أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - صلاح الدين ياسين - قراءة في كتاب -العرب والتجربة الآسيوية الدروس المستفادة-















المزيد.....

قراءة في كتاب -العرب والتجربة الآسيوية الدروس المستفادة-


صلاح الدين ياسين
باحث

(Salaheddine Yassine)


الحوار المتمدن-العدد: 7705 - 2023 / 8 / 16 - 00:33
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    


كتاب من تأليف الباحث الاقتصادي المصري محمود عبد الفضيل، صدر عن مركز دراسات الوحدة العربية ببيروت في العام 2000، إذ انصرف موضوعه إلى تناول جملة من التجارب الآسيوية الناجحة في النهوض الاقتصادي، وتحديدا في دول سنغافورة، ماليزيا، كوريا الجنوبية، تايلاند، الصين، وذلك بغرض الوقوف على محددات النجاح التي يمكن الاسترشاد بها عربيا، فضلا عن بعض مواطن القصور في تلك التجارب، والتي يجدر بنا تلافيها عند الحديث عن أي أفق نهضوي عربي.
أولا: مقومات نجاح تجربة التنمية الآسيوية
يذهب المؤلف إلى أن تلك التجارب الآسيوية في الإقلاع الاقتصادي استندت إلى مجموعة من المقومات والدعامات في وسعنا تحديدها كما يلي:
* الدور المحوري الذي اضطلعت به الدولة في رسم التوجهات التنموية وتحديد الأولويات الاقتصادية، من خلال سياسات التخطيط المركزي الحكومي، بالموازاة مع إعطاء حوافز للقطاع الخاص من أجل الإسهام في العملية التنموية، الأمر الذي يتنافى مع الطرح النيوليبرالي المتوحش الذاهب إلى إلغاء أي دور تدخلي للحكومة والقطاع العام باعتباره عائقا أمام التنمية، بحيث لعب التخطيط الاستراتيجي طويل الأمد دورا أساسيا في إنجاح تلك التجارب الناهضة، وآية ذلك استمرار السياسات التنموية رغم تبدل القيادات والنظم السياسية.
* البعد الثقافي والقيمي من حيث هو محرك للتجارب التنموية في دول شرق آسيا، إذ ليس يخفى إسهام قيم معينة مثل الإخلاص والمثابرة في العمل (قوة عمل منضبطة ومؤهلة)، وشيوع ثقافة الادخار لدى الحكومات والأسر، في النهوض التنموي لتلك التجارب، وهنا تلعب الأخلاق الكونفوشيوسية وظيفة حيوية في هذا المضمار.
* نجاح استراتيجية التصنيع كمدخل للطفرة التنموية بالدول الآسيوية، إذ يشدد الكاتب على التحول الذي عرفه الهيكل الصناعي لجهة التحول من صناعات خفيفة إلى صناعات ثقيلة، ومن صناعات تقليدية (كالنسيج) إلى صناعات حديثة ذات قيمة مضافة عالية (كالصناعات الإلكترونية). وهنا وجب التشديد على أهمية قطاع التصدير من خلال الاستثمار في الصناعات التصديرية، إذ نجحت منتجات تلك الدول في اختراق أسواق استهلاكية متقدمة (كالسوق الأمريكية) بفضل سلعها الرخيصة من حيث التكلفة، وجودتها القريبة من السلع الأصلية المقلدة.
* دور المأسسة والتنظيم، بالإضافة إلى اعتماد طرق الإدارة الحديثة في النجاح التنموي لتجارب النمور الآسيوية، فضلا عن الالتقائية والتكامل بين مختلف فروع وقطاعات ومؤسسات الاقتصاد الوطني.
* استراتيجيات التطوير التقاني (العدد الكبير من براءات الاختراع)، فقد اتسم النموذج التنموي في تلك الدول، مثلما يلحظ المؤلف، بسلوك "مسار مختلط"، إذ تميز في مراحله الأولى (1970- 1985) ب "تعبئة الموارد" (التوسع في التوظيف، الاستثمارات الكبيرة... إلخ)، ثم طفق ينحو شيئا فشيئا منذ نهاية الثمانينيات إلى الاعتماد على التراكم التقاني والمعرفي.
* نموذج اجتماعي ناجح إلى حد ما، يتصف بتحقيق حد أدنى من العدالة التوزيعية، مقارنة بتجارب أخرى فاشلة في هذا الباب كتجارب أمريكا اللاتينية.
* تراكم وتطور الرأسمال البشري بفضل نظام تعليمي متقدم، أمسى يتفوق في بعض الجوانب على النظم التعليمية في الدول الغربية.
ثانيا: الدروس المستفادة عربيا من التجربة الآسيوية
يرى صاحب الكتاب أن مسببات الفشل العربي لا تعزى إلى نقص في المدخرات المالية بل إلى "تبديدها"، ولا إلى قلة الاستثمارات بل ل "سوء توزيعها"، وليس إلى قلة رأس المال البشري وإنما إلى هجرة الكفاءات وعدم استثمارها، فضلا عن ضعف المأسسة وعدم إيلاء البحث العلمي المكانة التي يستحقها. ومن بين الدروس المستخلصة من التجربة الآسيوية أن المال لوحده لا يكفي لتحريك عجلة التنمية إذا لم يقترن بالكفاءة التنظيمية والتقدم التكنولوجي والرؤى الاستراتيجية، وذلك في معرض حديث المؤلف عن السر الكامن وراء الإسهام الفعلي للاستثمارات اليابانية في نجاح تجارب دول جنوب شرق آسيا، مقارنة بالأثر التنموي المحدود للاستثمارات الخليجية في الأقطار العربية.
كما يبسط الباحث عوامل أخرى تقف حائلا أمام تنمية الوطن العربي، وفي جملتها النزعة الاستهلاكية الجامحة التي ترجع إلى ضعف ثقافة الادخار لدى الأسر، علاوة على دور الحروب والصراعات الكثيرة بالمنطقة في استنزاف الموارد، وصولا إلى معطى مهم يتمثل في دور "العقلية الريعية" (من بين مظاهرها الاستهلاك المفرط واللهاث وراء الربح السريع) التي فاقم منها تراكم الثروة النفطية، مقارنة بالعقلية التنموية الإنتاجية في دول آسيا الناهضة، والاعتماد على "النفس الطويل" بدل استعجال الربح والمكسب.
على أن الكاتب لا يجنح إلى العدمية والتمادي في جلد الذات، إذ يشير إلى أن مجموعة من التجارب التنموية الآسيوية (بما في ذلك اليابان) استفادت من ظروف الحرب الباردة والدعم المالي الغربي السخي، بحيث كان لدول الغرب – وفي مقدمتها – أمريكا مصلحة في قيام تجارب رأسمالية جذابة في آسيا، في ظل التهديد الشيوعي الزاحف إلى آسيا وقتئذ، والصادر من الاتحاد السوفييتي وشيوعية ماو قبل تحول الصين إلى اقتصاد السوق وفق منظورها الخاص. وبالمقابل لم تتوفر ظروف موضوعية مشجعة للنهوض التنموي بالوطن العربي، الذي طالما ظل مطمعا للقوى الإمبريالية الدولية.
كما كرس الباحث محورا للحديث عن الأزمة المالية التي طالت بلدان جنوب شرق آسيا منذ صيف 1997 بفعل هشاشة قطاعها المالي، ومن بين مسببات تلك الأزمة: انتشار المضاربات العقارية والمالية، ارتفاع مديونية المصارف بالعملات الأجنبية، مظاهر فساد مالي من قبيل قروض المجاملة لأفراد من النخبة السياسية دون ضمانات فعلية... إلخ، مع الإشارة إلى أن تلك الأزمة لم تؤثر على القطاع العيني (الإنتاج، التصدير) الذي يشكل عضد الاقتصاد القومي لتلك البلدان، والذي يقوم على أسس وطيدة، ولذا سرعان ما استعادت اقتصادات تلك الدول توازنها تدريجيا مع حلول عام 2000 بعد التداعيات التي ألمت بها من جراء الأزمة المالية (انكماش اقتصادي، بطالة... إلخ). وعليه، فإن الدرس المستخلص هنا بالنسبة للعرب والدول النامية عموما هو وجوب ضبط حركة "الأموال الساخنة"، والتي ترمز إلى رؤوس الأموال قصيرة الأجل الباحثة عن الربح السريع، وبالتالي ضرورة الانفتاح الحذر والمحسوب على السوق العالمية، وتدفقات رؤوس الأموال الأجنبية، التي يجب أن تتركز على الاستثمار في القطاعات الإنتاجية التصديرية.
وفيما يخص السؤال المتعلق بمدى إمكانية استنبات تلك التجارب في التربة العربية، يرى الكاتب أن تجربة "النمور الأربعة الأوائل" (كوريا الجنوبية، سنغافورة، تايوان، هونغ كونغ) يصعب استنساخها، بالنظر إلى استفادتها من ظروف الحرب الباردة كما سبق الذكر، وصغر حجمها (باستثناء كوريا) الذي ييسر لها إشباع الحاجات الأساسية لمواطنيها، بالإضافة إلى أن تلك التجارب التنموية لم تكن نابعة من دينامية تصنيع وتطوير داخلية، إذ استفادت من إقامة الشركات دولية النشاط منصات تصدير في بلدانها، ومن ثم عمدت مباشرة إلى التصدير دون المرور بمرحلة "الإحلال محل الواردات". وبالمقابل يعتقد الباحث بأن التجارب التي في وسعنا الاقتداء بها تتمثل في: كوريا الجنوبية في طبعتها الثانية من مسار تطورها التنموي، ماليزيا، الصين، الهند، وهي التي شرعت أولا في بناء قاعدة صناعية قوية قبل أن تفلح في اختراق الأسواق العالمية.



#صلاح_الدين_ياسين (هاشتاغ)       Salaheddine_Yassine#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة في كتاب -إشكاليات الفكر العربي المعاصر- للجابري
- قراءة في كتاب -الأناركية- لدانيال غيران
- قراءة في كتاب -الاغتيال الاقتصادي للأمم، اعترافات قرصان اقتص ...
- قراءة في كتاب -في الإجابة عن سؤال: ما الشعبوية؟- لمؤلفه عزمي ...
- قراءة في كتاب -استعادة ماركس- لسعد محمد رحيم
- فترة الحماية الفرنسية للمغرب: جدلية التقليدانية والتحديث
- مساعي الإصلاح السياسي في مغرب أوائل القرن العشرين
- قراءة في كتاب -نقد الحقيقة- لعلي حرب
- قراءة في كتاب -حصار الثقافة بين القنوات الفضائية والدعوة الأ ...
- قراءة في كتاب -مراكز الفكر أدمغة حرب الأفكار-
- قراءة في كتاب -قادة الفكر- لطه حسين
- قراءة في كتاب -الدين والمجتمع: دراسة سوسيولوجية للتدين بالمغ ...
- قراءة في كتاب -نقد الخطاب القومي- لمؤلفه عبد الإله بلقزيز
- قراءة في كتاب -هل نسير إلى الهاوية- لإدغار موران
- قراءة في كتاب -نقد الليبرالية-
- بلقزيز ناقدًا الاستشراق الإيديولوجي ومركزية الغرب
- كتاب -من النهضة إلى الردة- لجورج طرابيشي: هل يملك فكر النهضة ...
- كتاب -لماذا يكذب القادة؟-: دراسة حول أبعاد الكذب في السياسة ...
- كتاب -دنيا وأديان- لنقولا فياض: سياحة في عالم الفكر والفلسفة
- قراءة في كتاب -دراسات في تاريخ المغرب- لمؤلفه جرمان عياش


المزيد.....




- أيرلندا تعترف رسميًا بالدولة الفلسطينية.. وتعلن إقامة علاقات ...
- بوتين: روسيا تأخذ في الاعتبار مواقف كل الشركاء بشأن قضية -طا ...
- الدفاع الروسية: واشنطن تواصل انتهاك حظر الأسلحة الكيميائية
- -القسام-: فجرنا منزلا مفخخا بقوة إسرائيلية جنوب رفح وأوقعنا ...
- البيت الأبيض: بايدن ورئيس وزراء بلجيكا سيبحثان مساعدة كييف و ...
- العسكريون الروس يختبرون روبوتا جديدا متعدد الاستخدامات
- مصدر أمني يكشف لـRT حقيقة مقتل جندي مصري آخر في اشتباكات رفح ...
- طبيب بريطاني: مستشفيات غزة تعمل في ظروف أشبه بـ-العصور الوسط ...
- عشرات الشهداء والجرحى بمجزرة جديدة ارتكبها الاحتلال في رفح
- 200 ألف حصلوا على الجنسية الألمانية في 2023 معظمهم سوريون


المزيد.....

- فلسفة البراكسيس عند أنطونيو غرامشي في مواجهة الاختزالية والا ... / زهير الخويلدي
- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي
- آليات توجيه الرأي العام / زهير الخويلدي
- قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج ... / محمد الأزرقي
- فريديريك لوردون مع ثوماس بيكيتي وكتابه -رأس المال والآيديولو ... / طلال الربيعي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - صلاح الدين ياسين - قراءة في كتاب -العرب والتجربة الآسيوية الدروس المستفادة-