أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عباس علي العلي - الدجل الديني والتدليس العقائدي وسائل في صراع السياسة والسلطة















المزيد.....

الدجل الديني والتدليس العقائدي وسائل في صراع السياسة والسلطة


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 7606 - 2023 / 5 / 9 - 14:14
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


أثار موضوع الأكاذيب الدينية الذي كتبته قبل أيام ونشر على موقع الحوار المتمدن بعضا من ردود الأفعال في الغالب كانت مؤيدة بالعموم لما جاء فيها، بالرغم من أن الكثير من القراء يخشى ردات فعل مؤسسة الكهنة الإسلامية وحزب المعبد وسلطته السياسية القامعة للحريات وحق الفكر والتفكر، قليلا ممن لديه الجرأة ليقول ويرد بشجاعة دون أن يخشى إلا الخطأ في التقدير وحكم ضميره، المشكلة أنه حتى مع تلك الموافقة والتأييد هناك فجوة كبيرة بين المفاهيم الحقيقية التي بني عليها الدين أصلا كونه رسالة عامة ومجردة وكلية تامة غير ناقصة ولا بحاجة إلى إكمال أو تطوير، وما بين ما موجود اليوم من مفاهيم ومصطلحات من قبيل أصول الدين والفروع وما يعرف بالمذاهب والملل، وهي في الحقيقية كلها تسميات واهمة وغير حقيقية لكنها ترسخت بالاستعمال الطويل والتعصب الأعمى لها من خلال سطوة المعبد السياسي والسياسة المعبدية.
فالمذاهب عموما ما هي إلا أحزاب سياسية لها أهداف سلطوية وبرامج خاصة فد لا تكون لها صلة بالدين أصلا، هذه الأحزاب الدينية والتي سماها القرآن الكريم بهذا الأسم (إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ ۚ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ)، هنا التشييع والتشظي في الجسد الإسلامي كدين ومجتمع ليتحول بالنهاية لمؤسسات تفريقيه (مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا ۖ كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ)، وبدل من أن يكون المذهب فرديا بحدود من يؤمن بجزئية ذهب إليها ورأى فيها الحق، صارت خلاف القاعدة التي أنطلق منها وهي (أن المذهب أتجاه شخصي أختطه فرد وعبر فيه عن خلاصة قراءته لموضوع محدد ومحصورا فيه)، فمثلا في قضية التكتيف في الصلاة هذا مذهب شخصي منتخب لا يؤثر على إيمان الفرد ولا يمنحه سمة خاصة منا هي اليوم علامو تفريقيه، مقابل من يقول في الإسبال وينتهي عند هذا الحد دون أن يترك إلزام أو التزام عند غيره، أما أن يتحول المذهب إلى كيان متكامل مؤطر بأيديولوجية فيها شخصنة ورمزية وأصول وفروع وطقوس وعبادات ورجال وحد أختلافي، فقد تحول بها هذا الكيان من مذهب فكري خاص إلى دين جديد يتفق أو يختلف جزئيا مع الدين الأصلي لكنه لا يمثل الإسلام ولا يمكن أن يختزل الإسلام فيه، ولكنه في النهاية كواقع دين قائم ومعتمد عند معتنقيه تماما كما تحولت المسيحية من مذهب يهودي فئوي لجماعة أمنت بالنبي اليهودي عيسى، إلى ديانة مستقلة بينها وبين اليهودية مسافة واسعة وحدود لا تجبر.
إذا انا اتكلم عن الاعتقاد العام والطاغي والعملي في العقلية الدينية الإسلامية المعاصرة وجذورها القديمة وفي كلا الاتجاهين وباكرا، فالصراع السياسي الاولي قبل ظهور المذاهب والفرق لم يكن صراعا مبادئ من أجل الله والدين خالصا بقدر ما كان صراع مصالح وتوجهات وقراءات من ورائها نشم رائحة السلطة وبعيدا عن رموزيتها أو رموزها الأوائل، وعندما كان هذا الصراع دائرا بين مدرسة مكة المحافظة والتقليدية التي تريد الهيمنة والسلطة والمال والشرف متذرعة بقرابة محمد ونسيه لها، كانت مدرسة المدينة الأصولية المنفتحة والتي ترى في أهل مكة مجرد فئة تخلت عن الله والدين والرسول وحاولت لحده قبل ولادته، وبالتالي لا يحق لها أن تدعب أي حق هي أسقطته وقتلته لولا المدينة وأنصارها، إذا كان الصراع على الحكم قد بدأ من أحداث السقيفة بشكل علني وأنتهاء بتولي معاوية المملكة الإسلامية الناشئة وأنتصار مكة على المدينة وقتل عليا إمام المسلمين، وقد تم القضاء على الدولة الراشدة القائمة ولو شكليا على مبدأ "وشاورهم في الأمر" و "أمرهم شورى بينهم"، كل ما بني بعد أول مملكة إسلامية حاكمة بالطرح السياسي والأسلوب السلطوي المتمثل بالملك والشعب، إلى هنا أنتهى عصر الرسالة وتحول الدين إلى وسيلة ومرفق أجتماعي يستخدم عند الحاجة والضرورة، وفقد كل مبرراته الأخلاقية والإيمانية التي يعلن العقل الديني التقليدي أنها باقية بأصولها وتجربتها كذبا وتدليسا. لم ينتهي رجال المملكة الإسلامية السلطوية من إقصاء الدين عن الواقع ولا بد من جعله أداة فرقة وتشظي وتناحر بين المسلمين حتى لا تتكرر تجربة العودة للمنبع ويطاح بها مرة أخرى، عوم كهنة معبد السلطة وعقول معروضة للبيع والشراء بدراهم الملم وزبانيته في العبث بجسد الدين هذه المرة، وتمزيق وحدة الإيمان وتمزيق وحدة الرسول والفصل بين أنصاره ومحبيه وأله، وجعلوا من هذه العناوين مشروع معركة كبرى لا تنتهي ولا تتوقف أبدا، وهذا ما حصل فعلا ونعاني منه لليوم دون أمل من صحوة تعيد الإسلام لموقعه الأول، فقد أخترعوا ووضعوا أليات وأفكار وقصص وروايات تدعم هذا الفصيل وتخزي ذاك الفصيل، وصار الجميع في معمعة الجاهلية الأولى بعضهم يذبح بعض ويقتل بعض قربة لوجه الله والبحث عن الأجرة من عند ربهم الواحد، ومن هذه الحيل الشيطانية أبتكروا مفاهيم الأصول والفروع والعقائد ومكمل القرآن ومفسره الحديث والسيرة والروايات وحتى أحلام البعض صارت من مصادر اليقين عند الناس، هذه التسميات مجرد حيلة فقهية كهنوتية دمرت الدين وحطمت الأساس المنطقي له بأعتماد أصولا بدلا الأركان، والفروع بدل التكتيكات العملية التي تهتم بتفصيل المجمل من سياق وقصدية العام، فأصول الدين هي التي لا يمكن أن يقوم أي دين إلا بوجودها، وهي (العقل المكلف والوجود الإيجابي والعدل الحقيقي والكلية في الإيمان والأعتقاد مجردا من الخروج عنها وأخيرا العمل الصالح المنتج الذي فيه خير الناس، هذه هي الأركان الأصولية للدين كما جاء في النص والقصدية الدينية الكلية لمشروع الرسالة الدين.
لو تفحصنا مجلدات الفكر النزوي أصل الصراع في الإسلام من أوله وما تراكم عليه بناء على أولى محاولات الفتنة والصراع، سنجد الغرائب والعجائب من الأكاذيب المدلسة والروايات المزخرفة والقصص العجيب التي لم ينزل بها من سلطان، ولا تتوافق أصلا مع منطق الدين وغائيته ورسالته في الوجود، سنجد هناك العشرات من الروايات والاحاديث والقصص المفبركة عن الرسول وعن غيره تتضمن الكثير من الأكاذيب والمخالفات الصميمية لمشروع الرسالة، بالطبع لها أسبابها المبررة في العقل الديني من باب "الكذب المقدس" والغاية تبرر الوسيلة"، ولا تخفى دواعيها على وأنها وهي جزء من حالة الصراع السياسي ودور أعداء محمد وأل محمد في نشرها وتعميق اليقين بها على أنها من الله، وقد ضربت مثلا أن الله وبنص ثابت ولا أحد ينكره يصف النبي محمد بأنه لم ولن ولا يكون أكثر من رسول فقط، أسوة ببقية الرسل وهو النص ( وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل)، هذا هو الواقع الحقيقي لمكانته عند الله والذي يعارض وينفي مثلا حديث الكساء والتبرير الذي يساق لعلة الخلق والوجود المحصور بمحمد وال محمد وتحديدا بفاطمة، لا شك أن الحادث حدث وهذا غير مستغرب والذي قد يكون حدث ولكن ليس بتلك المبالغة والتهويل الذي لا يقبله الله ولا الرسول، حينما ربط الوجود كله بمحمد وأل محمد، والله تعالى يقول أيضا "وما خلقهم إلا ليرحمهم"، وهناك نص أخر بقول "وما خلقت الجنس والأنس إلا ليعبدون"، ونص ثالث "الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم ايكم أحسن عملا"، فالموضوع إذا لا علاقة بخلق محمد بعلية وجود الوجود وقد مات محمد وفاطمة وأصبحوا جزأ من مسيرة الوجود دون أن يتأثر هذا الوجود ببقاء أحد أو فناء أحد، ابدا موضوع الخلق ليس شخصانيا ولا متعلقا بفرد بعينه أو حالة لأجلها، وإلا لكان الله مع هذا اليقين ظالما ومتعديا على خلقه حين يجعل من كل هذا الوجود محرقة لأجل بضعة أفراد..
الخلاصة التي أريد أن أصل إليها من تعقيبي هذا أننا كبشر نؤمن بالدين وقيم الدين ورب الدين وقواعده، أقول نحن جميعا وفق قياسات الإيمان الخالص والشرك "نحن مشركون" بشكل أو بأخر، منا من هو مشرك ويعرف أنه مشرك ويصر على ذلك، لأن أمن بما قاله الناس وكفر بالذي قاله الله لظنه أن هؤلاء الناس يملكون الحقيقة كاملة، وأن ما في دين الله لا يدرك أبدا إلا من خلال الحقيقة التي يطرحها هؤلاء، وهناك مشرك لأنه لم يمتحن إيمانه خوفا ووجلا من أن يجد نفسه في النهاية قد ذهب خلاف ما يريده الله، فأستحب العمى على نور البصيرة، وهناك مشرك لم يلتفت لما يؤمن به لأنه كان على دين أباءه وأسلافه ولم يصله أن في هذا الدين شرك كبير، وهناك مشرك لو علم أن في إيمانه شائبة لتبرى عن تلك الشوائب وحاول البحث والتقصي عن الإيمان النقي، لذا فمهمة المتنورين اليوم ليست بالهينة وقد يكون في طيات ما يؤمن شيئا من الشرك والكفر، وقد يحتاج للكثير من الحراك العقلي ليتخلص منها.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عالم الكهنة والأكاذيب المقدسة
- عطش نهر
- ولاية الفقهية السنية والشيعية ومصدرها الأعتقادي
- صناعة الوهم وزيف التصور
- حديث العجب
- أغنية سومرية لامرأة بغدادية
- حكاية الكهنة
- تقاسيم عشق
- سلاما على الأنبياء والشعراء حين يعلنوا الحب شرعة السماء
- القاعدة والأستثناء في نصوص القرآن بين المطلق والمقيد. 1
- لست داعية ولا رجل دين بل محب لله 10 والأخيرة
- لست داعية ولا رجل دين بل محب لله 9
- لست داعية ولا رجل دين بل محب لله 8
- أنقذيني من وهج الحريق
- لست داعية ولا رجل دين بل محب لله 7
- الليل الهارب
- لست داعية ولا رجل دين بل محب لله 6
- لست داعية ولا رجل دين بل محب لله 5
- لست داعية ولا رجل دين بل محب لله 4
- لست داعية ولا رجل دين بل محب لله 3


المزيد.....




- البابا فرنسيس والرئيس الفلسطيني يلتقيان في الفاتيكان: دعوات ...
- “بيبي حلو صغير” استقبل تردد قناة طيور الجنة 2024 وسلى اطفالك ...
- السيد الحوثي: معظم الانظمة العربية والاسلامية متسامحة مع امي ...
- السيد الحوثي: هناك تسامح لدى بعض الانظمة الاسلامية تجاه جرائ ...
- السيد الحوثي: انظمة عربية واسلامية تنفذ مخطط الشرق الاوسط ال ...
- السيد الحوثي: مخطط -الشرق الاوسط الجديد- يتضمن تحريك انظمة ا ...
- منح المسيحيين عطلة يومي (25 - 26) كانون الأول الجاري
- السيد الحوثي: الشعب الفلسطيني لم يستثر اليهود عند وصولهم لفل ...
- السيد الحوثي: العدو الاسرائيلي يسعى لمسخ الهوية الدينية للام ...
- ماذا تقول الأقليات الدينية وما مخاوفهم بعد سقوط نظام الأسد ف ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عباس علي العلي - الدجل الديني والتدليس العقائدي وسائل في صراع السياسة والسلطة