علي مارد الأسدي
الحوار المتمدن-العدد: 7694 - 2023 / 8 / 5 - 11:31
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
تقصي تأريخ الإسلام المبكر من خلال البحث في ركام التراث الروائي الفوضوي المتأخر بقرون عن التوقيت المفترض للشخوص والأحداث الرئيسية يعتبر الى حد ما مضيعة للوقت والجهد بالإضافة إلى كونه يفتقر بالأصل لأبسط مبادىء المنهجية العلمية.
ويعزز هذا الإحباط لدى الباحثين وجود إرادة آيديولوجية وسياسية رافضة لزج علم الآثار وتقنياته الحديثة كطرف مقتدر وموثوق في التنقيب والكشف عن حقيقة الوجود التأريخي لبدايات الإسلام المبكر في الجزيرة العربية.
اننا نقف اليوم حائرين أمام مدونات شفوية هائلة، حافلة بالتناقضات والإشكالات، تضم مئات آلآف الأحاديث التي تتناول أدق التفاصيل الشخصية عن سيرة النبي محمد وصحابته في مكة والمدينة، تنقلها لنا مؤلفات ظهرت في العصر العباسي مثل صحيح البخاري وصحيح مسلم وتأريخ الطبري وسنن أبي داود وجامع الترمذي وسنن النسائي وسنن ابن ماجة وسنن الدارمي وموطأ مالك ومسند أحمد وصحيح ابن خزيمة وصحيح ابن حبان والمستدرك على الصحيحين للحاكم والسنن الكبرى للبيهقي...الخ
لكن الغريب في مقابل كل ذلك الكم من الروايات، وفي بيئة قريبة من حضارة بلاد الرافدين والشام، حيث المكتشفات الآثارية تعود لأكثر من خمسة آلاف عام، لا يتوفر لدينا دليل مادي أثري واحد ملموس، لوجود أي نشاط بشري يعود لتلك الحقبة الزمنية قبل 1400 عام ضمن ذلك النطاق الجغرافي المفترض الذي نطلق عليه بدايات نشوء الإسلام.
فلا وجود لمخطوطات قرآنية، ولا مسكوكات نقدية، ولا أواني فخارية، ولا سيوف ولا رماح ولا سكاكين ولا خوذ ولا دروع ولا تماثيل ولا معابد ولا بيوت ولا نقوش ولا أي شيء يمكن أن يعتمد من قبل علماء الآثار كدليل على تأريخية الإسلام في مكة أو المدينة!!
وتتفاقم الشكوك عند مراجعة السجلات والمخطوطات الآثارية القديمة التي تنفي أي وجود لمكة قبل القرن السابع الميلادي.
ويضاف لكل ما سبق وجود العديد من الآيات القرآنية التي تخاطب قوم يعيشون في بيئة بمواصفات لا تنطبق على صحراء الجزيرة العربية.
الموضوع شائك بالتأكيد، لكن من يريد الوصول الى الحقيقة فليس أمامه من سبيل الا سلوك طريق البحث العلمي المتجرد عن المواقف والقناعات المسبقة.
#علي_مارد_الأسدي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟