها زلزال 8 شتنبر 2023، وإنما الدافع الذاتي للاهتمام بهذه الرسائل. وبما أنها مشفرة حسبه، فلا بد من "تحليلها وقراءتها بتمعن وتمحيص". ألم يكن من الممكن صياغة العنوان بشكل أدق ومختصر من قبيل "زلزال 8 شتنبر 2023 ورسائله المشفرة" أو "زلزال 8 شتنبر 2023 وضرورة قراءة وتحليل رسائله بتمعن وتمحيص"؟ (شخصيا، أفضل المقترح الأول لاختصاره؛ وعند تحريره، يمكن للكاتب أن يُدخل ما يشاء من التعابير والأفكار).
أما المقال، في حد ذاته، فهو، في رأيي المتواضع، مهلهل شكلا ومضمونا. فلا أسلوبه جيد، ولا مضمونه مقنع. وبمعنى آخر، فليس فيه لا تمعن ولا تمحيص، وإنما مجرد كلام لتمرير أفكار مهزوزة منطقيا وبأسلوب ركيك.
لقد اكتشفت، من خلال المقال الذي نحن بصدده، جنسا جديدا من المقالات الصحفية، يعود فيه الفضل للدكتور ليساوي الذي قد يُحدث ثورة في مجال تصنيف الأجناس الصحفية، وربما يدخل به إلى موسوعة "غينيس" للغرائب والعجائب. فالمقال يبدأ بهذه الجملة: " حاولت من خلال مقال نداء إلى إخواني وأخواتي في العقيدة والوطن ديروا النية ..". ويورد الكاتب، هنا، ما أسماه مقال نداء (يا له من إبداع صحفي!) على شكل قوس غير مفتوح وغير معلن عنه إلا عند إغلاقه. ويغطي هذا القوس ثلث المقال (أي صفحة كاملة)، ويستحق لوحده أن يكون موضوعا لقراءة متمعنة تعدد الأخطاء اللغوية، وتبرز الركاكة الموجودة في تعبيره، وتظهر تناقضات أفكاره وسطحيتها، وتلقي الضوء، في النهاية، على تفككه شكلا ومضمونا.
ولولا خوفي من إثقال كاهل القارئ بصفحات عدة، لقمت بهذه المهمة. وحرصا على عدم تمطيط مقالي هذا أكثر من اللازم، أنصح القارئ بزيارة الموقع الذي نُشر فيه المقال الذي نحن بصدد قراءته (انظر الفقرة الأولى)، ليقف بنفسه عن الخلل المنهجي للأكاديمي المغربي المسمى طارق ليساوي. فبدل أن يكتفي هذا الأخير بإدراج عنوان ما سماه "مقال نداء" في مقاله الجديد، مع ذكر تاريخ نشره والمنبر الإعلامي الذي نشره، فضل أن يثقل كاهل القارئ بصفحة كاملة كان يكفي الإحالة عليها في المنبر الذي نُشرت فيه. وهذا دليل آخر على ضعف امتلاك قواعد الكتابة الأكاديمية.
ويبقى ما قلته عن اللغة والأسلوب وطريقة الكتابة - عندما تحدثت عن القوس الذي أغلقه الكاتب دون أن يكون قد أعلن عن فتحه لا قولا ولا رسما، وإنما أقحمه في المقال دون أية ضرورة منهجية أو ترتيب منطقي - يبقى واردا في المقال كله؛ وأترك للقارئ أن يكتشف بنفسه الهفوات الكثيرة الموجودة في هذا المقال سواء من حيث التركيب أو الأسلوب أو الأخطاء اللغوية. فحتى صياغة الأسئلة تشكو من الضعف وغياب الدقة في التعبير.
أما الرسائل المشفرة الواردة في العنوان، فقد حصرها الكاتب في رسالتين مضحكتين في الواقع. الرسالة الأولى تضع تقابلا بين المغرب الأصيل الذي " تشم فيه عبق التاريخ والأصالة والتدين والتشبت بالأرض والوفاء للأصل.." و"المغرب الزائف، مغرب الأبراج والكورنيشات والمراكز التجارية والمهرجانات.."، وكأن "عبق التاريخ والأصالة" لا يوجد لا في مراكش ولا في الرباط ولا سلا ولا تطوان ولا شفشاون ولا مكناس ولا فاس ولا تازة ولا وجدة ولا غيرها من المدن العتيقة. ويسقط في نفس التناقض الصارخ، وهو يقول، في الفقرة الموالية:" وعندما إنتفض المغاربة في كل ربوع المملكة من شرقها إلى غربها ومن جنوبها إلى شمالها، إنتفضوا للإستجابة لصرخة عميقة ومزلزلة ، الإستجابة للأصل وإنقاذه من الفناء ـ في ظل موجة عارمة من التفاهة والإنحدار الأخلاقي و القيمي والإندحار الحضاري ، انحدار واندحار مدعوم من جهات مؤثرة".
لقد تعمدت أن أترك الأخطاء الإملائية واللغوية الكثيرة في تعبير الكاتب الذي يبدو متحمسا لتبخيس مغرب الحضارة والحداثة والتقدم (بالمناسبة، كلمة الحداثة تزعج تجار الدين ومحترفي الشعبوية)، وتقديس مظاهر التأخر المادي والتخلف الحضاري. وهكذا، سقط في تناقض فاضح، ربما جرَّه إليه الأسلوب الإنشائي الحماسي الانفعالي. وهنا، نسأله عن المغاربة الذين هبُّوا (وليس انتفضوا، كما قال) من كل ربوع المملكة: من أين جاؤوا؟ أمن من المغرب الأصيل أم من المغرب الزائف؟ فهلا فكرت أيها الأكاديمي فيما تكتب؟ أم أنت من الذين يكتبون كيفما اتفق؟ أليس بمثل هذا الخطاب يُمارس التضليل على البسطاء؟ ألم تدرك بأنك من ضحاياه بسبب ما تعانيه من انفصام في الشخصية؟ وهذا ما يقوله كلامك ووضعك الاعتباري كأستاذ جامعي، وليس أنا (وأعوذ بالله من قول أنا).
والرسالة الثانية أتفه من الأولى. فإذا كان تجار الدين والمآسي قد رأوا في الزلزال عقوبة إلهية بسبب الذنوب والمعاصي كما يزعمون، فإن الدكتور ليساوي متأكد من وجود "سر وراء هذا التزامن والمصادفة [بين 8 شتنبر 2023 و8 شتنبر 2021]، أي أن ما حدث يوم 8 شتنبر 2021 كان بدوره زلزالا بدرجة 8 على سلم ريختر السياسي، فمن تعرض للزلزال حينئد ليس بالضرورة حزب العدالة والتنمية، ولكن – والله أعلم- زلزلت في ذلك اليوم قيم النزاهة والمصداقية والتنافس الشريف من أجل خدمة الصالح العام، وزلزلت القيم الأصيلة للمجتمع المغربي". أما عن تزلزل الطبقات الفقيرة والمسحوقة، الوارد بعد ذلك، فإني أأجل الحديث عنه إلى حين قراءة وتحليل بيان حزب العدالة والتنمية.
خلاصة القول، إنني أجد في الدكتور طارق ليساوي نسخة طبق الأصل للدكاترة الجزائريين الذين يطلعون علينا في القنوات الجزائرية أو القنوات الدولية كمحللين وخبراء؛ لكن عجزهم يظهر جليا أمام المحللين الحقيقين، حتى وإن كانوا لا يتوفرون لا على مستوى دكتوراه ولا على درجة باحث.
وربما ليس صدفة، أن يختم الدكتور طارق ليساوي مقاله بتوجيه "شكر خاص للجزائر حكومة وشعبا على تضامنهم اللامحدود واللا مشروط معنا في مصابنا الجلل.."؛ وأعفي نفسي من التعليق على هذه السخافة.
مكناس في 6 أكتوبر 2023



#محمد_إنفي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جهالات دينية ودنيوية وشطحات سياسية على هامش زلزال 8 شتنبر ال ...
- بفعل أو بفضل زلزال 8 شتنبر 2023، عرف العالم أجمع مع من حشرنا ...
- زلزال المغرب: حزن عميق بحجم هول الفاجعة ووطن في القمة
- الجزائر الجديدة: لا عدِ(كْ)س لا بريكس، لا هيبة لا وزن، لا كا ...
- مجموعة -بريكس- أهدرت فرصة تاريخية قد تندم عليها
- ما أكثر الضباع الآدمية في القوة الضاربة!!!
- الشعوب المعذبة في الأرض، شعب الجزائر نموذجا
- لفهمه القاصر وخطه التحريري البئيس، الإعلام الجزائري يتهم الم ...
- -الجزائر تتسلح من أجل فلسطين-
- المخادعون والمخدوعون في موضوع الفتنة بين المغرب والجزائر
- السيد جبريل الرجوب، هل أنطقتك جهالتك أم ضحالة تفكيرك أم بريق ...
- الكيان الجزائري والكيان الصهيوني وجهان لعملة واحدة
- الذل والهوان في دولة الجيران!
- لا تستغربوا أي شيء من الكيانات الفاشلة
- لن تجد هذا العبط والغباء والعبث إلا في الجزائر
- عن فضيحة قناة الجزيرة القطرية
- شتان بين البحث عن الحقيقة وبين العمل على طمسها
- السفيه ينطق بما فيه
- تحذير من العدوى بالغباء
- الغباء في الجزائر وراثي أم مكتسب؟


المزيد.....




- فك لغز جثة ملفوفة بسلك كهربائي مدفونة أسفل ناد ليلي في نيويو ...
- ابتز قصّر في السعودية لأغراض جنسية وانتحل صفة غير صحيحة.. ال ...
- مع مجيء اليوم العالمي لحرية الصحافة، ما الأخطار التي تهدد ال ...
- إضاءة مقرات الاتحاد الأوروبي بالألوان احتفالاً بذكرى التوسع ...
- البهائيون في إيران.. حرمان من الحقوق و-اضطهاد ممنهج-
- خطة محكمة تعيد لشاب ألماني سيارته المسروقة!
- في ذكرى جريمة فرنسية -مكتملة الأركان- في الجزائر
- ‏ إسقاط 12 مسيرة أوكرانية فوق 5 مقاطعات روسية
- -واينت- يشير إلى -معضلة رفح- والسيناريوهات المرتقبة خلال الس ...
- انهيار سقف جامع في السعودية (فيديو)


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد إنفي - قراءة سريعة ومختصرة في مقال رأي للدكتور طارق ليساوي