زياد الزبيدي
الحوار المتمدن-العدد: 7688 - 2023 / 7 / 30 - 02:51
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
نافذة على الصحافة الروسية
نطل منها على أهم الأحداث في العالمين الروسي والعربي والعالم أجمع
الكسندر بروخانوف
كاتب روائي روسي مخضرم
ناشط سياسي واجتماعي
25 يوليو 2023
*اعداد وتعريب د. زياد الزبيدي بتصرف*
دمر يلتسين الاتحاد السوفياتي ومعه الأيديولوجية الشيوعية. بنى أيديولوجيو الليبرالية المنتصرة – غيدار وتشوبايس – دولة تشبه صورة كاريكاتورية قبيحة للحضارة الغربية المنتصرة.
توقفت روسيا عن أن تكون حضارة ، ولم تعد دولة ، ولم يعد الشعب الروسي شعبًا ، واكتسحت مكنسة ليبرالية مسعورة المساحات الكبيرة بين المحيطات الثلاثة ، مجتاحة كل شيء مرتبط بالخصوصية الروسية.
الآن بعد أن واجهت روسيا اليلتسينية حربًا في أوكرانيا واختفت الأيديولوجية الليبرالية جنبًا إلى جنب مع منظريها ، روسيا المنهكة ، المرهقة ، المخدوعة ، الخالية من المعاني الأيديولوجية ، تقاتل وحشًا عملاقًا من الغرب ، بالإضافة إلى فضاء إيلون ماسك ومجموعات صواريخ هايمارس بعيدة المدى . ولكن روسيا لديها أيديولوجية قوية تم اختبارها على مر القرون ، متجذرة في الأعماق الغامضة للميتافيزيقا الأوروبية.
روسيا ، التي تعاني من حاجة ماسة إلى قذائف ودبابات ، وكتائب وقوات احتياطية ، في حاجة ماسة إلى أيديولوجيا قادرة على محاربة العدو في ساحة معركة غير مرئية ، في إمبراطوريات ذات معاني أيديولوجية.
واليوم تم الإعلان في روسيا عن حملة لصيد القيم. يبحث العديد من علماء السياسة وعلماء التكنولوجيا السياسية والفلاسفة عن القيم. إنهم يبحثون عنها تحت أقدامهم ، ويجدونها ، ويحملونها إلى مختبراتهم ، ويلصقونها معًا بشيء لزج يخرج من غدد العلوم السياسية لديهم. يأخذون منتجاتهم إلى الكرملين ، ويعرضون صياغة كتب التاريخ المدرسية على أساس هذه المنتجات ، وبناء دولة روسية جديدة ، وإنشاء منظمات عامة ، وحركات سياسية ، ورموز جديدة ، وأغاني جديدة ، وانسان روسي جديد قادر على كسب معركة التاريخ .
لكن المنتجات لا تزال تنهار في طريقها إلى برج سباسكايا (البرج الرئيسي على سور الكرملين – المترجم). يجف اللعاب اللزج لعلماء السياسة ، وتتفكك كتل القيم الموجودة تحت الأقدام – الأيديولوجيا لا تلتصق ببعضها البعض.
لا يتم الحصول على القيم في جلسات العصف الذهني لعلماء السياسة ، ولا في نوادي مناقشة السياسيين. يتم الحصول على القيم من خلال الأفراد الذين منحهم الله الرؤية ، والذين فتحوا فجأة الأبواب لتلك المجالات السماوية حيث تسكن القيم . القيم - تسكن تلك المساحات اللازوردية العالية التي يصل إليها الوعي الديني للمفكرين. القيم مثل شذرات مخزنة في أعماق السماء.
المحتوى العميق للحضارة الروسية ، التي تغير مظهرها الخارجي ، مرتدية اثواب مختلفة من قرن إلى قرن ، ظلت دون تغيير في جوهرها الأعمق. لقد كانت حلم الوجود المثالي ، والوئام الإلهي ، وخلق مملكة عادلة ، حيث لا يوجد عنف ، ولا قهر ، ولا ظلام ، ولا يداس على الضعيف من قبل القوي ، والفقير من قبل الأغنياء. وحيث يتم هزيمة أبشع ظلم يضطهد الجنس البشري ، - يُهزم الموت.
انتقلت صورة هذه المملكة من القصص الخيالية الوثنية إلى العقيدة الأرثوذكسية ، إلى أوهام الصوفيين ، إلى ألغاز الشعراء والموسيقيين ، إلى الإعلانات السياسية ل"نارودنايا فوليا" (منظمة شعبية ثورية ظهرت في روسيا 1879-المترجم) والشيوعيين. لا تزال هذه الصورة تعيش كالحلم في أعماق مشاعر الناس ، لا تترك الناس يسقطون ، وتشجعهم على القتال والبناء ، وتوجههم إلى الكمال.
إن الحلم الروسي بدولة عادلة هو ملكية ثمينة للعالم الروسي ، والتي صورها الخالق كمخزن لهذه الفكرة الرائعة.
أدت الرموز الروسية إلى تحقيق هذا المثل الأعلى ، بناء هذه المملكة المبهجة - الدرجات التي يصعد عليها الناس ، ويتغلبون على الصعوبات الرهيبة والمرارة والحرائق والهزائم ، في كل مرة ينهضون من الغبار ، وتستمر أيديهم المتفحمة والمحترقة في بناء هذا القصر العجيب.
الرموز الروسية – هي القيم ، لوحة المفاتيح ، وبالعزف عليها يخلق الحاكم العظيم سيمفونية الشعب والدولة - الروس والتتار والشيشان وغيرهم . الحكام العظماء ، مثل القديس فلاديمير ، إيفان الرهيب ، بطرس الأكبر ، جوزيف ستالين ، امتلكوا لوحة المفاتيح هذه ، قادوا روسيا من الاضطرابات العظيمة إلى العظمة.
هناك الآلاف من هذه الرموز. هذه الرموز هي بوشكين ، ستالينغراد ، بايكال ، "بيريسفيت" ، "كانت هناك شجرة بتولا في الحقل."
ولكن من بين هذه الآلاف من الرموز هناك سبعة ، والتي بدونها يستحيل بناء دولة الشمس الروسية .
- هذا هو رمز العقوبة - السعي المستمر نحو هذه الدولة ، والتوسل ، البحث عنها في غياهب التاريخ.
- هذا هو قانون العمل المقدس ، الذي لا يتم من خلاله الحصول على الخبز اليومي فحسب ، بل يتم بناء الدولة نفسها ، ويتم العثور على ملكوت السموات ، "الذي يعطى عن طريق العمل."
- هذا هو رمز القيامة الذي يسمح لروسيا بالقيام مرة أخرى بعد الهزائم التاريخية الرهيبة والسعي من أجل المثل الأعلى الذي يعد موروثا لها.
- هذا هو رمز المعجزة الروسية التي تنقذ روسيا عندما يبدو أنه لا يوجد خلاص ، والهاوية التي تسقط فيها البلاد والشعب. تنغمس روسيا في أعماق بحيرة "سفيتلويار" المظلمة ، لتنهض فجأة مرة أخرى من مياه مجهولة مع بريق معجزة إلهية ، بقبابها الذهبية وقصورها ومعابدها المبهجة لترتقي إلى العظمة.
- هذا هو رمز قضية مشتركة تحول الناس إلى طابور عملاق ، إلى كتيبة ضخمة لا تقهر. والمدخل إلى هذه المملكة المثالية ، هذه القدس السماوية ، سيصنعه جميع الناس – أولئك الذين ما زالوا يعيشون على الأرض ، وأولئك الذين ماتوا بالفعل ولم يولدوا بعد.
- هذا هو رمز للوعي الدفاعي ، عندما يدافع الناس عن حلمهم ، ومثلهم الأعلى ، ويقدمون تضحيات جسيمة لإنقاذه. روسيا ، التي تدافع عن مُثُلها ، تتغلب على كل ظلمات العالم ، وتحولها إلى نور. أمر الرب روسيا بالدفاع عن هذا المثل الإلهي ، وغسله بالدموع والدماء.
- هذا الرمز "روسيا " - هي روح العالم. روسيا تدعو الجنس البشري بأكمله للمشاركة في حملتها التاريخية ، وتتمنى النصر الروحي ليس فقط لنفسها ، ولكن للبشرية جمعاء ، وتفتح بابًا لهذه الحديقة الروسية المبهجة لكل انسان على وجه الأرض.
المعرفة العميقة للرموز الروسية - هي جوهر القيم . يجب منع العدو من الوصول الى رموزنا . العدو ، إذا سمح له بالدخول إلى مخزن القيم الروسية ، فسوف يقضي عليها ، ويقطع صلة الناس بالسماء ، ويطردهم من التاريخ.
كل الغزاة الذين جاءوا إلى الأراضي الروسية تطلعوا إلى ذلك. هذا ما كانت تسعى إليه شياطين البيريسترويكا. ويسعى أعداء اليوم أيضًا إلى تحقيق ذلك ، في محاولة للوصول بطائراتهم بدون طيار بعيدة المدى ، وصواريخهم عالية السرعة ليس فقط إلى الكرملين ، ولكن أيضًا لضرب مخزن القيم الروسية.
يجمع نادي "ايزبورسك" (نادي ثقافي إجتماعي يضم رواد الفكر الوطني القومي الروسي المحافظ-المترجم ) في أخوته الروحية أشخاصا ذوي وعي مستنير ، عرافين يكتشفون القيم . هذه مدرسة للمعرفة الروحية ، حيث يكون المعلمون من أصحاب الرؤى الروس ، سواء كانوا مهرجين وثنيين أو دوستويفسكي أو سيرافيم ساروف أو جوزيف ستالين.
لقد انعقد منتدى "حركة الحلم الروسي" للتو. حدث ذلك في حوزة "غريبنيفو" بالقرب من موسكو ، حيث تجمع العديد من المعترفين بهذا الإيمان الروسي الثمين من جميع أنحاء روسيا. تقاسموا اكتشافاتهم ، تآخوا ، وهبوا بعضهم البعض باكتشافاتهم الروحية. كان هناك مغنون وجنود أصيبوا في دونباس وفلاسفة وسياسيون.
أشعلوا الحطب في فسحة ليلية ضخمة ، اشتعلت فيها النيران ، وأرسلت شرارات ذهبية لا حصر لها في السماء ، وكانت كل واحدة منها صلاة ، وطرد الأرواح الشريرة ، وأمل في معجزة روسية وانتصار روسي.
يتم استخراج القيم من القلوب النارية والمحبة المفتوحة نحو الضوء. إن المؤمنين بالحلم الروسي ، مكتشفي القيم الروسية يدفعون ثمنا باهظا لاكتشافاتهم . "داريا دوغينا" ، والدها المهيب ألكسندر دوغين ، الكاتب الروسي اللامع "زاخار بريليبين".
والآن – أصيب ألكسندر بوروداي ، بطل دونباس ، بقذيفة دبابة أوكرانية. جريح ، يرقد في مستشفى دونيتسك . ساشا ، انهض من سريرك بسرعة ، القيم الروسية في انتظارك.
(داريا وزخار قتلوا في تفجيرات إرهابية تقف خلفها أوكرانيا-المترجم).
#زياد_الزبيدي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟