أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالكريم إبراهيم - قحطان العطار .. صوفية الاعتزال المبكر














المزيد.....

قحطان العطار .. صوفية الاعتزال المبكر


عبدالكريم إبراهيم

الحوار المتمدن-العدد: 7621 - 2023 / 5 / 24 - 19:11
المحور: الادب والفن
    


عبدالكريم ابراهيم
يحتاج الإنسان إلى التأمل والتفكير في السر الذي وضعه الله سبحانه وتعالى في إن يكون الجنوب مهداً للحضارة والألم والثورة والجوع والحنين والفرح المُداف بحزنٍ سرمدي لا يريد إن يفارق هذه البقعة من الأرض. ربما تكون عوامل عديدة هي من أوجدت هذه المعادلة العجيبة والمتفردة في نفس الوقت؛ هي عندما يُجتمع تضاد في بودقة واحدة مكوناً لوحة لا يعرفها سوى الباحث عن فردوسهِ المفقود. وكيف يتلذذ إنسان هذه الأرض بحزنه ، ويتفاخر على أبناء جنسه بأنه الوحيد دون غيرهم جعلَ من الحزنِ هوية وعنوان ،وجواز سفرهِ الذي يوصله إلى أقصى ماديات التطريب والنشوة التي يذوب معها كدرويش في حلقة الذكر.
دفء المكان والصوت هما سحر الجنوب الذي ورثه أحفاد سومر وأكد، وهم يسردون حكاياتهم على جُزر القصب والبردي؛ ولينقشوا على الطين الحري أساطيرهم. هنا لابد من أداة ما تستطيع أن تبوح الأرض بسر عشقها هذا. لعل غناء عند أهل الجنوب من وسائل محاكاة الذات، وهاجس يكتنز في الصدور. فحملت (ميسان) مع أخواتها الأخريات هذا العبء على هدير الأطوار الغنائية الريفية حيث أقضت الحاجة إلى أداة تعبير تغازل حفيف القصب والبردي ومياه الهور لتعقد هذه المكونات شراكة الأبدية لا تفترق.
قحطان العطار لم يكن سوى ابن هذا الإرث الحضاري حيث صاغ (زهرون) أجمل إبداعاته على أنغام المحمداوي والصبي واللامي والشطراوي. خصوصية النشأة ساهمت في إيجاد مسحة حزن على هذا شاب ميساني ، وهو يشق طريقه في بغداد باحثا عن مبتغاة في إن يكون صوته الشجي تأشيرة ولوجه إلى قلوب العراقيين. فستطاع العطار بهذا الحس المرهف يكسر الكثير من الحواجز في مدينة كبيرة كبغداد؛ وهو لا يحمل سوى الأمل في فتتح أبواب الشهرة له ذراعيها ، في فترة تعد من أغنى المراحل الغناء العراقي، بل عُدت فترة السبعينيات هي مرحلة نضوج الأغنية العراقية الحديثة ،واكتمال أُسسها التي جمعت بين المقام العراقي والغناء الريفي. لم يكن قحطان العطار ذلك الفتى المتمرد على تراثه ،ولكنه مازج بين موروث الريف والمدينة. فكانت لثنائية الممازجة هذه أثرها السحري على جملة من أغاني مازال ترددها حتى الأجيال التي لم تشنف إسماعها بصوته العذب. ربما وراء هذا التعلق تلك المسحة الجنوبية المحسنة والمغمسة باللون البغدادي وراء هذا الخلود الفني. ورغم التصوف والزهد الغنائي الذي أصيب بهما العطار وهو في قمة عطائه الفني ، فانه تميز عن اقرأنه من المطربين في كونه حاضراً بين محبيه رغم الجفاء الفني، وأن يشغل الأوساط الإعلامية حتى اليوم.
قحطان العطار لم يكن سوى مشروع فني كبير، قُدر له أن يبتعد عن أضواء الشهرة، ليعيش الدروشة الفنية التي اختارها لنفسه مراغما كما يفسرها بعض العارفين، لأنه وجد في الابتعاد حالة صوفية تجعله قريباً من ذاته بعيداً عن صخب الحياة الفنية وبهرجتها.



#عبدالكريم_إبراهيم (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قلم الباركر وتسريحة (الفس بريسلي)
- محاولة القفز على جمالية السينما
- كيف انتصرت الأغنية الشعبية لحقوق المرأة؟
- مسلسل (فدعة)مشكلة اللهجة وبطء الحركة
- صالح الكويتي .. الإبداع اللحني و التجديد الموسيقي
- (الطنطل) من إبداعات ذاكرة الأجداد الخصبة
- حيرة ... غربة عراقية وأجواء تركية ونهاية هندية
- جيمس دين وناظم الغزالي وعبدالحليم حافظ


المزيد.....




- البابا فرنسيس سيظهر في فيلم وثائقي لمخرج أمريكي شهير (صورة) ...
- تكريم ضحايا مهرجان نوفا الموسيقى في يوم الذكرى الإسرائيلي
- المقابلة الأخيرة للبابا فرنسيس في فيلم وثائقي لمارتن سكورسيز ...
- طفل يُتلف لوحة فنية تُقدر قيمتها بخمسين مليون يورو في متحف ه ...
- بوتين يمنح عازف كمان وقائد أوركسترا روسيا مشهورا لقب -بطل ال ...
- كيلوغ: توقيع اتفاقية المعادن بين واشنطن وكييف تأخر بسبب ترجم ...
- عرض موسيقي مفاجئ من مانو شاو وسط انقطاع الكهرباء في برشلونة ...
- مسقط.. أكثر من 70 ألف زائر بيوم واحد للمعرض الدولي للكتاب
- محاربون وعلماء وسلاطين في معرض المماليك بمتحف اللوفر
- إخترنا لك نص(كبِدُ الحقيقة )بقلم د:سهير إدريس.مصر.


المزيد.....

- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالكريم إبراهيم - قحطان العطار .. صوفية الاعتزال المبكر