أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - الثورات: تقدّم أم تراجع...؟














المزيد.....

الثورات: تقدّم أم تراجع...؟


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 7684 - 2023 / 7 / 26 - 23:38
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


فكرتان أساسيتان هيمنتا على الجمهور العربي منذ أواسط الخمسينيات، روّجت لهما القوى السياسية الشمولية بجميع مدارسها القومية والشيوعية والدينية فيما بعد؛
أوّلهما – أن التغيير في العالم العربي لا بدّ أن يكون ثوريًا وليس إصلاحيًا تدرّجيًا، عبر التطوّر والتراكم الطويل الأمد.
وثانيهما – أن الجيش هو أداة التغيير الأساسية الحاسمة بحكم انضباطه وتفوّقه التنظيمي، ولذلك تبارت القوى التي تصف نفسها بالثورية بكسب مراتب من الضباط والجنود تمهيدًا للقيام بانقلابات وثورات للوثوب إلى السلطة.
موضوعيًا ساعد قيام ثورة 23 تموز / يوليو 1952 في مصر بإلهاب حماس الشارع العربي الذي نظر إليها بعين التقدير والإعجاب، خصوصًا إثر تأميم قناة السويس 1956 ومواجهتها للعدوان الثلاثي الإنجلو – فرنسي - "الإسرائيلي".
وكانت ثورة 14 تموز / يوليو 1958، التي أطاحت بالنظام الملكي في العراق وأقامت الجمهورية، النموذج الثاني البارز لدور الجيش، خصوصًا إقدامها على عدد من الإجراءات بالضدّ من مصالح القوى الإمبريالية والصهيونية، ولاسيّما الانسحاب من حلف بغداد، والخروج من نظام الكتلة الاسترلينية، وإصدار القانون رقم 80 لعام 1961، الذي تمّ بموجبه وضع اليد على 99.5 % من الأراضي التي كانت بحوزة الشركات النفطية الأجنبية في العراق.
لكن الثورات والانقلابات العسكرية التي غدت نموذجًا ممكنًا للتغيير في العالم الثالث، سرعان ما قوّضت المكاسب التي حقّقتها شعوبها في التحرّر الوطني وإحراز الاستقلال، حين فتحت شهية المغامرين والطامعين بالسلطة، وأكثر من ذلك، فإنها قطعت خطّ التطوّر التدرّجي الذي كانت تسير عليه العديد من البلدان في تنميتها وتقدّمها، وهو ما تؤكّده تجارب العديد من بلدان أفريقيا وآسيا منذ استقلالها في الستينيات وإلى اليوم.
وبدلًا من تسليم السلطة إلى الشعب والعودة إلى الثكنات، تمترست القوى العسكرية فيها وحوّلت الدولة إلى إقطاعية خاصة بها، رافعة الحدود بين السلطة والدولة، ومتغوّلة بواسطة الأولى على الثانية.
وإذا كان التيار الديمقراطي ناميًا ومتطلّعًا إلى الحداثة والمدنية والتطوّر السلمي، سواءً في مصر أو العراق أو سوريا أو الأردن أو لبنان أو غيرها، فإن الانقلابات والثورات العسكرية صرعته، بل دحرجته بين أرجلها، وازدرت السياسة الفكر وتطاولت عليه، خصوصًا بصعود نخب عسكرية، من أصول ريفية، شحيحة المعارف ومحدودة الثقافة، معلية من وتيرة العنف الذي صار نظرية عمل بفعل استخدامها الكتل البشرية الهائلة التي تذكّر بعصر المداخن إبّان الثورة الصناعية، والتي تعبّر بطريقة غير عقلانية عن مآلات الصراعات ووجهتها.
وبسبب موجة العنف والصوت الواحد، وغياب حريّة التعبير والحق في التنظيم الحزبي والنقابي والحق في المشاركة، اضطّر التيار المدني الديمقراطي إلى النأي بنفسه، فقسم منه اتّخذ من الصمت سلاحًا للمواجهة، والقسم الآخر حمل عصاه ورحل إلى المنافي.
وأذكر هنا مثالين على ذلك في العراق؛ أولهما – المفكر حسين جميل، المحامي والوزير والسفير وسكرتير الحزب الوطني الديمقراطي، الذي اتّجه إلى الكتابة والتنظير بعيدًا عن المشاركة في الحياة العامة محاولًا استعادة الفكر الديمقراطي والليبرالية العربية التي كاد نسلها أن ينقطع، خصوصًا حين أصدر كتاب "حقوق الإنسان في الوطن العربي" 1983،
وثانيهما – رفعة الجادرجي، الذي اختار المنفى بعد تلفيق تهمة له والحكم عليه مدى الحياة، إلّا أنه تمّ إطلاق سراحه بقرار رئاسي بهدف مشاركته في تجميل العاصمة بغداد، بمناسبة قرب انعقاد قمة عدم الانحياز، التي لم تنعقد. وكانت باكورة انشغاله بإحياء الفكر الديمقراطي، تأليف كتابه الأول في المنفى "صورة أب" 1986، الذي هبطت عليه أفكاره وهو منقطع عن العالم وحيدًا في زنزانة رطبة وملابس مهترئة وقمل ينهش جسده وصوت مثل المخاط يملأ أذنيه. اختمرت فكرة الكتاب "حبة.. حبة" يوم كان محاطًا بظُلمة وظَلمة، وهو عنوان لكتابه المثير مع رفيقة عمره بلقيس شرارة "جدار بين ظلمتين" (بالضمّة أو بالفتحة).
إذا كان كتاب جدار بين ظلمتين يمثّل ملامح مهمة من سردية درامية لحياة يومية تتأسس في خضم المعاناة، ولاسيّما في ظلّ غياب الفكرة الديمقراطية، فإن كتاب حقوق الإنسان كان مساهمة جديرة بالتأمل في ظلّ الحروب والمغامرات العسكرية وأعمال العنف وتكميم الأفواه.
خلاصة القول، أن الجيوش بدلًا من دفاعها عن الأوطان وإسهامها في عمليات الإعمار والبناء والتنمية، ساهمت في تعطيل تطوّر المجتمع، حيث جرت مقايضة الإصلاح والديمقراطية والتنمية بشعارات صاخبة حول تحرير فلسطين والوحدة والاشتراكية، الأمر الذي أعاد العديد من الشعوب التي ابتُليت بالانقلابات العسكرية القهقري، فلا هي حققت طموح الأمة العربية وآمالها، ولا هي تركت البلاد تسير بالتراكم في طريق التطوّر.
لم تقم السياسة في مجتمعاتنا على الحوار والجدل وقبول الآخر ومباراة الأفكار، بل قامت على التغالب والاستقواء، فضلًا عن التشاطر وعدم التورّع في الكذب ونهب المال العام والاعتصام بالطائفية والإثنية والعشائرية، خصوصًا في السنوات الأخيرة، الأمر الذي جعل الناس بشكل عام تنفر من السياسة في غياب التنافس المشروع وحكم القانون. وكانت تلك الإشكاليات جزءًا من هواجس الفكر الديمقراطي وتحدياته التي جسّدتها تنظيرات جيل الروّاد.



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لوزان والكرد والجيوبوليتيك
- طارق الدليمي يحلّق نحو السديم الأبدي
- الديبلوماسية الثقافية وفائض القوّة
- نادي النبلاء عقول -أكسفورد وكيمبريدج-
- كلام في الليبرالية العربية
- التباسات الهويّة
- في -أنسنة- القانون الدولي
- ما بعد كورونا وأوكرانيا...!
- الأزمة بين بغداد وأربيل أصبحت معتقة.. وحق الشعب الكوردي غير ...
- محطات مع عبد الإله النصراوي في الوطن والمنفى (3)
- -روح السياسة-.. والصالح العام
- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي
- محطات مع عبد الإله النصراوي: في الوطن والمنفى (2)
- طريق الديبلوماسية الاقتصادية
- محطات مع عبد الإله النصراوي في الوطن والمنفى (1)
- رسالة التنوّع الثقافي
- الأمازيغيون وثمة حقوق
- عن معاناة الكرد الفيليين
- بروموثيوسية مظفر النواب: الشعرية والشاعرية
- عن تقريظ أحمد عبد المجيد لكتاب الغرفة - 46 :قراءة خارج المتن


المزيد.....




- لماذا لجأت الولايات المتحدة أخيرا إلى تعليق شحنات الأسلحة لإ ...
- كيف تؤثر سيطرة إسرائيل على معبر رفح على المواطنين وسير مفاوض ...
- الشرطة الأمريكية تزيل مخيما مؤيدا لفلسطين في جامعة جورج واشن ...
- تقارير: بيرنز ونتنياهو بحثا وقف هجوم رفح مقابل إطلاق سراح ره ...
- -أسترازينيكا- تسحب لقاحها المضاد لفيروس -كوفيد - 19- من الأس ...
- قديروف يجر سيارة -تويوتا لاند كروزر- بيديه (فيديو)
- ما علاقة قوة الرضوان؟.. قناة عبرية تكشف رفض حزب الله مبادرة ...
- مصر.. مدرسة تشوه وجه طالبتها بمياه مغلية داخل الصف وزارة الت ...
- مدفيديف بعد لقائه برئيسي كوبا ولاوس.. لامكان في العالم للاست ...
- السفارة الروسية لدى لندن: الإجراءات البريطانية لن تمر دون رد ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - الثورات: تقدّم أم تراجع...؟