سلسلة الدعاية الإسلامية وعظماء الغرب 187 مرجوليوث وكتاب نهج البلاغة

رحيم فرحان صدام

الحوار المتمدن-العدد: 7743 - 2023 / 9 / 23 - 18:55
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    

سلسلة الدعاية الإسلامية وعظماء الغرب 187
مرجوليوث وكتاب نهج البلاغة
يعد الإمام علي الشخصية الثانية بعد رسول الله التي اهتم المسلمون بجمع خطبه ورسائله وقصار أقواله أو حكمه نظرا لبلاغته الرائعة التي تحاكي أسلوب القرآن الكريم أسلوبا ومضمونا بل إن خطبه ورسائله تضمنت كثير من المواضيع الدينية التي عالجت مواضيع بحثها علماء الكلام فيما بعد ، كما تضمنت أيضا خطب الإمام مواضيع سياسية وفكرية وفلسفية من دون استخدام المصطلحات الفلسفية ، لأنها غير موجودة في عصره مما جعل بعض الإخباريين والمؤرخين والأدباء يتوجه ليدونها أما في كتب مستقلة آو تخصيص أقسام مستقلة لها ومن أهم هذه المؤلفات التي سبقت نهج البلاغة :
كتاب خطب علي وكتبه إلى عماله : لأبي الحسن علي بن محمد المدائني المتوفى سنة (225هـ / 840 م) .
وهو من أهم المصادر التي سبقت الشريف الرضي (ت406هـ / 1015م) في جمع خطب الإمام علي عليه السلام وقد أسرف المستشرق مرجوليوث كثيرا على نفسه بادعائه أن الشريف الرضي لم يثق بمجموعة الخطب والرسائل التي جمعها المدائني حيث قال :
" وتوجد عدة مقتطفات من أبحاث المدائني عند المؤرخين المتأخرين ، وفي العقد الفريد للجماعة الاسباني ابن عبد ربه 0 وربما كانت مجموعته من خطب علي كاملة في هذه الكتب ، ولعله راوي مجموعة الرسائل المتبادلة بين علي ومعاوية وغيرهما المحفوظة في الكتاب نفسه ، والمذكورة في غيره من الكتب. ويقال إن أكثر مادته عن عوانة 0 ولكن القيمة التي يمكن أن نعطيها لهذه الوثائق مشكوك فيها اشد الشك ، كما سنرى بعد.
فقد جمع أحد المشهورين من آل علي ، الشريف الرضي في حقبة متأخرة هي أواخر القرن الرابع ، مجوعة مما بقي من آثار جده العظيم سماها نهج البلاغة ، و ظاهر إن الشخص لم يثق كثيراً بمجموعة المدائني.
وعلينا أن نبحث في المجموعتين كلتيهما ، في الرسائل و الخطب ،عما اذا كان هناك احتمال بأن يطلع شخص على الرسائل التي تسلمها الفريقان كلاهما ، أو على الخطب المدونة المحفوظة " .
ولدينا ملاحظات عدة على رأي مرجوليوث وهي :
1- إن الشريف الرضي لم يصرح بشيء عن كتاب المدائني أعلاه لا سلبا ولا إيجابا فكيف علم مرجوليوث بشك الشريف الرضي بكتاب المدائني.
2- إن المدائني لم ينفرد بتأليف كتاب عن خطب الإمام ورسائله وأقواله بل شاركه عدد من الكتاب والمؤلفين مما يعزز الثقة بمروياته.
3- إن المدائني يحظى بالقبول والثقة لأغلب العلماء.
4- اما بالنسبة بتشكيكه بنسبة الخطب والرسائل إلى الإمام فهو أمر غريب ينقضه كلامه إن الخطب رواها ابن عبد ربه الأندلسي في العقد الفريد قبله وانه ربما كان من موارده لهذه الخطب.
لم يكن مرجوليوث أول من شكك في نسبة نهج البلاغة إلى الإمام علي عليه السلام بل سبقه بعض المؤرخين وأولهم ابن خلكان ثم تبعه الذهبي من دون تقديم أدلة علمية أو تاريخية وإنما اكتفوا بحجة عدم وجود أسانيد في الكتاب متناسين إن اغلب نصوص نهج البلاغة موجودة في المصادر المتقدمة على الشريف الرضي كالطبقات الكبرى لابن سعد (ت 230هـ/837م) والبيان والتبيين للجاحظ ( ت255 ه) والكامل للمبرد (ت 285ه) وانساب الأشراف للبلاذري (ت279ه) وتاريخ الرسل والملوك للطبري ( ت310ه) والعقد الفريد لابن عبد ربه الأندلسي(ت 328هـ/935م) وغيرها من المصادر التاريخية والأدبية وكثير من هذه المصادر تذكر أسانيدها مما يثبت إن أغلب نصوص نهج البلاغة هي للإمام عليه السلام.
توجد معظم محتويات نهج البلاغة في كتب المتقدّمين وإن لم يذكرها الشريف الرضي.
ومما تقدم فإن لا قيمة علمية لقول مرجوليوث بل هو رأي يندرج ضمن منهجية الإستشراق بشكل عام في التشكيك والطعن بالتراث الإسلاميلا سيما أن مرجوليوث هو المشكك الأول في صحة الشعر الجاهلي من غير أدلة علمية صحيحة بل بطريقة النفي الكيفي.

ينظر :
ابن خلكان: شمس الدين أبو العباس أحمد بن أبي بكر (ت681هـ/1282م)0 وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان، تحقيق: أحسان عباس، مطبعة دار صادر،( بيروت- 1414هـ/1994م). ج3 ص 313.
الذهبي: شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان (ت748هـ/1347م): ميزان الاعتدال في نقد الرجال ، تحقيق :علي محمد البجاوي ، دار المعرفة للطباعة والنشر ، الطبعة الأولى ، (بيروت -1382هـ/ 1963م) ج 3 ، ص 124.
ابن النديم : أبو الفرج محمد بن إسحاق (ت385هـ/995م): الفهرست ، دار المعرفة ،( بيروت - 1398هـ/1978 م) ج 1، ص 149 .
ياقوت الحموي: ياقوت بن عبد الله الرومي البغدادي (ت 626هـ/1233م) ، معجم الأدباء : دار المشرق ، (بيروت – بلا ت) ج1، ص134.
مرجوليوث : دافيد صمويل (ت 1940 م): دراسات عن المؤرخين العرب ، ترجمة د0 حسين نصار ، دار الثقافة ( بيروت – 1962 م) ، ص : 104.

#رحيم_فرحان_صدام (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل