أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - عبد الحسين شعبان - عن تقريظ أحمد عبد المجيد لكتاب الغرفة - 46 :قراءة خارج المتن















المزيد.....

عن تقريظ أحمد عبد المجيد لكتاب الغرفة - 46 :قراءة خارج المتن


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 7613 - 2023 / 5 / 16 - 12:38
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    


باهتمام كبير قرأت ما كتبه أحمد عبد المجيد الصحافي القدير والحاذق، رئيس تحرير صحيفة الزمان (طبعة العراق)، تقريظًا لكتابي "الغرفة - 46: سرديات الإرهاب - خفايا وخبايا"، دار الرافدين، بيروت - بغداد، 2023، وهو أوّل تقريظ يصدر عن الكتاب. وكنت قد أهديته له في زيارتي القصيرة إلى بغداد، حيث كان الكتاب في طريقه إلى المكتبات.
ومن دون مجاملة يمكنني القول أن التقريظ متميّز لسببين ؛ الأول - لأنه يصدر عن كاتب متميّز، وفي جريدة متميّزة؛ والثاني - لأنه يوسّع دائرة الاهتمام في موضوع خطير يعالجه الكتاب، وأعني به الإرهاب، والذي قدّمته بأسلوبين متداخلين يكمّلان بعضهما البعض؛ فهو سردية مفتوحة، أقرب إلى رواية درامية بفصول مختلفة على مدى يزيد عن ثلاثة عقود من الزمن من جهة؛ ومن جهة ثانية، دراسة فكرية حقوقية وقانونية موثّقة، تتّسم بالتفريق بين المقاومة والإرهاب، وقد ظلّ الكتاب حبيسًا في أدراج مكتبي لربع قرن من الزمن تقريبًا، لأسباب جئت على ذكرها في المقدمة.
لم أكتف بشهادة الغرفة 46 التي دوّنتها عن عاطف أبو بكر، بل قلّبت كلّ ما ورد فيها تدقيقًا وتمحيصًا وتعميقًا وإضافةً واختلافًا، سواء ما بين السطور أو ما خلفها من القنوات السريّة المشكوك وغير المشكوك فيها، وذلك بهدف استكمالها بالتنقيب والحفر والتنبيش والتعقّب والملاحقة، لإظهار الحقيقة بجميع جوانبها، وقد جعلت من صاحبها محورًا تدور حوله الحكاية، مقارنةً ومقاربةً لما سبق، فضلًا عن مقابلات ودراسات وكتب وأبحاث تخصّ الموضوع، ناهيك عمّا اختزنته من رصيد معلوماتي على مدى زاد عن خمسة عقود ونصف العقد من الزمن، من علاقة بالمقاومة الفلسطينية وتياراتها واتجاهاتها.

قراءة مغايرة
جاء تقريظ أحمد عبد المجيد للكتاب من خارج محتواه أحيانًا، أو من خارج النص كما يُقال، بتقديم نص آخر أو رؤية أخرى، بعضها كان سائدًا، بمواصفات تلك المرحلة السريّة الشديدة الغموض والإبهام والالتباس.
وباشتباك ودّي أقول ثمّة معطيات كانت تسرّبها ماكينة إعلام بعض الجهات التي كان أبو نضال قريبًا منها أو تصدر أحيانًا عن بعض أعوانه أو من يتعاون معه، لإظهاره الأكثر "ثورية" في ممارسة " العنف الثوري"، في حين أن الغالبية الساحقة من الأعمال التي قام بها تندرج في نطاق الإرهاب، وقسمها الأكبر ضدّ فلسطينيين أو معارضين لأنظمة حاكمة، وفي الكتاب أمثلة كثيرة على أساليب الابتزاز وعرض الخدمات على الفرقاء المتخاصمين حسبما تقتضي الحالة أو الحاجة.
لا أدري كيف قفزت إلى ذهني عبارة كارل ماركس في الثامن عشر من برومير "لويس بونابارت"، والتي يقول فيها: عجبي على من يريد أن يمثّل دور البطل وهو متوسط المواهب ومحدود المعرفة.
وكما هو معروف عن سيرة "الرجل" أنه كان بسيطًا، لا تتعدّى ثقافته الأدبيات السياسية ذات "الجمل الثورية" و"العبارات الرنانة"، خصوصًا بعد زيارته للصين في مطلع السبعينيات، فقد بدأ حياته كعامل تمديدات كهربائية في السعودية وانتقل إلى الأردن، حيث افتتح مكتبًا اعتُبر محطة سريّة لفتح، التي كان عضوًا فيها، وهو ما كان يؤكده الراحل ناجي علوش، الذي كان أمينًا لسر التنظيم بعد فترة قصيرة شغلها منير شفيق (أطال الله في عمره)، وكلاهما اختلف معه وحاول اغتيالهما، إضافة إلى ما ذكره من الراحل محمد داود عودة (أبو داود) الذي تعاون معه لفترة قصيرة، وقد حاول اغتياله أيضًا، وتفاصيل ذلك موجودة في الكتاب، فضلًا عن ذلك، لا يُعرف عنه أية اهتمامات تُذكر بالثقافة أو الفكر السياسي.

باتريك سيل
حين وصف باتريك سيل عاطف أبو بكر بأنه "أمهر الرجال الذين قابلهم في الحركة الفلسطينية"، فذلك انطباع صحافي غربي، وهو ليس خفيفًا ليصدر حكمًا بهذا المعنى يجانب الحقيقة أو يُجامل فيها، فعاطف أبو بكر، وكما عرفته في بغداد في بدايات شبابه في العام 1968 كان واعدًا، وهو في تنظيم فتح، وكان كادرًا طلابيًا مرموقًا، ثم انتقل إلى القاهرة في قيادة الاتحاد العام لطلبة فلسطين، ولكفاءاته اختير وهو شاب ليكون سفيرًا لمنظمة التحرير الفلسطينية، في أواخر سبعينيات القرن الماضي، حيث عمل سفيرًا في بلغراد وبودابست وبراغ، وتابعت مسيرته خلال تلك الفترة، التي سجّلت علاقات جيّدة مع الجاليات العربية في تلك البلدان، إضافة إلى علاقاته الإيجابية وصداقاته بالمضيفين.
وقد اهتمّ منذ شبابه بالأدب بشكل عام والشعر بشكل خاص، وله عدة مجموعات الشعرية، إضافة إلى ذلك كان يمتلك عقلًا منظمًا وذاكرة يقظة، ولغته العربية سليمة وجملته أنيقة، وله كاريزما وحضور جلي، ومثل تلك المواصفات تجعل من شخصية مثل باتريك سيل يُعجب به، بل إن شخصيته تثير الإعجاب فعلًا، وإن كان لديّ ملاحظاتي على خياره السياسي الأخير والخاطئ، سآتي على ذكرها.
لعلّ الحوارات التي أجراها عاطف والمقابلات التي أعطاها، تكشف مدى قيمته الحقيقية، ولا أقصد هنا الكتاب الذي نحن بصدده، والذي هو في جزء منه مراجعة نقدية لتجربته، بقدر ما فيه من تقييم لحركة المقاومة الفلسطينية، وفي جانب آخر ما له علاقة بحركة التحرّر الوطني، وبالعديد من البلدان التي عمل فيها. وفي خريطة العلاقات تلك تنبجس الكثير من الأسرار والمعلومات التي ظلّت مستترة أو محجوبة أو ضائعة أو مضبّبة، وعلى الباحث التعامل معها من هذا الموقع، بحذر ومسؤولية في الآن، خصوصًا وهي تصدر عن صاحب رأي واجتهاد قد تتفق معه أو تختلف.
أعتقد أن القراءة الصحفية السريعة وراء مثل هذا الالتباس الذي حصل في التقريظ، فعاطف أبو بكر لم يكن مستفيدًا من الانشقاق الذي وقع بالحصول على امتيازات ياسر عرفات في أعقاب ذلك، حيث أوفد سفيرًا إلى دول شرقية عدّة، كما ذكر عبد المجيد، بل أنه ضحّى بالامتيازات والمناصب في خلافه مع عرفات، حيث التحق بحركة فتح الانتفاضة العام 1983 في الشام (ضدّ ياسر عرفات)، وبسبب عدم توافقه معها، عرض عليه أبو نضال الانضمام إليه ليكون الشخص الثاني فعليًا والمسؤول عن الإعلام والعلاقات والكيان التنظيمي بعد حرب المخيّمات الشهيرة في لبنان، التي كان له دورًا توفيقيًا تصالحيًا فيها، ووافق بشروط، على أن يتمّ تحويل الجزء الأساسي من التنظيم إلى العمل السياسي والإعلامي، ويبقى الجزء العسكري في مواجهة "إسرائيل"، و"إسرائيل" فقط.
وقد يكون مثل ذلك العرض إغراءً لقبوله الموقع وانتقاله من ضفّة إلى أخرى. فأبو نضال ظلّ يبحث عن أسماء لامعة، بل يحتاج إليها، خصوصًا وأن سمعة التنظيم يغلب عليها الطابع العنفي الإرهابي. وإذا كان ثمة هدنة أو مراوحة لطمئنة أبو بكر، إلّا أنها سرعان ما شهدت تراجعًا مريعًا، فبدأت الخلافات بإخراج التنظيم من سوريا، بعد أن شعر أبو نضال أنه لم يعد بإمكانه السيطرة عليه والتحكّم به كليًّا، وذلك في العام 1988، أي أن عاطف لم يعمل فعليًا فيه سوى ثلاث سنوات ونيّف (من العام 1985 وإلى العام 1988)،حيث بدأت الخلافات والشكوك تكبر بين الطرفين، خصوصًا حين تكشّفت الكثير من الأوراق وأصبحت بيد عاطف، لاسيّما باختفاء بعض مساعدي أبو نضال بطريقة غامضة يرد تفصيلها في الكتاب.
وقد توجّس الشاعر مظفر النواب خيفة على حياة أبو بكر، لأنه يعرف أبو نضال جيدًا، وهو ما أسرّني به في حينها، وسعى كي لا يناله سوء مثلما حاول الليبيون ذلك، خشية من حدوث المحذور، فعاطف اسم علم التقى رؤساء وزعماء ومسؤولين عديدين، الأمر الذي قد يثير اغتياله إحراجًا، لكنه في نهاية المطاف أدرك أن كلّ ذلك قد لا يحول دون تدبير أمر ما له، وقد يتّهم طرفًا ثالثًا، فاضطرّ إلى الهروب إلى أحد البلدان وظلّ مختفيًا عن الأنظار منذ 35 عامًا إلى اليوم، وتوفيت زوجته الأولى أم فرح، وهو في محنته وفي وضع صحي ونفسي ومالي لا يُحسد عليه.
ظلّ الهم الأكبر لعاطف هو كشف الحقيقة مهما كان الثمن كما قال، وبسبب ذلك تحمّل الاختفاء الطوعي - القسري، وهو الرجل الذي شهدت له المحافل الدبلوماسية والسياسية والإعلامية صولات وجولات.
أظنّ من الخطأ الكبير إسباغ صفة الشجاعة على من يقوم بأعمال القتل بدم بارد أو ارتكاب أعمال عنف منفلتة من عقلها أو بتفجير يلحق أذى بالسكان المدنيين الأبرياء العزّل، انتقامًا من رأي أو وجهة نظر أو موقف، فما بالك حين تكون الضحية فلسطينية أو عربية، بغضّ النظر عن خطئها أو صوابها، فالشجاعة صفة لصيقة بالخير وليست بالشر، والقاتل أو المجرم أو المرتكب أو الجلّاد لا يمكن أن يكون شجاعًا، حتى وإن انتصر على خصمه وحطّمه وأذلّه، فتلك انتصارات أشدّ عارًا من الهزيمة.
والثورة في نهاية المطاف ليست حمام دم، على حدّ تعبير روزا لوكسمبورغ في رسالتها الشهيرة إلى لينين، والعنف سيلوّث المبادئ الإنسانية.
الشجاعة فضيلة من فضائل القلب الحرّ، أمّا العنف والقسوة وإرهاب الآخر، فتلك من صفات الشر، ولا علاقة لها بالشجاعة، والشر عمل جبان ومن يقوم به كذلك، ومن يمارس العنف لإرغام خصمه أو عدوّه على الإذعان، فإنه يمارسه بحقّ نفسه أيضًا، أي بانتزاع ما تبقّى من إنسانيته.
بالمحصلّة أستطيع القول، لم تقدّم تلك الأعمال الإرهابية أية خدمة للفلسطينيين، وحتى بعض الأعمال العنفية، مثل خطف الطائرات أو غيرها، التي التجأ إليها المناضل وديع حداد، فإنها كانت محدودة وليست ضدّ الفلسطينيين، وهدفها إلفات نظر العالم للقضية الفلسطينية بتعريض الرأي العام العالمي للصدمة، بعد خمول وطغيان القوّة، في ظرف عربي وإقليمي ودولي لم يكن مؤاتيًا حينها، ومع ذلك تخلّت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين عن هذا الأسلوب، ولم تعد تلجأ إليه. وبالطبع لا علاقة لتلك الأعمال بالعنف الثوري. وتكرّست أعمال المنظمات الفلسطينية، فتح والجبهة الشعبية والجبهة الديمقراطية والقيادة العامة وجبهة النضال الشعبي وحماس والجهاد وغيرها، في الكفاح ضدّ العدو الصهيوني، باستخدام جميع أساليب النضال، من أبسطها حتى أرقاها ضمن إطار مشروع قانوني حقوقي.

المقاومة والإرهاب
لم يكن القصد من فتح ملف "الإرهاب والإرهاب الدولي" هو الإدانة وحسب، بل التفريق بين الإرهاب والمقاومة، وهو ما حرص الكاتب على إبرازه في فصل خاص ألحقه بالكتاب، ويتألف من 45 صفحة، تحدّث فيه عن الإرهاب الفردي والإرهاب الجماعي ومافيا الفكر والإرهاب الإعلامي والمعاهد المتخصصة للدعاية والتضليل، حيث القاعدة في العدالة بالحق وليست بالقوّة في إطار مناظرات فقهيّة بينهما.
حين تتمكّن فكرة ما، حتى وإن كانت نبيلة، من عقل إنسان فتصيبه بالتعصّب، ووليده التطرف بالانتقال من التفكير إلى التنفيذ، وإذا ما صارت سلوكًا، سيتحوّل إلى عنف، وإذا ما ضرب عشوائيًا يصبح إرهابًا، وتلك الحالة تُعطي لصاحبها الحقّ في ممارسة كلّ ما هو محظور بزعم امتلاك الحقيقة وادّعاء الأفضليات، فحتى أكثر الأفكار إنسانيةً، بما فيها العقائد الدينية، فإنها لا تعصم من ارتكاب الجريمة، فما بالك حين يُصبح العنف والإرهاب نظرية عمل وليس وسيلة لتحقيق غاية، فالغاية الشريفة تحتاج إلى وسائل شريفة لتحقيقها، والوسيلة من شرف الغاية، مثل البذرة إلى الشجرة، حسب المهاتما غاندي.
لقد عيّر أبو نضال باتريك سيل بأصله اليهودي وفكره الصهيوني، علمًا بأن الرجل أسلم وتزوّج من الشاعرة السورية رنا قبّاني، لمجرّد أنه حاول تناول سيرته، وحاول حنّا مقبل، الأمين العام لاتحاد الصحفيين العرب، منذ العام 1979، الاقتراب من تدوين سيرة جماعة أبو نضال، فلقى مصرعه في قبرص (أيار / مايو 1984)، وكان ثمة شبهات حامت حول جماعة أبو نضال في مقتله.
أما ميشيل النمري أحد مؤسسي رابطة الكتاب الأردنيين ورئيس تحرير مجلة الموقف العربي، وصاحب نشرة "النشرة"، فقد قتل هو الآخر، لمجرد اقترابه من تناول الظاهرة الإرهابية.
مثلما اغتيل يوسف السباعي وزير الثقافة المصري الأسبق، وأمين عام منظمة التضامن الأفروآسيوي من ذات الجماعة، والمبرّرات متوفّرة وكثيرة، وكنت قد رويت ذلك في حواراتي المنشورة مع نوري عبد الرزاق في جريدة الزمان (3 حلقات في 30 و 31 ديسمبر / كانون الأول 2019 و 2 كانون الثاني / يناير 2020).
لا توجد عملية كبرى ضدّ العدو الصهيوني باستثناء محاولة اغتيال شلومو آرجون، السفير "الإسرائيلي" في لندن في حزيران / يونيو 1982، التي اعتُبرت إحدى ذرائع العدوان "الإسرائيلي" لاجتياح لبنان، ومحاصرة العاصمة بيروت، وعدا ذلك فغالبية العمليات كانت ضدّ الخصوم الفلسطينيين والعرب، ولتصفية بعض الحسابات السياسية، بعضها لصالح الغير.

مع عاطف أبو بكر: في النقد والنقد الذاتي
حين عرفت أن عاطف أبو بكر جاء إلى الشام للالتحاق بفتح الانتفاضة، تاركًا موقعه كسفير في م.ت. ف، قلت له وما الفرق بينهما، أليست بضعة شعارات؟ فحاول إظهار تبرّمه وضيقه من بعض الممارسات في (فتح)، لكن العلاقة مع فتح الانتفاضة في سوريا لم تدم سوى بضعة أشهر.
بعدها فاتحني بمشروعه الخاص، وأعني به بالالتحاق بأبي نضال في دمشق، ويبدو أنه كان قد قرّر ذلك، قلت له بطريقة لا تخلو من استفزاز صادم وبطريقة صداقية: شاعر وإرهابي؟ لم يقبل منّي هذا الكلام، وكنت أقصد أن الصفة الغالبة على التنظيم هي كذلك، وهو سؤال أعدته عليه ضمن حواراتي معه في الكتاب، بل ذهبت أكثر من ذلك، حين قُلت له، كيف امتدح أبو نضال بقصيدة؟ قال: هي قصيدة بعنوان "النفي الفلسطيني"، وهي تتحدّث عن الثوابت، فقلت له: وماذا تقصد بقصيدتك المهداة إلى وفاء نور الدين "أتيتك والفؤاد يطير شوقًا"، وهي منشورة في ديوان "الفتح نحن".
فهذا الفارس المقدام حزبي ... وتحت لوائه اخترت انضوائي
فقال في الشعر رمزيات ووجدانيات عليك أن تحسبها لمن تريد. ثم أشار إلى أنه أهدى دواوينه لإبنته "فرح" وللأطفال عمومًا، وإحدى القصائد أهديتها إلى ابنتي وابنته كطفلين، كما قال.
كنت أشعر أن وجوده مع "الجماعة" خيار خاطئ في الوقت الخاطئ، وهو خطأ استراتيجي صميمي بلا أدنى شك، وهو ما قدّم نقدًا ذاتيًا جريئًا بشأنه، وإنْ بدا واثقًا في أيامه الأولى، لكنه كان قلقًا ومهمومًا، بل أن الكدر تسرّب إليه قبل مغادرته الشام، فخياره جاء خارج السياق الذي اختطّه لنفسه، وقد حاولت مرّة فتح هذا الحديث معه أمام الرفيق عامر عبد الله، وفي منزل الأخير، وهو ما حاول تبريره بمساعيه تحويل الجماعة إلى تنظيم سياسي، فسأله حينها عامر عبد الله: ولكن ماذا سيقول صاحبكم؟ لقد اعتاد على التخفّي والعمل السرّي، وهو مطلوب، وسيظلّ إلى آخر يوم في حياته كذلك.
شهية القارئ
أعود إلى ما كتبه أحمد عبد المجيد فإنه فتح شهية القارئ، وذلك هو عين ما أسعى إليه بهدف إماطة اللثام عن الخفايا والخبايا. وحاولت تفكيك الظاهرة لدراستها دفاعًا عن المقاومة وما لحق بها من ترّهات استغلت تشويهها، وآن الأوان لنفصل الخيط الأبيض عن الخيط الأسود.
أعتقد أن خروج عاطف من فتح والخلاف مع عرفات، ومن ثم الاحباط الذي أصابه مع فتح الانتفاضة، هو الذي دفعه وتحت ضغوط مختلفة للانضمام إلى "الجماعة" كما يسميها، وكنت قد سألته: هل دفعك اليأس لتتحالف مع بندقية، أو تجمع الثقافة والشعر والديبلوماسية مع العنف؟
كان جوابه جريئًا كعهدي به: تلك الفترة غير مدروسة بشكل كامل، فيها الكثير من التسرّع وعدم التمحيص، وضبابية الرؤية المستقبلية، وكان ذلك خطاً كبيرًا.
لقد أراد من خلال نقده الذاتي أن يطهّر ضميره، وتحمّل بسبب ذلك كلّ تلك العذابات، قانعًا بنصيبه من الحياة، ليس عابئًا بشيء سوى تشبّثه بالحقيقة.
نشرت في جريدة الزمان (العراقية) في 16 أيار / مايو 2023.



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العقل الديني: في نقد الناقد والمنقود
- عن الكراهية والعنف
- مؤلف -فقه التسامح- حاور فضل الله والبغدادي ودافع عن المسيحيي ...
- أوكرانيا والاقتصاد -المسلّح-
- بشتاشان -خلف الطواحين-... وثمة ذاكرة...شهادة وليست رواية (ال ...
- شتاشان -خلف الطواحين- ... وثمة ذاكرة... شهادة وليست رواية (ا ...
- بشتاشان -خلف الطواحين- ... وثمة ذاكرة - شهادة وليست رواية (ا ...
- بشتاشان -خلف الطواحين- ... وثمة ذاكرة..شهادة وليست رواية (ال ...
- بشتاشان -خلف الطواحين-... وثمة ذاكرة..شهادة وليست رواية (الح ...
- السودان من الانقلاب إلى الانقلاب
- عن شيء اسمه -السيادة-
- نداء عاجل من مجموعة السلام العربي بشأن تطورات الوضع في السود ...
- منطق ويستفاليا
- -المبعوث- - عامان في العراق
- صورة الجواهري: الشاعر والشعر
- رسالة من د. شعبان إلى الأصدقاء في مؤتمر القمة الثقافي العربي
- ما الذي يُقلق واشنطن؟
- في ثقافة العنف واللّاعنف
- «دين العقل وفقه الواقع» لعبد الحسين شعبان (1) و (2)
- حوارة - غارنيكا


المزيد.....




- -الأغنية شقّت قميصي-.. تفاعل حول حادث في ملابس كاتي بيري أثن ...
- شاهد كيف بدت بحيرة سياحية في المكسيك بعد موجة جفاف شديدة
- آخر تطورات العمليات في غزة.. الجيش الإسرائيلي وصحفي CNN يكشف ...
- مصرع 5 مهاجرين أثناء محاولتهم عبور القناة من فرنسا إلى بريطا ...
- هذا نفاق.. الصين ترد على الانتقادات الأمريكية بشأن العلاقات ...
- باستخدام المسيرات.. إصابة 9 أوكرانيين بهجوم روسي على مدينة أ ...
- توقيف مساعد لنائب من -حزب البديل- بشبهة التجسس للصين
- ميدفيدتشوك: أوكرانيا تخضع لحكم فئة من المهووسين الجشعين وذوي ...
- زاخاروفا: لم يحصلوا حتى على الخرز..عصابة كييف لا تمثل أوكران ...
- توقيف مساعد نائب ألماني في البرلمان الأوروبي بشبهة -التجسس ل ...


المزيد.....

- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي
- آليات توجيه الرأي العام / زهير الخويلدي
- قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج ... / محمد الأزرقي
- فريديريك لوردون مع ثوماس بيكيتي وكتابه -رأس المال والآيديولو ... / طلال الربيعي
- دستور العراق / محمد سلمان حسن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - عبد الحسين شعبان - عن تقريظ أحمد عبد المجيد لكتاب الغرفة - 46 :قراءة خارج المتن