أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أكرم شلغين - ناقد كاتب وشاعر: وقفة قصيرة مع المثقف مصطفى سليمان















المزيد.....

ناقد كاتب وشاعر: وقفة قصيرة مع المثقف مصطفى سليمان


أكرم شلغين

الحوار المتمدن-العدد: 7632 - 2023 / 6 / 4 - 00:51
المحور: الادب والفن
    


لو طُلِب مني أن أتحدث عمن أثمن وأقدر عاليا بين أدباء وشعراء ونقاد وكتّاب بلادي لوضعت قائمة أحكي بها عن مزايا كل منهم ومنهن وما يستهويني ويستوقفني فيما أعرفه منهم وعنهم، ولو طلب مني أن أختزل في القائمة لأتحدث عن أقربهم لي لما تلكأت أو توقفت لأختار، بل سأسرع بالقول عمن جاءت صورته فورا إلى رأسي، إنه الناقد والكاتب والشاعر ذو الاهتمامات المتعددة، الشخص الذي يمتلك ثقافة ومعرفة واسعة في مجالات متنوعة. إنه المثقف الذي يجمع بين القراءة العميقة والتحليل الدقيق للنصوص والأعمال الأدبية والتركيز على الترابطات والروابط بينه؛ إنه الصديق الأستاذ مصطفى سليمان.
بروح الأكاديمي واسع الاطلاع والذي رأى من الدنيا الكثير يقدر أعمال الآخرين مهما كانت وأينما كانت مواقعه منها ويعطيها من الوقت ما يستطيع؛ إنه يبدي احتراما كبيرا للنصوص التي يقرأها ويقدر قيمتها. يمنح كل نص وقتا واهتماما كافيين، حارصا على إبراز ما يمكنه من المحتوى والفكر الذي يقدمه. يدرك أن النصوص هي نتاج عمل فردي للكتّاب وأن خلف كل نص قصة وجهود كبيرة. من خلال هذا التعامل الاحترامي، يمكن أن يتفاعل المثقف بشكل أفضل مع النصوص ويستطيع النفوذ إلى أعمق معانيها وفهمها بشكل أكبر. وبهذه الطريقة يظهر هذا المثقف قدرا كبيرا من الانفتاح والاستعداد لاستكشاف مختلف الأفكار والأساليب الأدبية. وعندما يستثمر وقته وجهوده في قراءة النصوص، فإنه يسعى لاكتشاف جوانب جديدة ومدهشة في الأدب والثقافة بشكل عام. وقد لاحظت أنه قد يعيد قراءة النصوص مرارا وتكرارا لاستخلاص أكبر قدر ممكن لتثمين وتقدير ما تحتويه. قراءته المستمرة واستكشافه لمختلف الكتب والأعمال الأدبية تمكنه من فهم تجارب وآراء وثقافات متنوعة.
قدرته على تقدير أعمال الآخرين لا تأتي فقط من رحابة صدره واستكشافه لمجالات العلوم الإنسانية، ولكنها تعززت بشكل كبير بسبب اطلاعه الواسع فامتلاكه لمعرفة واسعة وتنوع قراءاته يمنحانه قاعدة ثقافية متينة ومتعددة الأبعاد. فالمثقف المطلع الواقف على أعمال متنوعة في مختلف المجالات يكتسب فهما أعمق لتنوع الأساليب على كافة الصعد. نعم، إن المثقف الذي يقرأ الكثير يمكن أن يصبح مثل محامي تشيخوف في الرهان، حيث يكتسب رؤية متعمقة وأوسع للحياة بشكل عام. ويتقاطع مع شخصية نسجها كونراد حيث يعيش من رأى الكثير في الحياة تجارب ومغامرات متنوعة، وبالتالي يتمتع برؤية أعمق وأكثر تعقيدا مما يمكن أن يخطر بأي شكل لغيره. قد يتمكن المثقف بفضل قراءاته الواسعة من رؤية جوانب صغيرة ومتناهية الصغر في الحياة التي يمكن أن تفوت الآخرين.
إنه شخصية تتمتع بمدارك واسعة وقدرة على ربط الأعمال المختلفة ببعضها البعض بشكل متميز. إنه الناقد الكاتب والشاعر الذي يجمع بين الثقافة الكلاسيكية والأدب العالمي قديمه وحديثه والشعر العربي والدين، ويستخدم هذا التنوع في فهم الأعمال الفنية المعاصرة وتفسيرها. بالإضافة إلى الأدب العالمي، فإن هذا الناقد قد قرأ الأساطير اليونانية التي تُعتبر جزءا هاما من تاريخ الأدب والثقافة الغربية. يستخدم هذه الأساطير ومغزى إنسانيا منها كأداة ليس فقط لفهم العمل الأدبي وفك شفراته بل أيضا والبعد الاجتماعي المرتبط بفلسفته ومغزاه. وكذلك يستطيع ربط الرموز والمعاني الرمزية التي تنشأ من هذه الأساطير بالأعمال الأدبية المعاصرة، مما يسهم في توسيع تفسيراته واستنباط معانٍ جديدة وعميقة. إن قدرته على قراءة الكلاسيكيات الأدبية العالمية تعطيه إطارا فكريا ومرجعية لفهم الأعمال الأدبية المعاصرة. فقد قرأ أعمالًا عديدة من الأدب العالمي الكلاسيكي، وقلما أقرأ له مقالا أو تعليقا أو تعقيبا دون أن أقرأ شيئا من مسرحيات شكسبير أو من أعمال أو شخوص دوستويفسكي، وقصص ألف ليلة وليلة، و تولستوي وجوستاف فلوبير، جبران، ميخائيل نعيمة، مي زيادة، زهير بن أبي سلمى، جرير.. وغيرهم الكثير الكثير ناهيك عن اقتباساته من ثقافتنا الدينية وتاريخنا. من خلال قراءاته، يستطيع أن يربط بين العمل الأدبي الحديث وأعماله الكلاسيكية المرجعية، ويقدم تحليلًا عميقًا ومفصلاً للأعمال الأدبية والقضايا الاجتماعية التي تحاكي واقعنا ومجتمعاتنا. بكلمة أخرى، إن سعة اطلاع الأستاذ مصطفى سليمان وتنوع قراءاته تساهم في إغنائه وتعميق فهمه، مما يمكّنه من تقدير أعمال الآخرين بشكل أكبر والاستفادة منها لا كما يفعل البعض من تغطرس في التعامل مع أعمال الغير و تسخيفها أو التقليل من شأنها ثقافيا ومعرفيا.
في كل مرة أقرأ نقدا منه أشعر أنني أتعلم شيئا جديدا، قد تكون هناك اختلافات طفيفة في الطريقة التي يتم بها تناول الأمور وتقديم الآراء، ولكن يمكن أن تكون هذه الاختلافات مجرد تفاصيل ثانوية في النهاية. ولا يبعد عن رأسي أن الأدب والفن لهما جوانب شخصية وتفسيرية متعددة، وقد يكون لكل فرد وجهة نظر مختلفة.
قبل فترة قام الأستاذ مصطفى بقراءة نقدية لمسرحية لي وأعطاها اهتماما كبيرا ووقتا سخيا. وجاء نقده ليعلمني وليغني نصي لأنه جاء من شخص متخصص وثقافته بحر وعلمه موسوعة. لم أكن أريد أن أسمع فقط المديح من الأصدقاء وقد فعل ذلك ببراعة ولباقة. لقد ذكرني بأن المسرح هو صوت وحركة شخوص وحوار وأما مسرحيتي فهي مونودراما، فهي تخلو من ذلك إذ أنها قصة شخص يحكي لنفسه ويسمع نفسه وهو بمفرده ويتساءل عن كل شيء حوله، عن ماضيه وحاضره، ويشك بوجوده وإن كان نفسه في عالم الموت أم في عالم الحياة حيث بدا بعيدا عن تخوم الحياة وهو بين ميت حي إذ لا خط واهيا يفصل بين الحياة والموت. وحين أثار بلطف قضية تصنيف أو انتماء العمل لصنف القصة أو المسرحية فرحت واعتبرتها نقطة قوة في العمل...فالإرشادات المسرحية التي اعتبرها الأستاذ مصطفى كجوقة في المسرح الكلاسيكي تفي بأحد أغراض انتماء أو تصنيف ذلك العمل. أعدت قراءة النقد أكثر من مرة وفي كل مرة أتعلم الكثير ورحت أستعرض علاقتي بالمسرح ودراستي له وعادت لذاكرتي خشبات المسارح في لندن (وجامعتي في كولشستر) وتفاوت عروضها بين مسرح بنمط بريختي يتحول فيه الجهور إلى ممثل.. وبين شكل آخر كل شيء فيه مريب وغريب حيث العتم يحيط بالمسرح بالكامل ولفترة ما يسود الصمت ويخيم الظلام ثم تسقط حزمة ضوء رفيعة على شيء على المسرح نتميز أنه فم ومن ثم يتحرك الفم وبعدها يهمس ذلك الفم ثم يقول شيئا بسرعة وبدون توقف ثم يخمد وتنتهي المسرحية ولم نر منها حوارا بين شخصين أو أكثر، ولا استطعنا تمييز فم من ذلك الذي تحرك وهمس وتكلم لبعض الوقت...لم نعرف صاحبته، فقط فم وسط العتمة يقول شيئا! (مسرحية صموئيل بيكيت، لست أنا)..تذكرت فيما تذكرت مسرح البانتومايم (Mime) حيث لا كلام ولا حوار إنما فقط جسد يتحرك وحركته تحكي كل شي...حقا إن أشكال الأعمال المسرحية تتنوع...وتناول الأستاذ مصطفى لنمط المونودراما الذي أكرمني بقيامه بذلك أثراني وأغناني وعلمني أيضا أن النقد الفني يعكس آراء شخصية وقد يكون هناك اختلاف في الرؤى والأذواق الفنية. وذلك يتبع بالطبع لما تُعلّمنا إياه نظرية التلقي وارتداد أو استجابة القارئ ـ أو المشاهد(روبرت ياوس، فولفجانج إيزر). تناوله النقدي جاء عامرا ببنيته قبل شكله وبشكل يشير بوضوح إلى اهتمامه بالتراث الثقافي القديم وقدرته على ربط الأفكار والمواضيع المعاصرة بالأساطير القديمة. فهو يربط كل شيء عبر مرجعية موسوعية مبنية عبر تجارب وخبرات وقراءات أكبر من أن تحصى هنا وهو يسخرها لفهم القضايا المعاصرة وتحليلها بمنظور أوسع. وما لفتني بالطبع قراءته للشعر العربي وفهمه العميق للشعر والأدب العربي، وقدرته على ربط المشاهد المعاصرة والأحداث بالشعر الكلاسيكي والحديث على حد سواء. إنه يستخدم القصائد العربية كوسيلة للتعبير عن أفكاره وتوجيه القارئ نحو فهم عميق للمواضيع التي يناقشها.
هذا ما يعرفه الأستاذ مصطفى ويسخو بتقديم معرفته وبروح المحبة وإيثار العطاء. إنه يكتب بأسلوبه الخاص الذي يتميز به. إن عدم اهتمامه بما إذا كانت كتاباته ستلاقي اهتماما واسعا أم لا يعكس توجهه الفني وحبه للكتابة ذاتها، حيث يركز على الفرد القارئ واحتمال أن يجد فائدة في ما يكتبه. إنه نبع من العطاء في الكتابة والنقد والشعر، يعطي بكرم، ولا يهتم إن كان هذا سيلاقي اهتماما واسعا أم لا..! ويكتفي بجواب: "اكتب لمن يقرأ أو لمن يريد أن يقرأ" ردا على كل من يخاطبه بالاستفسارات التي تتمحور حول نقطة واحدة: "لمن تكتب؟" بعبارة أخرى، يعتبر المثقف أن الكتابة هي وسيلة للتواصل والتأثير، بغض النظر عن العدد الكبير من الجمهور أو الانتشار الواسع. يركز على التواصل مع القراء الفرديين الذين يهتمون بما يقدمه ويرغبون في قراءته. يعتبر ذلك أهمية أكبر من أي شهرة أو شعبية قد يحظى بها. بالنهاية، يمكن اعتبار هذا الأسلوب والنهج والتوجه الذي يتبناه الأستاذ مصطفى كمظهر من مظاهر الاحترام للقراء والتركيز على جودة الكتابة وقوة الأفكار، بدلاً من التركيز على الشهرة أو الانتشار العام.
أسلوب الأستاذ مصطفى الجذاب وثقافته تجعلانه متميزا، هاتفني أحدهم وقال حلمي أن أصبح يوما مثل صديقك الأستاذ مصطفى سليمان، وثان وثالث ورابع يحكون بإعجاب عميق بثقافة الأستاذ مصطفى...وكللي خوف في كتابتي عنه هنا ألا أتمكن من قول إلا الجزء البسيط مما يجب أن يقال عنه وفيه..! كتبت في عنواني إنها وقفة قصيرة ولم أكتب إنها جولة أو رحلة لأن في ذلك عدم إعطاء حق لشخص، ولمن هو، الأستاذ مصطفى سليمان وقامته الثقافية والنقدية وما يقف ممثلا له. ولو كتبت الكثير فسأبقى دوما عاجزا عن إعطائه حقه في وصفه والكلام عنه.



#أكرم_شلغين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قمر، ولكن...!
- والمال بدّل أيديولوجية مسرحية تاجر البندقية
- بانتظار الغريبة
- لا يكفر من يصرخ من شدة الألم!
- أهو ذئب في ثوب حمل؟
- نموذج إنجليزي لتفادي المشاكل الاجتماعية السياسية
- إذلال
- مواجهة
- يحيى ويحيى
- حب أو حرمان
- القافلة
- الغرب لم يسرق أخلاقك
- غياب
- قد يكون الحب
- أنت موجود وغيرك موجود
- فرح وصدمة
- غش عابر للامتحانات
- -رخيصة-
- زواج
- عميل


المزيد.....




- الضحكة كلها على قناة واحدة.. استقبل الان قناة سبيس تون الجدي ...
- مازال هناك غد: الفيلم الذي قهر باربي في صالات إيطاليا
- فنانة مصرية شهيرة: سعاد حسني لم تنتحر (فيديو)
- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أكرم شلغين - ناقد كاتب وشاعر: وقفة قصيرة مع المثقف مصطفى سليمان