أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - أحمد رباص - نيتشه ينظر إلى سقراط كحكيم لا يقدر قيمة الحياة














المزيد.....

نيتشه ينظر إلى سقراط كحكيم لا يقدر قيمة الحياة


أحمد رباص
كاتب

(Ahmed Rabass)


الحوار المتمدن-العدد: 7658 - 2023 / 6 / 30 - 01:52
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


إذا كان صحيحا، كما أكد نيتشه، أن كل الحكماء العظام الذين لم يعبروا من خلال حكمهم على الحياة سوى عن شكهم وتعبهم من الحياة، ماذا يعني هذا الإجماع؟ يستحضر نيتشه إجابتين محتملتين:
يجب أن يثبت هذا الإجماع أن الحياة لا تساوي شيئا: "الحياة ليست سوى مرض طويل الأمد؛ أنا مدين بديك لأسكليبيوس المنقذ". هذا ما قاله سقراط وهو يحتضر.
هذا الإجماع لا يثبت سوى اتفاق الحكماء في ما يتعلق بالحياة.
تم رفض الإجابة الأولى من قبل نيتشه: الأحكام على الحياة ليست لها قيمة، لأن أولئك الذين يحكمون هم أطراف في النزاع. ولا يمكن بالتالي تقييم قيمة الحياة؛ ولا تعتبر قيمة الحياة مشكلة فلسفية.
لذلك يبقى أن نبحث عما يمكن أن يعبر عنه هذا الإجماع. بالنسبة لنيتشه، فإن هذا الحكم يعبر عن التعب، الضجر، المرض، وبكلمة واحدة، يعبر عن الانحطاط.
ما يثبت اتفاق الحكماء أنهم جميعا يعانون من نفس الاضطرابات الفسيولوجية التي تجبرهم على تبني نفس الموقف السلبي تجاه الحياة. ليسوا أحرارا في الحكم بطريقة مغايرة.
ثم انتقل نيتشه إلى دراسة حالة سقراط التي لها قيمة نمطية للتفكير في تخفيض قيمة الحياة من قبل الحكماء. يميز عدة خصائص جسدية واجتماعية وأخلاقية:
كان سقراط امة، وكان ذميما؛ الشيء الذي يبدو أنه يعبر عن تطور في الميول المتناقضة بسبب تمازج الأجناس. فضلا عن ذلك، سقراط مجرم نموذجي، وهو ما أكدته شهادة شيشرون: قال عالم فراسة لسقراط إنه كان وحشا يخفي أسوأ الرذائل وأسوأ الشهوات؛ أجاب سقراط: "كم أنت تعرفني حقا! »
لذلك ثبت أن سقراط قد تأثر باضطراب فوضوي في الغرائز. إنه أول مؤشر على الانحطاط. إلى ذلك أضاف نيتشه نقائص أخرى عانى منها سقراط كتضخم الملكة المنطقية وشراسة المتهالك (نعلم أن سقراط كان متشنجا إلى أقصى حد). كما كان مصابا بالهلوسة السمعية (شيطان سقراط).
كانت شخصيته مثيرة للضحك، كاريكاتورية، خبيئة ومراوغة.
من خلال هذا البحث عن سمات الشخصية، يسعى نيتشه إلى فهم كيف يمكن أن تنشأ المعادلة المذهلة: السبب = الفضيلة = السعادة؛ وهو أمر غير طبيعي ولا يتوافق مع الحضارة اليونانية.
بالفعل، وفقا لنيتشه، مع سقراط تم تغيير ذوق الإغريق لصالح الجدل. لكن هذا الأخير لا يساوي الكثير، لأن: "حيثما كانت السلطة شيئا مألوفا، وحيثما لا يتم إعطاء الأسباب ، ولكن الأوامر، يكون الجدلي صنفا من المهرج. »
إذن، كيف تمكن سقراط من فرض الجدل؟ بالنسبة لنيتشه، لا يستخدم المرء الجدل إلا عندما لا يكون لديه وسيلة أخرى، إنه سلاح فعال لاكتساب حق الخروج بانتصار من الصراع. لذلك يجب أن يكون هذا الاستخدام تعبيرا عن تمرد، عن إحساس دهمائي. صاغ نيتشه الفرضية القائلة بأن سقراط انتقم من الأرستقراطيين الذين استطاع أن يبهرهم: الجدل في الواقع يختزل الآخر إلى مجرد عاجز (مثال الطوربيد في محاورة مينون)، ويترك للخصم أن يثبت أنه ليس غبيا .
لكن يبقى أن نوضح كيف كان سقراط قادرا على الإبهار. أولاً، كان الجدل يغوي غريزة التسابق عند الإغريق الذين أحبوا المسابقات الجسدية والفكرية ذات الدلالات المثيرة.
لكن كان حدس سقراط الأساسي هو فهم أن قضيته لم تكن معزولة؛ بل هي كوحش كان مختبئا في كل مكان: كان العلاج مطلوبا ضد جبروت الغرائز. بيد أننا نعلم أن سقراط أجاب عالم الفراسة عن أسوأ الشهوات التي رآها الأخير فيه: "هذا صحيح، لكني تحكمت فيها جميعا".
هكذا مارس سقراط غوايته لأنه بدا وكأنه حل، علاج للشر الذي عانى منه اليونانيون.
ما يمكننا استنتاجه من هذا الفحص لحالة سقراط هو أنه عندما يصبح العقل طاغية، يصبح خشبة نجاة: اليأس مترسب في قاع الفلسفة التأملية اليونانية. كان على المرء أن يكون عقلانيا لدرجة السخافة حتى لا يغرق؛ فكل فلسفة أخلاقية تتبلور لها أسباب مرضية وتؤدي إلى المعادلة المذكورة أعلاه: لكي نكون سعداء، يجب أن نكون واضحين وعقلانيين، وإلا غرقنا في ظلام اللاوعي، في هيجان الغرائز.
لكن هذا الطب السقراطي هو في الواقع وهم؛ لإننا لا نفلت من الانحطاط، بل نعبر عنه فقط في شكل آخر. يتكون هذا الشكل من محاربة الغرائز؛ ومع ذلك - الحاجة إلى محاربة الغرائز هي أهم عناصر تعريف الانحطاط (الفوضى التي رأيناها أعلاه). طالما أن الحياة في تصاعد، فإن السعادة ترتبط بالغريزة.
ربما تشير الجملة الأخيرة لسقراط إلى أنه فهم حقيقة طريقته في الشفاء: خداع الذات. وفقا لنيتشه، سقراط، الذي سئم العيش، أجبر أثينا على إعطائه سم الشوكران. إذن ماذا تعني كلماته الأخيرة؟ يفسرها نيتشه على النحو التالي:
"سقراط ليس طبيبا، قال في قرارة نفسه: الموت وحده طبيب.. لم يعمل سقراط سوى على أن بديكون مريضا لفترة طويلة.."



#أحمد_رباص (هاشتاغ)       Ahmed_Rabass#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الاشتراكي الموحد يفضح خروقات التعمير بإقليم الصخيرات-تمارة
- أسا الزاك: عمال المؤسسة العالمية للمحميات الطبيعية والفطرية ...
- ما تفسير كثرة الأكباش المعروضة وقلة الإقبال على شرائها؟
- رولا بالزر تنتقد نزعة جوليان روشيدي الذكورية والعنصرية
- مناضلو الاشتراكي الموحد ضاقوا ذرعا بالمتابعات الكيدية والهجم ...
- بريغوجين صمم على فتح موسكو لولا تدخل لوكاشين
- جوتيريش ينفي أي وجود للبوليساريو قبل 1975
- رفاق نبيلة منيب بإقليم قلعة السراغنة يتضامنون مع شباب العطاو ...
- عودة مهرجان كناوة
- موسيقى الروك الغربية بين الترفيه والنضال من أجل السلام والحق ...
- أمام غلاء الخرفان أسر مغربية مجبرة على عدم الاحتفال بالعيد و ...
- المغرب وهولندا يوقعان ميثاقا استراتيجيا لإنتاج الهيدروجين ال ...
- دبابات -ميركافا- الإسرائيلية في طريقها إلى تعزيز الترسانة ال ...
- مجتمع المعرفة في المغرب بشرى كاذبة ليس إلا..
- سطات: توصيات المهرجان الدولي للفنون التشكيلية في نسخته الثام ...
- مناقشات وتحليلات حول فلسفة هيجل السياسية والاجتماعية (الجزء ...
- مناقشات وتحليلات حول فلسفة هيجل السياسية والاجتماعية
- فيلم -ازرق القفطان- رائعة مريم التوزاني يعرض حاليا في القاعا ...
- مناقشات وتحليلات حول فلسفة هيغل السياسية والاجتماعية (الجزء ...
- مناقشات وتحليلات حول فلسفة هيجل السياسية والاجتماعية (الجزء ...


المزيد.....




- بعد مظاهرات.. كلية مرموقة في دبلن توافق على سحب استثماراتها ...
- تل أبيب.. اشتباكات بين الشرطة وأفراد عائلات الرهائن في غزة
- مقتل رقيب في الجيش الإسرائيلي بقصف نفذه -حزب الله- على الشما ...
- دراسة تكشف مدى سميّة السجائر الإلكترونية المنكهة
- خبير عسكري يكشف ميزات دبابة ?-90? المحدثة
- -الاستحقاق المنتظر-.. معمر داغستاني يمنح لقب بطل روسيا بعد ا ...
- روسيا.. فعالية -وشاح النصر الأزرق- الوطنية في مطار شيريميتيف ...
- اكتشاف سبب التبخر السريع للماء على كوكب الزهرة
- جنود روسيا يحققون مزيدا من النجاح في إفريقيا
- الأمور ستزداد سوءًا بالنسبة لأوكرانيا


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - أحمد رباص - نيتشه ينظر إلى سقراط كحكيم لا يقدر قيمة الحياة