أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالامير الركابي - البقائية والتحوليّه: مفهومان للحضارة والوجود؟/2















المزيد.....

البقائية والتحوليّه: مفهومان للحضارة والوجود؟/2


عبدالامير الركابي

الحوار المتمدن-العدد: 7516 - 2023 / 2 / 8 - 18:49
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


امتازت مراحل ومحطات التحول النشوئية الارتقائية الماضية، وبالاخص الحيوانيه منها، بخلوها من عنصر التدخليه من قبل الكائن الحي، ناهيك عن الوعي بها، بمافي ذلك لحظة الانتقال من الحيوان الى "الانسايوان"، لابل وحتى الانتقال من طور الصيد واللقاط، الى "المجتمعية"، في حين صار الانتقال التحولي لمابعد مجتمعية، وللمرة الاولى اليوم، مرهونا بالادراكية البشرية، وبالتدخل الواعي في المسار الانقلابي الذاهب، من "الانسايوان"، الى "الانسان"، وهو ماقد صارت علاماته والدالات على قربه ظاهرة للعيان.
ويقتضي مثل هذا التبدل الحاسم في المسارات الحياتية حتما، حضورا عند المبتدا وسياقات التشكل الاولى، اساس ونواة محكومة الى، ومتناغمة مع صيرورة، ذاهبة الى نتيجه ومنتهى هو الذي يعين اتجاه حركة وتفاعلية المجتمعية بناء لكينونتها، وتوزعاتها الجغرافية على مستوى المعمورة، وهو ماقد يظل خارج الادراك، تتعذر الاحاطه بكوامنه، بما يضع الظاهرة المجتمعية الوجودية امام محطتبن، اولى تحولية من حيث الشروط والاسباب، غير قابلة للتحقق لنقص في الوسائل، مادية وادراكية، واخيرة انتهائية، تتوفر لها الاسباب المفتقده، ولايعود النقص قائما، بينما يشتد الاحتدام الاصطراعي مع الاشتراطات الوجودية بيئيا واليا، بما يتيح القول بان الظاهرة المجتمعية وتاريخها التصيري، هي بالاحرى عملية توفير بالتفاعل لاشتراطات التحولية الذاهبه الى مابعد مجتمعية.
هذا علما بان المنطوى المشار اليه لايكون متاحا ولا معلوما، في حين يظل الكائن "الانسايوان" ماخوذا بالقصورية وتعذر الادراكيه، مكرسا لذاته التصور البقائي وتوهماته المتناسبه مع المشاهد والبديهي الظاهر، مايجعل الوجود المجتمعي وصورته، والحقيقة التي ينطوي عليها، مرهونا لمعتقدين،متعاقبين، انسايواني بقائي هو وليد القصورية التي تظل ملازمه للعقل، بانتظار ترقية عبر، ومن خلال التفاعلية المجتمعية. وتحولية تستمر خارج الاعقال لاسباب منطقية، تخص اولا نوع المجتمعية الدالة على التحول، ومكانها ضمن اجمالي المجتمعات الغالبة نوعا على مستوى المعمورة، والتي هي بالاجمال ارضوية احادوية، متناسبة مع المنظور والعقل الابتدائي ابن مرحلة اللقاط والصيد، وان اعتبر اعتباطا ابن المجتمعية، مع انه وكما مفترض، لن يكتسب هذه الصفة ويصير مجتمعيا، الا عند اواخر التاريخ التصيري المجتمعي.
من السذاجات المتداولة، القول، او الاعتقاد بان العقل لمجرد انه موجود، فانه قادر على ادراك كل شيء في اي وقت، او انه ليس مادة مترقية، في حال تشكل وتطور، والغريب مثلا ان لايتذكر البشر بان العقل ظل لمئات السنين معتقدا بان الارض مسطحه، وان الشمس تدور على الارض، غير هذا فان القول بكروية الارض وماتحقق في العصر الحديث من علوم وكشف عن الكثير من الجوانب الوجودية التي كانت خارج الاعقال، هو نهاية العقل وقمته، وان "علوم" اليوم، هي علوم وممكنات المعرفة الاخيرة والنهائية، وهذا مايتجلى على وجه خاص فيما اعتبر اخر العلوم، او المعروف ب "علم الاجتماع"، الذي تم طرق بابة متاخرا من قبل الغرب، انطلاقا من الاحادية والارضوية البقائية، وبالارتكاز لها وبمقدمتها التوهمية الطبقية، ومايترتب عليها من اليات مفترضة، مغلقة النهايات.
يقارب الفارق بين ادراك الحقيقة والمنطوى المجتمعي الغائب غير المماط عنه اللثام بحكم القصورية العقلية، المسافة بين القول بمسطحية الارض، مقابل كرويتها ودورانها حول نفسها والشمس، مايجعل من مقاربة مسالة المنطوى المجتمعي، وكشف النقاب عن المودع في المجتمعات من حقيقة، بمثابة ولادة للظاهرة المجتمعية، لامجتمعية قبلها، بل معادل الارض المسطحه وفوقها سماء وكواكب.
والغالب المتفق مع المنطق، ان القصورية البقائية عائدة الى احكام الضرورة الطبيعية والغائية المواكبه للظاهرة المجتمعية، فالغفلة البشرية الانسايوانيه الطويلة عن الجوهر والمنطوى المجتمعي، بالاضافة الى كونها واقعا موضوعيا يتعلق بالنمو العقلي، مايعطيها بعدا ايجابيا، تسهم بالاحرى في توفير نوع من العلاقة بالذات والمحيط، لازمه ابان الزمن الفاصل بين التحوليتين، ولنتصور لو ان الكائن البشري ادرك من ابتداء المجتمعية، ان علاقته الارضية، او بالكوكب الارضي، علاقة مفارقة وفك ارتباط، بما في ذلك الجزء التحولي اللاارضوي من البشر، اي ابناء ارض الرافدين، الذين يظلون طيله تاريخهم الاطول بين التواريخ المجتمعية، يعانون مضاعفا بحكم الاليات التي تكتنف تاريخهم وتميزه بالدورات والانقطاعات الكارثية، ناهيك عن الواقع الموضوعي، واثاره المضاعفة بظل استحالة الوعي به وادراكه، ماجعل هذا المكان من المعمورة محكوما لاشتراطات تناقضية استثنائية، تفسر غالبا بالمنطق المستعار، وبالنظر للذات بعين الاخر، مايفاقم الى ابعد حد من وطاة التاريخ السيزيفي الرافديني، على طوله وتراوحات مراحله.
حتى في ارض مابين النهرين عند البدئية اللاارضوية، مارس الكائن البشري اصطراعيته مع البيئة الطاردة، وشتراطات العيش على حافة الفناء، تحت وطاة العجز عن الادراك الذي ماكان له الا ان يستبدل للضرورة، بالتعبيرية الحدسية ممثلة بالنيوية، وهو مالم يكن واردا كمعاناة، او كتعبير في المواضع الاخرى الارضوية الاحادية، المحكومة موضوعيا الى البقائية والملموسية، ماقد يسر على البشر نوعا من التوافق والانسجام النفسي، وان التوهمي، المحكوم لفعل البقائية الارضوية، وصولا الى اللحظة التي يتحول فيها مثل هذا الشكل من الايهامية، الى عامل مناقض لمقتضيات استمرار الوجود كما هو حاصل اليوم.
ومع الاله والانتقال الى الاصطراع (الالي/ المجتمعي البيئي)، وتحولات العنصر المستجد الذي دخل على العملية المجتمعية في غمرة الصراع، من الاله المصنعية الى "التكنولوجيا العليا"، وبدء الانفكاك بين المجتمعية الارضوية ووسيله الانتاج الجديده التكنولوجية، بما يضع المجتمعات البقائية خارج الفعالية، لصالح المجتمعية التحولية العقلية، وقد وجدت وقتها الوسيلة الانتاجية التي كانت تنقصها ابتداء وعلى طول الخط.
يطل وقتها "قران العراق" المؤجل على مدى التاريخ، الى الساعة المقررة، كضرورة كبرى تحولية انتقالية، هي البدء الوجودي الثاني، الذاهب الى "الانسان"، والى الكون الاخر غير المرئي ، اتفاقا مع الضرورة المطابقة لاشتراطات الادراك الانتقالي غير المسبوق في الفترات وملايين سنين الارتقاء التحولي، القران الذي سيوجب ادماج الوسيلة الانتاجية التي صارت اليوم حاضره، بالوعي المجتمعي اللاارضوي التحولي، ليسد النقص الذي طال حضوره التاجيلي، ذهابا الى المسار الانقاذي اللازم، للخروج بالحياة والكائن الحي من احتمالية الفناء، هنا كان الوطأ الاول على الارض، الموضع الذي منه وفيه تعلم الكائن البشري كل مايحتاجه من ادراكية اولية بديله عن المطلوب، وصولا الى غرس الازدواجية في غالبية المجتمعات البشرية، اتفاقا مع كينونتها، وكينونة مادتها البشرية الانسايوانيه، العقل / جسدية.
واليوم ومن هنا فصاعدا فان البشرية لم يعد بالامكان استمرارها موجوده بالوتيرة التي كانت عليها الى اليوم، فلقد انتهى الزمن البقائي، ودخلت الحياة طور الكوارثية وتتابعاتها الممهدة من الاختلالات البيئية، والجوائح والحروب، واجمالي الاختلال التنظيمي المجتمعي الانتاجي، وعلى مستوى مايعرف بالدول، فلا استقرار لمثل هذه الوسائل البقائية التي انتهى زمنها ودورها، في الوقت الذي تصل فيه الحال بارض الرافدين، مستوى اللزوم الانقلابي اللاارضوي، وتتوقف كليا اية امكانيه استعادية في هذا الموضع من المعمورة، لماكان بالامكان فيما مضى اتباعه من تنظيمات خاصة بالدول والامبراطوريات، واذ تحاول متبقيات باهته بلا معنى، العمل على اقامة "الدول المدنيه"، و"الديمقراطية" التي انقضى زمنها في ارضها، فان التاريخ يضحك من سفاهة النقلة، عديمي التماس مع حقيقتهم، العاجزين عن النطق بما هم عليه منذ كانوا.
يتهيا العرابق وسط الكارثة المتفاقمه والمتزايده وطاة، للتحول الى بؤرة انقلابيه كونيه، والى مركز للتحولية الكبرى، راسما على الطريق اضاءة وحيده دالة الى مابعد فنائية، هي الحالة اليوم ومايتحول باطراد لواقع معاش. فاي طور هذا الذي يحل اليوم مكلكلا اعلى الارض، واية هبه انسايوانيه ستنفجر بوجه الانسان ومحاولته الدلالة بالقران المؤجل، الى مابعد ارضوية، لنتخيل وطاة وثقل عالم البقائية الراسخ في عقول البشر عبر مئات السنين، مع حكم البداهه والميل البشري الانسايواني للاعتياد كجزء من الشعور بالامان، هل حدث من قبل شيء مماثل او مشابه، لابالطبع وكل ماقد عرف من قبل من اشكال وصنوف الرفض القاطع لكل فكرة جديده، لن يكون بالمقارنه، الا من قبيل المزحة.
لكن هل ستترك الغائية العليا الكونية، او هي قد تركت من الاصل، مثل هذا المنعطف الجهنمي الفنائي من دون تدبير؟ لا بالطبع، ومثلما تكون حدة، لابل جنونية ردة الفعل الانسايوانيه، فان الاسباب التي تجعلها تقف عند حدها ستكون هي الاخرى مختلفة، ومن نوع اخر غير معروف على الاطلاق، ومع تحول الحياة الى كوارثية مستمرة، وغلبه نذر الفناء، فان ظواهر اخرى، وصلات بالكون الاخر، وبالحياة الاخرى الكونية غير الممكن التعرف عليها او التعامل مع حضورها ابان الزمن الانسايواني، ستكون اليوم حاضره بالصيغ والاشكال اللازمه، وبالحدود الضرورية لكبح غائلة الجنون الانسايواني الخطر، المصر بكل قواه، ومايملكه من قدرات وطاقة متبقية، على عدم مغادرة حفرته البقائية.
ـ يتبع ـ



#عبدالامير_الركابي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- البقائية والتحوليّه: مفهومان للحضارة والوجود؟/1
- الفتح الاسلامي الثاني-العراقي بعد الجزيري؟/3
- -الفتح الاسلامي الثاني-العراقي بعد الجزيري؟/2
- -الفتح الاسلامي الثاني-العراقي بعد الجزيري؟/1
- كيف يمهد ماركس لظهور-المهدي-!!؟/5 النداء الأعظم: ياابناء ارض ...
- كيف يمهد ماركس لظهور-المهدي-!!؟/4 النداء الأعظم: ياابناء ارض ...
- كيف يمهد ماركس لظهور-المهدي-!!؟/3 النداء الأعظم: ياابناء ارض ...
- كيف يمهد ماركس لظهور-المهدي-!!؟/2 النداء الأعظم: ياابناء ارض ...
- كيف يمهد ماركس لظهور-المهدي-!!؟/1 النداء الأعظم: ياابناء ارض ...
- طبقات ماركس والامبريالية النمطية الغربيه؟*
- حزب/اللاحزب الامبراطوري الكوني العراقي؟/4
- الحزب/ اللاحزب الامبراطوري الكوني العراقي؟/3
- حزب/ اللاحزب الامبراطوري الكوني العراقي؟/2
- الحزب/اللاحزب الامبراطوري الكوني العراقي؟/1
- -المهدي-وشرط-الحضور-قبل-الظهور-؟/ 3
- -المهدي-وشرط-الحضور-قبل-الظهور-؟/2
- -المهدي-وشرط-الحضور-قبل-الظهور-؟/1
- غائبان-المهدي-والوطن/كونية العراقية؟
- -التاريخانية اللاارضوية-والازدواج المجتمعي؟/3
- -التاريخانية اللاارضوية- والازدواج المجتمعي؟/2


المزيد.....




- علماء يستخدمون الذكاء الاصطناعي لحل مشكلة اختفاء -غابات بحري ...
- خبيرة توضح لـCNN إن كانت إسرائيل قادرة على دخول حرب واسعة ال ...
- فيضانات دبي الجمعة.. كيف يبدو الأمر بعد 3 أيام على الأمطار ا ...
- السعودية ومصر والأردن تعلق على فشل مجلس الأمن و-الفيتو- الأم ...
- قبل بدء موسم الحج.. تحذير للمصريين المتجهين إلى السعودية
- قائد الجيش الإيراني: الكيان الصهيوني اختبر سابقا ردة فعلنا ع ...
- الولايات المتحدة لا تزال غير مقتنعة بالخطط الإسرائيلية بشأن ...
- مسؤول أوروبي: الاتحاد الأوروبي يحضر الحزمة الرابعة عشرة من ا ...
- إصابة 3 أشخاص في هجوم انتحاري استهدف حافلة تقل عمالًا ياباني ...
- إعلام ونشطاء: هجوم صاروخي إسرائيلي جنوبي سوريا


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالامير الركابي - البقائية والتحوليّه: مفهومان للحضارة والوجود؟/2