أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامح عسكر - عادل إمام ورسائل بين السطور














المزيد.....

عادل إمام ورسائل بين السطور


سامح عسكر
كاتب ليبرالي حر وباحث تاريخي وفلسفي


الحوار المتمدن-العدد: 7614 - 2023 / 5 / 17 - 22:55
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


من المشاهد التي خلدت في ذاكرة المصريين هي تصوير الفنان "عادل إمام" لرجال الدين بطريقة سطحية يملؤها التعصب والمحدودية والدجل، ولعل هذه النظرة التي لا ينتبه إلى مصدرها البعض مردها إلى حقيقة تفكير الفنان نفسه وتصوره لهذه الفئة الاجتماعية التي يراها "عادل إمام" من أقوى فئات المجتمع، ومن الذين يملكون التأثير في القطاع العام للجماهير ، وفي مشاعر البسطاء وسلوكهم، وبالطبع سيكون في مقدور هذه الفئة قيادة المجتمع للأفضل إذا رغبوا في ذلك..

لكنه وانطلاقا من حقيقة تخلف المجتمع وشيوع الظلم الطبقي والسياسي ففئة رجال الدين عند عادل إمام لم تعد ممثلة للدين الصحيح الذي يضع نصب أعينه تحسين معيشة البسطاء والمظلومين والضعفاء بشكل أوّلي، فمعنى انتشار الظلم بهذا الشكل يعني أن الخلل في أحد جنباته الكبرى يكمن في سلوك وأفكار رجال دين ذلك المجتمع..

من تلك الجزئية صارت أعمال عادل إمام هدفا للمتشددين الذين رأوا تصويره لرجل الدين بهذا الشكل هجوما على عقائدهم، ولم يضعوا أعماله في سياقها الفني الإصلاحي الذي يفصل بين رجل الدين والدين، فهذه الفئة كانت ولا زالت من أكثر فئات المجتمع حصولا على الفرص والتدرج الوظيفي بسهولة حتى لو لم يملكوا الأهلية الكافية للإدارة، وكفاءتهم الاجتماعية في التواصل في أدنى معدلاتها قياسا على نظرائها في الشرائح الأخرى مثلا كرجال الأحزاب والفنانين والرياضيين الذين يملكون مهارات تواصل أفضل..

لكن ثمة جانب آخر من أعمال عادل إمام تمثل في نقد الفوارق الطبقية ليس بالشكل النمطي الذي اعتاد فيه الناس نقد الطبقة العليا والأغنياء فحسب، فقد فعل عادل إمام ذلك في نقد الطبقة العليا في معظم أعماله، لكنه ركز في البعض منها على نقد الطبقة الفقيرة أيضا كمثال أفلام (المشبوه + المولد + حنفي الأبهة + سلام ياصاحبي + المحفظة معايا + الأفوكاتو + الواد محروس بتاع الوزير +) فالفلسفة الكامنة وراء هذا الأعمال نقد كل الطبقات التي ساهمت في توسيع ذلك الفارق الطبقي الرهيب في المجتمع المصري،

ووفق عادل إمام فالفقير أيضا مسئول عن هذا الفارق لأنه لم يعمل بقدر كاف للحصول على الثروة بطريقة مشروعة، فالبطل كان مُجرما ومحترف الهجوم والسرقة، لذا فأحد أسباب ذلك الفارق الطبقي هو سلوك الفقراء أنفسهم، وأن العيب لا يكمن فقط في الأغنياء ولكن في سلوك الفقراء أيضا..

ومن خلال هذه الأعمال ظهرت فلسفة أخرى تريد أن تُظهر الوضع الطبقي في البلاد كسيارة النقل العام الذي يتبادل فيها المواطنون الجلوس على مقاعدها بالتناوب، فهو لم يظل فقيرا دائما ولكنه قفز السلم الاجتماعي بسرعة ثم شرع في التصرف بمثل سلوكيات وثقافة من ينتقدهم، ولعل في هذه الحقيقة أنها تكون مدخلا واقعيا لحراك مجتمعي يؤدي إلى التواصل بين عناصره، ومن ثم تفهم الطبقات بعضها ثم تشرع في الاتفاق على عقد اجتماعي ملزم وعادل.

فضلا عن مدح الحكومة والمجتمع من جانب خفي غير ملحوظ وهو أنه طالما أن الحراك المجتمعي مصدره في تناوب المواطنين على تبديل مقاعدهم الطبقية فالسلطة في جوهرها لا تضع عراقيل طبقية أو تنحاز لطبقة دون الأخرى، فهي تركت الأمر مفتوحا وفقا لقدرات ومهارات ورغبات المواطنين، أي جعلت نفسها حكما بين متصارعين على الثروة لا أكثر ..فالذين ينتقدون السلطات كان ينبغي عليهم الانتباه لتلك المعضلة التي أدت لإضعاف المعارضة شعبيا وعدم تمكنها من صياغة فكر براجماتي وواقعي يعترف بكل الطبقات ولا يلعب على عواطف ومشاعر عناصرها.

وليس أدل على ذلك من أن عادل إمام كان ينتقد البروليتاريا والفلاحين أيضا، ففي بعض أفلامه كان واضحا للغاية في تصوير هذه الطبقة بشكل سئ نوعا ما مثل أفلام "عنتر شايل سيفه + الهلفوت + رمضان فوق البركان + شعبان تحت الصفر + رجب فوق صفيح ساخن + زوج تحت الطلب + سلسلة بخيت وعديلة" ففي هذه الأعمال لم تكن مشكلات الطبقية التي تؤدي إلى الحرمان المادي والجنسي هي السبب الوحيد في معاناة الفقير، ولكن في سلوك الفقير نفسه دون أن يتطلع للصعود الطبقي من أساسه، فهناك مشكلة ذاتية في المجتمع المصري أدت لأن تتخلف ثقافته وتصبح بهذا الشكل، حتى أن أبطال هذه الأعمال كان من الواضح تصويرهم بشكل استغلالي وشهواني ومنحرف..وهنا جوهر النقد الفلسفي الكامن وراء أعمال عادل إمام التي أراها من أعظم وأقدس ما أنتجه الفن المصري من دراما وسينما.

أختم بتحذير عادل إمام من خطورة الفارق الطبقي في شيوع العنف والجريمة كرد فعل على الظلم وشهوات الحكم والسيطرة ، فقد صاغ عدة أعمال كان فيها العنف والحيل غير القانونية والتجسس هي الحلول الوحيدة لإرغام المسئولين والطبقات العليا والمتوسطة على إيفاء الحقوق منها (الغول + على باب الوزير + اللعب مع الكبار+ طيور الظلام + الإرهاب والكباب) فبرغم ما يُحيط تلك الأعمال من نقد مستتر لأبطالها الفقراء لكن رسائلها السياسية كانت حاضرة في التحذير من ضياع القانون وفقدان هيبة الدولة وفقر المشرعين عن إنتاج وصياغة قوانين عادلة..

وتظل أعمال عادل إمام خالدة كما وكيفا ليس لأنها الأكثر رواجا فحسب، وليس لأن إٍسم عادل إمام بذاته هو علامة تجارية كافية لإنجاح العمل..ولكن لرسائل تلك الأعمال المباشرة وغير المباشرة في النقد والإصلاح.

ولمن ينقد بعض هذه الأعمال بدافع نقد شهوانية البطل فهو لم يُصوّر أكثر من الغريزة الكامنة في نفس كل ذكر من عشقه للجنس، وتعريفه له في الأفوكاتو بالحياة الطبيعية التي لا يمكن من غيرها أن يستقيم سلوك الإنسان، وبتسليط الضوء عليه في "النوم في العسل" كسبب أصيل للعنف الأسري وجرائم القتل العائلية أحيانا، أو الفشل الوظيفي والمتاعب العلمية في "انتخبوا الدكتور سليمان" وإلى آخر تلك الأعمال التي تلقاها الجمهور بنصها ومعناها قبل أن يُضخّم منها المتشددون معنىً آخر مختلفا صاروا به ينعتون الفنان بكل نقيصة، رغم أنه لم يُصور أكثر من خيالاتهم السرية التي ينتهكون بها محارم الله في الخفاء لا أكثر



#سامح_عسكر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من قصص التكفير في التراث الإسلامي...عجائز نيسابور
- صراع السلطات الدينية والسياسية..الطلاق الموثق نموذج
- حين تدعو الدراما إلى الجريمة
- موقف الإسلام من العبودية
- الحلف بين الإخوان واليسار..يوسف البدري نموذج
- الإسلام بين الفقه والحديث..أيهما أولى؟
- أزمة الفكر الإسلامي..علم الحديث نموذجا
- خرافة أكل المصريين للحوم البشر في الشدة المستنصرية
- حقيقة السيد البدوي
- حقيقة حديث أمرت أن أقاتل الناس
- كيف نهض محمد علي باشا بمصر
- الريف المصري ومدنية الدولة
- كأس العالم والتبشير بالإسلام
- هل العلمانية المصرية في أزمة؟
- درس لمظاهرات إيران من المكسيك
- لماذا ينتقدون مسلسل الضاحك الباكي؟
- صدمة الأدب في مصر والعراق
- نقد عبارة فهم سلف الأمة
- الكل يبحث عن الحقيقة
- عوامل نجاح الإسلام السياسي شعبيا


المزيد.....




- المقاومة الإسلامية: استهدفنا هدفا حيويا في إيلات وهدفا حيويا ...
- “ثبتها فورًا للعيال” .. تردد قناة طيور الجنة الجديد لمتابعة ...
- -المقاومة الإسلامية في العراق-: استهدفنا هدفا حيويا في إيلات ...
- -المقاومة الإسلامية في العراق-: استهدفنا هدفا حيويا في إيلات ...
- متى موعد عيد الأضحى 2024/1445؟ وكم عدد أيام الإجازة في الدول ...
- تصريحات جديدة لقائد حرس الثورة الاسلامية حول عملية -الوعد ال ...
- أبرز سيناتور يهودي بالكونغرس يطالب بمعاقبة طلاب جامعة كولومب ...
- هجوم -حارق- على أقدم معبد يهودي في بولندا
- مع بدء الانتخابات.. المسلمون في المدينة المقدسة بالهند قلقون ...
- “سلى أطفالك واتخلص من زنهم” استقبل دلوقتي تردد قناة طيور الج ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامح عسكر - عادل إمام ورسائل بين السطور