أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عباس علي العلي - مرة أخرى في نقد الفكر الديني الموضوع والمزيف















المزيد.....

مرة أخرى في نقد الفكر الديني الموضوع والمزيف


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 7608 - 2023 / 5 / 11 - 02:48
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


ونبقى في دائرة النقد الإيجابي الذي هو جزء أساسي من عملية التنوير، فليس كل تجديد في المفاهيم والأفكار والرؤى يمضي من غير وضع القضايا التي ينظر لها ومن خلال القراءات المعمقة على أنها بحاجة إلى ما يعيدها سيرتها الأولى، هذه العملية لا تتم دون ممارسة سلسلة من عمليات التدبر والتفكير بدأ من تفكيك الموضوع وإعادة القراءة من جديد وفق ما يكشفه فعل التفكيك، ومن خلال تشخيص مواطن الإشكال الفكري بممارسة نقد تجريدي لا يستهدف الموضوع ولا متبنيه بقدر ما يستهدف إمكانية التطوير والتحديث والتنقية من الشوائب التي عرقلت سيرورته الطبيعية، فالنقد قراءة حرفية ضرورية ومهمة في عملية التنوير لأنها تعطينا الحرية في إخراج الفكرة أو الموضوع من دائرة الخاص والمختص إلى دائرة العرض والفهم العام.
في الفكر الإسلامي الخاص بما عرف بالاجتهاد والفقه نجد أن التدخل البشري في قضايا محسومة وبينة يخرجها من القصدية الملزمة ويضعها في دائرة التصرف على أساس رؤية شخصية أو ذاتية، وربما دائرة التغيير في الأحكام مقدمات ونتائج لتخدم هدفا أو غاية لا علاقة لها بما شرعت أو وضعت من أجله، وأحيانا تكون التدخلات ذات غايات تخريبية الهدف منها ليس خدمة العقل والدين، بل أبعد من أن تكون كذلك، هناك أمثلة ثابتة وأكيدة ومكثرة في طيات هذا الفكر الأجتهادي منها ما تحدثنا عنه مرارا بصورة عرضية، ولكن اليوم نتناول الموضوع بشكل مخصص، طبعا عندما نعرض مثلين من هنا وهناك لا نقصد بها الذوات والرموز المذكورة فيه، وإنما لنبين كيف يتم المتاجرة بهذه الأسماء والرموز الكريمة نحو غايات مشبوهة تمس كرامة هؤلاء أولا قبل أن تمس كرامة العقل الديني ويقينياته وإيمانه، فقد ورد في الفكر الروائي الشيعي كمثال من حديث طويل يقول راويه أنه حديث صحيح السند والمتن، وهو من دلائل عظمة أل البيت (فَهَبَطَ ٱلأَمِينُ جِبْرَائِيلُ وَقَالَ: ٱلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللهِ، الْعَلِيُّ ٱلأَعْلَىٰ يُقْرِئُكَ ٱلسَّلاَمَ، وَيَخُصُّكَ بِٱلتًّحِيَّةِ وَٱلإِكْرَامِ وَيَقُولُ لَكَ: وَعِزَّتِي وَجَلاَلِي إِنِّي مَا خَلَقْتُ سَمَاءً مَبْنِيَّةً وَلاَ أَرْضاً مَدْحِيَّةً وَلاَ قَمَراً مُنِيراً وَلاَ شَمْساً مُضِيئَةً وَلاَ فَلَكاً يَدُورُ وَلاَ بَحْراً يَجْرِي وَلاَ فُلْكاً يَسْرِي إِلاَّ لأَجْلِكُم وَمَحَبَّتِكُم)، وحتى لا نتهم بمعادات أهل البيت أو الترويج للفكر المعادي لهم، سنتناول الحديث بالنقد التفكيكي المجرد من كل غاية إلا الحق.
1. معروف عند كل المسلمين أن جبريل أو الأمين عندما يأت بخبر عن الله أو من الله فهو وحي ضمن مفهوم الوحي المنزل، أي أنه من ضمن القرآن الكريم إتباعا لما في النص التالي (وما ينطق عن الهوى * إن هو إلا وحي يوحى)، فالوحي عند غالب الفقهاء وأهل الأجتهاد يكون على نوعين ما يتلى على الناس أو يدون يسمى قرآنا، ومنه ما يترجم فعلا وتصرفا يسمى سنة، لو عدنا للحديث هذا فلا هو من القرآن ولم يتضمن كتاب الذكر نصا له فهو خارج الصنف الأول ، ولا هو سنة نطق بها رسول الله للناس لتكون حجة عليهم، فهو حديث مروي عن بنت رسول الله عن طريق صحابي هو عبد الله بن جابر الأنصاري، فلو كان وحيا من الله كان من الأولى أن يصرح به رسول الله لأنه مأمور بالتبليغ، وإن كان سنة فالسنة هي قول وفعل وتقرير الرسول، وهنا وإن كان الحديث لو صح يقع تحت مفهوم التقرير لكن بوجوب ما يثبت التقرير به من رسول الله، هذا ليس قدحا ببنت رسول الله ولا بالراوي ولكن تكذيبا لمن نقله ونسبه عنهم.
2. مضمون الحديث وتحديد العلة من الإخبار به وهو " إِنِّي مَا خَلَقْتُ سَمَاءً مَبْنِيَّةً..... إِلاَّ لأَجْلِكُم وَمَحَبَّتِكُم"، إذا علة خلق الخلق كله وأسباب وعلل الوجود محصورة في هدفين وردا في هذا الحديث، الأول لأجلهم والثاني لمحبتهم بمعن أن الله تعالى أجمل الهدف النهائي لعلة الخلق والوجود مختزلا بأمرين، عما ما ذكره الأمين جبرائيل حسب رواية الحديث، من المعلوم فقها ومن كل علوم الحديث الذي درج المسلمون بكافة طوائفهم ومللهم وتقسيماتهم بقولون في صحة الحديث مضمونا وسندا، انه يعرض على القرآن فإن وافقه فهو منه لوحدة الوحي ووحدة الهدف والغاية والمصدر، وإن عارضه فأضربوا به عرض الحائط كان من كان قائله أو راويه، عند العودة بالحديث والعرض على القرآن لا نجد نصا واحدا مصداقا لمضمون الحديث، فكل العلل التي ساقها النص تتعلق بالإنسان غاية وعمل صالح وإصلاح للوجود وتعارف لغرض الرحمة، حتى أن في بعض النصوص والتي تجري علة لسان الرسول لا تضمن حد أدنى من هذه العلة (قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۖ قُلِ اللَّهُ ۖ وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَىٰ هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ ﴿٢٤ سبإ﴾)، فلو كان الرسول يعلم ما أورده الحديث من بشارة لأصبح هذا النص منسوخا ولا قيمة له ولا يفيد الانعقاد أصلا، فهل نصدق الراوي ؟ أم نكذب القرآن؟.
3. من حيث المضمون البعيد من هذا الحديث ما هي الميزة الأساسية والتي تمتع بها أصحاب الكساء دون غيرهم من البشر، أو حتى على مستوى المسئولية والمنزلة، فعندما يستنكر المسلمون الرواية التلمودية بخصوص السيدة سارة وعظيم منزلتها عند الله ويستنكرون الرواية الإنجيلية التي تضع عيسى وأمه في منزلة أقرب من الألوهية والربوبية، فإنهم لا يتورعون في وضع محمد وأل محمد في حديث الكساء بنفس المنزلة، هذا يعني في النهاية أن سلسلة الخلق الوجودي لا قيمة لها عند الله ولا أهمية لها بمعزل عن محية أهب الكساء، وأن تركيب كل هذا الوجود ومعادلاته وقوانينه قائمة على أمر جدا طبيعي ومن ضمن النظام العام فيه، أي أن الله كان متوهما عندما وضع أل محمد أصحاب الكساء في نفس المنظمة وجزء منها وهم علة وجودها، هذا منطق غبي لا يستقيم مع كليات الإرادة الإلهية القائمة على الحق والميزان والعلل الكونية المسنودة بها السنن الشمولية، كما يشكل ذلك الأمر إهانة وأعتداء على الإنسان البشر والرسل والأنبياء والرسالات كلها لأنها لا قيمة لها أمام أمر أهل الكساء، والله تعالى إنما يعث من قبل محمد رسلا وأنبياء لئلا يكون للناس على الله حجة من بعد الرسل، ولئلا يقولوا ما جاءنا من بشير ولا نذير وليكون حجة الله عليهم، ألا يتذكروا النص في محاجة خزنة جهنم واحتجاجهم على أهل النار بالأنبياء والرسل (ألم يأتكم نذير قالوا بلى قد جاءنا نذير فكذبنا وقلنا ما نزل الله من شيء ان أنتم إلا في ضلال كبير).
4. وأخيرا أليس من السهل واليسير على الله بدل كل هذه العملية الطويلة والتي كلفت الوجود الكثير من الزمن والخسائر والدماء والفساد أن يخلق الله أهل الكساء في أول الخلق، ويلوكم كل الكائنات بنص أو بتشريع أو بفرض حبهم كجزء من أساسيا وجودهم، ويفع هو أي الله عنهم البلاء والشقاء والفناء ليكون دليلا على حبه وإظهارا لحجته بما أراد في حديث الكساء، إن القراءة العقلانية والنقد الموضوعي القائم على المنطق القرآني تقول (وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِّن قَبْلِكَ الْخُلْدَ ۖ أَفَإِن مِّتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ (34)، هذا السؤال والجواب الأستنكاري ينفي الخلود المادي والمعنوي لأي بشر مهما علت درجته وقربه من الله، لكن كما قيل في النص يتعلق بالعاقبة التي هي أعلى درجة من أن يكون الخلق علة محبة وسبب بوجود ولوجود بشر فان (وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى)، وهذا هو الفصل صبر في الدنيا وخير في العاقبة قانون للجميع وإن كان الكلام موجها للنبي محمد وأهله.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إنهم يكذبون بدعوى أحترام التأريخ.
- الدجل الديني والتدليس العقائدي وسائل في صراع السياسة والسلطة
- عالم الكهنة والأكاذيب المقدسة
- عطش نهر
- ولاية الفقهية السنية والشيعية ومصدرها الأعتقادي
- صناعة الوهم وزيف التصور
- حديث العجب
- أغنية سومرية لامرأة بغدادية
- حكاية الكهنة
- تقاسيم عشق
- سلاما على الأنبياء والشعراء حين يعلنوا الحب شرعة السماء
- القاعدة والأستثناء في نصوص القرآن بين المطلق والمقيد. 1
- لست داعية ولا رجل دين بل محب لله 10 والأخيرة
- لست داعية ولا رجل دين بل محب لله 9
- لست داعية ولا رجل دين بل محب لله 8
- أنقذيني من وهج الحريق
- لست داعية ولا رجل دين بل محب لله 7
- الليل الهارب
- لست داعية ولا رجل دين بل محب لله 6
- لست داعية ولا رجل دين بل محب لله 5


المزيد.....




- من بينهم باسم يوسف وإليسا وفضل شاكر.. هكذا علّق نجوم عرب على ...
- أردوغان بعد سقوط نظام بشار الأسد: نقف إلى جانب السوريين بكل ...
- اسلامي: إيران تحظى بقدرات متكاملة في صناعة الطاقة النووية
- ما هو موقف حركتي الجهاد الاسلامي وحماس من تطورات سوريا؟
- القيادة العامة للفصائل السورية تعلن القبض على أشخاص ينشرون ا ...
- ثبت تردد قناة طيور الجنة الان على القمر الصناعي وفرجي أطفالك ...
- سلاف فواخرجي: -لن أتنكر لما كنت عليه سابقا- وأتمنى -سوريا ال ...
- -يهود مصر-.. إسرائيل تنشئ مشروعا ضخما وسط تل أبيب
- “اضبط الآن ترددها الجديد” سلي ولادك ومتعهم مع قناة طيور الجن ...
- مصادر فلسطينية: قوات الاحتلال تقتحم بلدة ياسوف شرق سلفيت


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عباس علي العلي - مرة أخرى في نقد الفكر الديني الموضوع والمزيف