أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - صلاح الدين ياسين - قراءة في كتاب -قادة الفكر- لطه حسين














المزيد.....

قراءة في كتاب -قادة الفكر- لطه حسين


صلاح الدين ياسين
باحث

(Salaheddine Yassine)


الحوار المتمدن-العدد: 7576 - 2023 / 4 / 9 - 17:47
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    


كتاب من تأليف طه حسين (1889- 1973)، الأديب والناقد المصري الذي يعد من أبرز رموز التيار الفكري الحداثي إبان عصر اليقظة العربية. صدرت النسخة الأصلية من الكتاب في سنة 1925، لتعيد مؤسسة هنداوي نشره خلال العام 2018 في طبعة جديدة. يجول بنا الكاتب في مؤلفه الشيق هذا لنتعرف أهم المحطات الفارقة في تاريخ العقل الإنساني، انتهاء برصد المآل الذي انتهى إليه الفكر حديثًا، متوسلا في ذلك بأسلوب لغوي سلس وماتع، خال من أي حشو أو إطناب.
في البدء ينبه صاحب "الأيام" إلى أن اليونان كان لهم قصب السبق في ريادة الفكر الإنساني، ولعل مكمن الشبه بينهم وبين العرب هو أن الحياة اليونانية كانت تقوم في بداوتها وأول عهدها بالحضارة على الشعر، ولا سيما في جنسه القصصي (يروي قصص وملاحم الأبطال)، والذي شكل النواة الأولى لألوان لاحقة من الشعر (الشعر الغنائي، الشعر التمثيلي... الخ). على أن تأثير الشعر اليوناني قد جاوز حدود اليونان ليُمسي إرثا مشتركا للإنسانية تاركًا بذلك بصمته على الشعر الحديث، مثلما يذهب إلى ذلك المؤلف.
إلا أن قيادة الفكر قد انتقلت فيما بعد من الشعر إلى الفلسفة من جراء تطور وتعقد الحياة الاجتماعية والاقتصادية لليونان، ليبزغ نجم طائفة من الفلاسفة الأفذاذ، وفي جملتهم سقراط (399 ق.م – 470 ق.م)، والذي امتاز عن الفلاسفة المعاصرين له بكونه لم يلهث وراء مال أو شهرة، فضلا عن كَلَفه بالحقيقة خلافا للسوفسطائيين الذين أزروا بقيمتها. كما خلب صاحبنا ألباب شباب عصره، واعتمد الحوار منهجا لاستكناه الحقائق.
إن فرادة سقراط تكمن في كونه جعل من الإنسان موضوعا للفلسفة بدل الكون، إذ شدد على أن معرفة النفس البشرية والإحاطة بدواخلها هي أسمى أنواع المعرفة، كما رأى بأن السعادة الفعلية إنما مردها إلى الخير والعدل، ومن هنا الطابع الأخلاقي لفلسفته المناقض للمنزع المادي والنفعي المحض لمعاصريه من السوفسطائيين. على أن الفيلسوف اليوناني قد أثار نقمة وحنق الطبقة الأرستقراطية بطعنه في الأخلاق والعادات المتوارثة، والتي في جملتها الدين الوثني القديم. كما ألب عليه، في الوقت عينه، أنصار الديمقراطية المتطرفة، بحيث لم يُخف بغضه لذلك النظام من حيث هو وسيلة لتثبيت سيطرة الدهماء والجهلة دون اعتبار للكفاءة أو الفضيلة، الأمر الذي يفسر إلى حد بعيد المحنة القاسية التي انتهى إليها.
مرورا بأفلاطون (347 ق.م – 427 ق.م) الذي عاش في سياق مطبوع بالاضطرابات والحروب الدامية، مما حدا به إلى البحث عن النظام الملائم للحياة الإنسانية بعد التآكل الذي طاول النظم والعقائد الاجتماعية القديمة (الديمقراطية، الأرستقراطية... الخ). كما تعاطى صاحبنا الميتافيزيقا، فاعتبر أن العالَم المحسوس أو الظاهر إنما هو صادر عن عالم الحقائق الخالدة أو الإله من حيث هو العلة الأولى للموجودات كلها، فاتخذ بذلك كلا من الإنسان والكون موضوعا لفلسفته.
أما بالنسبة للنظرية الأخلاقية الأفلاطونية، فهي تنصرف إلى أن السبيل الأقوم إلى الفضيلة والعدل والسعادة هو التوازن بين القوى الثلاث المؤلفة للنفس البشرية: العقل، القوة الغضبية / الشجاعة، ثم اللذة والشهوة. على أن مذهبه الأخلاقي هو أس وقوام فلسفته السياسية، إذ شدد على أن النظام السياسي والاجتماعي الملائم للحياة الإنسانية هو الذي يتحقق فيه ذلك التوازن المومَأ إليه آنفا، بحيث تجسد كل طبقة من الطبقات المشكلة للجمهورية جانبا معينا من جوانب النفس البشرية. فطبقة الفلاسفة الرؤساء التي يؤول إليها الحكم تمتاز بفضيلة العقل، وطبقة الجنود المحاربين تتصف بالشجاعة والبسالة الحربية. وصولا إلى الطبقة الثالثة، طبقة المزارعين والتجار والصناعيين، والتي تُعنى أساسا بسد حاجات الجيش والحكومة. بيد أن أفلاطون نفسه قد عدل عن جوانب كثيرة من نظريته هاته بعدما استبين شططها ولاواقعيتها، وذلك في كتابه الأخير "القوانين les lois".
وصولا إلى أرسطو (322 ق.م – 384 ق.م) الذي اعتمد منهجا مختلفا عن أسلافه ينبني على البحث العلمي والدقة اللغوية، فقد كان عالما قبل كل شيء، حيث عُني بتنظيم وتقعيد العلم الإنساني وقوانين التفكير والتعبير، إذ استكشف قوانين القياس والاستقراء وغير ذلك من الآثار العلمية. كما كانت نظرته للأخلاق نسبية، فليس ثمة خير مطلق أو شر مطلق، إذ ما أراه أنا خيرًا قد يلوح للآخر شرا، ومن هنا تتغير نظرتنا للأخلاق تبعا لتغير الظروف والأفكار السائدة في المجتمع.
وفي طور لاحق، انتقلت قيادة الفكر إلى السياسة بعد خفوت بريق الفلسفة، مثلما يرى طه حسين، وذلك بفضل شخصية تاريخية استثنائية، نريد بذلك الإسكندر المقدوني، الذي أسهم في نشر حضارة اليونان على نطاق واسع بعد إخضاعه للشرق. فقد كان، بحسب الكاتب، ذا منزع كوسموبوليتي يتشوف إلى تبديد الفوارق بين الشعوب المفتوحة، ومن ثم تحقيق هدف كثيرًا ما سعى إليه الفلاسفة وهو توحيد العقل الإنساني وطرق الحكم والغايات، ناهيك بإسهامه الأكبر لجهة حفز التلاقح الحضاري والثقافي بين الشرق والغرب.
ثم لم تلبث أن انتقلت قيادة الفكر من الفلسفة، فالسياسة إلى الدين طوال حقبة القرون الوسطى (المسيحية في الغرب، الإسلام في الشرق). أما السمة المميزة لعصرنا الحديث، في نظر طه حسين، تكمن في تَوَزع قيادة الفكر بين جميع تلك العناصر (الأدب، الفلسفة، العلم، السياسة، الدين) بفضل ما يعرفه العصر الحديث من ذيوع غير مسبوق لوسائل الطباعة والنشر الحديثة (منذ اختراع المطبعة)، الشيء الذي أفضى بالتبعة إلى تَعَدد الآراء والمذاهب، ومشاطرتها التأثير في نفوس وعقول الناس. كما أن قيادة الفكر كفت عن أن تكون وقفا على أمة أو حضارة بعينها، بقدر ما باتت مشتركة بين الأمم المتحضرة جميعا، فلكل منها فنونها وآدابها ونظمها الخاصة.



#صلاح_الدين_ياسين (هاشتاغ)       Salaheddine_Yassine#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة في كتاب -الدين والمجتمع: دراسة سوسيولوجية للتدين بالمغ ...
- قراءة في كتاب -نقد الخطاب القومي- لمؤلفه عبد الإله بلقزيز
- قراءة في كتاب -هل نسير إلى الهاوية- لإدغار موران
- قراءة في كتاب -نقد الليبرالية-
- بلقزيز ناقدًا الاستشراق الإيديولوجي ومركزية الغرب
- كتاب -من النهضة إلى الردة- لجورج طرابيشي: هل يملك فكر النهضة ...
- كتاب -لماذا يكذب القادة؟-: دراسة حول أبعاد الكذب في السياسة ...
- كتاب -دنيا وأديان- لنقولا فياض: سياحة في عالم الفكر والفلسفة
- قراءة في كتاب -دراسات في تاريخ المغرب- لمؤلفه جرمان عياش
- قراءة في كتاب -المسألة الثقافية في الوطن العربي- لمحمد عابد ...
- قراءة في كتاب -القوة الناعمة: وسيلة النجاح في السياسة الدولي ...
- كتاب -الشرق الفنان-: خواطر بشأن التمايزات الثقافية بين الشرق ...
- كتاب -الربح مقدما على الشعب-: تشومسكي وتعرية النيوليبرالية ا ...
- كتاب -من الإصلاح إلى النهضة- لعبد الإله بلقزيز: إضاءة على جذ ...
- كتاب -السلطة الثقافية والسلطة السياسية- لعلي أومليل: المثقف ...
- قراءة في كتاب -الإسلام والعلمانية والديمقراطية الليبرالية- ل ...
- قراءة في كتاب -الدولة والمجتمع: جدليات التوحيد والانقسام في ...
- قراءة في كتاب -فكر ابن خلدون: العصبية والدولة – معالم نظرية ...
- قراءة في كتاب -غرق الحضارات- لأمين معلوف
- كتاب -هجرة الأفكار-: التلاقح الحضاري كرؤية بديلة للصدام بين ...


المزيد.....




- وحدة أوكرانية تستخدم المسيرات بدلا من الأسلحة الثقيلة
- القضاء البريطاني يدين مغربيا قتل بريطانيا بزعم -الثأر- لأطفا ...
- وزير إسرائيلي يصف مقترحا مصريا بأنه استسلام كامل من جانب إسر ...
- -نيويورك تايمز-: الولايات المتحدة تسحب العشرات من قواتها الخ ...
- السعودية.. سقوط فتيات مشاركات في سباق الهجن بالعلا عن الجمال ...
- ستولتنبرغ يدعو إلى الاعتراف بأن دول -الناتو- لم تقدم المساعد ...
- مسؤول أمريكي: واشنطن لا تتوقع هجوما أوكرانيا واسعا
- الكويت..قرار بحبس الإعلامية الشهيرة حليمة بولند سنتين وغرامة ...
- واشنطن: المساعدات العسكرية ستصل أوكرانيا خلال أيام
- مليون متابع -يُدخلون تيك توكر- عربياً إلى السجن (فيديو)


المزيد.....

- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي
- آليات توجيه الرأي العام / زهير الخويلدي
- قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج ... / محمد الأزرقي
- فريديريك لوردون مع ثوماس بيكيتي وكتابه -رأس المال والآيديولو ... / طلال الربيعي
- دستور العراق / محمد سلمان حسن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - صلاح الدين ياسين - قراءة في كتاب -قادة الفكر- لطه حسين