أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسين سليمان - منبع الحب، وجه الوحي - 2














المزيد.....

منبع الحب، وجه الوحي - 2


حسين سليمان
كاتب وناقد سوري مقيم في الولايات المتحدة الامريكية


الحوار المتمدن-العدد: 7702 - 2023 / 8 / 13 - 07:55
المحور: الادب والفن
    


مقابلات وشتات:
لنفكر قليلا في الحب، من أين جاء، من أين ولد؟
خير مكان للبحث عن هذا الكائن الذي منبته إلهام ثم فرعه الآخر أبدية هو المكان الأول.
وما المكان الأول؟
هو كل إبصار يحدث للمرة الأولى، كل شروق غامض تخرج فيه النفس الكلية الى العمل، وانتقال من مكان قديم الى مكان مفاجئ، ذلك المكان هو مكان الشعر، الفن والقصيدة. من باب أن الشعراء الحقيقيين، المتصوفين، هم جماعة المرة الأولى، أصحاب المكان الأول، رواد الرؤى، فحين يذوب الزمن ويحضر الإلهام تتأكد الأبدية (التي بحث عنها جلجامش) في كونها هي الحاضر العميق برمته. ووجود أعمالهم الأدبية بين أيدينا لا ينم إلا على أن حياة ما ليست كلها هنا، بل هي في عالم آخر، ولن تكون الوجدانيات التي يبثونها في أعمالهم سوى إشارات خفية تبيّن التوق الى الجذور الأولى التي قطعناها.
للبحث في الأسئلة الأولى، علينا البحث في الأساطير الأولى، يوم كان الإنسان مملوكا بالخيال، ومن جانب آخر مسيرا بالعطاء النفسي وما يتفرع منه من أغصان الدين والسحر. لم يكن العقل حينها إلا في بداياته، وما كان المنطق والاستقراء قد اكتشفا بعد. كان السحر يربض في العالم، يقرأ الماضي ويتخلل الحاضر وينبئ عن المستقبل، وبه يتم تعديل الموازين الفالتة عن أطوارها، إن النظام هو أحد أركان الوجود وسبب استمراره يحارب الفوضى المميتة بأدوات يستحدثها الموقف الواعي من العالم.
كانت الأساطير بالنسبة للإنسان القديم هي الثقافة الوحيدة التي تربطه بالمكان متعدد الأبعاد، والذي يفوق في تعداده "مكان" الإنسان المعاصر (ثلاثي الأبعاد). في النقاط المرتكزة البعيدة حين يصفو الذهن وتستحيل الأخيلة الى وضوح ورؤيا يتجول الانسان البدائي من دون أن يدري في العالم فيرى البدايات والنهايات، التوق، الأرض المصابة ويهجرها من أجل "إني أعلم ما لا تعلمون" فيروي كل ما يراه رواية الأنبياء والقديسين.
لنأخذ اسطورة جلجامش، ونبحث فيها عن البدايات، عن الأرض الأصلية التي منها بدأت الحياة حيث كانت الأسس، وحيدات الخلية النفسية (الفصائل النفسانية الأحادية) قبل ان تتزاوج وتختلط وتمتزج، ماذا نقرأ في اسطورة جلجامش وهل ذهب هذا الملك حقا، في طريق الآلام بحثا عن نبتة الخلود؟
نرى أن هذه الأسطورة محملة برموزها وكما هو الحال في شأن الأساطير الكبرى، تقول شيئا وتشير الى شيء آخر. حين أخفق في الحصول على الخلود ذهب الى اوتنابشتيم (نوح) الخالد كي يسأله عن مسعاه الذي خاب، فأجابه اوتنابشتيم: يا بني لا يمكن الحصول على الخلود! كان يحثه بذلك إلى طريق آخر شبيه بالخلود ويحسن للبشرية الانتباه إليه ألا وهو حياة الوفرة والشباب، تجدد الشباب كلما تقدم العمر، فأعطاه نبتة الشباب الدائم يحملها مبتهجا راضيا، وعلى ضفة النهر غفى فاقتربت الحية وسرقتها منه.
كما لو أن هذا الملك ذهب وحده في مغامرة صعبة بل مستحيلة!
وإن لم يكن ذلك كذلك فلن يكون الأمر إلا تماثلا مع الإسراء والمعراج، حيث يذهب المرء وحيدا في رحلة يجيب فيها عن أسئلة ستظل خالدة، فإما أن يخفق في الإجابة عنها أو ييمم شطر الأنبياء اللاحقين في بحثهم عن الجدوى والحق.
منذ أن ولد الوعي وجد الإنسان نفسه أمام التساؤلات الكبرى من حياة وموت، وجود وعدم، نور وظلام، وعليه أن يجتاز الضيق والظلمة كي يصل الى الجواب المحتمل، الى الحكمة، إذ نجد فيها المضامين المتخالفة، نتعلم إذ ذاك أن طرق الأبواب المتناقضة فيها هو الذي يفتحها على بعضها البعض، فماذا يعني نصف العلم جهل - ولن يكون الجهل هنا إلا كله - سوى أن يكون نصف الشيء هو الشيء الآخر كله!
من محاولة الكشف عن الحقيقة نجد أن من ينكشف ليس الحقيقة بل شيء آخر ألا وهو ضلالنا، فنرى بأم العين مدى مقياس العقل الضيق ومدى القصور عن الحق.
كان جلجامش في مكان يبحث عن الديمومة، عن الشباب الدائم – ولم يكن صاحبه انكيدو سوى جلجامش نفسه، هو ظله الحبيب، قد حولته الآلهة الى خصب وحياة، حولته من برية الكائن الى مدنية الكائن.
في ذلك الرجل يكمن جلجامش الأول، يعدل رغباته الحيوانية البرية الى رغبات إنسانية مدنية. يحول متطلبات الجنس ويعدلها – فهو الذي رفض مضاجعة إنانا وحين كان ذلك غضبت عليه الإلهة فأرسلت عليهما ثور السماء ثم إذا قتله انكيدو، حكمت إنانا عليهما بالموت، على الأقل على احداهما، فاختارت انكيدو. في هذه اللحظات ولد الحب، مع لحظات ولادة الوعي وانفصال شؤم النفس، وهنا انتهت الروح أن تكون ليوم آخر بهيمية شبيهة بالمادة، فصعدت الى مصافات العلى وأمست مع الزمن غير مرئية تقيم في السموات خلف الحجب. وما هذه الخطوة من جلجامش سوى خطوة إعلان ولادة الحب الطاهر الذي ما كان الإنسان القديم ليخبره.
ولو أن الحب هو هبة إلهية – تصيير السلوك في عرضه الأسطوري، للوصول إلى وحدة النفس والعقل، في جوهره هو إنساني وليس بشري، ليس من أعضاء الجسد بل هو من الأحلام والخيال وعالم الروح، من الوعي وقد ولد حين بدأت أديان التوحيد بالظهور.
-يتبع



#حسين_سليمان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحب والحرية ، وجه الوحي -1
- المقام العراقي
- شاعرتان كرديتان تكتبان بالعربية وتشتركان بمجموعة شعرية واحدة
- كتابة ميت ينظر بعينه ويكتب بقلبه
- زمان حلب - تحية الى روح مصطفى العقاد
- بعين التكنولوجيا إلى الأدب العربي المعاصر:( -حسن مطلك- جبران ...
- ردا على المنظمة العربية للدفاع عن حرية الصحافة والتعبير
- معنى الظلام
- النبي اليهودي شبتاي صبي
- البـقرة الضــائــعة قراءة في قصيدة -ولا أجنّ- للشاعر والسياس ...


المزيد.....




- رحيل -الترجمان الثقافي-.. أبرز إصدارات الناشر السعودي يوسف ا ...
- “فرح عيالك ونزلها خليهم يزقططوا” .. تردد قناة طيور الجنة بيب ...
- إنتفاضة طلاب جامعات-أمريكا والعالم-تهدم الرواية الإسرائيلية ...
- في مهرجان بردية السينمائي.. تقدير من الفنانين للدعم الروسي ل ...
- أوبرا زرقاء اليمامة.. -الأولى- سعوديا و-الأكبر- باللغة العرب ...
- ابنة رئيس جمهورية الشيشان توجه رسالة -بالليزر- إلى المجتمع ا ...
- موسيقى الراب في إيران: -قد تتحول إلى هدف في اللحظة التي تتجا ...
- فتاة بيلاروسية تتعرض للضرب في وارسو لتحدثها باللغة الروسية ( ...
- الموسم الخامس من المؤسس عثمان الحلقة 158 قصة عشق  وقناة الفج ...
- يونيفرسال ميوزيك تعيد محتواها الموسيقي إلى منصة تيك توك


المزيد.....

- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسين سليمان - منبع الحب، وجه الوحي - 2