أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالامير الركابي - نهاية او موت الموت الجسدي؟















المزيد.....

نهاية او موت الموت الجسدي؟


عبدالامير الركابي

الحوار المتمدن-العدد: 7534 - 2023 / 2 / 26 - 16:15
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في المنظور الاحادي الارضوي لم يكن واردا احتمال الفصل بين مرحلتين ومفازتين للموت، ذلك لان الاحادية بمحدوديتها كافق، من المستحيل عليها تخيل احتمالية التعادلية العقلية الجسدية، وصولا للارجحية العقلية،في المجال الانقضائي الجسدي، مايترتب عليه افتراض الانتقاله بين محطتين متعاقبتين، مادام الحدث او الخاصية المقصودة مرتهنه على المدى الابعد ،لاختلال بديهي، تحكمه تبادلية تناوبية ضمن حالة كينونة ازدواجية لها بالبداهة منتهى يتفق مع محورية احد طرفيها، مثلما لها ابتداء، مع هذا فاننا لانرى من حالة الفناء والانقطاع هذه كما تبدو راهنا، الا الجانب الملازم للطور الجسدي الارضوي وغلبته، فماهي ياترى وتجاوزا للاغفال الممض، وماتكون، حالة العقل، ومادورها في العملية الانقضائية/ الموت/ التي تستبد بها الان، ذلك امر مطموس وخاف كليا، ليس عن النظر او الملموس، بل وعن المتخيل.
والحصيلة هنا مادمنا احاديون جسدويون، موت جسدي مؤبد لاغير، وكلكامش عند بحثه عن الخلود فشل منطلقا، لانه لم يكن يعرف مما هو طامح له، اكثر من البقاء الجسدي، واستمرار الجسد "حيا"لاطول امد ممكن، لاوجود لاحتمالية "خلود" منطوية، وغير ظاهرة معاينه، ومثل هذه الاحتمالية لم يؤشر عليها بعد، بينما سنظل نموت ونختفي، فالموت احادي، الغالب فيه طرف ومكون واحد من مكونين وعنصرين، والعقل محكوم والحالة هذه بالزوال مع موت الجسد حامله، الامر الذي يستثير بداهة الاعتراض، على الاقل من باب احترام المنطق والعدالة التكوينيه.
يمكن ان يقال كم قد عانى العقل، ومازال عليه ان يعاني من خضوعه لاشتراطات سواه من مما يلازمه من ثقل الجسدية الحيوانيه، والانسايوانيه البشرية بالتتابع، في الماضي الابعد كانت الحيوانات التي حملته، وكانت غالبة عليه غلبه شبه مطلقة، كانت تموت، والكائن البشري بعدها اليوم يموت ايضا باطراد، وبلا اية حالة استثناء يمكن ان تتاح للعقل الكامن والمغلوب على امره، بحيث نتصور، أوان تخيل على سبيل المثال، حالة انقلاب تغلبي، العقل ابانها يكون هو المتسيد بدل الجسد، وبعدما ظل الجسد هو الحاكم، وعنصر القرار النهائي الذي لايرد في البال الاعتراض على بداهيته في هذا المجال بالذات، اليس من المنطق التعرف على نوع وخاصيات حالة، حضور، العقل فيها هو الغالب المتسيد على المشهد.
المؤكد وقتها ان الموت لن يحضربذات الهيئة التي الفناه عليها، وقد يخطر على البال اختفاء او تقلص اعداد القبور ومجالس العزاء، واشعار الرثاء، وقول القوالات، وكل مايخص مهنة الدفن العريقه، وصناعة الشواهد، غير ان تصور المشهد المشار اليه قد لايكون كما يمكننا ان نتخيل، بحيث يتم الانقلاب فجاة الى الطور التحكمي العقلي على مستوى الموت، والارجح الموافق للحالة، مرور وقت انتقالي بين اللحظتين، تتعزز خلاله سلطة العقل وحضوره المقرر باطراد، بينما يكون مازال حتى حينه متلازما ومتداخلا مع الجسد، من دون انفصال مايزال غير ممكن بعد، هذا على الرغم من تخلص العقل من حالة التسيّد الجسدي الكلي، وبدء تمكنه من التحكم هو بمصير الجسد والفعل فيه، وصولا لفرض مايجده ضروريا من تحورات متوجبه لاجل تامين الانتقالية الكامله، وصولا للانفصال الجسدي العقلي.
لاتحدث الانتقالات الكبرى التي من هذا النوع من الدينامية التطورية التحولية فجاة، ولا بين ليلة وضحاها، وذلك قد يكون الدرس الاهم والاكبر الذي علمتنا اياه الطبيعه، ومسارات تطور الحيوان والكائن البشري، واخرها المجتمعات منذ وجدت، فالصيرورة الوجودية الحياتيه النشوئية الترقوية، بطيئة للغاية بحسب مقياسنا للزمن، وهي النوع فوق المتصور كآليات وتفاعلية، مرت الى اليوم بمليارات السنين، فماذا يمكن ان نتوقع على هذا الصعيد، اذا كنا في حالة انتقال وتحول بين عالمين وحياتين مختلفتين نوعا، مابين اشتراطات وجود ارضوي، واخر كوني ذاهب الى مغادرة الكائن الحي، بعد طول مسيرة كبرى، تاركا الكوكب الارضي وكل مكوناته، المادية بنوعها الحياتي .
وليس من المخالف للمنطق حتى ذلك المتعارف عليه الان،ان نتوقع الدخول في طور وسيط تمهيدي، يغدو العقل خلاله هو الراجح، ولايعود الجسد مع موته، غالبا كما هو الحال الحالي، مايعني امتلاك العقل القدرة على التحكم بالجسد وصولا للفعل فيه وفي تكوينه، ماسوف يكون ملائما لاجمالي المواجهة العقلية لمقتضيات ومتطلبات الانتقال الاخير، ومنها على سبيل المثال الحاجه الى زمن اطول من الحياة، والاستمرارية المتعدية لقدرة الجسد الحالية على البقاء، ووقتها في الغالب سيتخذ الموت الجسدي اسما اخر، باعتباره "الميل الجسدي للانقضاء السريع" وقد صار موضوعا للمعالجة، حين يتم نسيان اسم الموت،او يتخذ اسماء اخرى من نوع ( حالة الانقضاء كما كانت سارية في الماضي) كمثال، في الوقت الذي يكون فيه العقل منشغلا بمعالجة الديناميات الحيوية المسيرة للجسدية، بما يرفع عنها العطب والشيخوخه، هذا بينما يكون جانب الحاجاتيه، والتحكم به هو الاخر، قد صار تحت السيطرة، وبالامكان تخفيضه او زيادته، مع النوع المراد له الزيادة او النقصان، وكل هذا يجري باعتباره عمليات ذاتيه فردية بالغالب، يتدرب عليها الانسايوان الاخير، او تبتكر لها وسائل وامكنه جماعية عمومية، تعالج بعض النواحي التي ماتزال خارج القدرة الفردية.
وكل هذا سيكون مرسوما ضمن مخطط ورؤية تتوخى المزيد من التصير العقلي الضروري للانتقال النهائي الى الحياة الاخرى الكونية، وقد يكون مما لايترك او يهمل، التنويه بما كان ورد في قصص الخليقة، والقصص التوراتي والابراهيمي عموما، من امثله مر بها الاباء الاول مثل نوح وادم، وماترك من اثر مميز استثنائي يقول باحتمالية العيش لالف عام، او خمسمائة عام، وهي حالة يجب اقرانها بشرط التقدم العقلي الذي كان الانبياء المذكورون يتمتعون به، بما انهم ابناء مجتمعية لاارضوية بكورية، ماكان يوفر اسبابا، وان تكن استباقية وفريدة حتى ضمن حالتها والزمن الذي وجدت فيه، وهو مايدخل في السياق التعبيري اللاارضوي الاول، ومحطاته التاسيسية، الامر الذي لم يكن للبشر ـ حتى الان ـ بحكم كونهم احاديون وارضويون، تفسيره، فوضع بناء عليه في باب المعجزة غير المتاح مقاربة آلياتها.
كان العقل ومايزال محكوما لوطاة الاحادية الارضوية، ومعها الجسدية وما تفرضه من حدود اعقالية، بالاخص على مستوى الاستشراف والافق المحدد، ومايترتب عليه من اتساع في مدى التطلع العقلي والراهن منه، بحكم ضيق ممكنات ومساحة الرؤية، ويكرسها كمطلق وحيد، آني ليس مايمنحه الوجاهة الا النقص والقصورية العقلية البديهية، بحكم خضوع هذا الجزء من كينونة الكائن البشري للتصير والارتقاء ضمن التفاعلية المجتمعية، مامن شانه غمط واضاعه عالم اكبر من المعاش الارضوي، يظل ممنوعا على الادراك العقلي، الى ان تتسنى الفرصة او اللحظة، وينتقل الكائن البشري من الارضوية ومساحتها المحدودة المفروضة على مادة الاعقال، الى الافق الثنائي الوجودي، الامر الذي يتجاوز حتما المجال الكمي، الى الانقلاب التفكري النوعي المختلف كليا.
ثمة عالمين وحياتين كتب على الكائن البشري المرور بهما تعاقبا، ارضي اول هو ضرورة تمهيديه واكتسابيه تكوينيه، قد تؤدي بنا حصيلتها ومايتراكم عبر مسارها الى اجتراح مابعدها، فاذا كانت هيمنه الموت الجسدي القاطعه الى انتهاء، مثلها مثل سلطة الجسدية والحاجاتيه، فان العقل وقتها يكون امام مهمة لااحد يمكنه تخيلها اليوم، حين يعيش الكائن الحي ابان طور الانتقال الى التحولية على سبيل المثال، حالات من نوع تزايد الاعمار المطرد، وتناقص مادة الموت، او استعصاء بعض الحالات الكلية، واستمراريتها، والاضطرار احيانا الى التدخل باستعمال التكنولوجيا العليا لتهيئة العقل من زاوية بعينها، خاصة باطالة او تقصير بعض الاعمار، اي حلول زمن وحالة التنظيمه الشاملة ضمن ظروف الانتقال بين زمنين، لم يستقر الثاني منهما على نهاية فاصلة بعد، هذا غير التواشج بين الحاجاتية وضرورة انتهائها تدرجا او بصورة كلية انيه، وكل هذه لوحة لايمكن تخيلها، ولا احتساب مترتباتها الان، وهي على وجه التاكيد، غير ممكن التعامل معها بطاقاتنا العقلية الحالية.
وانا شخصيا حدث لي شيء، قد يكون من الامثلة التي يجوز عزوها الى قرب العالم الانتقالي الذي نتحدث عنه، فحين بدات اكتشف قبل بضع سنوات ملامح الاليات التحولية، وصرت اعلن عنها كتابه، صار يؤرقني ويورث دواخلي نوعا من الالم الممض الحزين، وانا ادرك كل يوم كم هو ثقيل، واقرب للاستحالة مااقوم به وسط هيمنة المترسخ والمكرس من مفاهيم بشرية، ووقتها كان لابد ان يخطر لي وسط الحسرة، السؤال عن الحكمة التي علي ان اتعلمها من مثل هذا التكليف المتاخر، الذي يمكن ان يكون عبثيا، لانني ابدا مهمه عظمى، بوسائل فردية، تحتاج ربما لعقود، وانا في السبعين من العمر، وكان هذا حريا في بعض الاحوال بان يجعلني افكر بالعزوف، لكنني كنت استمر تحت دفع صوت خفي، كان يقول لي بان احتساباتي الزمنيه خاطئة، وان علي ان احتسب السبعين بحساب الزمن التحولي، ابتداء، قبل ان اقع على التحولية، اي خلال فترة الاصطفاء، والسبب في تاخرها، قبل ان تصبح قابله للاعلان عنها، وتضع ذلك في اعتقادك، وهو ماستكون عليه من هنا والى الزمن المقدر لك تحوليا وفعليا، الامر الذي يدخلني من وقتها مايشبه دوامة الغبطة المشوبة بحزن اعمق، وقد علمت "تخمينا" واثقا، بانني ساعيش ربما لاكثر من مئة عام، انما ليس بالحساب الارضوي الظاهر.
هذا الجانب من الشعورية التي ستضع الكائن البشري تحت غلالة من الايهام التداخلي العمري، الزمني، ستكون هي الاخرى من علائم زمن سقوط استبداد الموت الجسدي، وعلى هذا فان المشهد المشار اليه، لن يكون مجرد استخدام للتكنولوجيا العليا وحسب، فالامر متعلق بالحد الادنى، بعالم اخر.
ـ يتبع تحوليا ـ
ـ الموضوع بعدة وقفات بعناوين مختلفة، القادم هو:
( "بابداد" ونهاية او موت الموت الجسدي)



#عبدالامير_الركابي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- متى نتحرر من سلطة الارض؟/3
- متى نتحرر من سلطة الارض؟/2
- متى نتحرر من سلطة الارض؟/1
- البقائية والتحوليّه: مفهومان للحضارة والوجود/4
- الزلزال وانتهاء امد الامان الارضي؟*
- البقائية والتحوليّه: مفهومان للحضارة والوجود/3
- البقائية والتحوليّه: مفهومان للحضارة والوجود؟/2
- البقائية والتحوليّه: مفهومان للحضارة والوجود؟/1
- الفتح الاسلامي الثاني-العراقي بعد الجزيري؟/3
- -الفتح الاسلامي الثاني-العراقي بعد الجزيري؟/2
- -الفتح الاسلامي الثاني-العراقي بعد الجزيري؟/1
- كيف يمهد ماركس لظهور-المهدي-!!؟/5 النداء الأعظم: ياابناء ارض ...
- كيف يمهد ماركس لظهور-المهدي-!!؟/4 النداء الأعظم: ياابناء ارض ...
- كيف يمهد ماركس لظهور-المهدي-!!؟/3 النداء الأعظم: ياابناء ارض ...
- كيف يمهد ماركس لظهور-المهدي-!!؟/2 النداء الأعظم: ياابناء ارض ...
- كيف يمهد ماركس لظهور-المهدي-!!؟/1 النداء الأعظم: ياابناء ارض ...
- طبقات ماركس والامبريالية النمطية الغربيه؟*
- حزب/اللاحزب الامبراطوري الكوني العراقي؟/4
- الحزب/ اللاحزب الامبراطوري الكوني العراقي؟/3
- حزب/ اللاحزب الامبراطوري الكوني العراقي؟/2


المزيد.....




- الرد الإسرائيلي على إيران: غانتس وغالانت... من هم أعضاء مجلس ...
- بعد الأمطار الغزيرة في الإمارات.. وسيم يوسف يرد على -أهل الح ...
- لحظة الهجوم الإسرائيلي داخل إيران.. فيديو يظهر ما حدث قرب قا ...
- ما حجم الأضرار في قاعدة جوية بإيران استهدفها هجوم إسرائيلي م ...
- باحث إسرائيلي: تل أبيب حاولت شن هجوم كبير على إيران لكنها فش ...
- ستولتنبيرغ: دول الناتو وافقت على تزويد أوكرانيا بالمزيد من أ ...
- أوربان يحذر الاتحاد الأوروبي من لعب بالنار قد يقود أوروبا إل ...
- فضيحة صحية في بريطانيا: استخدام أطفال كـ-فئران تجارب- عبر تع ...
- ماذا نعرف عن منشأة نطنز النووية التي أكد مسؤولون إيرانيون سل ...
- المخابرات الأمريكية: أوكرانيا قد تخسر الحرب بحلول نهاية عام ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالامير الركابي - نهاية او موت الموت الجسدي؟