أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالكريم إبراهيم - قلم الباركر وتسريحة (الفس بريسلي)














المزيد.....

قلم الباركر وتسريحة (الفس بريسلي)


عبدالكريم إبراهيم

الحوار المتمدن-العدد: 7605 - 2023 / 5 / 8 - 19:46
المحور: الادب والفن
    


مازال أستاذ لطيف يحتفظ بقلم (الباركر) الذي اشتراه عند بداية تعيينه معلماً في أحدى قرى ميسان النائية، محاولاً إعادة عجلة الزمن إلى الوراء؛ حيث تسريحة شعر (الفس برسيلي) التي تلمع بريقاً من كثرة الزيت، وربطة العنق الحمراء، والبدلات ذات القماش الانكليزي، وساعة اليد السويسرية التي لا تخطئ الوقت .
اعتاد هذا الرجل على الاهتمام بنفسه لدرجة المبالغة، وقد يشاركه في الأمر بقية زملائه. فلا يخرج إلا بعد أن يتعطر بأغلى العطور الفرنسية، مع حذاء يلمع حتى في أجواء القرية المتربة، لدرجة أن أهل القرية كان يبهرهم هذا الأفندي القادم من بغداد. ولعل عامل التأثير بأحد أستاذته جزءٌ من تركيبته الشخصية، حيث زرع فيه روح الأناقة والالتزام.
ساعدت الظروف الاجتماعية والاقتصادية وحتى السياسية على أن يحظى جيل أستاذ لطيف من المعلمين بهذا التميز. الراتب يكفي للمزيد من الأناقة ويذهب الباقي لشراء الكتب والمجلات، حتى انه ينزل إلى الولاية كل أسبوع لهذه الغاية، حيث تكفل احد أصحاب المكتبات بهذه المهمة، وربما تكون مطالعة الصحف من الضروريات التي يقاتل لطيف حتى تكون موجودة على مائدته. أحيانا يتعمد إلى قراءة بعض الصحف القديمة أكثر من مرة في حال تعذر وجود الجديدة. وعادة ما يدون آرائه وملاحظاته على حواشي الصحف والمجلات والكتب التي يشتريها، وحتى تلك التي يستعيرها من بعض الأصدقاء. رفيقه في المهمة قلم (الباركر)، حتى أن بعض الأصدقاء يعدون هذا الفعل نوعاً من الهوس لا يستطيع التخلص منه. استطاع أستاذ لطيف أن يجمع مجموعة كبير من أقلام (الباركر)، حتى ان الترف الاجتماعي وصل به أن يقتني قلماً ذا (سلاية) ذهبية يخرجه فقط في المناسبات الخاصة، كي زين به بدلته وهندامه الأنيق. يتباهى لطيف بمجوعة أقلام الحبر التي يقتنيها، ويعمل في كل مرة على زيادة أعدادها عندما تسمح الظروف المالية. لعل حياة العزوبية هي التي جعلت هذا الأمر ممكناً. ربما تغير الوضع بعد الزواج، حيث توجد منافسة من قبل الزوجة والأولاد في تقليل عزيمته عن الاستمرار في هوايته المفضلة، هي جمع الأقلام. مع هذا حاول التوفيق بين الاثنين،ولكن الظروف البلد، وإعلان انتهاء عصر المعلم في زمن الحروب والحصار وسجائر المفرد و(قمصلة) البطانية وطحين الحصة، جعل الرجل يخلى شيئاً فشيئاً عن بعض المقتنيات الثمينة، كساعته السويسرية لتأتي الدور على مجموعة أقلام الحبر التي جعلها آخر نقاط الدفاع لديه. هكذا أكلت الحروب ومجاعة الحصار أحلام أستاذ لطيف ليضحّي حتى بقلم الحبر ذي (السلاية) الذهبية، بعد رافقه مدة زمنية طويلة. وبعد تقاعده وتحسن وضعه المعيشي بفضل أولاده، حاول أن يبحث عن صديقه الذي أضاعهُ في زمن ما، وهو قلم حبر (الباركر)، وجدهُ عند احد باعة التحف في شارع النهر، ولكن الزمن لم يستطع أن يعيد تسريحة (الفس برسلي) إلى ما كانت عليه .
""""""""""""""""""""""""
• الفس برسلي : مطرب روك امريكي معروف .



#عبدالكريم_إبراهيم (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- محاولة القفز على جمالية السينما
- كيف انتصرت الأغنية الشعبية لحقوق المرأة؟
- مسلسل (فدعة)مشكلة اللهجة وبطء الحركة
- صالح الكويتي .. الإبداع اللحني و التجديد الموسيقي
- (الطنطل) من إبداعات ذاكرة الأجداد الخصبة
- حيرة ... غربة عراقية وأجواء تركية ونهاية هندية
- جيمس دين وناظم الغزالي وعبدالحليم حافظ


المزيد.....




- ما أبرز الرسائل والمخرجات عن القمة الصينية الأمريكية؟
- توفيا أثناء تأدية عملهما.. رحيل المصورين ماجد هلال وكيرلس صل ...
- وزيرة الثقافة الفرنسية تمثل ماكرون في افتتاح المتحف المصري ا ...
- صالون الجزائر الدولي للكتاب يفتح أبوابه أمام الزائرين
- العبودية الناعمة ووهم الحرية في عصر العلمنة الحديث
- كلاكيت: الذكاء الاصطناعي في السينما
- صدر حديثا. رواية للقطط نصيب معلوم
- أمستردام.. أكبر مهرجان وثائقي يتبنى المقاطعة ويرفض اعتماد صن ...
- كاتب نيجيري حائز نوبل للآداب يؤكد أن الولايات المتحدة ألغت ت ...
- إقبال كبير من الشباب الأتراك على تعلم اللغة الألمانية


المزيد.....

- إخترنالك:مقال (الثقافة والاشتراكية) ليون تروتسكي. مجلة دفاعا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- المرجان في سلة خوص كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- بيبي أمّ الجواريب الطويلة / استريد ليندجرين- ترجمة حميد كشكولي
- قصائد الشاعرة السويدية كارين بوي / كارين بوي
- ترجعين نرجسة تخسرين أندلسا / د. خالد زغريت
- الممالك السبع / محمد عبد المرضي منصور
- الذين لا يحتفلون كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- شهريار / كمال التاغوتي
- مختارات عالمية من القصة القصيرة جدا / حسين جداونه
- شهريار / كمال التاغوتي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالكريم إبراهيم - قلم الباركر وتسريحة (الفس بريسلي)