باسم مزعل الماضي
الحوار المتمدن-العدد: 1717 - 2006 / 10 / 28 - 07:11
المحور:
الادب والفن
قـيل َ عـنْ رجــُل ٍ لـم ْ يكن ْ شاعــرا ً
شـاء َ أن ْ يـتزوَّج َ حـوريـَّة ً
يـبرُق ُ الله ُ مـن ْ وجـنَتـَيـْها
وفـي مـُقـْلـَتـَيْها
بـدا الـبحْر ُ
والـنَّـهْـر ُ
والـفـَجْـر ُ
والـعـِطـْرُ
ليـست ْ كـما هـي َ فـي واقـِع ِ الأَمـْر ..،
فالـبَحْر ُ كان َ مـلاذا ً لـِغـَرْقـاه ُ ، والـنـّهْـر ُ قـُبـَّعـَة ً
فـوْق َ شـَعـْر ِ الأسـِنـَّة ِ ، والفـجْر ُ – أوّاه ُ مـن ْ فجرها – كان َ لا طـعْم َ مـلْح ٍ ، ولا طـعْم َ رمـّانة ٍ ، كان َ هـذا وذاك َ مـعا ً بالأضـافة ِ للخـَدَر ِ الأمـْلس ِ الجـلْد ِ في طـعْمـِه ِ . هو َ فـَجـْر ٌ يـُحيل ُ إلى العـِطـْر ِ في النـَّحـْر ِ .
ليْسَ هـُما واحـِدا ً دائـِما ً . عـِطـْرُها غالـِبا ً مـا يواصـِل ُ
عمْق َ العـَلاقَة ِ بالغـَسَق ِ الليـْل ِ أيـْضا ً – وأوّاه ُ مـن ْ
عـطـْر ِها – كان َ طبقا ً لأصـل ِ الفـرادَة ِ فـي المـوْت ِ . قل ْ إنـَّه ُ لـيْس َ مـوْتا ً ، وليس َ حيـاة ً ككل ِّ حيـاة ِ بـني آدَم ٍ . إنـَّه ُ عطـْرُها ..ذلك َ الفـرْو ُ إذ ْ يكـْتسي الليل ُ فـيه ِ ، وما الليل ُ إذ ْ يرتـدي فـرْو َ عطـر ِ الحبيبـة ِ...؟
ما الليل ُ إلا ّ لـه ُ القلـْب ُ متـَّكأ ٌ إذ ْ هو َ النـّبْض ُ ..، ما النبْض ُ إذ ْ يتحرّى الطـريق َ إلـى آخـِر ِ الرّوح ِ في قـُبْلة ِ الـمرأة ِ العبقريّة ِ ...؟ ما النبـْض ُ إلا ّ جبال ٌ سـتُنْسف ُ ، أو ْ طـُرُق ٌ وعـْرَة ٌ سـوْف َ يسلـكُها الأنبياء ُ إلـى دار ِ هجـْرَتـِهم فـي سـُوَيْداء ِ قلـْب ِ الألـه ْ ..؟!
*
قـيل َ عـن ْ رجـُل ٍ لم يكن ْ شاعـرا ً
شـاء َ أن ْ يتـَزَوَّج َ من ْ هذه ِ المرأة ِ اللاتـواصل ُ عشـّاقها بسـوى الصـَّمْت ِ – أعني فيـالقـَها الشـُّهداء َ الذين َ يموتـون َ فـي غبطة ٍ أنـَّهم شـاهدوها وماتوا وليْس َ لهم ْ في القيـامة ِ عـُذر ٌ سـوى أنّهم خـُلِقوا كي ْ يسـُدّوا شـَراهـَة َ جوع ِ الجحيـم ِ .. ، وليس َ لـهم ْ في الـفراديس ِ من مـَطـْمع ٍ ، رغـْم َ أن َّ النـِّساء َ هنـاك َ يـقـُدْن َ مـُظاهـَرَة ً كي ْ يكـونوا عـلى رأس ِ من ْ يدْخلون َ عليهن َّ ...! إنَّ لهم ْ في الجحـيم ِ خيال َ شـكسبير َ ، فـَخـْر َ أبي الطيـِّب ِ المتنبـّي ،نزوع َ المعـرّي إلـى لعـْنة ِ الكـوْن ِ طـرّا ً . لهم في جهـنّم َ ذاكرة ٌ تسـْتقرُّ بـها الشاعـرات ُ اللواتي بـَقين َ علـى أمـَل ٍ بالـحياة ِ لـِيـُنْجزْنَ إحراق َ أجـسادِهم ، ثم َّ ذر َّ الـرَّماد ِ علـى جـسَد ِ النـّهْر ِ ..، ذاكرةُ الشعراء ِ هـُناك َ تـُعـَلَّق ُ في بـؤْرة ٍ وسـْطَ سـَقـْفِ الجحـيم ِ ثريّا . ولا ضيْرَطبـعا ً من َ النـّار ِ لو نهشـَتْ تبـْرَ أجسادِهم بعقـاربها الأخطبـوطيّةِ الشـَّكل ِ . مـنْذ ُ البدايـَة ِ هم طلبـوا من إله ِ السـّماوات ِ الا ّ تكـون َ لهم أعظـُم ٌ أو ْ شرايين ُ . منـذ ُ البدايـة ِ كانوا علـى رسـْلِهم يشربون َ صديد َ الجمـاجم ِ أو يخلـطون َ الصـّديد َ ببعـْض ِ النبـيذ ِ الذي اسـْتخـْرجوه ُ من َ الكـرْم ِ داخـل َ أرواحِهم فـي مواسـم ِ جنـْي ِ القرى والمدائـن ِ من شجر ٍ تتشابـك ُ أغصـانـُه ُ فرْط َ ما تكفهـر ُّ القصائد ُ في جنـبات ِ الخيـال ...!
*
قـيل َ عن ْ رجـل ٍ لم يكن ْ شاعـرا ً
شاء َ أن ْ يتـَزوَّج َ تلـْك َ الإلهة َ ،
تلـْك َ التـي جبرَئـيل ُ لها كان َ كفـؤا ً
لـثانية ٍ ليـْس َ غيـْر َ
ومن ْ بعدها كان َ يبـدو قميئا ً لـها ،
وبـإغراءِها بالبياض ِ الذي اخـْتلط َ الوحـْي ُ فيه ِ
بقبلتـِها ظفرت ْ شفتـاه ُ
ولـكن ْ على عَجَـل ٍ ...،
لم تشأ ْ أن ْ يقـارب َ أكثـر َ من قبلـة ٍ ،
فبـكى ،
ثم َّ من ْ دمـْع ِ عينيـْه ِ شيَّدَ بيـْتا ً له ُ في القصـيدة ِ ،
بيْتا ً يمـر ُّ به ِ الشـّعراء ُ
فلا ينـْزلون َ به ِ للقـِرى ،
ربـَّما حينما تعـْصِف ُ الرّيح ُ
يعتصمون َ ببعـْض ِ مداخـِلِه ِ ،
ربـَّما يكتبون َ على جـُدُر ِ البيْت ِ أسـْماءَهم
ثم َّ يمـْضون َ ..
أو ْ ربَّما قرأوا سيرة َ المـُدُن ِ الغابرات ِ
وقد ْ يعبثون َ بريش ِ الجناح ِ
بقصْد ِ الإطاحة ِ بالضجر ِ المر ِّ
من كونِهم تحجـز ُ الجاذبيَّة ُ أجسامـَهم
فسواء ٌ مع َ الحجر ِ الصـلْد ِ وضـْع ُ الأنام !
أجل ْ ربَّما فعـَلوا كلَّ هذا
ولكنـَّهم
يحمدون َ الإله َ على أنَّ أدمـغَة َ الشعراء ِ
مضاجـِع ُ للنسـْوة ِ الشاعـرات ِ
فإن ْ قبلـة ً نال َ لا غيـْر َ منهن َّ ذاك َ الملاك
فهم ْ وقـْت َ ما يرغبون َ يكن َّ لهم سفـُنا ً
يمخرون َ بهن َّ عـُباب َ الغرام
ولا يهدأون ..
لا يهدأون ..
يكونون َ صـرْعى بأحضانهن َّ ولا يهدأون .
يدورون َ في فـَلـَك ِ الشاعرات ِ
بصيص َ خيال ٍ
وهم في التـراب ِ تراب ٌ ولا يهدأون !.
*
قـيل َ عن ْ رجـُل ٍ لم ْ يكن ْ شاعـرا ً
شاء َ أن ْ يتزَوَّج َ تلـْك َ التي نذرت ْ نفسَها
لجهنـَّم َ في أنفـُس ِ الشعراء ..،
دنا لمداعبَة ِ النهـْد ،ِ
واسـْتنـْفر َ الشـَّفتيـْن ِ الى الشـَّفتيـْن ِ ..،
رأى في الجـدار ِ الذي
قد نما فـوْق َ عيـْنيْه ِ
شيئا ً نما
فغدا صـرْصـُرا ً
ونما ونـَما فغدا ديـْنَصورا ً
فما عـاد َ يـرْغب ُ منها بعـرْي ِ النساء
وأطـلق َ رجـْلـيْه ِ للريـح ِ
مكتـفيا ً بالنـَّجاة !
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟