أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - يوسف نمير علي - تحطيم التماثيل عبر التاريخ














المزيد.....

تحطيم التماثيل عبر التاريخ


يوسف نمير علي

الحوار المتمدن-العدد: 7734 - 2023 / 9 / 14 - 01:13
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


ان اعلان الحرية بشعارها الكبير الذي يجب ان نحتفي بيومها ، للاسف الشديد لم تعد موجودة ، لذا كان من المفترض ان نخصص يوما لذكراها، اذ اصبحت الحرية لا تطاق حتما ، لانها هي الوحيدة التي بقيت متضايقة من بني البشر الذين صدحوا كذبا بأسمها ليل نهار ، اشخاص كانوا على مشارفها واخرون وقفوا على مشانقها
و لا نعلم هل اصبحنا نحاكم التاريخ ام ان التاريخ هو من يحاكمنا ؟ ، و اظن انني لا اخطأ حين اقول بأن التاريخ هو الذي اصبح من يحاكمنا اليوم ، ولكن هل حقا اصبح التاريخ بهذا الفراغ الهائل الذي لا نستطيع ان نملؤه الا بالعنف ؟ ، لم يكن مفاجئا لنا ان الانسان المعاصر بات منتهيا بسبب تعرضه لأشد الاشياء تأثيرا في حياته ، الا وهو الفن ، حيث أقام الجنس البشري نصبا تذكارية لأغراض رمزية لما لا يقل عن 11000 عام ، يحتوي السجل الأثري على أمثلة من جميع أنحاء العالم وعبر تاريخ البشرية من الشخصيات التي تم إنشاؤها وعرضها ونسيانها وفي كثير من الأحيان دمرت عمدا، هل من المبرر اليوم النظر إلى الشخصيات التاريخية خارج سياقها وتدمير إرث مجموعة معينة لأنه يذكر مجموعة أخرى بمظالم الماضي؟
إن تغيير أو إزالة أو تدميراي نصب تذكاري لا يشكل محوًا للتاريخ. بدلا من ذلك ، فإنه يشير إلى إعادة تقييم لكيفية تذكر تلك الحلقة من الماضي بشكل جماعي. لقد حدثت عمليات اسقاط او تشويه او ازالة التماثيل لنفس الأسباب التي نصبت بها في المقام الأول: لبناء ذاكرة جماعية تتماشى مع المثل السياسية للمجتمع.
تعود فكرة تحطيم المعتقدات التقليدية للتماثيل و غيرها من اشكال الفنون الاخرى إلى السنوات الأولى من الحضارة الغربية. في الإمبراطورية الرومانية تحديدا ، كان الأباطرة يخضعون لتقييم مجلس الشيوخ بعد وفاتهم. كان أعضاء مجلس الشيوخ يمنحون الإمبراطور عبادة خاصة في الدين الروماني ( نوع من انواع التأليه )
إذا قرر مجلس الشيوخ بما يسمى ب"إدانة الذاكرة" لإمبراطور لا يحظى بشعبية أو مثير للانقسام سياسيًا ، فسيتم تدمير جميع المعالم الرسمية التي تحمل صورته.
وفي الامبراطورية البيزنطية وعلى الرغم من معارضة أتباع الكنيسة الأوائل لتصوير يسوع ، بحلول القرن السابع ، اشترك العديد من المسيحيين البيزنطيين في استخدامهم الايقوني الديني. ومع ذلك ، فقد حظر الإمبراطور البيزنطي (ليو الثالث) استخدام الأيقونات في عام 730 م. أدى ذلك إلى اندلاع موجة من تدمير اللوحات والتماثيل والنقوش التي تصور المسيح. كان الدافع المحتمل لهذا التدمير هو أن محاربي الأيقونات كانوا يطمحون إلى الثروة المادية والسلطة السياسية لرجال الدين كما تجلى ذلك في أيقوناتهم. استخدم الإمبراطور (ليو الثالث) قواته لاضطهاد عابدي الأيقونات بصورة دموية. ومع ذلك ، بعد انعقاد المجلس السابع لنيقية في القرن التاسع ، تم حظر تحطيم المعتقدات الايقونية التقليدية. .
غير ان اقدم ما يمكن تقديمه عن حوادث تدمير التماثيل، هو ما حصل في عام 24 قبل الميلاد ، حيث غزا جيش الملكة (أمانيريناس) من مملكة كوش الأراضي الرومانية في مصر، وقطع رأس تمثال ضخم للإمبراطور (أوغسطس) . أعاد الجنود الرأس إلى ما يعرف الآن بالسودان ودفنوه تحت الدرج المؤدي إلى معبد النصر. على مدار الألفي سنة التالية ، قام كل شخص قد دخل المعبد بإهانة رأس أوغسطس من خلال الرفس على وجهه.
مصير رأس أوغسطس هو أحد الأمثلة التي لا حصر لها على التدمير المتعمد للفن في تاريخ البشرية. فأولئك الذين يصلون إلى السلطة يمحون فن أولئك الذين سقطوا من السلطة.
جورج سانتايانا الذي كان فيلسوفًا إسبانيًا ، كتب اقتباسا له على لوحة في مدخل معسكر اعتقال أوشفيتز :"الشخص الذي لا يتذكر التاريخ لا بد أن يعيش من خلاله مرة أخرى" ؛ وقد كرر ونستون تشرشل نوعًا مختلفًا من هذا القول المأثور
:"أولئك الذين يفشلون في التعلم من التاريخ ، محكوم عليهم بتكراره"
حمل التاريخ لنا صورا مشوشة و احيانا مشوهة عن اولئك الذين استطاعوا اسقاط الشخصيات التي لا تليق بالمجتمعات التي تغيرت احواله و تحول الى مجتمع منافس مع السلطة السياسية في سبيل اخضاع ذاكرته الوطنية
ولاتبتعد هذه الظواهر التخريبية للرموز و الشخصيات التاريخية و الحضارية كثيرا عن عالمنا اليوم، فواقعنا المعاصر اكبر شاهد على عمق تأثر الكثيرين بسياسات التحريم و التكفير و الاخذ بالثأر، و ما الى ذلك ، فتلك طالبان قد دمرت اكبر تمثال لبوذا في افغانستنان في عام 2001، وما نتذكره جيدا في الايام الاولى لسقوط نظام صدام في عام 2003، وتدمير جميع رموزه و تماثيله و قصوره، ناهيك عن النبش عن ممتلكاته و سرقتها، وما فعلته داعش في عام 2014، من تدمير الكثير من المعالم الحضارية في كل من سوريا و العراق، وهذه امريكا التي انتفض فيها الالاف من ذوي البشرة السوداء عام 2020، وحطموا و شوهوا من خلالها تماثيل كثيرة كانت تعد رمزا من رموز التاريخ الامريكي واحدى ابشع فصوله العنصرية ابان الحرب الاهلية.



#يوسف_نمير_علي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سقوط فرنسا :عندما سقطت أعظم إمبراطورية عالمية بعد بريطانيا
- سقوط سنغافورة ونهاية الإمبراطورية البريطانية في الشرق الأقصى
- قصف برلين :أكبر غارة جوية في الحرب على عاصمة هتلر
- ديكتاتور لكن مثقف، كيف؟
- العود الأبدي :العودة إلى البدايات اللانهائية
- علم الجريمة و السلوك النفسي
- جحافل هتلر الأجنبية :تسع وحدات غير ألمانية قاتلت من أجل النا ...
- كيف أصبحت مذكرات هتلر المزورة واحدة من أعظم الفضائح الصحفية ...
- كيف أصبحت مذكرات هتلر المزورة واحدة من أعظم الفضائح الصحفية ...
- الزعيم الألباني أنور خوجة و موقفه من العراق (١٩& ...
- بسمارك وهتلر :أوجه التشابه و الإختلاف
- البليتزكريغ أو الحرب الخاطفة :تاريخ تكتيك عسكري قلب موازين ا ...
- روبرت اوبنهايمر :ابو القنبلة الذرية
- روبرت اوبنهايمر : ابو القنبلة الذرية
- خمسة محاولات فاشلة لاغتيال هتلر لم تحظى بالشهرة الكافية كمحا ...
- خمس محاولات لاغتيال هتلر لم تحظى بالشهرة الكافية كمحاولة فال ...
- الأزمة الأوكرانية : سيناريوهات نهاية مختلفة لواقع متضارب
- هل ينتظر العالم مولوداً جديداً بعد الحرب الروسية الاوكرانية؟
- ازتك، مايا، انكا، و اولمك: ماذا نعرف عن تلك الحضارات؟
- ١٠ أسباب لإنهيار الإمبراطورية السوفيتية


المزيد.....




- -عُثر عليه مقيد اليدين والقدمين ورصاصة برأسه-.. مقتل طبيب أس ...
- السلطات المكسيكية تعثر على 3 جثث خلال البحث عن سياح مفقودين ...
- شكري وعبد اللهيان يبحثان الأوضاع في غزة (فيديو)
- الصين تطلق مهمة لجلب عينات من -الجانب الخفي- للقمر
- تحذيرات ومخاوف من تنظيم احتجاجات ضد إسرائيل في جامعات ألماني ...
- نتنياهو سيبقى زعيما لإسرائيل والصفقة السعودية آخر همه!
- بلينكن : واشنطن تريد أن تمنح جزر المحيط الهادئ -خيارا أفضل- ...
- القدس.. فيض النور في كنيسة القيامة بحضور عدد كبير من المؤمني ...
- لوحة -ولادة بدون حمل- تثير ضجة كبيرة في مصر
- سلطات دونيتسك: قوات أوكرانيا لا تملك عمليا إمكانية نقل الاحت ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - يوسف نمير علي - تحطيم التماثيل عبر التاريخ