أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - صلاح الدين ياسين - قراءة في كتاب -حصار الثقافة بين القنوات الفضائية والدعوة الأصولية- لمصطفى حجازي















المزيد.....

قراءة في كتاب -حصار الثقافة بين القنوات الفضائية والدعوة الأصولية- لمصطفى حجازي


صلاح الدين ياسين
باحث

(Salaheddine Yassine)


الحوار المتمدن-العدد: 7577 - 2023 / 4 / 10 - 22:27
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    


كتاب من تأليف المفكر والأكاديمي المصري مصطفى حجازي، صدرت طبعته الأولى في العام 1998 عن المركز الثقافي العربي. بالرغم من أن هذا العمل صَدَر على مشارف القرن 21، في مسعًى لاستشراف الرهانات والملامح العامة للألفية الثالثة، فإنه ما يزال يكتسي راهنية كبيرة، لجهة الموضوعات والأفكار الهامة التي يحفل بها الكتاب. ووعيًا منه بأهمية الثقافة، كعنصر لا غَناء عنه في نهضة أي أمة، أضاء حجازي على المأزق الثقافي الجديد، الذي ألقى بثقله على العالَم بأسره، والمتمثل في التقاطب الناشئ بين ثقافة الصورة والثقافة الأصولية، مما أفضى إلى تهميش الفكر العقلاني – النقدي، والعجز عن مجابهة التحديات الكونية:
مرتكزات ثقافة الصورة وأبعادها
يذهب المؤلف إلى أن ثقافة الصورة تروج لإيديولوجيا السوق، واللهاث وراء الربح السريع، الذي حل محل الإنتاج الاقتصادي بمفهومه الكلاسيكي ذي المنزع العقلاني، لما كان يقتضيه من إعداد، وتنظيم، وتخطيط مسبق. وهكذا، تطفو ثقافة الصورة على السطح، في ضوء الانتشار المتعاظم للفضائيات التلفزيونية الكبرى، التي أمست في جلها خاضعة لسيطرة الشركات الاقتصادية والتجارية، ليصبح شغلها الشاغل ترويج ثقافة السلعة والاستهلاك، من طريق التمادي في عرض الإعلانات التلفزيونية، التي تخاطب لاوعي المشاهد وغرائزه، بغية إشباع رغبة الرأسمال في الربح السريع، مع ما يُوَلده ذلك من تعطيل للحس النقدي لدى المشاهد.
وتأسيسا على ذلك، يؤدي تغلغل ثقافة الصورة إلى ضرب من تنميط الأذواق والميول، وتشكيلها على مقاس الرأسمال (ثقافة الأكل السريع لدى الناشئة... إلخ)، مما من شأنه أن يحد من التعددية الفكرية والثقافية. كما تنبني ثقافة الصورة على إلغاء العقل النقدي، وتبسيط الظواهر المعقدة، بدل إخضاعها للتحليل المعمق، وهو ما يَبرُز - على سبيل المثال لا الحصر - في عرض بعض المحطات التلفزيونية للأحداث السياسية والمآسي العالمية، صدورًا من مقاربة سطحية، لا تأخذ في الحسبان سياقها السياسي والتاريخي، وأسبابها وأبعادها العميقة.
مرتكزات الثقافة الأصولية وأبعادها
يشير الكاتب إلى أن العودة القوية للأصوليات - بما فيها الدينية - هي ظاهرة كونية، في ضوء الانتشار المتنامي لوسائل الإعلام والاتصال، الذي زاد من نفوذها (ظاهرة المبشرين الدينيين التلفزيونيين بأميركا كمثال). وفيما يتعلق بالتأصيل المفاهيمي للظاهرة، يورد مصطفى حجازي بأن مصطلح الأصولية يعود بجذوره إلى حركة بروتستانتية – أمريكية – محافظة، نشأت في القرن التاسع عشر، والتي استندت إلى التأويل الحرفي لنصوص الإنجيل، والاعتقاد بالعصمة من الخطأ، وعودة المسيح الثانية الوشيكة... إلخ. ثم ما لبثت أن انتعشت بعد الحرب العالمية الثانية، في سياق مواجهة الشيوعية، وما تصفه بظواهر الانحلال الاجتماعي، مثل الإجهاض والمثلية والنسوية... إلخ. وعليه، استُعملت الكلمة في السياق العربي – الإسلامي، كترجمة للفظة Fundamentalism الأميركية الأصلية، للدلالة على المناداة بالعودة إلى أصول الإسلام الأولى، واحتذاء السلف الصالح.
كما تناول المؤلف الأسباب العميقة لاستشراء الظاهرة الأصولية، ففي دول الغرب الصناعي، نجد الشعور بالتفكك والاغتراب، كنتيجة لتغول النزعة المادية – الاستهلاكية، وطغيانها على ما هو روحي، ناهيك بتبدد الشعور بالهوية والانتماء، بفعل العولمة الكونية التي فسخت حدود الزمان والمكان، فضلا عن انكماش جماعات الانتماء الأولية (كالأسرة) وفقدانها لسلطتها، وهكذا يبدو الانتماء إلى الحركات الأصولية لدى البعض سبيلا لاستعادة معنى وقيمة الوجود. أما في دول "العالم الثالث" تحديدًا، وفي جملتها البلاد العربية، تَبرز مجموعة من المسببات للزحف الأصولي، لعل أوضحها إخفاق مشاريع التنمية والتحديث، التي حملت مشعلها حركات التحرير الوطني، دون إغفال استفحال الأزمات المعيشية (فقر، بطالة، تهميش... إلخ).
وعطفا على ما سلف، تستند الثقافة الأصولية إلى جملة من المرتكزات، في مقدمتها الاعتقاد في امتلاك الحقيقة المطلقة، والجواب اليقيني الجاهز، المتمثل في العودة إلى نقاء العقيدة، أو العرق، أو القومية، مع ما يبعث عليه ذلك من نبذ للآخر، ومصادرة لحقه في الاختلاف، مما قد يفضي إلى نشوء العنف والصراع، ناهيك بالموقف المتشدد حيال الذات ورغباتها، وما يُثيره ذلك من كبت وقهر نفسي، وصولا إلى استتباع المرأة وإخضاعها، بالنظر إلى الطابع الذكوري لتلك الحركات.
الذكاء الجماعي كحل لمآزق الثقافتين
لعل المشترك بين ثقافة الصورة والدعوة الأصولية حصارهما للثقافة العقلانية – النقدية، وما يتصل بها من قيم سامية: الانفتاح، والتعددية، والحوار، والتسامح... إلخ. ومن مظاهر معاداتهما للعقلانية: الزعم بقطعية الحقيقة بدل الاعتقاد بنسبيتها، وأد التفكير العلمي والنقدي، الانصراف إلى إثارة الغرائز العدوانية للإنسان، السعي إلى تجريد الدولة الوطنية من مشروعيتها ووظائفها الحيوية، سواء بذريعة خروجها عن الملة عند الأصوليين، أو بوصفها قيدا على حرية التنافس الاقتصادي لدى دعاة السوق الرأسمالية الحرة، الإخلال بالتوازن الوجودي الضروري للإنسان، من حيث إشباع الحاجات الحسية والروحية على السواء، إذ تُمعن ثقافة الصورة في تعميم النزعة المادية - الاستهلاكية الجامحة، بينما تتنكر الثقافة الأصولية لحاجة الإنسان المتأصلة إلى الترفيه والترويح عن النفس.
وعليه، تبدو الحاجة ماسة - أكثر من أي وقت مضى – إلى إعادة الاعتبار للثقافة العقلانية النقدية، وتكريس التفكير المشترك والبناء الجماعي، إيمانًا بوحدة المصير الإنساني المشترك، إذ أن خيار العزلة والتشرنق على الذات ما عاد ممكنا في عصر العولمة في ظل التحديات والمخاطر التي تتهدد كوكبنا (= التلوث والتغير المناخي، التفاوتات الاجتماعية الفاحشة، أسلحة الدمار الشامل بما هي تهديدٌ لوجود البشرية، حروب الهوية... إلخ)، واغتنام الفرص التي يعج بها عالمنا، في سياق الانتقال إلى اقتصاد المعرفة، القائم على المعلومة، والاتصال، والابتكار، والإنتاج الفكري... إلخ.
وترتيبا على ذلك، تتصدر الأجندة الفكرية جملة من الأولويات الملحة: ضرورة تجديد الفكر العربي الذي ما فتئ يجتر المواضيع والقضايا عينها، وهو بذلك يبدو عاجزا عن مواكبة التحولات العالمية المتعاظمة، ناهيك برهان الانخراط في العولمة دون تفريط في الجوانب الحية من هويتنا الثقافية، فضلا عن المساهمة في الإنتاج الحضاري عوض الاقتصار على استهلاك منتجات الآخر، مرورا بمحو الأمية المعرفية لكسب رهانات اقتصاد المعرفة، عبر تجديد مناهج التعليم بتنمية التفكير النقدي والإبداعي، وصولا إلى ترسيخ الثقافة الوطنية المدنية كبديل للولاء الأعمى للعصبيات بمختلف أنواعها (طائفية، مذهبية... إلخ)، دون إغفال موضعة الإنسان في قلب أي مشروع نهضوي بوصفه القيمة والغاية الأسمى.



#صلاح_الدين_ياسين (هاشتاغ)       Salaheddine_Yassine#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة في كتاب -مراكز الفكر أدمغة حرب الأفكار-
- قراءة في كتاب -قادة الفكر- لطه حسين
- قراءة في كتاب -الدين والمجتمع: دراسة سوسيولوجية للتدين بالمغ ...
- قراءة في كتاب -نقد الخطاب القومي- لمؤلفه عبد الإله بلقزيز
- قراءة في كتاب -هل نسير إلى الهاوية- لإدغار موران
- قراءة في كتاب -نقد الليبرالية-
- بلقزيز ناقدًا الاستشراق الإيديولوجي ومركزية الغرب
- كتاب -من النهضة إلى الردة- لجورج طرابيشي: هل يملك فكر النهضة ...
- كتاب -لماذا يكذب القادة؟-: دراسة حول أبعاد الكذب في السياسة ...
- كتاب -دنيا وأديان- لنقولا فياض: سياحة في عالم الفكر والفلسفة
- قراءة في كتاب -دراسات في تاريخ المغرب- لمؤلفه جرمان عياش
- قراءة في كتاب -المسألة الثقافية في الوطن العربي- لمحمد عابد ...
- قراءة في كتاب -القوة الناعمة: وسيلة النجاح في السياسة الدولي ...
- كتاب -الشرق الفنان-: خواطر بشأن التمايزات الثقافية بين الشرق ...
- كتاب -الربح مقدما على الشعب-: تشومسكي وتعرية النيوليبرالية ا ...
- كتاب -من الإصلاح إلى النهضة- لعبد الإله بلقزيز: إضاءة على جذ ...
- كتاب -السلطة الثقافية والسلطة السياسية- لعلي أومليل: المثقف ...
- قراءة في كتاب -الإسلام والعلمانية والديمقراطية الليبرالية- ل ...
- قراءة في كتاب -الدولة والمجتمع: جدليات التوحيد والانقسام في ...
- قراءة في كتاب -فكر ابن خلدون: العصبية والدولة – معالم نظرية ...


المزيد.....




- شاهد رد مايك جونسون رئيس مجلس النواب الأمريكي عن مقتل أطفال ...
- مصادر تكشف لـCNN كيف وجد بايدن حليفا -جمهوريا- غير متوقع خلا ...
- إيطاليا تحذر من تفشي فيروس قاتل في أوروبا وتطالب بخطة لمكافح ...
- في اليوم العالمي للملاريا، خبراء يحذرون من زيادة انتشارالمرض ...
- لماذا تحتفظ قطر بمكتب حماس على أراضيها؟
- 3 قتلى على الأقل في غارة إسرائيلية استهدفت منزلًا في رفح
- الولايات المتحدة تبحث مسألة انسحاب قواتها من النيجر
- مدينة إيطالية شهيرة تعتزم حظر المثلجات والبيتزا بعد منتصف ال ...
- كيف نحمي أنفسنا من الإصابة بسرطانات الجلد؟
- واشنطن ترسل وفدا إلى النيجر لإجراء مباحثات مباشرة بشأن انسحا ...


المزيد.....

- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي
- آليات توجيه الرأي العام / زهير الخويلدي
- قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج ... / محمد الأزرقي
- فريديريك لوردون مع ثوماس بيكيتي وكتابه -رأس المال والآيديولو ... / طلال الربيعي
- دستور العراق / محمد سلمان حسن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - صلاح الدين ياسين - قراءة في كتاب -حصار الثقافة بين القنوات الفضائية والدعوة الأصولية- لمصطفى حجازي