أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالامير الركابي - البقائية والتحوليّه: مفهومان للحضارة والوجود؟/1















المزيد.....

البقائية والتحوليّه: مفهومان للحضارة والوجود؟/1


عبدالامير الركابي

الحوار المتمدن-العدد: 7514 - 2023 / 2 / 6 - 22:12
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


البقائية هي المفهوم الشائع بما يخص المجتمعات ووجودها وسيرورتها، وهي خلاصة القول بان المجتمعات موجوده بماهي عليه لتبقى مكررة قدر ما وجدت زمنيا، بمعنى ماقد وجد عليه الكائن البشري، ماعدا افق الختام المنذر بالكارثة العظمى الممهدة لانقضاء الامد قبل الانتقال الى العالم الاخر، وبقليل من التلبث سنعلم بان الفكرة المومى اليها ولدت ليس عن عبث، فهي مكرسة وجوديا ومؤكدة بالثبات التكراري لاجمالي ماهو معاش، ماعدا مايتعلق بالموت، الذي يستوجب الحل بالاحالة خارج المعاش، علما بانه ظاهرة غير مخلخله للوجود بحكم التناسلية والولادة المستمرة.
حال مثل هذا ليس واردا تصور ماعداه، خصوصا اذا كان مفردا، ومع افتراض تدني القدرات العقلية الابتدائية، فان حضور البقائية يكون فاصلا، وبلا اي شك او مجرد تفكير بالمراجعه، هذا والمجتمعات كلها توجد لتبقى، مع السعي لتحسين الشروط الحاجاتية الطبيعية محور البنائية الاساس، والذي هو مصدر فكرة ومفهوم "الحضارة"، والمجهود البنائي المتصل بها على الصعد المختلفة، بحسب قاعدة "وجود الكائن البشري على الارض كي يعمرها".
تعزز الاحادية الارضوية المنطق البقائي، فيتحول بجانب القصورية العقلية الى ثابته، وكانها جزء من الكينونة البدئية تحاكي البداهه، الى ان تتحول فعليا الى قانون استباق، يسري على الظواهر مجتمعة بحيث يتم بسليقية اسقاط اية احتمالية اخرى، من نوع على سبيل المثال، قانون الدورات والانقطاعات الناظم لتاريخ ارض مايبين النهرين الازدواجي، وعلى الرغم من الاهتمام الخاص الذي يوليه البحث، ومنه لابل بمقدمته البحث الاركولوجي الحداثي في البدئية الحضارية لارض مابين النهرين، مع تميزها منجزا وخصوصية، وغزارة، الا ان القانون البقائي لايحدث ان يغيب عن المشهد بهذه المناسبه، فيتم بكل الوسائل، وبما يشبه التقصد، لي عنق المشهد التاسيسي للمجتمعية حتى تندرج ضمن المشهد العام، ولايتوقف الامر لهذه الجهه عند البدايات التاسيسية وحسب، فالبحث من هذا النوع يتوقف دون اخذ الظاهرة الرافدينيه كوحدة، ليظل البحث محصورا في البدايات والتاسيس، فلا يلحق به ماهو مكمل له، ومؤكد لنوعه وسياقاته من تجل لاحق، مثل الدورة الثانيه العباسية القرمطية الانتظارية، التي تنتزع من مكانها لتلحق ب "الاسلام الجزيري"، ليسقط من مجال التدبر والبحث، موضع غاية في الاهمية والاستثنائية، كنموذج متكرر جوهرا، مع التغييرات المتوقعه بحسب الدورات في التفاصيل.
هذا غير الجانب العائد الى المنطوى النافي للبقائية في الظاهرة التناوبيه بين الصعود والانقطاع الذي يصل حد الغياب الكلي، الامر الذي يشمل بالطبيعه اجمالي المنجز الحضاروي، ليضعه ضمن اشتراطات مغايره مختلفة، ويثير من ثم وبناء عليه، نوع اخر من المقاربة، محورها "التصير" الوجودي، بدل التكرارية البقائية، وصولا الى الفارق بين مادة وجود محكومة لقانون سائر الى تجاوز القائم، بما فيه الكينونه الاولى البشرية بنوعها الانسايواني، مع منجزه، او بالتفاعل مع اشتراطاته الحياتيه المتاحة ابتداء، والمتمحورة في الحاجاتيه الانتاجوية.
كان المفترض ان يستغرب وبشده، العزوف عن ملاحظة حال تاريخي له ايقاع وخاصيات مميزة وظاهرة مثل حال تاريخ العراق بدوراته الثلاث: الاولى السومرية البابلية الابراهيمه، والتي تنتهي بسقوط بابل، وبعدها الثانيه العباسية القرمطية الانتظارية، والتي تختتم مع سقوط بغداد، والثالثة الراهنه وتبدا في القرن السادس عشر، مع الانبعاث السومري الحديث، وظهور " اتحاد قبائل المنتفك"، ودرجة الاستغراب هنا او شدتها، تتوافق مع مايمكن ان يثيرها، علما بانه غير موجود، فالاحادية الارضوية تولد البقائية حتما، ولن يحدث وتظهر التحولية في النظر للوجود المجتمعي البشري، الا اذا حضر المنظور اللاارضوي بصيغته العليا، الامر غير الوارد فيما مر من التاريخ البشري المعاش.
ولنتخيل الكائن البشري "الانسايوان" وقد انتقل من البقائيه في النظر لوجوده، الى التحوليّة، فاذا بمسار الانقطاعات التي تفصل بين الدورات، تشحذ في ذهنه احتمالية ارتقائية متجاوزه للمعاش، ابتداء بمعنى الخضوع ل "ديالكتيك" ماوراء الوجود الجسدي المادي، حين تاخذ بنا الحال، من الجسدية الصرفة، الى الازدواج العقل / جسدي، مع مايرافق ذلك من ديناميات تحولية منتكسه وصاعده بحسب الدورات، الى مايقارب العقل طبيعة، باعتباره محور عملية التصيّر، بعكس ماقرره مكتشف النشوئية الترقوية، بتركيزه على الجسد، لاعلى العقل كمحور وغاية الترقي، مع حضور الجسد الذي هو ضرورة حامله، لها كوسيلة مدى زمني وانتهاء صلاحية.
ويتوقف الجسد الحيواني اصلا عن الترقي والنمو، بمجرد بلوغه محطة "الانسايوان" الكائن العقل / جسدي، مع حضور العقل الذي ظل قبل ذلك وابان الطور الحيواني، خافيا تحت الهيمنه القريبه من المطلقة للجسدية الحيوانيه، الى ان ينتصب الحيوان على قائمتين، ويصير قادرا على استعمال يديه، فتكتمل وقتها بنيته، ولايعود العضو قابلا للنمو، بينما يستمر العقل في التشكل والتصير ضمن اشتراطات التفاعليه المجتمعية المستجده، كعامل مضاف للطبيعه، لاجل الارتقاء العقلي، وصولا الى التحرر من الجسدية، والاستقلال عنها.
يعني ماتقدم ان المجتمعات في الجوهرعقلية، معنية بتوفير اسباب الترقي العقلي بمعنى " تحولية" حكما، لا جسدية بقائية، ومثل هذه الحقيقة والحالة هذه، لابد ان تتلازم مع نمط ونوع من الاليات والنمطية المجتمعية تطابقها وجودا ومسار ومنتهيات، ذلك مع الاخذ بالاعتبار صيغة البقائية المجتمعية وانتشارها، لابل كونها هي القاعدة المجتمعية ابتداء من النمط النيلي التاسيسي على هذا الصعيد، وهو نمط نموذجي من حيث توافق البيئية والشروط الانتاجية، ماييسر العملية الانتاجية، ويزيل التحدي من طريق العاملين في الارض، نازعا من المكان عمل الديناميات الاصطراعية مع البيئة والانسان، فيسهل تجسد المجتمع في الدولة، ويحال التاريح الى دورة وحداة اجترارية تكرارية، فالمجتمعات تتمايز بحسب الشروط التي تجري ضمنها عملية الانتاج، وصولا لاعلاها ديناميات ضمن صنفها كما هو حال مجتمعات الازدواج الطبقي، حيث الجموح الارضوي الاعلى، المتعدي عند لحظة بعينها للمجتمعية التمايزية الاحادية، انما ضمن حدود وداخل النطاق الاحادي الارضوي.
ثمة مجتمعية لاارضوية نزوعها مافوق ارضي، ذاهب الى الاكوان الاخرى، يتجسد سماويا سلوكا وتعبيرا،هو نمط المجتمعية اللاارضوية التي هي نتاج عملية الاصطراعية القريبة من الافنائية مع البيئة المجافية الطاردة ابتداء، او على حافتها، تلك التي تقوم مع تبلور المجتمعية كظاهرة في جنوب ارض مابين النهرين، في سومر، وتشمل ارض السواد، او "عراق السواد" بحسب تعيين الجغرافيين، بمقابل "عراق الجزيرة"، الاعلى، موضع الانتاجية الديمية، والمولد لنمط المجتمعية الارضوية الشائعه، العنصر الاضافي الثاني الاقرب للافناء للحيز الاسفل اللاارضوي، مع نزوله الى الاسفل طلبا للهيمنه وحلب الريع الزراعي من ارض الخصب، مايتطلب الحاق المجال الاسفل، لتنتج حالة من الاصطراع الاقصى بين نمطين، لايمكن لاحدهما الغاء الاخر، وهي حقيقة لايتعلمها النمط الاعلى، الا بثمن باهض، يتاتى بعد اصطراع عالي الثمن، مع كيانيه طبيعتها تمنع تجسدها ككيان، ولايمكن اخضاعها، لان كينونتها وحريتها الكيانيه تساوي وجودها، وهي نمط احتراب دفاعي، السيف والرمح وصولا الى البندقية فيها، اقرب لوسائل الانتاج، مثل الناعور والمحراث المسحاة، من دونها لاتستقيم عملية الانتاج ولاتستمر، وهكذا تولد المجتمعية الازدواجية الاصطراعية الافنائية، مع مايتولد عنها من منجز استثنائي، امبراطوري يقابله التعبيري الكوني السماوي لمجتمعيتين هما وحدة، من دون ان يكونا واحدا، لايكتملان كينونه وبنية وديناميات، الا بثنائيتهما النمطية الاستثناء.
فهل وجدت او توجد الى اليوم مقاربة لدلالات ومضمرات هذا النمط المجتمعي، واذا كان يطابق معنى او دلالة تخصه، مختلفه عن تلك الشائعه التي مصدرها البقائية والاحادية الارضوية المجتمعية، ولماذا لم يحدث ان تم التوصل الى بلورة للرؤية المطابقة لمثل هذا الصنف من المجتمعية؟ الاجابة واضحه، فنحن بازاء حالة ونوع بشري يظل هو الغالب الى جانب الاحادية، متداخلا معها، هو الكائن البشري "الانسايواني"، وهو نمط غير مهيأ، ولايملك المقومات الضرورية التي تؤهله للارتقاء ادراكا الى مستوى الازدواج المجتمعي اللاارضوي/ الارضوي كنوع، لابل ان مسار الكائن المنوه عنه محكوم اصلا وجودا، وهو متصير بما ينتهي به الى مابعد انسايوان، وقت تتوفر الاسباب اللازمه التي تيسر الانتقال الى الكائن الاخر، اللاارضوي، مابعد الانسايواني.
و"الانسايوان" لايمكن ولايستطيع ان يعي، ومن ثم لايعترف بحالته، او بما يمكن ان يكون نقصا في تكوينه، وبناء عليه قصوريته وعجزه عن ادراك بعض الظواهر، واهمها الظاهرة التي هو متصير ضمنها، اي المجتمعية بكل اصنافها وتلوناتها، وتدرجات انماطها، الامر المميز لحالة الكائن البشري على مدى زمني ليس بالقصير، والبارز بما يخص العلاقة البشرية بالظاهرة المجتمعية التي لايبدا الكائن الانسايوان بمقاربتها الا عند محطات متاخرة من مساره التصيري التاريخي، يوم تنتقل المجتمعات الى الاله، والانقلاب البرجوازي، ووقتها يبدا العقل بمقاربة الظاهرة المجتمعية، وان من بعيد، وعلى اساس محكوم اجمالا لافاق وممكنات الاحادية والارضوية.
ـ يتبع ـ



#عبدالامير_الركابي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفتح الاسلامي الثاني-العراقي بعد الجزيري؟/3
- -الفتح الاسلامي الثاني-العراقي بعد الجزيري؟/2
- -الفتح الاسلامي الثاني-العراقي بعد الجزيري؟/1
- كيف يمهد ماركس لظهور-المهدي-!!؟/5 النداء الأعظم: ياابناء ارض ...
- كيف يمهد ماركس لظهور-المهدي-!!؟/4 النداء الأعظم: ياابناء ارض ...
- كيف يمهد ماركس لظهور-المهدي-!!؟/3 النداء الأعظم: ياابناء ارض ...
- كيف يمهد ماركس لظهور-المهدي-!!؟/2 النداء الأعظم: ياابناء ارض ...
- كيف يمهد ماركس لظهور-المهدي-!!؟/1 النداء الأعظم: ياابناء ارض ...
- طبقات ماركس والامبريالية النمطية الغربيه؟*
- حزب/اللاحزب الامبراطوري الكوني العراقي؟/4
- الحزب/ اللاحزب الامبراطوري الكوني العراقي؟/3
- حزب/ اللاحزب الامبراطوري الكوني العراقي؟/2
- الحزب/اللاحزب الامبراطوري الكوني العراقي؟/1
- -المهدي-وشرط-الحضور-قبل-الظهور-؟/ 3
- -المهدي-وشرط-الحضور-قبل-الظهور-؟/2
- -المهدي-وشرط-الحضور-قبل-الظهور-؟/1
- غائبان-المهدي-والوطن/كونية العراقية؟
- -التاريخانية اللاارضوية-والازدواج المجتمعي؟/3
- -التاريخانية اللاارضوية- والازدواج المجتمعي؟/2
- -التاريخانية اللاارضوية- والازدواج المجتمعي؟/1


المزيد.....




- هل قررت قطر إغلاق مكتب حماس في الدوحة؟ المتحدث باسم الخارجية ...
- لبنان - 49 عاما بعد اندلاع الحرب الأهلية: هل من سلم أهلي في ...
- القضاء الفرنسي يستدعي مجموعة من النواب الداعمين لفلسطين بتهم ...
- رئيسي من باكستان: إذا هاجمت إسرائيل أراضينا فلن يتبقى منها ش ...
- -تهجرت عام 1948، ولن أتهجر مرة أخرى-
- بعد سلسلة من الزلازل.. استمرار عمليات إزالة الأنقاض في تايوا ...
- الجيش الإسرائيلي ينفي ادعاءات بدفن جثث فلسطينيين في غزة
- علييف: باكو ويريفان أقرب من أي وقت مضى إلى اتفاق السلام
- -تجارة باسم الدين-.. حقوقيات مغربيات ينتقدن تطبيق -الزواج ال ...
- لأول مرة.. الجيش الروسي يدمر نظام صواريخ مضادة للطائرات MIM- ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالامير الركابي - البقائية والتحوليّه: مفهومان للحضارة والوجود؟/1