أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالكريم إبراهيم - صالح الكويتي .. الإبداع اللحني و التجديد الموسيقي














المزيد.....

صالح الكويتي .. الإبداع اللحني و التجديد الموسيقي


عبدالكريم إبراهيم

الحوار المتمدن-العدد: 7509 - 2023 / 2 / 1 - 18:50
المحور: الادب والفن
    


لعبت الطائفة اليهودية دوراً مهماً في رسم ملامح تأسيس الدولة العراقية في بدايات القرن العشرين؛ بما تملكه من نفوذ اقتصادي ومالي ، الأمر الذي ساعد إن تسهم تلك الطائفة في وضع بعض أسس الدولة الحديثة. ويعد السياسي ورجل الاقتصاد العراقي ساسون حسقيل (17 مارس 1860 – 31 أغسطس 1932) أول وزير مالية للعراق في العصر الحديث، واستلم وزارة المالية العراقية سنة 1921م من ابرز واضعي اللبنات الأولى في الاقتصاد العراقي الحديث.
عوامل عديدة جعلت بعض الأقليات غير المسلمة إن يكون لها حظوة في تسلم الأمور المالية والطبية والفنية. لعل اطلاع هذه الطوائف على الدراسات الحديثة، وانبعاث إفرادها إلى الخارج للدراسة الأكاديمية؛ ساعد إن يكون لأبنائها ريادة في الطب والاقتصاد مما حدا إن يتبوأ مناصب مهمة في الحكومة العراقية عام 1921. وفي حين كان إفراد الغالبية المسلمة في ذلك الوقت منكبين على الدراسة التقليدية التي كان أهم أركانها زوايا المساجد، وبعيدين بعض الشيء عن المدارس الحديثة التي أنشأت بعد ذلك، مما حرم إفراد عامة الشعب العراقي من العلوم الحديثة ما خلا بعض أولاد الطبقة البرجوازية القديمة التي كانت أعادت إنتاج نفسها من جديد.
كانت بغداد في تلك الفترة محطة استقطاب الفنانين العراقيين والعرب بما تملكه من ملاهي ومقاهي، والتي كانت اللبنة الأولى لدور السينما والمسرح، زادت هذه الأهمية بعد تأسيس دار الإذاعية العراقية عام 1936،وهي ثاني دار إذاعة بعد المصرية.
يعد الموسيقار صالح الكويتي ( 1908 - 1986) من ابرز مؤسسي النهضة الفنية الحديثة حتى لقب بـ(أبو الموسيقى العراقية). ولد الكويتي في منطقة شرق في مدينة الكويت عام 1908 لأسرة يهودية من أصل عراقي من مدينة العمارة، فأبوه عزرا بن يعقوب من التجار المعروفين. في بداية القرن العشرين تزوج أبوه، وانتقل إلى الكويت، حيث ولد هناك فلقب بالكويتي. درس أصول الموسيقا والغناء والعزف على الفنان الكويتي خالد البكر. في عام 1929 قرر الانتقال للعيش نهائياً إلى بغداد حيث عمل كعازف مع أخيه داود في ملهى الهلال، وهناك اقترحت المطربة العراقية المشهورة سليمة مراد على صالح الكويتي إن يحاول تلحين بعض الأغاني، فاخذ قطعا شعرية من الشاعر الغنائي المعروف عبد الكريم العلاف، ولحن في فترة قصيرة عدة أغان منها: قلبك صخر جلمود، هوّه البلاني، آه يا سليمة، ما حن عليّ، منك يا اسمر، خدري الجاي خدري. ولقيت هذه الأغاني إقبالا منقطع النظير من قبل الجمهور، الأمر الذي شجع صالح الكويتي على إعطاء التلحين اهتمامه الأول، وفي عام 1932 كان لصالح الكويتي لقاء فني هام مع الموسيقار المصري الكبير محمد عبد الوهاب الذي زار بغداد لا حياء حفلات غنائية على (مسرح حديقة المعرض) ،وقد ابدي في حينه اهتماما خاصا بالإلحان العراقية وخاصة لحن اللامي الذي وسعه صالح الكويتي ولم يكن معروفا خارج العراق وقد استعمله عبد الوهاب فيما بعد في تلحين عدد من أغانيه. وفي 20 تشرين الثاني 1932 زارت بغداد سيدة الغناء العربي أم كلثوم، وأعجبت بأغنية قلبك صخر جلمود التي لحنها صالح الكويتي للمطربة سليمة مراد. وقد غنت أم كلثوم هذه الأغنية في حفلاته بعد أن علمتها سليمة مراد اللحن والكلمات. وهذه هي المرة الوحيدة التي غنت فيها أم كلثوم لملحن غير مصري. في عام 1947. وضع صالح الكويتي الموسيقى التصويرية لأول فيلم سينمائي عراقي(عليا وعصام) ولحن جميع أغانيه التي أدتها بطلة الفيلم المطربة سليمة مراد. لحن صالح أكثر من 500 لحنا لأشهر مطربي ثلاثينيات وأربعينيات القرن الماضي منهم: سليمة مراد وزكية جورج ومنيرة الهوزوز وسلطانة يوسف وبدرية أنور وجليلة ام سامي وعفيفة اسكندر وراوية ونرجس شوقي وزهور حسين و المطرب الريفي الكبير داخل حسن.
كانت إحداث العراق والمنطقة تنذر بحالة من الترقب، لاسيما بعد حرب 1948و(فرهود اليهود)، وما خلفته من آثار مازالت قائمة حتى اليوم، فجاء إسقاط الجنسية العراقية عام 1950 عن اليهود بعد ضغوط دولية. كان القرار صادما على بعض إفراد هذه الطائفة، فهاجر صالح الكويتي عام 1951 إلى ارض لا تعرفه، ولا تقدر فنه الذي ملأ مقاهي وملاهي وإذاعة بغداد حتى بعد رحليه عنها. وكشف نجل الموسيقار العراقي (شلومو صالح الكويتي) "أن والده هاجر إلى إسرائيل تحت ضغط والدته وأسرتها عام 1951، ولم يكن راغبا بترك العراق وعمله الفني آنذاك" ." وقال في تصريح لـصحيفة "العرب" اللندنية في لقاء من العاصمة البريطانية لندن أن والده كان "يتحسر" على حياته في العراق بعد أن عاش مع شقيقه الفنان "داود" حياة غاية في الصعوبة في إسرائيل". حاول صالح مع شقيقه داود إن يستوعبا الصدمة، فقد عاشا أياما صعبة بعدما كانا يحظيان باحترام كل العراقيين لدرجة إنهما فتحا كشكا صغيرا لبيع الأواني المنزلية في إسرائيل. لم يستطع الكويتي إن ينال تلك الشهرة التي كان يحظى بها في العراق؛ ولم تسعفه شهرته وفنه في غربته، بل كان يتحسر على أيامه في العراق ويحن إليها. خلال هذه الفترة حاول إرسال الحان جديدة للفنانة سليمة مراد عن طريق وسطاء في لندن ولكن يبدو إن هذه المحاولات فشل بسبب الخوف من إثارة شكوك حول هذه العلاقة.
السؤال الذي يطرح نفسه، هل اخطأ صالح الكويتي في هجرته عن العراق ؟ يبدو انه خضع لتأثرات وضغوط عائلية هي التي جعلته يتخذ هذا القرار الصعب الذي يعني نهاية حياته الفنية فضلا على الأوضاع العامة التي تشير إلى وجود رفض شعبي للجالية اليهود، وتحميلها بعض أسباب هزيمة 1948. وربما يتعرض اليهود إلى إبادة كما صُور لبعضهم ، فكانت الهجرة الحل المر. لم يكن تسميت شارع باسم الإخوة الكويتي في تل أبيب كافياً عن تعويض صالح عن أيام الحلوة في بغداد، وصوته ولحنه الذي ملأ الساحة الفنية كأنه نخلة زرعت في ارض غير أرضها، كما يقول عبدالرحمن الداخل :
نشأتِ بأرض أنتِ فيها غريبةٌ فمثلُكِ في الإقصاءِ والمُنْتأى مثلي.



#عبدالكريم_إبراهيم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- (الطنطل) من إبداعات ذاكرة الأجداد الخصبة
- حيرة ... غربة عراقية وأجواء تركية ونهاية هندية
- جيمس دين وناظم الغزالي وعبدالحليم حافظ


المزيد.....




- فنانون أيرلنديون يطالبون مواطنتهم بمقاطعة -يوروفيجن- والوقوف ...
- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...
- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ
- روسيا.. إقامة معرض لمسرح عرائس مذهل من إندونيسيا
- “بتخلي العيال تنعنش وتفرفش” .. تردد قناة وناسة كيدز وكيفية ا ...
- خرائط وأطالس.. الرحالة أوليا جلبي والتأليف العثماني في الجغر ...
- الإعلان الثاني جديد.. مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 الموسم ا ...
- الرئيس الايراني يصل إلي العاصمة الثقافية الباكستانية -لاهور- ...
- الإسكندرية تستعيد مجدها التليد
- على الهواء.. فنانة مصرية شهيرة توجه نداء استغاثة لرئاسة مجلس ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالكريم إبراهيم - صالح الكويتي .. الإبداع اللحني و التجديد الموسيقي