أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالامير الركابي - التحولية اللاارضوية والابراهيميه الثانيه (2/2)















المزيد.....

التحولية اللاارضوية والابراهيميه الثانيه (2/2)


عبدالامير الركابي

الحوار المتمدن-العدد: 7608 - 2023 / 5 / 11 - 15:15
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


شاع فيما يعرف بالعصر الحديث، نمط المنهجية الغربية في النظر الى الظواهر، بالاخص المجتمعية منها، بما يخضعها اجمالا للرؤية والمنظور الغربي باعتباره الحقيقة الاعلى المطلقة، وبمقدمها مسالة التشكلات "الوطنية" او الكيانيه الحديثة، ومحصلات تاثراتها بالظاهرة الغربية ووطاة الاستعمار الغربي. وعلى الاجمال فلقد اعتمد صعود الغرب والراسمالية العالمي بمثابة آلية شامله على هذا الصعيد، فلم تراع او يحصل التوقف عند اي حالة او احتمال شذوذ عن القاعدة، ولان الحالة العراقية غير مكشوف عنها النقاب، وفشل الغرب الحديث في مقاربتها، او التعرف على منطوياتها، فلقد كان من البديهي الافتراض اعتباطا بان الموضع المذكور، خاضع هو الاخر، ومثله مثل غيره، للقانون العام المتولد عن شمولية مفعول السوق الراسمالية العالمية والمحلوية الوطنيه.
وماكان متوقعا بسبب الانحطاطية واثارها الغالبة، وعلو حجم ومكانه الغرب ونهضته، ان يبرز من بين العراقيين في العشرينات او الثلاثينات وماتلاها الى اليوم، من يكون متحررا، او هو بموقع الاستقلال المنهجي المستند الى كينونته، وخاصيات ومسارات تاريخه، ليرفض بناء عليه، ماجار تكريسه، الامر الذي كان يتطلب اشتراطات اخرى ابعد حتى من الاستحالة، وبين القول بالعراق الحديث، وقيام الدولة الحديثة كما قرر الضابط الانكليزي ويرلند، استنادا لمفاعيل السوق الراسمالية العالمية كما راها، ولانطقية العقل العراقي بحالته الابتدائية ازاء ذاتيته، فلقد صار اتباع ويرلند مبدءا للكل ممن نظروا لتاريخ العراق تحت طائلة النهوض الغربي من متبني مايعرف بالحداثية الغربية، ليتحول هؤلاء الى ظاهرة تضليل تدميري تخبطي مستمر، ذهب بالعراق عند نهاية المطاف لماهو واقع تحت وطاته من كارثة مدمرة قصوى.
والحقيقة ان العراق بالذات كان ومايزال يعيش حالة اكذوبه مفروضه من الخارج، كجزء اساس من حالة الهيمنه بصنفها المفهومي، بحكم كونه بلدا وموضعا له خاصياته التي لاتتفق ولاتتماسشى مع الاشتراطات الغربية بما خص الكيانيه وشكل الدولة المفترض، فنحن هنا امام كيانيه كونية متعدية للمحلية ونموذجها المصري الاوربي، لم يسبق لها مطلقا ان عرفت الكيانيه المحلوية "الوطنيه"، وهي واقعا وتاريخا، الموضع الذي عرف لاول مرة في التاريخ نموذج الامبراطورية لاسباب بنيوية، ظلت تلازم تاريخ هذا المكان خلال دورتين من تاريخه المحكوم لقانون الدورات والانقطاعات، وتجلت كذروة في مناسبتي بابل وبغداد، والاخيرة استمرت لخمسة قرون، هذا مع العلم ان الامبراطورية ظلت بلا استثناء ملازمه لتجليات هذا المكان، حتى انها بلغت قرابة السبع مناسبات تواترا بنيويا، او اكثر، اما الدولة بصيغتها "المحلوية" الوطنيه فانها لم تعرف اطلاقا.
لم يجد الغرب وبالطبع اتباعه منهجيا وتفكرا، في الحالة العراقية مايستوجب التوقف، وانتكس التفكير على هذا الصعيد بالمماثلة بين الامبراطوريات الاحادية المعروفة في التاريخ، مثل الرومانية والفارسية وغيرهما، ليعتبر ماقد عرفه العراق لهذه الجهه من نفس عينه ونوع الامبراطوريات المشار لها، فلم يخطر لاحد احتمال او حالة الامبراطورية/ الكينونه البنيوية الثابته، لا العارضة ضمن المسارات التاريخيه، والاهم بهذا الخصوص ان العقل الغربي ماكان ليدرك بما خص الظاهرة المجتمعية اصلا، واقعة اساسية، هي انقسام هذه الظاهرة الى فعل وحضور نوعين وصنفين نمطيين، هما اللاارضوية، والارضوية التي هي اهم خاصيات الكيانيه المتعدية للكيانيه الرافدينيه، بما هي حالة ازدواج تصارعي ضمن الوحدة، مقارنه بكل اشكال المجتمعيات الاحادية التي تعم المعمورة، بدءا من الحالة والنموذج المصري الاكثر عراقة وبدئية متدنية الديناميات ضمن نوعه وصولا الى الاوربية الاعلى ديناميات داخل النمط الذي تنتمي اليه.
وهنا على وجه الخصوص، يستفز العقل الغربي رافضا كل حالة خروج عن المقياس الذي يقرره هو، مستهجنا اي ميل لاعتماد"الخصوصية"، فالعالم هو الغرب وطريقة في التحول البراجوازي الالي الراسمالي ولاغير، وهي نزعه موصوله باجمالي بنية العقل الغربي وتوهميتها القصورية التي عمت العالم انطلاقا منه، ابان الطور اليدوي من التحول الالي، وماقد واكبه من نهوض شامل، اصاب الاليات المجتمعية وضاعفها لاعلى مستوى، ليتحول الانقلاب الحاصل الى آلية، تحل محل اليدوية تعاقبيا، وهو ماقد شاع كاكبر ضلالة عرفها التاريخ البشري، ودلت على التفارقية بين الصنف او النمطية المجتمعية الاحادية التي انبثقت فيها الالة، وبين التحول الحاصل المتعدي لطاقة الموضع الذي انبثقت فيه ادراكا.
هنا ايضا وتكرارا يقع الغرب في واحدة من نواحي قصورة الفادح ازاء منطويات خاصيات ارض الرافدين غير المكشوف عنها النقاب، متجاوزا على تشكليته الذاتيه المتعدية لاشتراطات الانهيارية الثانيه، ومتبقياتها، ليفترض بان العراق كان "عثمانيا" قبل ان يحضر هو، حتى وان كانت الفترة العثمانيه عرفت 150 تمردا وانتفاضة، من بينها ثورة شملت العراق من بغداد الى الفاو، وطالبت بولاية بغداد، وهو ماحصل عام 1787 بالثورة الثلاثية، لتستمر سياقات التشكل بظل البرانيه، باعتبارها خاصية تشكلية حديثة، هي مايميز الدورة الراهنه الثالثة من تاريخ هذا الموضع الكوني.
ومماقد يفوق حتى الاستحالة ايضا، تصور مقاربة الغرب اليوم لفكرة من نوع تعدي التشكلية العراقية للاحتمالية الغربية المعاصرة نفسها، فهي بدات في القرن السادس عشر بظل حال البرانيه المستمر من سقوط بغداد على يد هولاكو عام1258، وظلت مستمرة وصاعده منطوية على محركاتها الجوهر اللاارضوية، الى ان اضطرت العثمانيين لاعادة احتلال العراق عام 1831، استدراكا لاحتمالات الاستقلال التي صارت بعد الثورة الثلاثية عام 1787 ذهابا الى سيطرة المنتفك على بغداد عبر الوالي سعيد ابن سليمان الكبير، وصعود داود باشا المملوك الاخير، وماكان متوقعا حصوله في حال اسقاطه على يد المركز الانبعاثي الجنوبي، وهو مالم يكن مستبعدا في حينه.(1)
ببساطة تنقسم مسيرة العراق الحالي الحديث منذ تبلور الدورة الحالية، الى تشكلية ماقبل غربية، وتشكلية في ظل الغرب هي المستمرة الى الوقت الراهن، لم تستقر، ولاتبلورت خلالها الكيانيه العراق، ولم يكتمل تشكلها، وبالاخص لم تتحقق الادراكية الذاتيه الكونية خلالها، بغض النظر عما عرفته ومامر عليها من اشكال مايعرف بالحكومات والانظمة البرانية المتناغمه مع اصناف الاحتلالات من اعلى، وتلك اهم خاصيات التصيرية العراقية الحالية، المتشكله كونيا، من اليدوية الى الاليه/ العقلية.
ولايجوز والحالة هذه الاعتقاد بان هذا الموضع الكوني يمكن اليوم ان يمر بحالته التشكلية على طولها، ومع الانقلابة الكبرى التي واكبت واعترضت هذا المسار ابان الانقلاب الالي، من دون ان تصل الى، او تقارب خلاصة مسارها الطويل الفريد في بابة، وثرائه على مستوى التجربة والتفاعلية، بما يجعل المسارات الحالية واشتراطاتها موكولة من حيث التعبيرية الدلالية الى وعي الذاتيه التي هي شرط الوجود او التبلور النهائي الراهن، نوعا اخر غير ذلك اليدوي الاول كما تجسد في الرؤية الحدسية النبوية، فالابراهيمة الثانيه هي موضوعيا وتراكميا تفاعليا تاريخيا، رؤية اللاارضوية ضمن اشتراطات الانتقالية مابعد اليدوية، وهي اللحظة المنتظرة من تاريخ هذا الموضع، ومعه العالم.
ومما يعود الى الخاصيات وتمظهرها الراهن الاني اليوم تلازم التعبيرية الادراكية الذاتيه مع التحقق الذاتي "الوطني"، اي الخروج على، وتجاوز المنظورات الايديلوجية الوطنيه الزائفه الاستعارية، تلك التي ظلت تفرض نمطا مستعارا برانيا على اخر مختلف كليا ومن غير صنف، ماقد اسهم في ادخال العراق مسارات من التعثر التدميري كرسته العمالة المفهومية للتيارات والاحزاب والقوى المنتمية الى الجاهز التاريخي والبراني الحالي، ماقد اوصل العراق عند نهاية المطاف لمايرزح تحته ويغرق فيه اليوم من حالة دمار كلي شامل، وتغلب حثالة تاريخيه تحكم وفق قانون الريع بلادولة، اي سرقة الموارد المتاحة بلا اي دور او مهمة، مع مايقنضيه ذلك من اشكال تنظيم مادون دولة على كل الصعد.
هذا بينما تمارس متبقيات العمالة المفهومية النموذجية ايديلوجيا للغرب، دور التبريرية باسم كذبة "الاصلاح" وممكناته المستحيلة، وهو ماقد انتهى مفعوله عام 2019، ومنذ ثورة تشرين اللاارضوية الثالثة المذبوحة، او المصادرة لانها غير ناطقة، كما حال الاولى عام 1920، والثانه في 14 تموز1958، هذا ولابد من الاشارة تنبيها ولفتا للنظر، الى ان الثورة الرافدينيه الحالية لن تكون اليوم الا ثورة مفهومية كونية، وان ثورة تشرينيه ناطقة، هي فقط التي ستضطلع بتغيير مسارات التاريخ وتقلبها، لابل وتحضر في قلب عملية التحول العالمية الاخذه اليوم بالتا زم المطرد، ان لم تتحول الى بؤرة قيادية لها.
... بانتظار الابراهيمه الثانيه "العليّة"، والاطلالة الوشيكة ل"قرآن العراق" وتكرار الثورة اللاارضوية، الرافدينيه الكبرى الناطقة، بعد التشرينيه المذبوحه بلا حصيلة، بسبب لانطقيتها، مثل الاثنين سالفتاها على مدى قرن!!!!
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) كتب داود باشا من منفاه في الشمال عند ال بابان الى الباب العالي رسالة جاء فيها نصا: "ان سعيدا حكّم العرب اهل الظلم والغشامه" ويوم حاصر داود باشا بدعم ال بابان بغداد، واثناء دخوله، كان في المدينه وقتها الف مقاتل منتفجي، قاتلوا الى جانب سعيد الذي نصبته المنتفك بحرابها بالاصل.



#عبدالامير_الركابي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التحولية اللاارضوية والابراهيمية الثانيه(1/2)
- اشكال التنظيم المجتمعي والتحول الآلي ؟(2/2)
- اشكال التنظيم المجتمعي والتحول الالي؟(1/2)
- -الربيع العربي-والكتاب الكوني الرابع؟)2/2)
- -الربيع العربي-والكتاب الكوني الرابع؟(1/2)
- بابداد
- ملحق:( نخبة الوطن كونية العراقية)
- النخبة الوطنية العراقيه متى تظهر؟(2/2)
- النخبة الوطنية العراقيه متى تظهر؟(1/2)
- -بغداد- الاخرى ونهاية الموت الجسدي؟
- -بغداد- لاتحيا ولاتموت ونهاية الموت الجسدي؟
- بانتظار -وطنية- مابعد النهرين التحوليّة؟؟/5
- بانتظار -وطنية- مابعد النهرين التحوليّة؟؟ / 4
- بانتظار-وطنية- مابعد النهرين التحولية؟؟/3
- بانتظار-وطنية-مابعد النهرين التحوليّة؟؟/2
- بانتظار-وطنية- مابعد النهرين؟؟/1
- -بابداد- ونهاية الموت الجسدي؟
- نهاية او موت الموت الجسدي؟
- متى نتحرر من سلطة الارض؟/3
- متى نتحرر من سلطة الارض؟/2


المزيد.....




- إيران:ما الذي ستغيره العقوبات الأمريكية والأوروبية الجديدة؟ ...
- الرئيس السابق للاستخبارات القومية الأمريكية يرد على الهجوم ا ...
- وزير خارجية الأردن لنظيره الإيراني: لن نسمح لإيران أو إسرائي ...
- وسائل إعلام: إسرائيل تشن غارات على جنوب سوريا تزامنا مع أنبا ...
- حرب غزة| قصف مستمر على القطاع وأنباء عن ضربة إسرائيلية على أ ...
- انفجارات بأصفهان بإيران ووسائل إعلام تتحدث عن ضربة إسرائيلية ...
- في حال نشوب حرب.. ما هي قدرات كل من إسرائيل وإيران العسكرية؟ ...
- دوي انفجارات قرب مطار أصفهان وقاعدة هشتم شكاري الجوية ومسؤول ...
- أنباء عن -هجوم إسرائيلي محدود على إيران- وسط نفي إيراني- لحظ ...
- -واينت-: صمت في إسرائيل والجيش في حالة تأهب قصوى


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالامير الركابي - التحولية اللاارضوية والابراهيميه الثانيه (2/2)