أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - صلاح الدين ياسين - قراءة في كتاب -نقد الخطاب القومي- لمؤلفه عبد الإله بلقزيز















المزيد.....

قراءة في كتاب -نقد الخطاب القومي- لمؤلفه عبد الإله بلقزيز


صلاح الدين ياسين
باحث

(Salaheddine Yassine)


الحوار المتمدن-العدد: 7575 - 2023 / 4 / 8 - 18:52
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    


كتاب من تأليف المفكر المغربي العروبي المعاصر عبد الإله بلقزيز، صدر عن مركز دراسات الوحدة العربية ببيروت في العام 2010. وكما يدل على ذلك عنوانه، انصرف بلقزيز في هذا العمل إلى نقد الفكر القومي العربي بدافع الرهان على تجديده وتمكينه من الاستمرارية والصمود، وبذلك فهو نقد بالمعنى الإيجابي البناء لا بمعنى النقض والنسف، أملاه طغيان الجانب الإيديولوجي على المعرفي في ذلك الخطاب محل النقد، دون أن يعني ذلك التشنيع على الإيديولوجيا أو النظر إليها من حيث هي وعي زائف، فهي تستمد مشروعيتها من واقع أنها تعبر عن مصلحة جماعة اجتماعية ما (في هذه الحال مصلحة العرب في الوحدة). وعليه، يدعو الكاتب إلى وجوب إعادة تأسيس الفكرة القومية العربية على قاعدة نظرية ومعرفية متينة، على نحو يسمو بها عن متاهات الخطاب الدوغمائي الشعبوي المشحون بجرعات مفرطة من الاستنقاع الإيديولوجي.
على أن المؤلف لا يجحد ما أحرزته الأنظمة القومية العربية – بشقيها الناصري والبعثي – من إنجازات نوعية (الإصلاح الزراعي، التصنيع الثقيل، تطوير التعليم، تقليص الفوارق الطبقية، التصدي للمشروع الصهيوني والأحلاف الاستعمارية...)، وهو ما وفر لتلك النخب الحاكمة نوعًا من الشرعية الثورية (= شرعية الإنجاز) تستعيض بها عن الشرعية الديمقراطية المفقودة. بيد أن الفكرة القومية ما لبثت أن تعرضت لأزمة في المشروعية، وتضاؤل من حيث الجاذبية والتأثير في الجماهير، ويُعزى ذلك لجملة من المسببات لعل من أظهرها: فشل مساعي وتجارب التوحيد القومي العربية (إخفاق الوحدة المصرية السورية)، الاندحار أمام دولة الاحتلال الصهيوني ومشروعها التخريبي في المنطقة (نكسة 1967)، تَبَدد المكتسبات التنموية بعد انصرام الحقبة الناصرية، الانقسامات والانشقاقات العبثية في أوساط الحركات والتنظيمات القومية... إلخ، دون أن يعني ما سبق الإغضاء عن معطى التدخل الخارجي من حيث هو عامل كابح ومثبط للطموح الوحدوي العربي.
عن وجوب مراجعة تصوراتنا للأمة
يدحض بلقزيز الفرضية الذاهبة إلى أن الأمة العربية سابقة من حيث الوجود لتَكَون الأمم الحديثة في أوروبا القرن التاسع عشر، ذلك أن الأمة بالمفهوم الحديث الواسع تُجاوز حدود الانتماءات التقليدية (الرابطة الدينية، النسب أو العرق الدموي...)، ولا تكاد تنفصل عن المواطنَة. وهنا يُحسب للرواد المؤسسين للفكر القومي العربي (في بدايات القرن 20) أنهم ما أقحموا العرق أو النسب في جملة العوامل المحددة للأمة العربية، الأمر الذي حال دونهم والانسياق وراء طروحات الإيديولوجيات العنصرية والشوفينية (النازية، الصهيونية...) وما تأدت إليه من عواقب وخيمة. كما يشدد الكاتب على ضرورة القطع مع المفهوم الأرسطي (نسبةً إلى أرسطو) للهوية، الذي يتمثلها كماهية، أي ذلك الجوهر الثابت الذي يسبغ على الشيء فرادة أصيلة. والحال إن الهوية لا تعدم القدرة على التجدد والتطور تبعا لمقتضيات الصيرورة التاريخية، ناهيك بقابليتها للنهل من روافد أجنبية، وهو ما يُعد عنصر إغناء لها.
وعليه، ينقد المؤلف المقاربة التي انتهجها السواد الأعظم من المفكرين الوحدويين العرب في التعاطي مع سؤال العوامل المحددة للأمة، إذ أمعنوا في تضخيم دور العامل الثقافي (اللغة، الثقافة، التاريخ المشترك) على ما ينطوي عليه من أهمية جزئية، فيما تعاموا عن محددات أخرى لا تقل أهمية، وفي طليعتها العامل السياسي المتمثل في الدولة القومية الحديثة من حيث هي شرط وجود للأمة، عند الكاتب، قوامها رابطة المواطَنة التي تستوعب جميع أفراد المجتمع السياسي بصرف النظر عن انتماءاتهم ومعتقداتهم الفردية. ولعل هذا التمثل الحديث لمفهوم الأمة هو القمين بحل ديمقراطي لمسألة الأقليات الإثنية والثقافية في العالم العربي، وتوفير قاعدة أوسع من المؤيدين والمتحزبين لفكرة الوحدة العربية. كما تَجاهل الفكر القومي العربي في مجمله عوامل أخرى ذات صلة بتكوين الأمة، من قبيل عامل المصلحة الاقتصادية، ودور عنصرَي الإرادة والاختيار في تَبَلور الشعور بالانتماء لرابطة العروبة، وهو ما ينطبق على الأشخاص الذين يجهلون اللسان والثقافة العربيين، دون أن ينفصلوا وجدانيًا عن الارتباط بأمتهم ومشاغلها (مثل الأجيال المتأخرة من المهاجرين العرب الذين وُلدوا في دول المهجر).
في التأسيس النقدي والعملي للوحدة العربية
من ضمن وجوه النقد للخطاب القومي العربي إيغاله في تعداد العوامل الخارجية (الموضوعية) المعيقة لتحقق الوحدة العربية، في مقابل الإغضاء عن نصيب العوامل الذاتية من المسؤولية في ذلك الإخفاق. والحق أن واقع التجزئة الكيانية للوطن العربي سابق في وجوده للحقبة الكولونيالية، الأمر الذي يرجع، أساسًا، إلى هشاشة وتضعضع التكوين البنيوي الداخلي، ونعني بذلك استمرار سطوة العصبيات التقليدية (قبلية، طائفية، مذهبية... إلخ) في ظل عدم تَجَذر الوعي بفكرة الدولة في منظورها الحديث. وهكذا، فإن التغلب على تلك المعضلة البنيوية يقتضي، في رأي بلقزيز، بناء الدولة الوطنية الحديثة (دولة المواطَنة) كقاعدة أولية في أفق التأسيس لدولة الوحدة ضمن إطار إقليمي أوسع. وهنا يمكن حسبان تجربة الاتحاد الأوروبي مثالا ملهما في هذا الصدد، من طريق تأهيل وتمتين البنى السياسية والاقتصادية للدول الوطنية كشرط لا غناء عنه للاندماج في نظام إقليمي موسع.
كما أنه يجدر بنا الإحجام عن تفصيل الوحدة المنشودة على مقاس نموذج نظري اقتصادي أو اجتماعي معين (كالمناداة بوحدة اشتراكية أو ليبرالية) لئلا تتحول الفكرة من قضية جامعة إلى مدار تنازع طبقي وفئوي، ذلك أن متطلبات الواقع الموضوعي هي التي يُفترض أن تحدد مضمونها تبعا لمصلحة الأمة. وتأسيسا على ذلك، فإن فكرة الوحدة تستقي مشروعيتها من تحديات الحاضر والمستقبل، لا من الماضي وموروثه الثقافي، فمصلحة العرب والمخاطر الوجودية التي تتهددهم تستلزم الوحدة في عصر العولمة والتكتلات الكبرى، مثلما يشير الكاتب إلى ذلك بحق.
يتأدى بنا ما سبق ذكره إلى الحديث بشأن شكل الوحدة المنشودة وصيغتها، ونمط التوحيد الأنسب في الحالة العربية، بين خيار التوحيد الاندماجي (المركزي) الذي ينهض على فرضية التجانس الثقافي للأمة، والنمط الاتحادي (الفيدرالي والكونفيدرالي) الذي قوامه المصلحة الواقعية للأمة في الوحدة. ولا يخفي الكاتب انتصاره لهذا النمط الأخير من منطلق براغماتي لا رغبوي، يستحضر حقائق اللحظة الراهنة في ضوء رسوخ الكيانات الوطنية أو القطرية كمعطى نفسي وفعلي يصعب القفز عليه، ولكون أن النمط إياه يوفر ضمانات أكبر لشراكة متوازنة الأطراف، خلافا للوحدة الاندماجية التي تلغي الخصوصيات وتسفر عن علاقات هيمنة وتبعية بين المركز والهوامش.



#صلاح_الدين_ياسين (هاشتاغ)       Salaheddine_Yassine#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة في كتاب -هل نسير إلى الهاوية- لإدغار موران
- قراءة في كتاب -نقد الليبرالية-
- بلقزيز ناقدًا الاستشراق الإيديولوجي ومركزية الغرب
- كتاب -من النهضة إلى الردة- لجورج طرابيشي: هل يملك فكر النهضة ...
- كتاب -لماذا يكذب القادة؟-: دراسة حول أبعاد الكذب في السياسة ...
- كتاب -دنيا وأديان- لنقولا فياض: سياحة في عالم الفكر والفلسفة
- قراءة في كتاب -دراسات في تاريخ المغرب- لمؤلفه جرمان عياش
- قراءة في كتاب -المسألة الثقافية في الوطن العربي- لمحمد عابد ...
- قراءة في كتاب -القوة الناعمة: وسيلة النجاح في السياسة الدولي ...
- كتاب -الشرق الفنان-: خواطر بشأن التمايزات الثقافية بين الشرق ...
- كتاب -الربح مقدما على الشعب-: تشومسكي وتعرية النيوليبرالية ا ...
- كتاب -من الإصلاح إلى النهضة- لعبد الإله بلقزيز: إضاءة على جذ ...
- كتاب -السلطة الثقافية والسلطة السياسية- لعلي أومليل: المثقف ...
- قراءة في كتاب -الإسلام والعلمانية والديمقراطية الليبرالية- ل ...
- قراءة في كتاب -الدولة والمجتمع: جدليات التوحيد والانقسام في ...
- قراءة في كتاب -فكر ابن خلدون: العصبية والدولة – معالم نظرية ...
- قراءة في كتاب -غرق الحضارات- لأمين معلوف
- كتاب -هجرة الأفكار-: التلاقح الحضاري كرؤية بديلة للصدام بين ...
- قراءة في كتاب -نظام التفاهة- للفيلسوف الكندي آلان دونو
- كتاب -معارك التنويريين والأصوليين في أوروبا-: سبرٌ لأهم المر ...


المزيد.....




- شاهد ما كشفه فيديو جديد التقط قبل كارثة جسر بالتيمور بلحظات ...
- هل يلزم مجلس الأمن الدولي إسرائيل وفق الفصل السابع؟
- إعلام إسرائيلي: منفذ إطلاق النار في غور الأردن هو ضابط أمن ف ...
- مصرع 45 شخصا جراء سقوط حافلة من فوق جسر في جنوب إفريقيا
- الرئيس الفلسطيني يصادق على الحكومة الجديدة برئاسة محمد مصطفى ...
- فيديو: إصابة ثلاثة إسرائيليين إثر فتح فلسطيني النار على سيار ...
- شاهد: لحظة تحطم مقاتلة روسية في البحر قبالة شبه جزيرة القرم ...
- نساء عربيات دوّت أصواتهن سعياً لتحرير بلادهن
- مسلسل -الحشاشين-: ثالوث السياسة والدين والفن!
- حريق بالقرب من نصب لنكولن التذكاري وسط واشنطن


المزيد.....

- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي
- آليات توجيه الرأي العام / زهير الخويلدي
- قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج ... / محمد الأزرقي
- فريديريك لوردون مع ثوماس بيكيتي وكتابه -رأس المال والآيديولو ... / طلال الربيعي
- دستور العراق / محمد سلمان حسن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - صلاح الدين ياسين - قراءة في كتاب -نقد الخطاب القومي- لمؤلفه عبد الإله بلقزيز