أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سعود سالم - حتمية الحرية














المزيد.....

حتمية الحرية


سعود سالم
كاتب وفنان تشكيلي

(Saoud Salem)


الحوار المتمدن-العدد: 7681 - 2023 / 7 / 23 - 16:16
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


إذا أردنا تتبع الوقائع، بعيدا عن الخرافات والأساطير فلابد أن نتسائل عن ماهية هذه الحرية التي يتغنون بها ليل نهار، في الشرق والغرب كما في الشمال والجنوب، ويعرضونها أمامنا في كل مناسبة ويذبحوننا من أجلها؟ فهل حرية المواطن العادي، في كوخه وبين أفراد عائلته هي نفسها حرية الحاكم في قصره وسط حاشيته وعبيده وجواريه؟ هل حرية الإنسان الفقير والمعدوم، العامل المحكوم عليه بالأعمال الشاقة مدى الحياة هي نفسها حرية الغني المالك للقصور والمصانع والبنوك وكل صور رأس المال؟ هل حرية الرجل هي نفسها حرية المرأة ؟ نضطر للإجابة بالنفي على كل هذه التساؤلات الطفولية، فالإنسان الذي في جيبه مئة دولار لا شك في أنه أكثر حرية ممن في جيبه دولار واحد. ومع ذلك، لا بد من القول بأننا أخطأنا الطريق، وأن التساؤل على هذا النحو يفضى مباشرة إلى جواب ضمني في ثنايا هذا التساؤل، وهو نوع من التضليل الذي نريد تحاشيه وعدم السقوط فيه. فالحرية ليست كعكة أو بطيخة يمكن تقسيمها إلى أجزاء متساوية أو غير متساوية ثم مقارنة هذه الأجزاء. الحرية مفهوم كلي شامل لا يحتمل القلة والكثرة الكمية، مثل مفهوم العدالة الإجتماعية أو حقوق الإنسان. الحرية ليست شيئا ماديا يتواجد في المكان والزمان ويمكن قياس شكله ولونه وحجمه ووزنه، الحرية ليست بضاعة تباع وتشترى مثل المكرونة أو البطاطا. ولكن في عالمنا المزدحم بالسحر والشعوذة، يمكن لأي صحفي أو كاتب أو رجل سياسي من الدرجة الثالثة أن يهدي لقرائه أو لشعبه، حكمة من نوع "الحفاظ على الحرية أصعب من نيلها"، حيث، في فهمه القاصر، يعتبر الحرية مثل غنيمة، يمكن الحصول أو الإستحواذ عليها بقوة السلاح، ويمكن أيضا أن نفقدها وتتسلل من بين أصابعنا، أو يسرقها الأعداء الغزاة، إذا لم نخبئها في خزينة آمنة ولم نبن حولها الأسوار والقلاع. إن تحويل الحرية إلى هدف وغنيمة و"تشيء" هذا المفهوم، هو الذي يجعل الأمم المتقدمة والمتخلفة، الكبيرة والصغيرة، تبني الجيوش والأساطيل والأسلحة المدمرة الذرية والنووية لحماية هذا "الشيء" العجيب الذي لم يره ولم يلمسه بشر، والذي لا يعرف أحدا مخبأه أو موضعه. فكيف نفهم ذلك؟ من الواضح بالنسبة لنا الآن، أن مفهوم الحرية المضيء، البراق، اللامع، بل الشديد اللمعان في فترات الغسق وقلة الضوء، هو ذاته مجرد أسطورة، خرافة مزركشة وصورة ملونة نبيعها للفقير كي يلوكها كما القات أو أوراق الكوكا، بينما يواصل تجار الحرية إمتصاص دمه وعرقه، ويواصلون عصره حتى لا يتبقى في جسده وفي عروقة قطرة واحدة من الحياة. الحرية إذا ليست سوى الإنسان ذاته، وليست شيئا إضافيا لاحقا لوجوده. وبالتالي الحرية لا يمكن أن تسلب أو تسرق، ولا يمكن إعطائها أو نيلها أو شرائها أو الحصول عليها هدية من "الأصدقاء" الذين يهرعون بطائراتهم ودروعهم الفولاذية لإنقاذنا من العدو الشرير الذي سلب هذا الكنز الثمين. الإنسان يوجد حرا أو لا يوجد على الإطلاق.



#سعود_سالم (هاشتاغ)       Saoud_Salem#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حكاية مصورة
- العقائد العنقودية
- السقوط في زمن الهزيمة
- السقوط في زمن الأحلام
- بارمينيدس وفلسفة الثبات
- عود على بدء
- الجريمة والفصام
- روح الجدية وروح الجريمة
- النجاح والفشل
- الأصل والنسخة
- الأسلاك الشائكة
- قتل مع سبق الإصرار
- تفاصيل المجزرة
- في إنتظار الفجر
- القفص
- تخلصوا من العسكر
- مقطع من سفر المسامير
- التربية الإسلامية
- عن التراث والتقاليد وأزمة االعقل
- سياسة الترويض


المزيد.....




- -أمريكا ستنقذه-.. ترامب مدافعًا عن نتنياهو وسط محاكمته بتهمة ...
- مقتل عدة أشخاص خلال هجمات للمستوطنين الإسرائيليين بالضفة الغ ...
- خبراء: عملية خان يونس أكبر مقتلة للإسرائيليين هذا العام وأقس ...
- إنفوغراف: قتلى وجرحى الاحتلال الذين سقطوا في غزة خلال يونيو ...
- وزراء إسرائيليون يقرون بالفشل في غزة ومسؤولون بالائتلاف يدعو ...
- ترامب: أميركا أنقذت إسرائيل والآن ستنقذ نتنياهو من المحاكمة ...
- ترامب يعترف بتقييم الاستخبارات حول وضع مواقع إيران النووية ب ...
- بعد وقف إطلاق النار.. وزير دفاع إيران يصل الصين في زيارة تست ...
- موجة حر غير مسبوقة تجتاح شرق روسيا: حرارة قياسية وحرائق تهدد ...
- عاجل | حماس: جرائم الاحتلال ومستوطنيه وآخرها في كفر مالك تست ...


المزيد.....

- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سعود سالم - حتمية الحرية